مصر تكثف مشاوراتها لوقف الحرب على غزة

قمة مرتقبة بين السيسي وعباس

جنود إسرائيليون ينتشرون في غزة وسط الصراع المستمر (رويترز)
جنود إسرائيليون ينتشرون في غزة وسط الصراع المستمر (رويترز)
TT

مصر تكثف مشاوراتها لوقف الحرب على غزة

جنود إسرائيليون ينتشرون في غزة وسط الصراع المستمر (رويترز)
جنود إسرائيليون ينتشرون في غزة وسط الصراع المستمر (رويترز)

تكثف مصر مشاوراتها لوقف الحرب على قطاع غزة، وفي هذا السياق وصل إلى القاهرة، (الأحد)، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومن المقرر أن يلتقي نظيره المصري عبد الفتاح السيسي؛ لبحث جهود الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار.

وقال السفير الفلسطيني لدى القاهرة دياب اللوح، في إفادة رسمية (الأحد)، إن القمة المرتقبة بين السيسي وعباس «ستبحث سبل التعاون الثنائي من أجل الوقف الفوري والمستدام لحرب الإبادة الجماعية التي تشنّها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في أنحاء الأراضي الفلسطينية كافة»، مشيراً إلى أن الرئيسين «سيبحثان الجهود المصرية والعربية والإقليمية والدولية المبذولة للتعامل مع الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في قطاع غزة في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 3 أشهر».

وأضاف اللوح أن القمة المصرية - الفلسطينية «ستناقش جهود منع تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه إلى خارجها، ووقف اعتداءات وجرائم قوات الاحتلال ومستوطنيه على الضفة والقدس».

ووفق السفير الفلسطيني، فإن الزيارة تهدف إلى «تعزيز التشاور والتعاون الثنائي الدائم بين الرئيسين تجاه القضايا المتعددة والمشتركة على المستويات والمحافل العربية والإقليمية والدولية»، كما تسعى إلى «إنجاح الجهود الحثيثة التي تبذلها مصر وعدد من الدول لوقف حرب الإبادة الجماعية، وفتح أفق سياسي يفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة والمتصلة جغرافياً على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس، تحت مظلة وقيادة (منظمة التحرير) الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني».

ويرافق الرئيس الفلسطيني في زيارته إلى القاهرة أمين سر اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير» حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، ومستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي.

وتأتي زيارة عباس، تزامناً مع جولة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، التي تعد الرابعة له بالمنطقة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتشمل دولاً عدة، بينها مصر والأردن، وقطر، والضفة الغربية، وإسرائيل، وفق الخارجية الأميركية.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، إن زيارة الرئيس الفلسطيني للقاهرة «تستهدف تنسيق المواقف قبل لقاء بلينكن». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «الرئيس الفلسطيني سيبحث في القاهرة المبادرة المصرية للحل»، متوقعاً أن «يسفر اللقاء عن تبني السلطة الفلسطينية تلك المبادرة، والحديث عنها خلال الفترة المقبلة». وأعرب عن أمله في أن تتبنى الفصائل الفلسطينية جميعها، المبادرةَ المصريةَ.

ومساء الجمعة، قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، إن بلاده تقدمت بإطار مقترح يتكون من 3 مراحل، لوقف إطلاق النار في غزة، ضمن جهود الوساطة السياسية. وأشار في تصريحات متلفزة، إلى أن «المقترح المصري أُرسل إلى الأطراف المباشرة والشركاء الدوليين بعد مناقشات عدة مع الأطراف الفلسطينية المعنية على مدى جلسات طويلة في القاهرة». لكنه لفت إلى عدم تلقي مصر أي ردود، سواء بالرفض أو القبول حتى اليوم السابق لاغتيال القيادي في حركة «حماس» صالح العاروري، في بيروت الأسبوع الماضي.

