واشنطن ولندن تعززان ضرباتهما ضد الحوثيين بالتدابير الناعمة

معاقبة 4 قادة... وزعيم الجماعة يهدد باستمرار الهجمات البحرية

استغل الحوثيون الضربات الأميركية لحشد مزيد من المقاتلين (أ.ب)
استغل الحوثيون الضربات الأميركية لحشد مزيد من المقاتلين (أ.ب)
TT

واشنطن ولندن تعززان ضرباتهما ضد الحوثيين بالتدابير الناعمة

استغل الحوثيون الضربات الأميركية لحشد مزيد من المقاتلين (أ.ب)
استغل الحوثيون الضربات الأميركية لحشد مزيد من المقاتلين (أ.ب)

عززت واشنطن ولندن ضرباتهما العسكرية ضد الحوثيين في اليمن بتدابير ناعمة جديدة، عقب تصنيفهم إرهابياً، تضمنت فرض عقوبات، الخميس، على أربع شخصيات عسكرية، وذلك بالتزامن مع تهديد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بالاستمرار في مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، ضمن مناصرة الفلسطينيين في غزة، وفق زعمه.

وشنت الولايات المتحدة تسع ضربات على أهداف حوثية منذ 12 يناير (كانون الثاني) الجاري، وشاركتها بريطانيا في ضربتين، في سياق السعي لتحجيم قدرات الجماعة على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وزير الدفاع الحوثي محمد العاطفي (وسط الصورة) أحد المشمولين بعقوبات واشنطن ولندن (إعلام حوثي)

ونقلت «رويترز» أن المعاقبين الأربعة من قادة الحوثيين هم: وزير دفاع الجماعة محمد ناصر العاطفي، وقائد قواتها البحرية محمد فضل عبد النبي، ورئيس قوات الدفاع الساحلي التابعة لها محمد علي القادري، ومحمد أحمد الطالبي الذي وصفته الحكومتان الأميركية والبريطانية بأنه مدير المشتريات في قوات الجماعة.

ونفذت الجماعة الموالية لإيران نحو 32 هجوماً، وفق بيانات أميركية، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) في البحر الأحمر وخليج عدن، وتمكنت القوات الأميركية والغربية من اعتراض أغلب الهجمات، في حين تلقت نحو أربع سفن إصابات مباشرة.

ويدعي الحوثيون المدعومون من طهران أنهم يشنون هجماتهم البحرية بالصواريخ والطائرات المسيرة أحادية الاتجاه لمنع السفن الإسرائيلية أو المتجهة من وإلى موانئ تل أبيب من الملاحة في البحرين الأحمر والعربي، في سياق مناصرة الفلسطينيين في غزة.

وتفند الحكومة اليمنية مزاعم الجماعة، وتتهمها بأنها تشن الهجمات استجابة لتعليمات طهران، دون إلقاء بال لآثار التصعيد على معيشة اليمنيين الذين يتلقى نحو 19 مليوناً منهم مساعدات إنسانية منقذة للحياة.

وأوردت «رويترز» عن وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة الإرهاب قوله، إن «الهجمات الإرهابية المستمرة التي يشنها الحوثيون على السفن التجارية وأطقمها المدنية... تهدد بتعطيل سلاسل التوريد الدولية وحرية الملاحة، وهو أمر بالغ الأهمية للأمن والاستقرار والازدهار العالمي».

كان العاطفي قائداً لألوية الصواريخ في الجيش اليمني قبل أن يصبح وزير دفاع للحوثيين (إعلام حوثي)

إلى ذلك، قال بريان نيلسون، مدير الاستخبارات المالية، في بيان: «إن الإجراء المشترك مع المملكة المتحدة يوضح عملنا الجماعي للاستفادة من جميع السلطات لوقف هذه الهجمات».

وقالت بريطانيا إن الأشخاص الأربعة متورطون في أعمال «تهدد السلام والأمن والاستقرار في اليمن».

ويجمد الإجراء الأميركي أي أصول في الولايات المتحدة لأولئك المستهدفين، ويمنع الأميركيين بشكل عام من التعامل معهم، بحسب «رويترز».

