هجمات حوثية رغم الوعيد والضربات الغربية... وقلق صيني

تدمير صاروخين... والإبلاغ عن حادثين في البحر الأحمر وخليج عدن

شملت الضربات ضد الحوثيين مناطق يمنية متفرقة واستهدفت بنى تحتية ورادارات ومستودعات (أ.ب)
شملت الضربات ضد الحوثيين مناطق يمنية متفرقة واستهدفت بنى تحتية ورادارات ومستودعات (أ.ب)
TT

هجمات حوثية رغم الوعيد والضربات الغربية... وقلق صيني

شملت الضربات ضد الحوثيين مناطق يمنية متفرقة واستهدفت بنى تحتية ورادارات ومستودعات (أ.ب)
شملت الضربات ضد الحوثيين مناطق يمنية متفرقة واستهدفت بنى تحتية ورادارات ومستودعات (أ.ب)

رغم وعيد واشنطن ولندن والدول المتحالفة معهما بتحجيم قدرات الحوثيين على تهديد الملاحة، أبلغت هيئة بريطانية، الأربعاء، عن هجومين جديدين في البحر الأحمر وخليج عدن، وذلك بعد ساعات من تدمير صاروخين كانا يستهدفان سفن الشحن، وفق بيان أميركي.

ولم ترد على الفور، أي تأكيدات عن وقوع أضرار جراء الهجومين الجديدين اللذين سبقهما شن أميركا وبريطانيا، عند ليل الاثنين - الثلاثاء، نحو 18 غارة مشتركة على ثمانية أهداف حوثية في أربع محافظات يمنية، وهي الضربة الثانية المشتركة لهما، بعد أن انفردت واشنطن بنحو سبع ضربات.

وأعربت الصين، عن قلقها العميق من التوترات في البحر الأحمر. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ وين بين، خلال مؤتمر صحافي يوم الأربعاء إن الصين على اتصال وثيق مع جميع الأطراف المعنية، وتبذل جهوداً إيجابية لتهدئة الوضع. ونقلت «أسوشييتد برس» عن وانغ قوله: «تدعو الصين إلى وقف المضايقات والهجمات على السفن المدنية، وتحث جميع الأطراف المعنية على تجنب تأجيج النيران في المنطقة والضمان المشترك لسلامة وأمن الطريق في البحر الأحمر».

ونقلت «رويترز» عن شركة الشحن الدنماركية «ميرسك» قولها إن سفينتين ترفعان علم الولايات المتحدة كانتا تعبران مضيق باب المندب صوب الشمال عادتا أدراجهما بعدما شاهدتا انفجارات قريبة. وذكرت «ميرسك» أن السفينتين أبلغتا عن رؤية انفجارات قريبة واعترضت سفينة تابعة للبحرية الأميركية مصاحبة لهما عدة مقذوفات. وأضافت أيضا أنهما لم تتعرضا لأضرار ولم يُصب طاقمهما بأذى، وأن البحرية الأميركية رافقتهما خلال عودتهما إلى خليج عدن.

توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا باستمرار الضربات حتى يوقف الحوثيون الهجمات (إ.ب.أ)

وشنّ الحوثيون وفق بيانات أميركية، 31 هجوما على سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بما في ذلك الاستيلاء على السفينة الدولية «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها حتى اللحظة.

وتسبب التصعيد البحري الذي يزعم الحوثيون أنه جاء نصرة للفلسطينيين في غزة، من خلال منع السفن المرتبطة بإسرائيل من الملاحة في البحرين الأحمر والعربي، في مفاقمة الأوضاع المعيشية في اليمن بعد ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين إلى الموانئ اليمنية، كما تسبب في عزوف كبريات الشحن عن الملاحة في الممر الاستراتيجي، وهو ما كبّد قناة السويس المصرية نحو 40 في المائة من مداخيلها.

بعد نحو 26 ساعة فقط من شن ضربة أميركية بريطانية، نفذت واشنطن الضربة التاسعة ضد الجماعة الحوثية منذ 12 يناير (كانون الثاني) الحالي، حيث استهدفت صاروخين كانا جاهزين للإطلاق.

وفي بيان للقيادة المركزية الأميركية، شنت قواتها في حوالي الساعة 2:30 صباح الأربعاء (بتوقيت صنعاء)، ضربات ضد صاروخين مضادين للسفن تابعين للحوثيين كانا يستهدفان جنوب البحر الأحمر، وكانا على استعداد للانطلاق.

وذكر البيان أن القوات حددت الصاروخين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، وقررت أنهما يمثلان تهديدا وشيكا للسفن التجارية وسفن البحرية الأميركية في المنطقة، وقامت بتدميرهما دفاعاً عن النفس.