بدوره، أكد خبير الشؤون الإسرائيلية في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، سعيد عكاشة، أنه «ليس هناك خط ثابت للوساطة المصرية في أزمة غزة»، موضحاً في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل لا تزال تقصف المناطق السكنية، وهو ما يوتر الأجواء ويقلل فرص التفاوض»، لكنه استدرك أن «جهود الوساطة المصرية والتفاوض لا تتوقف على مستوى الأطقم الفنية لجميع الأطراف، في حين يعمل السياسيون على امتصاص ردود الفعل في الشارع»، لافتاً إلى أن «حوادث مثل اغتيال العاروري تسبب حرجاً للوسطاء، وربما تعطل الجهود السياسية بعض الشيء، وإن استمرّت المفاوضات في الجانب الفني».

وأكد عكاشة «استمرار الجهود المصرية لوقف إطلاق النار في غزة، والوصول إلى حل نهائي للصراع، والسعي للحصول على دعم أميركي لمقترحها»، موضحاً: «هناك توافق بين القاهرة وواشنطن على ضرورة إنهاء الصراع، لكن الأولى تريد ذلك على مرحلة واحدة، بينما تسعى الأخيرة لتنفيذه على مرحلتين». وأشار إلى أن «الضغط الأميركي على إسرائيل ضروري؛ للوصول إلى هذا الحل».

في هذا السياق، نقل موقع «أكسيوس» الأميركي، (الأحد)، عن مسؤولين قطريين، قولهم إن «مقتل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) صالح العاروري، جعل التفاوض مع (حماس) أكثر صعوبة»، وإن «رئيس الوزراء القطري ومسؤولين آخرين أبلغوا أفراد عائلات 6 رهائن أميركيين وإسرائيليين بذلك».

وبشأن تصريحات قطر عن صعوبة التفاوض مع حركة «حماس» عقب اغتيال العاروري، قال عكاشة إن «هذه التصريحات لها أهداف سياسية للضغط على إسرائيل».

واتفق معه الرقب، مؤكداً أنها «وسيلة للضغط على إسرائيل لتغيير مواقفها بشأن عدد الأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم في إطار الحل السياسي». ولفت الرقب إلى «صعوبة المفاوضات في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي»، لكنه أكد أن «الأبواب لم تُغلق، وجهود الوساطة مستمرة وإن لم تكن سهلة».

في سياق متصل، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، عن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، (الأحد)، قوله إن «بلاده لن تتوقف حتى تنتصر... لدينا رسالة واضحة لأعدائنا، وهي أن ما حدث في السابع من أكتوبر لن يتكرر مرة أخرى».

واستضافت القاهرة، الشهر الماضي، وفوداً من حركتَي «حماس» و«الجهاد»، حيث تم إجراء محادثات حول المقترح المصري لوقف الحرب، وكانت هيئة البث الإسرائيلية «مكان» نقلت، الأسبوع الماضي، أن مصر أبلغت الحكومة الإسرائيلية بتجميد مشاركتها في الوساطة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، رداً على اغتيال العاروري، إلا أن مصدراً مصرياً رفيع المستوى أفاد في تصريحات تناقلتها وسائل إعلام مصرية، يوم الأربعاء، بأنه «لا يوجد بديل عن المسار التفاوضي لحل الأزمة في قطاع غزة».

وتبذل مصر وقطر والولايات المتحدة جهوداً للوساطة في الحرب الدائرة في قطاع غزة. وتم إطلاق سراح ما مجموعه 105 رهائن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في إطار اتفاق تهدئة بين حركة «حماس» وإسرائيل بوساطة مصرية - قطرية، وفي المقابل أطلقت إسرائيل سراح 240 أسيراً فلسطينياً من السجون الإسرائيلية.


مقالات ذات صلة

دير البلح تدخل دائرة الإخلاء... هل تهدف إسرائيل لشق محور جديد؟

المشرق العربي جثث فلسطينيين قُتلوا وهم في انتظار دخول شاحنات مساعدات إلى شمال غزة عبر موقع زيكيم يوم الأحد (أ.ب)

دير البلح تدخل دائرة الإخلاء... هل تهدف إسرائيل لشق محور جديد؟

فاجأت إسرائيل سكان مناطق في دير البلح بطلب الإخلاء لعملية أمنية موسعة، في حين سقط أكثر من 70 قتيلاً في أثناء انتظار مساعدات بأجزاء مختلفة من القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأحمد أبو الغيط (الرئاسة المصرية)