العقوبات الأميركية البريطانية جاءت بعد أيام من تصنيف واشنطن الجماعة الحوثية على لوائح الإرهاب بشكل خاص، وهو التصنيف الذي رأى فيه مراقبون أنه في درجة مخففة.

إحباط هجوم جديد

هذه التطورات جاءت غداة إحباط واشنطن هجمات بحرية حوثية جديدة، زعمت الجماعة أنها أصابت خلالها إحدى السفن، وهو ما نفاه «البنتاغون».

وفي خطبة لزعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، الخميس، توعد بالاستمرار في الهجمات، ودعا أتباعه للتظاهر، الجمعة، في كافة المناطق الخاضعة له، وزعم أن الجماعة أطلقت منذ تصعيدها البحري أكثر من 200 طائرة مسيّرة وأكثر من 50 صاروخاً باليستياً ومجنحاً.

وفي حين لم تسبب هذه الهجمات الحوثية أي خسائر بشرية، تكبدت الجماعة خلال ضربات واشنطن ولندن نحو 15 مسلحاً، ابتداء من 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي عندما قتلت البحرية الأميركية عبر مروحياتها 10 مسلحين حاولوا قرصنة سفينة في البحر الأحمر.

تجاهلت العقوبات الأميركية البريطانية القيادي الأخطر يوسف المداني الحاكم الفعلي لقوات الحوثيين على الساحل الغربي اليمني (إعلام حوثي)

وقالت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، إنه في يوم الأربعاء، نحو الساعة 2 بعد الظهر (بتوقيت صنعاء)، أطلق إرهابيون حوثيون مدعومون من إيران ثلاثة صواريخ باليستية مضادة للسفن من المناطق التي يسيطرون عليها في اليمن باتجاه سفينة الحاويات M/V Maersk Detroit التي ترفع العلم الأميركي.

وأوضح البيان أنه سقط صاروخ واحد في البحر، وتم الاشتباك مع الصاروخين الآخرين بنجاح وإسقاطهما بواسطة مدمرة أميركية، ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار للسفينة.

لا بديل عن التهدئة

أدى التصعيد الحوثي في البحر الأحمر إلى إضرابات في الشحن والتجارة العالمية، وارتفعت تكلفة الشحن إلى الموانئ اليمنية نحو أربعة أضعاف، وفق مسؤولين يمنيين، فضلاً عن الآثار الدولية الأخرى.

توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا باستمرار الضربات حتى يوقف الحوثيون الهجمات (إ.ب.أ)

وأكد الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية (IMO) أرسينيو دومينجيز، الخميس، في اجتماع عبر الفيديو مع رئيس هيئة قناة السويس المصرية أسامة ربيع، دعم المنظمة لحرية الملاحة، ودعا للتهدئة في منطقة البحر الأحمر.

وأشار دومينجيز إلى أن الأوضاع الراهنة في منطقة البحر الأحمر تفرض العديد من التحديات على حركة التجارة العالمية وسوق النقل البحري، فضلاً عن تأثيراتها السلبية على قناة السويس والموانئ الموجودة في المنطقة.

وأكد أن الملاحة بقناة السويس ما زالت مفتوحة أمام الجميع «لا سيما في ظل التحديات اللوجيستية والأمنية التي تواجهها السفن التي تلجأ للالتفاف حول طريق رأس الرجاء الصالح، فضلاً عن التحديات البيئية التي يفرضها طريق رأس الرجاء الصالح باعتباره مساراً غير مستدام لحركة الملاحة نظراً لافتقاره إلى الخدمات اللازمة».

وتحدث أيضاً رئيس هيئة قناة السويس عن استمرار الملاحة بالقناة «رغم التحديات»، وقال إن الهيئة تتواصل مع العملاء لدعمهم بتقديم خدمات جديدة.

تُتهم الجماعة الحوثية بتلقي السلاح والتعليمات من قادة إيرانيين (إ.ب.أ)

وقال الفريق ربيع إن القناة تحقق وفراً في الوقت والمسافة مقارنة بالمسارات البديلة، مما يساهم في خفض استهلاك الوقود بنسب تتراوح من 10 إلى 90 في المائة، مشيراً إلى ما يترتب على ذلك من خفض للانبعاثات الكربونية الضارة.