وبحسب القوات الأميركية، «سيحمي هذا الإجراء حرية الملاحة، ويجعل المياه الدولية أكثر أماناً لسفن البحرية الأميركية والسفن التجارية».

وكان الحوثيون زعموا، الثلاثاء، أنهم استهدفوا سفينة شحن عسكرية أميركية بصواريخ مناسبة في خليج عدن، وهي الرواية التي نفاها بيان من قبل الجيش الأميركي.

في غضون ذلك، أفادت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية بأنها تلقت بلاغين، الأربعاء، عن حادثين جديدين قبالة السواحل اليمنية، حيث يرجح وقوف الحوثيين وراءهما.

وقالت الهيئة إنها تلقت بلاغاً عن حادث على بُعد 45 ميلاً بحرياً جنوب عدن، وأن السلطات تحقق في الواقعة. دون تفاصيل، وعادت لتفيد بأنها تلقت بلاغاً عن واقعة على بُعد 50 ميلاً بحرياً جنوب ميناء المخا اليمني، حيث أبلغت سفينة عن حدوث انفجار على بعد 100 متر تقريباً من جانبها الأيمن، وأن طاقمها بخير ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار.

يزعم الحوثيون أنهم ضمن ما يسمى «محور المقاومة» الذي تقوده إيران لمواجهة إسرائيل وأميركا (إ.ب.أ)

وفي وقت سابق قال بيان أميركي مشترك مع حلفاء واشنطن، إن الضربات الجديدة التي شاركت فيها بريطانيا، جاءت رداً على هجمات الحوثيين المتهورة وغير الشرعية ضد السفن التي تمر عبر البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة.

وأوضح أن الضربات التي نفذتها قوات أميركية وبريطانية لقيت دعماً من كل من أستراليا والبحرين وكندا وهولندا ونيوزيلندا، ضد ثمانية أهداف في مناطق يمنية واقعة تحت سيطرة الحوثيين، وذلك بموجب الحق المتأصل في الدفاع عن النفس فردياً وجماعياً؛ وفقاً لميثاق الأمم المتحدة. ويتمثل الغرض من هذه الضربات في تعطيل قدرة الحوثيين على مواصلة هجماتهم ضد التجارة الدولية والبحارة الأبرياء من مختلف أنحاء العالم، والحد من هذه القدرة أيضاً، وتجنب التصعيد.

وقال البيان إن الهجمات الإحدى والثلاثين التي وجهها الحوثيون ضد سفن تجارية وبحرية منذ منتصف نوفمبر الماضي تُشكل تهديداً على الدول كافة التي تعتمد على الشحن البحري الدولي.

وأضاف البيان «نحن ندين هذه الهجمات ونطالب بوقفها، كما نشير إلى أن من يمدون الحوثيين بالأسلحة لتنفيذ هذه الهجمات يخالفون قرار مجلس الأمن رقم (2216) والقانون الدولي. وقد بين الرد الدولي بتاريخ 22 يناير على هجمات الحوثيين المتواصلة عزمنا المشترك على حماية حقوق وحرية الملاحة البرية، وحماية البحارة من الهجمات غير المشروعة وغير المبررة».

تصعيد ضد الشرعية

لم يقتصر تصعيد الحوثيين المستمر ضد سفن الشحن في البحرين الأحمر والعربي، ولكنه امتد إلى جبهات الشرعية من خلال شن هجمات واسعة باتجاه شبوة انطلاقاً من البيضاء المجاورة، وفق ما أورده الإعلام العسكري اليمني، حيث تم صد هذه الهجمات.

وإلى جانب الهجمات الحوثية الميدانية، حالت الجماعة المدعومة من إيران دون هبوط طائرتين مدنيتين، إحداهما في مطار المخا، والأخرى أممية في مطار مأرب.

وذكر الإعلام الرسمي أن وزير الخارجية وشؤون المغتربين أحمد بن مبارك، ناقش، في الرياض، الأربعاء مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، آخر التطورات في اليمن، وتداعيات التصعيد في البحر الأحمر على جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

ونقلت وكالة «سبأ» أن الوزير بن مبارك تطرق «إلى تصعيد الميليشيات الحوثية الإرهابية داخل اليمن، خاصة تهديدها باستهداف طائرات الأمم المتحدة المتجهة إلى مأرب والطائرات القادمة لنقل العالقين من بورتسودان إلى المخا، وانعكاسات ذلك على عمل المنظمات في مأرب، وتفاقم الوضع الإنساني في اليمن».