مصر و«الجامعة العربية» تبحثان جهود وقف إطلاق النار في غزة

بحثت مصر وجامعة الدول العربية جهود وقف إطلاق النار في غزة. والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم البابا ليو بابا الفاتيكان (أ.ف.ب)

بابا الفاتيكان يدعو لإنهاء «وحشية الحرب» في غزة

دعا البابا ليو، بابا الفاتيكان، الأحد، إلى وضع حدٍّ «لوحشية الحرب»، معبِّراً عن ألمه العميق إزاء الغارة الإسرائيلية على الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة بغزة.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)
المشرق العربي جنود من الجيش الإسرائيلي داخل أحد المنازل خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة (الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يصدر أمر إخلاء للمدنيين وسط غزة استعداداً لـ«توسيع» عملياته

أصدر الجيش الإسرائيلي أمر إخلاء «فوري» للفلسطينيين وسط قطاع غزة تمهيدا لتوسيع عملياته ضد مقاتلي حركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي طفل فلسطيني عمره عامان يعاني من سوء التغذية الحاد نتيجة حصار قطاع غزة (إ.ب.أ)

وفاة طفلة فلسطينية نتيجة سوء التغذية في غزة

توفيت طفلة فلسطينية، اليوم الأحد، جوعاً بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء في قطاع غزة، في الوقت الذي يعاني فيه آلاف الفلسطينيين من تداعيات المجاعة في القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة )

حزب صالح يستعرض في صنعاء قوته الجماهيرية أمام الحوثيين

حزب «المؤتمر الشعبي العام» يستغل مراسم التشييع لاستعراض شعبيته أمام الحوثيين (إعلام محلي)
حزب «المؤتمر الشعبي العام» يستغل مراسم التشييع لاستعراض شعبيته أمام الحوثيين (إعلام محلي)
TT

حزب صالح يستعرض في صنعاء قوته الجماهيرية أمام الحوثيين

حزب «المؤتمر الشعبي العام» يستغل مراسم التشييع لاستعراض شعبيته أمام الحوثيين (إعلام محلي)
حزب «المؤتمر الشعبي العام» يستغل مراسم التشييع لاستعراض شعبيته أمام الحوثيين (إعلام محلي)

استغل جناح حزب «المؤتمر الشعبي العام» في مناطق سيطرة الحوثيين تشييع أحد قادته لاستعراض قوته الجماهيرية، واحتشد الآلاف من أنصاره معبرين عن السخط الشعبي على الجماعة ورفض التضييق على الحزب الذي أسسه الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.

وشارك آلاف المنتمين إلى «المؤتمر الشعبي» وزعماء القبائل والوجهاء وشخصيات سياسية في موكب تشييع القيادي في الحزب وعضو البرلمان، الزعيم القبلي زيد أبو علي، الذي توفي الخميس بصورة مفاجئة بعد أيام من إدلائه بتصريحات انتقد فيها بشدة نفوذ وسيطرة الجماعة الحوثية.

وانطلق الموكب من وسط صنعاء يوم السبت وصولاً إلى محافظة المحويت (نحو 100 كيلومتر غرب صنعاء) وهي مسقط رأس القيادي أبو علي.

يأتي الاستعراض الجماهيري لجناح «المؤتمر» في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، بعد أشهر من استعراض مماثل في تشييع القيادي في الحزب والزعيم القبلي ناجي الجدري في مديرية بني الحارث المجاورة لصنعاء.

جثمان أبو علي يغادر جامع الصالح ملفوفاً بعلم البلاد (إعلام محلي)

القيادي المؤتمري والبرلماني أبو علي بحدة انتقد سلطة الجماعة الحوثية، وقال في لقاء تلفزيوني مع إحدى المحطات المحلية، يُنتظر أن تُذيع نصه الكامل لاحقاً، إن «الموت أهون من القبول بحكم رجعي».