في السياق نفسه، ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الخميس، أن مجموعة التعدين الأسترالية العملاقة (بي إتش بي) تحول مسار جميع شحناتها تقريباً من آسيا إلى أوروبا بعيداً عن البحر الأحمر في ظل الهجمات هناك.

وكانت كبريات شركات الشحن الدولي أعلنت عزوفاً جماعياً عن الملاحة في البحر الأحمر، عقب تصعيد الحوثيين، الذي تقول واشنطن إنه مدعوم إيرانياً، وهو ما تنفيه طهران، حيث تراجعت إيرادات قناة السويس المصرية بنحو 40 في المائة.

على صعيد آخر، أكدت الأمم المتحدة التحذير الذي وجهه الحوثيون والذي يطلب مغادرة كافة الأشخاص العاملين في المنظمات الإنسانية من حملة الجنسيتين الأميركية والبريطانية، مناطق سيطرة الجماعة خلال شهر.

وجد زعيم الجماعة الحوثية فرصة في أحداث غزة لتعظيم شعبيته محلياً (إ.ب.أ)

وعلق المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك بالقول إن أي «طلب بشأن مغادرة أي موظف تابع للأمم المتحدة بناء فقط على جنسية هذا الموظف، لا يتوافق مع الإطار القانوني المنطبق على عمل الأمم المتحدة، كما يعيق قدرتها على تنفيذ ولايتها لدعم جميع السكان في اليمن».

ودعا المسؤول الأممي جميع السلطات في اليمن إلى «ضمان قدرة الموظفين الأمميين على مواصلة عملهم بالنيابة عن الأمم المتحدة. وأكد أنهم يقومون بعملهم بشكل حيادي».

وفي وقت سابق، أعربت الصين عن قلقها العميق من التوترات في البحر الأحمر. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ وين بين، خلال مؤتمر صحافي، الأربعاء، إن الصين على اتصال وثيق مع جميع الأطراف المعنية، وتبذل جهوداً إيجابية لتهدئة الوضع.

ونقلت «أسوشييتد برس» عن وانغ قوله: «تدعو الصين إلى وقف المضايقات والهجمات على السفن المدنية، وتحث جميع الأطراف المعنية على تجنب تأجيج النيران في المنطقة، والضمان المشترك لسلامة وأمن الطريق في البحر الأحمر».


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة والصحة وزيادة معدل الاحتباس الحراري.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

قدرت مصادر يمنية أن جهاز الاستخبارات المستحدث الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، اعتقل نحو 5 آلاف شخص على خلفية احتفالهم بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».

محمد ناصر (تعز)

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)
من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)
TT

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)
من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)

«داهموا منزلي واختطفوني بعد إجابتي عن سؤالك إن كان ثمة اختطافات في منطقتنا بسبب الاحتفال بعيد الثورة اليمنية، بنصف ساعة فقط».

بهذه العبارة يسرد لـ«الشرق الأوسط» أحد الناشطين السياسيين واقعة اختطافه من طرف الجماعة الحوثية بتهمة الدعوة للاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر، عقب الإفراج عنه من السجن الذي قضى فيه أسبوعين كاملين، وتعرضه للضرب والتعذيب النفسي والتهديد بإخفائه وإيذاء عائلته.

وبحسب مصادر محلية، أفرجت الجماعة الحوثية أخيراً عن عدد ممن جرى اختطافهم منذ ما قبل منتصف الشهر الماضي، على خلفية احتفالات اليمنيين بالذكرى الثانية والستين للثورة اليمنية ضد الإمامة في ستينات القرن الماضي، بينما لا يزال غالبية المختطفين رهن الاحتجاز، وتقدر مصادر حقوقية أعدادهم بالآلاف.

يتابع الناشط الشاب الذي تتحفظ «الشرق الأوسط» على بياناته: «حتى وقت سؤالك لم أظن أن الاختطافات ستصل إلى بلدتنا، كنت أتابع أخبار الاختطافات في المدن الرئيسية والمناطق ذات الكثافة السكانية العالية»، موضحاً أنه لم يكن يتوقع حدوث اختطافات في منطقته، لكنه فوجئ بمسلحي الجماعة يقتادونه رفقة عددٍ من السكان، بينهم جيران له.

