الكوارث المناخية تحدّ من حصول اليمنيات على الرعاية الصحية

مخاطر إضافية خلال الحمل والولادة في مخيمات النزوح

حالات الحمل والولادة محفوفة بمخاطر إضافية في مخيمات النزوح في اليمن (الأمم المتحدة)
حالات الحمل والولادة محفوفة بمخاطر إضافية في مخيمات النزوح في اليمن (الأمم المتحدة)
TT

الكوارث المناخية تحدّ من حصول اليمنيات على الرعاية الصحية

حالات الحمل والولادة محفوفة بمخاطر إضافية في مخيمات النزوح في اليمن (الأمم المتحدة)
حالات الحمل والولادة محفوفة بمخاطر إضافية في مخيمات النزوح في اليمن (الأمم المتحدة)

في أحد الأيام، أثناء عودة اليمنية مهرة من جلب الماء، انهارت على الطريق، حيث كان عليها الفرار من الحرب، فغادرت قريتها إلى أحد مخيمات النزوح، لكنها كانت تنزف بشدة لدرجة شعرت معها بأنها ستفقد طفلها، وفق ما ذكره تقرير أممي.

حين نزحت مهرة كان عمرها 31 سنة، وكانت حاملاً في شهرها الخامس، لكن المرأة التي بلغت من العمر الآن 38 عاماً، تقول إنهم كانوا يأملون في العثور على شيء من السلام والأمان في مخيم النزوح، ولكنهم لم يجدوا شيئاً، وكان عليهم القتال من أجل كل قطرة ماء، وكل لقمة طعام، وكل نفس هواء، إذ كان عليهم السير أميالاً لإحضار الماء، وكان الأمر شديد الصعوبة.

تفتقر المخيمات في اليمن للرعاية الصحية أو المياه النظيفة أو الغذاء الكافي (الأمم المتحدة)

كان لدى المرأة أربعة أطفال تعتني بهم مع أنها ضعيفة وتعاني من سوء التغذية، ولهذا عانت من مضاعفات الحمل بسبب نقص الرعاية والتغذية المناسبة في مخيم النزوح، وبعد أن انهارت تم نقلها إلى عدن لتلقي العلاج في مستشفى الصداقة، الذي يبعد ثلاث ساعات عن موقع سكنها في مخيم النزوح، حيث أُنقذت حياتها وصحتها الجسدية، ولكن فقدانها الحمل سبّب تدهور صحتها النفسية.

بعد أن غادرت مهرة المستشفى عادت إلى المخيم، واضطرت إلى استئناف مهام عملها، فلم يكن لديها أي خيار، وكان عليها إحضار الماء والطبخ والتنظيف والعناية بأطفالها والقليل مما تبقى من أغنامها، وتحمّلت الألم والحزن والخوف واليأس.

تأثير تطرف المناخ

يظهر بحث جديد لصندوق الأمم المتحدة للسكان أن الظواهر المناخية المتطرفة والكوارث لها تأثير غير متناسب على الصحة النفسية والجسدية للنساء والفتيات وحديثي الولادة، بما في ذلك القلق، واضطرابات ارتفاع ضغط الدم، والولادات المبكرة، وانخفاض الوزن.

ووفق بيانات الأمم المتحدة فإن اليمن من بين البلدان الـ14 الأكثر عُرضة لتغير المناخ، وأنه وعلى مدار العقد الماضي ازدادت وتيرة وشراسة الأحداث المناخية المتطرفة التي تتراوح من الأعاصير إلى الجفاف إلى الفيضانات المفاجئة.

وأدت الكوارث المناخية خلال عام 2023 إلى نزوح أكثر من 200 ألف شخص، اضطر كثير منهم إلى التنقل عدة مرات، وفقدوا مصدر رزقهم إلى جانب أي فرصة للحصول على الرعاية الصحية الأساسية. وأكد الصندوق الأممي أنه بالنسبة للنساء والفتيات، كانت التداعيات واسعة النطاق ومهددة لحياتهن.

نصف المرافق الصحية في اليمن توقفت عن العمل بسبب الحرب (الأمم المتحدة)

ويذكر الصندوق أنه ومع استمرار الصراع ساد الجفاف الشديد مختلف مناطق البلاد، مما أدى إلى تفاقم الوضع بالنسبة لملايين الأشخاص الذين فروا بالفعل للنجاة بحياتهم. وفي ظل الأزمات الإنسانية، تواجه النساء والفتيات سلسلة من المخاطر، بدءاً من ارتفاع مخاطر العنف والاستغلال المبنيين على النوع الاجتماعي، وصولاً إلى الزواج القسري، وزواج الأطفال، والأمراض، وسوء التغذية.