موقف مناهض للجماعة

يعدّ حديث أبو علي أقوى موقف معلن من قبله تجاه الجماعة التي تسيطر على أجزاء واسعة من شمال البلاد، رغم أن عائلته عُرفت بموقفها المناوئ لأسلاف الحوثيين، وانخرطت في القتال إلى جانب النظام الجمهوري في ستينات القرن الماضي.

أبو علي هو أقدم برلماني وعرف بموقفه المناهض لمشروع الحوثيين (إعلام محلي)

وبدأت مراسم تشييع أبو علي من جامع الصالح وسط صنعاء، الذي يحتل رمزية سياسية لدى قيادة الحزب وأنصاره، لأنه بُني على نفقة الرئيس الراحل خلال فترة حكمه، وهو الجامع الذي عمل الحوثيون على تغيير اسمه إلى «جامع الشعب».

ولا تلقى هذه التسمية الحوثية للجامع اعترافاً شعبياً، رغم حرص الجماعة على تحويله إلى مركز لنشر معتقداتها الطائفية، واستخدامه موقعاً للاحتفاء بمناسباتها الخاصة.

وأدى الآلاف صلاة الجنازة على جثمان البرلماني الراحل، الذي لُفّ بالعلم الوطني تعبيراً عن تمسكه وجناح الحزب بالنظام الجمهوري، حيث يتهم الحوثيون من قبل قطاع عريض من الشعب اليمني بمحاولة إعادة نظام أسلافهم الذي أُطيح به في مطلع ستينات القرن الماضي.

وحرص أنصار حزب «المؤتمر» ومناهضو الحوثيين من النشطاء والسياسيين على إعادة نشر آخر العبارات التي وردت في مقابلة الرجل بهدف إظهار تأييده النظام الجمهوري، وعدم مساندته الجماعة الحوثية برغم بقائه في مناطق سيطرتها.

إشادات بالفقيد

عقب الصلاة، انطلق الموكب الجنائزي الضخم باتجاه مديرية الطويلة التابعة لمحافظة المحويت، واصطفت عشرات السيارات في الموكب، وتمت مواراة جثمانه الثرى هناك، بينما استقبلت عائلته وسكان منطقته حشود المشاركين بالتقاليد القبلية المعروفة، وأقامت أول أيام العزاء هناك، على أن يتم استكمال مجالس العزاء في صنعاء بعد ذلك ولمدة يومين.

وأثنى رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي، على مواقف البرلماني الراحل ومقاومته المشروع الإمامي، في حين أشاد نائب الرئيس الأسبق، اللواء علي محسن صالح، بشجاعته وصلابة موقفه ضد مشروع الإمامة خلال عمله السياسي، وأدواره المشهودة في إصلاح ذات البين وخدمة المجتمع.

زعماء القبائل يتقدمون تشييع القيادي المؤتمري أبو علي (إعلام محلي)

كما أثنى على تلك المواقف رئيس مجلس الشورى اليمني، أحمد عبيد بن دغر، الذي وصف القيادي المؤتمري الراحل بالشخصية البرلمانية بارزة التي أسهمت بفاعلية في خدمة الوطن والمجتمع، والعمل على ترسيخ قيم الحوار والوحدة.

من جهته، أشاد رئيس جناح «المؤتمر الشعبي العام» في مناطق سيطرة الحوثيين، صادق أبو رأس، بمناقب أبو علي ودوره النضالي الوطني والتنظيمي، وقال إنه كان نموذجاً للبرلماني الذي اكتسب خبرة واسعة منذ وصوله إلى عضوية مجلس «الشعب التأسيسي» عام 1982.

ونوه أبو رأس إلى أن أبو علي ظل يفوز بعضوية مجلس النواب عن حزب «المؤتمر» في كل الدورات الانتخابية، حتى نال لقب «عميد البرلمانيين»، ووصفه بأنه نموذج يُحتذى للبرلماني الملتزم حتى رحل عن الدنيا، بعد أن كان أحد مؤسسي الحزب عام 1982م، وأسهم في تطوير العمل التنظيمي والسياسي للمؤتمر، سواءً بصفته عضواً في كتلته البرلمانية أو على المستوى الداخلي، حيث وصل إلى عضوية اللجنة العامة (المكتب السياسي).