ويؤكد أنه، ورغم عدم توقع اختطافه أو اختطاف أحد من أهالي منطقته، فإنه، ومن باب اتباع الاحتياطات اللازمة، آثر أن يؤجل الاحتفال والدعوة إليه إلى ليلة السادس والعشرين من سبتمبر؛ كي لا يفوت على نفسه معايشة احتفالات اليمنيين بها، قبل أن يقضي تلك الليلة في أحد أشهر معتقلات الجماعة الذي تمارس فيه انتهاكات متعددة.

وبيّنت مصادر حقوقية يمنية أن هناك أعداداً كبيرة من المختطفين، تقدر بالآلاف، في مختلف مناطق سيطرة الجماعة الحوثية على ذمة الاحتفال بالثورة اليمنية أو الدعوة للاحتفال بها، في ظل ضعف الرصد الحقوقي، وعجز الجهات المعنية عن مواكبة الانتهاكات بسبب القيود المفروضة والإجراءات المشددة.

مسلحون حوثيون في صنعاء عشية ذكرى ثورة سبتمبر يستعدون لقمع الاحتفالات (فيسبوك)

يضيف الناشط: «تم التحقيق معي منذ الوهلة الأولى لوصولي إلى المعتقل. ولمدة تجاوزت الأربع ساعات ظل المحققون يسألونني عن دوافعي للاحتفال بعيد الثورة، وعن أي تحريض تلقيته من الحكومة الشرعية أو تحالف دعم الشرعية، وعن الأموال التي حصلت عليها مقابل ذلك».

ورغم إنكاره لكل التهم التي وجهت إليه، وإعلانه للمحققين أنه أحد ملايين اليمنيين الذين يحتفلون بالثورة اليمنية؛ لقيمتها التاريخية والمعنوية، فإنهم لم يقتنعوا بكل إجاباته، وهددوه بالإخفاء القسري والتعرض لعائلته، قبل أن يقرروا احتجازه حتى تمر ذكرى الثورة، أو حتى إنهاء التحريات حوله.

اختطافات بالجملة

بينما كانت المعلومات المتوفرة حول أعداد المختطفين خلال الأيام السابقة لذكرى الثورة اليمنية تشير إلى بضع مئات من الشخصيات الاجتماعية والكتاب والصحافيين والناشطين السياسيين والنقابيين، كشف العديد من الناشطين المفرج عنهم أن الاختطافات شملت الآلاف من السكان من مختلف الفئات.

وتعدّ محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) الأولى في إجمالي عدد المختطفين الذين جرى الكشف عن بياناتهم من قبل ناشطين ومهتمين، أوردوا أسماء 960 منهم، تليها محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) بأكثر من 700 مختطف، فيما لم يعرف أعداد المختطفين في باقي المحافظات.

وتعذر على راصدي الانتهاكات الحصول على معلومات وبيانات كافية حول الاختطافات التي جرت في مختلف المحافظات، بسبب الاحتفال بعيد الثورة.

ووفقاً لبعض الراصدين الذين يتبعون منظمات وجهات حقوقية تعمل من خارج مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، فإن الكثير من المختطفين لا تعلم عائلاتهم سبب اختطافهم، ومنهم من لم يعلن نيته الاحتفال بالثورة.

ويذكر راصد حقوقي مقيم في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الكثير ممن جرى اختطافهم لم تعلم عائلاتهم بذلك إلا بعد أيام من انقطاع التواصل معهم، وذلك بسبب إقامتهم وحدهم بعيداً عن إقامة عائلاتهم، وينتمي أغلب هؤلاء إلى محافظات تعز وإب وذمار.