وبحسب الصندوق الأممي فإن الافتقار إلى الغذاء والماء والرعاية الصحية، بالإضافة إلى الإجهاد المفرط وارتفاع مستويات التوتر، يعني أن حالات الحمل والولادة محفوفة هي الأخرى بمخاطر إضافية.

أوضاع صعبة

تواجه النساء في اليمن أوضاعاً معيشية صعبة جداً، وفق التقرير الأممي، فعلى سبيل المثال فإنه ومن أجل إحضار الماء والحطب، يضطررن إلى المشي لساعات، وغالباً دون مرافق، تحت أشعة الشمس الحارقة، وفوق أرض غادرة، وفي وسط غابة وفي قلب الصراع الحي. ومع ذلك تفاقم الصراع بشدة بسبب أزمة المناخ، ونزح أكثر من 4.5 مليون شخص داخل البلاد، ويحتاج أكثر من 21 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية عاجلة.

وتؤكد الأمم المتحدة أن آثار تغير المناخ المتتالية بالنسبة للكثيرين، ممن هم على غرار هذه المرأة (مهرة)، إذ إنها قدمت من عائلة كبيرة من المزارعين والرعاة الذين عاشوا على الأرض لأجيال، وكان لديهم كثير من الأغنام والأبقار والمحاصيل والأعلاف، وبئر مياه نظيفة، ولكن تغيّر كل شيء، شحت الأمطار، ولم يعد توقيت الزراعة أو الحصاد كما كان.

تعرض المجاعة مليوني يمنية من الحوامل والمرضعات لخطر الموت (الأمم المتحدة)

ونتيجة لهذه التغيرات، وحسب الأمم المتحدة جفت المحاصيل، وآبار المياه، وماتت الحيوانات جوعاً، وتفاقمت هذه الكارثة بسبب الحرب، التي خلقت، على مدى ثماني سنوات، انعدام الأمن واضطراباً اقتصادياً. ومع ذلك، فإن الكوارث المزدوجة من هذا النوع ليست غير شائعة.

وتشير اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، إلى أن الأدلة على مساهمة تغير المناخ في زيادة الصراع واضحة، حيث شاهد المزارعون مصدر رزقهم يختفي، ولم يواجهوا صعوبات كهذه من قبل، إذ أصبحت الأرض قاحلة والناس يائسين، ومن ناحية أخرى تشدد أزمة المناخ قبضتها، وتظل حياة الملايين وسبل عيشهم معلقة في توازن هش على نحو متزايد.


مقالات ذات صلة

حديث حوثي عن غارة غربية في تعز وإسقاط «درون» في صعدة

العالم العربي مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أرشيفية - أ.ف.ب)

حديث حوثي عن غارة غربية في تعز وإسقاط «درون» في صعدة

تحدثت الجماعة الحوثية، المدعومة من إيران، (الثلاثاء)، عن إسقاط مسيّرة أميركية في صعدة، كما أقرّت بتلقي ضربة في محافظة تعز قرب مدرسة؛ ما أدى إلى مقتل طالبتين.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي يمنيات في ريف صنعاء يشاركن في فعاليات حوثية ذات طابع تعبوي (إعلام حوثي)

ضغوط انقلابية لدفع اليمنيات للتبرع بالأموال والحلي

وسَّعت جماعة الحوثيين في الأيام الأخيرة من حجم ابتزازها المالي للتجار والسكان وصغار الباعة، وصولاً إلى استهداف النساء والفتيات اليمنيات في صنعاء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مُسن وطفلة داخل مأوى للنازحين دمرته الرياح (الأمم المتحدة)

نداء أممي لإنقاذ أرواح 50 ألف عائلة يمنية عقب الفيضانات

أطلقت وكالة أممية نداءً لجمع 13.3 مليون دولار لتقديم مساعدات عاجلة منقذة للأرواح في اليمن بعد الفيضانات الشديدة التي أثرت على أكثر من نصف مليون شخص.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي نقاشات مستمرة لإنشاء كيان حكومي يمني للحد من مخاطر الكوارث (إعلام حكومي)

اليمن بصدد إنشاء آلية وطنية للحد من مخاطر الكوارث

بدأت الحكومة اليمنية مناقشة مشروع إنشاء آلية وطنية للحد من مخاطر الكوارث؛ إذ تحتل البلاد المرتبة السابعة ضمن الدول الأكثر تضرراً من تطرف المناخ.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقاتلة من طراز «إف 22» في منطقة القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

انقلابيو اليمن يعترفون بتلقي ضربة أميركية في الحديدة

تلقت الجماعة الحوثية في اليمن ضربة أميركية استهدفت موقعاً في الحديدة، الاثنين، وذلك غداة 3 ضربات دمرت 3 مسيّرات ومنظومتي صواريخ شرق مدينة إب.