وجدد وزير الخارجية اليمني تأكيد حكومة بلاده دعم جهود الأمم المتحدة لتحقيق السلام في اليمن؛ وفقاً للمرجعيات المعتمدة وعلى رأسها قرار مجلس الأمن (2216)، «وشدد على حاجة المجتمع الدولي لإعادة النظر في التعاطي الجاد مع الميليشيات الحوثية التي اتخذت من العنف والإرهاب نهجاً لتقويض الأمن والسلم الإقليميين والدوليين».

استغل الحوثيون الضربات الأميركية لحشد مزيد من المقاتلين (أ.ب)

وفي لقاء آخر في الرياض، أفاد الإعلام الحكومي بأن بن مبارك بحث مع سفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاغن، «المستجدات المتعلقة بتهديد الميليشيات الحوثية الإرهابية لأمن وسلامة الملاحة في البحر الأحمر».

وأكد الوزير اليمني «أن الأعمال الإرهابية التي ترتكبها الميليشيات الحوثية الإرهابية، أدت إلى تقليص الشحنات التجارية الواردة إلى موانئ البحر الأحمر، وزادت تكاليف الشحن والتأمين، وتهدد بنقص إمدادات المواد الغذائية، وهو ما يزيد من معاناة اليمنيين، ويفاقم من الأزمة الإنسانية في اليمن»؛ وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

وصرّح وزير الخارجية الإيراني، الثلاثاء، أن بلاده تحذر واشنطن من خطر الضربات على الحوثيين، فيما تقول الحكومة اليمنية إن الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن تتم عبر أسلحة وخبراء من إيران.

إلى ذلك نقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، الأربعاء، عن مسؤولين أميركيين القول إن الولايات المتحدة طلبت من الصين حث طهران على كبح جماح الحوثيين الذين يهاجمون السفن التجارية في البحر الأحمر؛ لكنها لم تتلقَّ أي مؤشر يُذكر على المساعدة من بكين.

وذكر التقرير أن الولايات المتحدة أثارت الأمر مراراً مع مسؤولين صينيين كبار في الأشهر الثلاثة الماضية.

أعضاء في بعثة الحديدة الأممية وتظهر خلفهم السفينة المقرصنة «غالاكسي ليدر» (إكس)

وقالت الصحيفة إن مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان، ونائبه جون فاينر، ناقشا الأمر خلال اجتماعات هذا الشهر في واشنطن، مع ليو جيان تشو، رئيس الدائرة الدولية للجنة المركزية بالحزب الشيوعي الصيني.

وأوضح التقرير أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أثار القضية أيضاً مع نظيره الصيني، مضيفاً أن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أنه لا توجد مؤشرات تذكر على أن الصين مارست أي ضغوط على إيران لكبح جماح الحوثيين، بخلاف بيان فاتر أصدرته بكين الأسبوع الماضي.

ومنذ بدء التصعيد الحوثي بحرياً وإطلاق الضربات الأميركية والبريطانية قُتل 15 مسلحاً حوثياً، وأصيب ستة؛ وفق اعتراف الجماعة، 10 منهم قتلوا عند محاولتهم في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي قرصنة سفينة شحن جنوب البحر الأحمر.

وعقب التهديدات الحوثية للملاحة أعلنت واشنطن الشهر الماضي تشكيل تحالف متعدد الجنسيات أطلقت عليه «حارس الازدهار» لحماية سفن الشحن في المياه الإقليمية اليمنية، وأخيراً صنفت الجماعة بشكل خاص على قوائم الإرهاب.


مقالات ذات صلة

العالم العربي مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

اتفاق مسقط لتبادل نحو 2900 محتجز ينعش آمال اليمنيين بإنهاء معاناة الأسرى وسط تفاؤل حذر ومطالب بضمانات أممية لتنفيذ «الكل مقابل الكل»

«الشرق الأوسط» (الرياض - صنعاء)
العالم العربي لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «خروج سلس وعاجل» لـ«الانتقالي»

يرسم البيان السعودي مسار التهدئة شرق اليمن، داعياً لانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة، وسط ترحيب رئاسي وحكومي وإجماع حزبي ضد التصعيد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
وفد سعودي زار حضرموت ضمن مساعي التهدئة وخفض التوتر (سبأ)

حضرموت تتمسك بالشرعية وتحذر من تكلفة «التحركات الأحادية»

جددت سلطة حضرموت دعمها الكامل للشرعية، محذّرة من التحركات العسكرية الأحادية، ومؤكدة أن أمن المحافظة، والحوار السياسي هما السبيل للاستقرار، والتنمية

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

جدّد العليمي رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة اليمنية أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية مؤكداً حماية المركز القانوني للدولة

«الشرق الأوسط» (جدة)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.