وفي حين شملت الاختطافات الأرياف في محافظات تعز وإب وذمار والبيضاء وريمة، يشير الراصد إلى أن مديريات السدة في محافظة إب، ووصاب في ذمار، وشرعب في تعز، من أكثر المديريات التي ينتمي إليها المختطفون في صنعاء، حيث جرى اختطافهم على مدى الأيام العشرة السابقة لذكرى ثورة «26 سبتمبر»، وفي ليلة الاحتفال تم اختطاف العشرات من الشوارع بحجة المشاركة في تجمعات للاحتفالات أو لمجرد الاشتباه، وبعضهم اختطف لأنه يحمل علم البلاد.

تناقض حوثي

تقدر مصادر حقوقية أعداد المختطفين بأكثر من 5 آلاف. وفي مديرية وصاب العالي في محافظة ذمار ترجح مصادر محلية عدد المختطفين هناك بأكثر من 300 شخص، وجاءت عمليات اختطافهم بعد اعتداء مسلحي الجماعة بالضرب على شباب وأطفال من أهالي المديرية تجمعوا للاحتفال، قبل مداهمة قراهم واختطاف العشرات من أقاربهم.

حي الصالح السكني في محافظة تعز حوّلته الجماعة الحوثية إلى معتقل كبير (إكس)

وبحسب عدد من المفرج عنهم، ممن كانوا محتجزين في سجن «مدينة الصالح» في محافظة تعز، فإن المختطفين هناك بالمئات، والكثير منهم جرى اختطافهم من الأسواق والطرقات والشوارع، إلى جانب من اقتيدوا من منازلهم أو محالهم التجارية أو مقار أعمالهم.

وتقع مدينة «الصالح» في منطقة الحوبان شرق مدينة تعز، وهي مجمع سكني مكون من أكثر من 800 وحدة سكنية في 83 مبنى، حولتها الجماعة الحوثية إلى سجن لاستيعاب العدد الهائل من المختطفين من أهالي المحافظة.

ويروي مختطف آخر ممن تم الإفراج عنهم أخيراً في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مسلحي الجماعة وصلوا إلى منزله في أثناء غيابه، واقتحموه عنوة مثيرين فزع عائلته وأطفاله، وأقدموا على تفتيشه باحثين عن أعلام وأموال، وانتظروا حتى عودته إلى المنزل ليقتادوه إلى قسم شرطة، حيث جرى التحقيق معه حول منشورات كتبها على مواقع التواصل الاجتماعي.

ورغم تدخل أحد أقاربه الذي تربطه علاقة عمل تجاري مع أحد القادة الحوثيين، فإنه تم التحفظ عليه حتى ليلة ذكرى الثورة، ليغادر إلى منزله بعد كتابة تعهد بعدم المشاركة في أي احتفال أو تجمع، أو الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي عن الثورة أو عن سبب اختطافه.

اليمنيون يتهكمون على احتفالات الحوثيين بثورة «26 سبتمبر» ويصفونها بالمزيفة (إعلام حوثي)

ونبه إلى أنه صادف خلال أيام احتجازه العشرات من المختطفين الذين لا يعلم غالبيتهم سبب اختطافهم سوى الشك بنواياهم الاحتفال بذكرى الثورة.

وكانت الجماعة الحوثية دعت إلى مشاركتها الاحتفال الرسمي الذي نظمته في ميدان التحرير في وسط صنعاء، محذرة من أي احتفالات وتجمعات أخرى.

وقوبلت هذه الدعوة بالتهكم والسخرية من غالبية السكان الذين رأوا فيها محاولة لإثنائهم عن الاحتفال الشعبي بالثورة، واتهموا الجماعة بخداعهم بمراسيم شكلية للتغطية على عدائها للثورة، وسعيها إلى طمسها من ذاكرتهم.

واستدل السكان على ذلك بإجراءات الجماعة المشددة لمنع الاحتفالات الشعبية وملاحقة المحتفلين من جهة، ومن جهة أخرى بالمقارنة بين حجم احتفالاتها بذكرى انقلابها على الشرعية التوافقية في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، إضافة إلى احتفالاتها بالمولد النبوي وإضفاء صبغتها الطائفية عليه.

ويتهرب كبار القادة الحوثيين من المشاركة في احتفالات الثورة اليمنية أو الإشارة لها في خطاباتهم، ويوكلون هذه المهام لقادة من خارج الانتماء السلالي للجماعة.