مصر تشدد على محورية أمن الملاحة في البحر الأحمر مع تزايد الاختراقات

غداة إدانة مجلس الأمن هجمات الحوثيين

رئيس الحكومة المصرية يتفقد (الخميس) المنطقة الاقتصادية لقناة السويس (رئاسة الوزراء)
رئيس الحكومة المصرية يتفقد (الخميس) المنطقة الاقتصادية لقناة السويس (رئاسة الوزراء)
TT

مصر تشدد على محورية أمن الملاحة في البحر الأحمر مع تزايد الاختراقات

رئيس الحكومة المصرية يتفقد (الخميس) المنطقة الاقتصادية لقناة السويس (رئاسة الوزراء)
رئيس الحكومة المصرية يتفقد (الخميس) المنطقة الاقتصادية لقناة السويس (رئاسة الوزراء)

شددت مصر على «محورية أمن الملاحة في البحر الأحمر في ضوء ارتباطه الوثيق بقناة السويس»، جاء ذلك غداة إدانة مجلس الأمن الدولي هجمات الحوثيين على واحد من أهم ممرات التجارة الدولية، ما يهدد حركة التجارة العالمية، لا سيما مع تزايد الاختراقات الأمنية.

وقال رئيس الحكومة المصرية الدكتور مصطفى مدبولي، خلال لقائه مساء الأربعاء، مسؤولين من شركة الشحن الدنماركية «ميرسك»، إن «بلاده تتابع من كثب تطورات الأوضاع في البحر الأحمر»، بحسب إفادة رسمية.

وأضاف رئيس الوزراء المصري، في اللقاء الذي عقد عبر تقنية «الفيديو كونفرانس»، إنه «رغم التأثير المباشر لتلك الأحداث (هجمات الحوثيين) على مصالح بلاده، فإنه ينبغي تفسيرها في سياقها، لكونها ترتبط بشكل مباشر بالحرب في قطاع غزة، التي يجب وقفها». وأشار إلى «سعي القاهرة المستمر لوقف الحرب لما لها من انعكاسات على الأوضاع الأمنية والاقتصادية سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي».

جانب من لقاء الحكومة المصرية مع مسؤولي «ميرسك» عبر الفيديو كونفرانس (رئاسة الوزراء)

وخلال الفترة الأخيرة شنت جماعة «الحوثي» اليمنية هجمات على السفن المارة بمنطقة البحر الأحمر، وقالت إنها «تستهدف السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى تل أبيب رداً على الحرب في قطاع غزة».

وأكد مدبولي «قلق بلاده من مساعي تحويل منطقة البحر الأحمر لبؤرة صراع إقليمي جديد، وخشيتها توسع الحرب في غزة على مستوى المنطقة، في ضوء ما تشهده من تصعيد مستمر».

اللقاء بين مدبولي ومسؤولي «ميرسك» تطرق إلى بحث سبل تعزيز التعاون المشترك وتطورات الأوضاع في منطقة البحر الأحمر، حسب بيان صحافي من مجلس الوزراء المصري. وأكد المدير التنفيذي لشركة «ميرسك» فينسنت كليرك: «أهمية الأمن في منطقة البحر الأحمر، وضرورة توفير الحماية اللازمة للسفن، والانعكاسات السلبية لانعدام الأمن على الاقتصاد العالمي»، بحسب البيان. وأعرب كليرك عن «تطلع شركته لاستئناف رحلاتها البحرية، عبر قناة السويس، في أقرب فرصة ممكنة، وذلك في ضوء ما توفره القناة من تكلفة ووقت».

بدوره، أكد رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، خلال اللقاء: «تطلع الهيئة لعودة الاستقرار الأمني لمنطقة باب المندب، على ضوء الأحداث الأخيرة، وكذا رغبتها في زيادة أوجه التعاون مع شركة (ميرسك)».

ويوم الجمعة الماضي أعلنت «ميرسك»، في بيان صحافي، أن «جميع سفن الشركة التي كان من المقرر أن تعبر البحر الأحمر وخليج عدن ستتحول جنوباً لتدور حول طريق رأس الرجاء الصالح في المستقبل القريب». وقالت: إن «الوضع يتطور باستمرار وما زال هشاً جداً، وجميع المعلومات المتوافرة تؤكد أن المخاطر الأمنية ما زالت مرتفعة المستوى جداً».

اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع المصري الأسبق، وأستاذ العلوم الاستراتيجية، قال، لـ«الشرق الأوسط»، إن «وقف هجمات الحوثيين مرتبط بوقف الحرب في غزة»، مشيراً إلى أن «هذه الهجمات لا تؤثر على مصر فحسب، بل إن تأثيرها الأكبر هو على حركة التجارة والشحن العالمية، التي تتعرض لخسائر كبيرة بسببها».

وكان مجلس الأمن الدولي دعا، الأربعاء، إلى وقف «فوري» للهجمات التي تعرقل التجارة الدولية وتقوّض حقوق وحريات الملاحة وكذلك السلم والأمن في المنطقة، مطالباً كلّ الدول بـ«احترام حظر الأسلحة المفروض على الجماعة اليمنية المدعومة من إيران».

القرار، الذي صاغته الولايات المتّحدة واليابان، واعتمده مجلس الأمن بأغلبية 11 عضواً وامتناع أربعة أعضاء عن التصويت، هم روسيا والصين والجزائر وموزمبيق: «أدان بأشد العبارات الهجمات التي لا تقلّ عن 24 والتي استهدفت سفناً تجارية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي»، وهو تاريخ استيلاء جماعة «الحوثي» على السفينة «غالاكسي ليدر» واحتجاز أفراد طاقمها البالغ عددهم 25 شخصاً رهائن.