علي ربيع (عدن)

جامعة الأزهر توقف أستاذاً أفتى بجواز «سرقة الكهرباء»

جامعة الأزهر بالقاهرة (صفحة الجامعة - فيسبوك)
جامعة الأزهر بالقاهرة (صفحة الجامعة - فيسبوك)
TT

جامعة الأزهر توقف أستاذاً أفتى بجواز «سرقة الكهرباء»

جامعة الأزهر بالقاهرة (صفحة الجامعة - فيسبوك)
جامعة الأزهر بالقاهرة (صفحة الجامعة - فيسبوك)

أوقفت جامعة الأزهر بمصر، الثلاثاء، الدكتور إمام رمضان إمام، أستاذ مساعد العقيدة والفلسفة بكلية التربية في الجامعة، بعد أن أفتى بإباحة «سرقة الكهرباء»، وكذلك عدد من الخدمات العامة التي تقدمها الحكومة المصرية، مثل المياه والغاز، وسط «استهجان رسمي».

وظهر إمام، المعروف بآرائه الجدلية، في مقطع فيديو عبر صفحته الشخصية على «فيسبوك»، تحت عنوان «اسرقوهم يرحمكم الله»، أحل خلاله سرقة الكهرباء والماء، بداعي «ارتفاع الأسعار، واسترداد الحقوق»، قبل أن تتخذ جامعة الأزهر قراراً بإحالته للتحقيق، بسبب ما عدَّته «فتوى شاذة تتضمن مخالفات فقهية، وتتعارض مع تعاليم الدين الحنيف».

ووفق قرار رسمي لرئيس جامعة الأزهر، سلامة داود، جرى «إيقاف إمام عن العمل لمدة 3 أشهر، أو لحين انتهاء التحقيق معه، أيهما أقرب».

وكانت «دار الإفتاء المصرية» قد ردت على فتوى الأستاذ الأزهري، محرمةً في إفادة لها، الأحد: «الانتفاع بموارد الدولة من شبكات المياه أو خطوط التيار الكهربائي، عن طريق التحايل على ذلك بأي وسيلة غير قانونية، بغرض التهرب من دفع الرسوم المقررة لذلك».

وعدَّت «الإفتاء المصرية» ذلك «سرقةً محرمة، وأكلاً لأموال الناس بالباطل، وإضراراً بالمصلحة العامة، وخرقاً للنظام، وخيانةً للأمانة، ومخالفة لولي الأمر الذي أمر الشرع بطاعته».

وشددت على تبعات الأمر من «انتشار للفساد، وضياع للحقوق، والتعدي على حق الفقراء ومحدودي الدخل باستغلال الحصة المخصصة لحاجتهم الأصلية من تلك الخدمات. والادعاء بأن ذلك من الحقوق المشروعة المباحة دون مقابل ادعاء باطل، لا أصل له في الشرع الشريف».

ومؤخراً عملت الحكومة المصرية على اتخاذ إجراءات مشددة في مواجهة سرقات الكهرباء. وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في وقت سابق: «إيقاف صور الدعم المقدم من الدولة عن كل من يحرَّر ضده محضر سرقة الكهرباء». كما دعت الحكومة المواطنين لـ«الإبلاغ عن وقائع السرقة».

ويؤيد وكيل اللجنة الدينية بمجلس النواب المصري (البرلمان)، أسامة العبد، ما أفتت به «دار الإفتاء المصرية» من «حرمة سرقة موارد الدولة»، مؤكداً أن «الأزهر لا يمكن أن يوافق على ما صدر من الأستاذ الجامعي»، وطالب بضرورة «الأخذ برأي (دار الإفتاء)، باعتبارها الجهة الأساسية المسؤولة عن إقرار الحلال والحرام».

وعدَّ العبد -في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»- أن ما صدر من الأستاذ الجامعي «مخالفة شرعية»، وقال إن «موارد الدولة مشاركة بين الشعب بأكمله، وتديرها الدولة بالطريقة التي تحقق منفعة للجميع».

وطالب النائب البرلماني بضرورة «محاسبة من يخالف النظام العام بالدولة»؛ مشيراً إلى أن «مصر في مرحلة بناء للدولة حالياً، ويجب على الجميع المساهمة في هذا المسار، بتحصيل مقابل الخدمات المقدمة لهم».

وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها إيقاف الأستاذ الأزهري إمام رمضان، فقد سبق أن أوقف عن العمل عام 2019، في واقعة «أمر طالبين بجامعة الأزهر على خلع سرواليهما أمام زملائهما في المحاضرة بحجة التعلُّم»، وعاد للعمل بالجامعة مجدداً بعد انتهاء العقوبة.