الفقر يدفع يمنيين إلى سرقة أسلاك الكهرباء وأغطية الصرف الصحي

معظم المناطق الخاضعة للحوثيين تشهد فوضى أمنية

تتعرض أسلاك الكهرباء في إب اليمنية للسرقة منذ سنوات (الشرق الأوسط)
تتعرض أسلاك الكهرباء في إب اليمنية للسرقة منذ سنوات (الشرق الأوسط)
TT

الفقر يدفع يمنيين إلى سرقة أسلاك الكهرباء وأغطية الصرف الصحي

تتعرض أسلاك الكهرباء في إب اليمنية للسرقة منذ سنوات (الشرق الأوسط)
تتعرض أسلاك الكهرباء في إب اليمنية للسرقة منذ سنوات (الشرق الأوسط)

وسط حالة من الفوضى الأمنية تعيشها المناطق الخاضعة للحوثيين في اليمن، دفع الوضع الاقتصادي المتدهور واتساع رقعة الفقر والجوع أشخاصاً في صنعاء وإب إلى سرقة أسلاك الكهرباء وأغطية الصرف الصحي لبيعها خردةً والاستفادة من ثمنها.

وشكا سكان في العاصمة المختطفة صنعاء في أحياء عصر ومذبح والسنينة بمديرية معين لـ«الشرق الأوسط»، من تعرّض أغطية ممرات مياه الصرف الصحي أو ما يعرف بـ«الريكارات» في مناطقهم وعلى مقربة من منازلهم للسرقة على أيدي عصابات مجهولة تنشط أثناء فترات الليل.

تتعرض أسلاك الكهرباء في إب اليمنية للسرقة منذ سنوات (الشرق الأوسط)

وعادةً ما تحدث غالبية السرقات في صنعاء خلال فترات الليل، بينما لا تزال تلك العصابات تنشط حالياً في شوارع وأحياء متفرقة، حيث تقوم بأعمالها تحت وطأة الحاجة.

وأفاد بعض السكان في صنعاء باستمرار بقاء الكثير من ممرات مياه الصرف الصحي بالقرب من منازلهم بعد أن تعرّضت أغطيتها الحديدية للسرقة من قِبل العصابات، دون وجود أي تدخل من قِبل الجهات المعنية؛ الأمر الذي يعرّضهم وأسرهم لمخاطر صحية.

شكاوى بالجملة

يتحدث «أحمد.ع»، وهو موظف تربوي يسكن في حي الرباط في صنعاء، عن وجود شكاوى بالجملة في الحي الذي يقطنه مفادها الانتشار الملحوظ لعصابات متخصصة بنزع وسرقة الأغطية الحديدية لمجاري الصرف الصحي لغرض التكسب غير المشروع من ورائها وبيعها لمحال الخردة أو الحديد التي تنتشر بطول وعرض العاصمة المحتلة من قِبل الحوثيين.

وكشف أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرّض أغطية لممرات صرف صحي في حي الرباط للسرقة خلال أسبوع، موضحاً أن ممرات المجاري تلك لا تزال حتى اللحظة مكشوفة وتهدد حياة السكان حال تعرضها للانسداد، إضافة إلى انبعاث روائح كريهة منها على مدار الساعة.

آثار سرقة أغطية ممرات الصرف الصحي في العاصمة صنعاء (الشرق الأوسط)

ويطالب باسم وهو أحد السكان في صنعاء من وصفها بـ«الجهات المعنية»، في إشارة إلى الحوثيين، بعدم التقاعس والإهمال والقيام بتتبع وملاحقة تلك العصابات والقبض على عناصرها وتقديمهم للمحاكمة.

كما دعا إلى فرض ما وصفها بـ«الرقابة الصارمة» على تجار بيع وشراء الخردوات ومنعهم من اقتناء أغطية مياه المجاري لكونها تعد مسروقة، وتُبقي شبكة الصرف الصحي مكشوفة؛ ما يشكّل ضرراً بالغاً على حياة وصحة ملايين اليمنيين في صنعاء.

سرقات متعددة

بالانتقال إلى محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) التي يعاني سكانها في الوقت الحالي «انتكاسة حقيقية وشاملة» في شتى مجالات الحياة، وعلى رأسها المجالان المعيشي والأمني، تفيد مصادر محلية بأن المحافظة ومديريات تابعة لها تشهد تصاعداً ملحوظاً في جرائم سرقة الكابلات والأسلاك التابعة للكهرباء العمومية المتوقفة عن الخدمة منذ سنوات.

تحذيرات من مخاطر بيئية وصحية تهدد سكان 35 حياً سكنياً في صنعاء (الشرق الأوسط)

وتركزت أعمال السرقة لأسلاك وكابلات الكهرباء في نطاق شوارع وأحياء متفرقة بمديرتي الظهار والمشنة بوسط وضواحي مدينة إب، وفي مناطق تتبع مديريات المخادر وجبلة وبعدان في المحافظة ذاتها، بحسب المصادر.

وقدّرت مصادر عاملة في فرع مؤسسة الكهرباء في إب كمية المسروقات من الكابلات والأسلاك النحاسية على أيدي عصابات تنتشر في مناطق متفرقة من المحافظة بأنها بلغت خلال الأشهر القليلة الماضية أزيد من سبعة أطنان، وتقدر قيمتها بملايين الريالات اليمنية.

وتشير المصادر إلى تعرّض أطنان أخرى من تلك الأسلاك النحاسية للتلف والنهب والسرقة طوال فترة الأعوام التسعة الماضية من زمن الحرب، في ظل انقطاع التيار الكهربائي الحكومي عن المحافظة ومدن يمنية أخرى منذ اندلاع الصراع.

ولم تقتصر جرائم السرقة في إب اليمنية على أسلاك الكهرباء؛ إذ تكشف المصادر لـ«الشرق الأوسط»، عن انتشار غير مسبوق لعصابات أخرى متهمة بسرقة الآثار القديمة، وسرقة المواشي، وسرقة حقائب النساء، وسرقة منازل وممتلكات السكان، والسطو على سلع مختلفة من على متن شاحنات النقل الثقيل في الطرق الرئيسية.

أحد شوارع العاصمة صنعاء بعد سرقة غطاء ممر مياه صرف صحي (الشرق الأوسط)

ويتهم سكان مدينة إب بعض ملاك محطات الكهرباء التجارية ومسؤولين آخرين يديرون شؤون المحافظة بالوقوف خلف دعم وتمويل تلك العصابات بغية الاستفادة من تلك الكابلات النحاسية التابعة لقطاع الكهرباء الحكومي.

تأتي هذه الحوادث في وقت تشهد فيه أسعار النحاس في السوق المحلية ارتفاعاً ملحوظاً، حيث يبلغ سعر الكيلو جرام من النحاس ما يعادل نحو 3 دولارات، كما تستخدم تلك المادة الحيوية في اليمن على نطاق واسع في قطاعات مختلفة، منها البناء والنقل وغيرهما.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.