بدوره، قال القيادي بجماعة الحوثي، محمد علي، في منشور على منصة «إكس»، إن «قرار مجلس الأمن لعبة سياسية»، متهماً الولايات المتحدة بـ«خرق القانون».

ويؤكد أستاذ العلوم الاستراتيجية، أن «قرار مجلس الأمن لن يوقف هجمات الحوثيين، التي شهدت زيادة خلال الأيام الماضية». لكنه مع ذلك توقع «عودة حركة الملاحة إلى سابق عهدها في القريب العاجل، تجنباً لخسائر تجارية كبيرة».

وخشية تعرضها لهجمات قررت شركات شحن عالمية وقف رحلاتها عبر قناة السويس المصرية، وتحويل مسارها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، ما تسبب في مخاوف بشأن التأثير على حركة التجارة العالمية. ودفع هذا الوضع الولايات المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) إلى تشكيل تحالف بحري دولي بقيادتها، يسيّر دوريات في البحر الأحمر لحماية حركة الملاحة البحرية من هجمات الحوثيين.

وأعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا، الثلاثاء: «إسقاط 18 طائرة مسيّرة مفخّخة وصاروخي كروز مضادين للسفن وصاروخ باليستي أطلقها الحوثيون باتجاه مسار الشحن الدولي في جنوب البحر الأحمر»، في هجوم وصفه وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس بأنه «الأكبر» من نوعه منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة.

وقال معهد «كايل» الألماني للاقتصاد، الخميس، إن «التجارة العالمية تراجعت بنسبة 1.3 في المائة في الفترة من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى ديسمبر الماضي، في وقت أدت فيه هجمات مسلحين على سفن تجارية في البحر الأحمر لتراجع كميات الشحن المنقولة عبر هذه المنطقة الحيوية».

وأضاف المعهد، في بيان نقلته وكالة «رويترز»، أن «هناك حالياً نحو 200 ألف حاوية تمر عبر البحر الأحمر يومياً انخفاضاً من 500 ألف يومياً في نوفمبر الماضي». وأشار جوليان هينتس، مدير مركز أبحاث سياسات التجارة في المعهد، إلى أن «عمليات تحويل مسار السفن بسبب الهجمات أدت لزيادة طول الرحلات بنحو 20 يوماً إضافية».

في السياق ذاته، تفقد مدبولي، الخميس، عدداً من المشروعات بمنطقة السخنة الصناعية، الواقعة ضمن نطاق المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وأكد رئيس مجلس الوزراء أن هذه الزيارة تأتي في إطار الاهتمام الذي توليه الدولة لتنمية وتطوير المنطقة الاقتصادية، المرتبطة بمحور قناة السويس، وتوفير مختلف الإمكانات والخدمات بها، لتعزيز قدرتها على جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.

ويمر عبر قناة السويس ما يقرب من ثلث شحنات سفن الحاويات عالمياً، وقد تكلف إعادة توجيه السفن حول أفريقيا وقوداً إضافياً بما يصل إلى مليون دولار للرحلة الواحدة ذهاباً وإياباً بين آسيا وشمال أوروبا.


مقالات ذات صلة

مصر: تعويض خسائر قناة السويس عبر تنويع خدماتها

العالم العربي عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)

مصر: تعويض خسائر قناة السويس عبر تنويع خدماتها

تتّجه قناة السويس المصرية إلى «تنويع مصادر دخلها»، عبر التوسع في تقديم الخدمات الملاحية والبحرية للسفن المارّة بالمجرى الملاحي، في محاولة لتعويض خسائرها.

أحمد إمبابي (القاهرة)
الاقتصاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وكريستالينا غورغييفا مديرة صندوق النقد (أرشيفية - رويترز)

السيسي يدعو مديرة صندوق النقد إلى «مراعاة التحديات»

أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن تطلع بلاده لاستكمال التعاون مع صندوق النقد الدولي، والبناء على ما تَحقَّق «بهدف تعزيز استقرار الأوضاع الاقتصادية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سفينة شحن تابعة لـ«ميرسك» تمر عبر قناة السويس المصرية العام قبل الماضي (رويترز)

«ميرسك» تستبعد عودتها قريباً لقناة السويس بسبب تهديدات البحر الأحمر

قالت «ميرسك»، الخميس، إنها لا تتوقع استئناف الإبحار عبر قناة السويس حتى عام 2025.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
الاقتصاد رئيس المنطقة الاقتصادية بقناة السويس وليد جمال الدين يشهد توقيع عقد مع مجموعة «بيرل» لإنتاج البولي يوريثان (حساب مجلس الوزراء على فيسبوك)

مصر: «اقتصادية قناة السويس» توقّع عقد مشروع لإنتاج البولي يوريثان مع «بيرل»

أعلنت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس في مصر، توقيع عقد مع مجموعة «بيرل» بشأن مشروع لإنتاج البولي يوريثان في المنطقة الصناعية بالعين السخنة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية مراسم رسمية في ميناءي مقديشو خلال استقبال السفينة التركية «أوروتش رئيس» في مستهل مهمتها قبالة السواحل الصومالية (من حساب وزير الطاقة التركي على «إكس»)

سفينة «أوروتش رئيس» التركية تبدأ البحث عن النفط والغاز قبالة سواحل الصومال

تبدأ سفينة الأبحاث السيزمية التركية «أوروتش رئيس»، خلال الأسبوع الحالي، أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة بالصومال.


انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.