استحقاقات مالية ونقدية داهمة في لبنان

رغم طغيان يوميات الحرب والتهديدات بتوسعها

هل يقطع المجلس النيابي الطريق أمام الحكومة لإقرار مشروع الموازنة بمرسوم؟ (المجلس النيابي)
هل يقطع المجلس النيابي الطريق أمام الحكومة لإقرار مشروع الموازنة بمرسوم؟ (المجلس النيابي)
TT

استحقاقات مالية ونقدية داهمة في لبنان

هل يقطع المجلس النيابي الطريق أمام الحكومة لإقرار مشروع الموازنة بمرسوم؟ (المجلس النيابي)
هل يقطع المجلس النيابي الطريق أمام الحكومة لإقرار مشروع الموازنة بمرسوم؟ (المجلس النيابي)

تكتسب مجموعة من الاستحقاقات المالية والنقدية المزيد من قوة الدفع بصفة «العجلة»، نظراً لضيق الوقت المتاح أمام السلطات اللبنانية المعنيّة للبت فيها، رغم الأولوية التي تحوزها مهام مواكبة يوميات المواجهات العسكرية المستمرة في الجنوب، وما يرافقها من تهديدات بالتوسع إلى حرب شاملة أو التوصّل إلى تسوية سياسية مرتبطة بتطورات الحرب في غزة.

وتشكل بداية الشهر المقبل موعداً متزامناً لجلاء المقاربات والقرارات الخاصة بهذه الاستحقاقات الداهمة، بما يعكس الترابط الضمني لموضوعاتها ومواقيتها ونتائجها المرتقبة على المشهدين المالي والنقدي، فيما تتوزّع مسؤوليات القرار استطراداً، بين المجلس النيابي والحكومة وحاكمية البنك المركزي، فضلاً عن تداخل تلقائي للهيئات الاقتصادية والنقابية، وللجهازين المصرفي والمالي.

ويؤكد مسؤول مالي رفيع لـ«الشرق الأوسط»، مفضلاً عدم الكشف عن اسمه، أن مسار مشروع قانون الموازنة العامة لا يتصدر قائمة العناوين المالية الملحّة فحسب، بل يتكفل بتحديد وجهة قضايا شائكة لا تقل أهمية وتأثيراً على المنحى الاقتصادي العام وتوقعاته المستقبلية، وخصوصاً اعتماد سعر موحد لصرف الليرة يرتكز تلقائياً على التعديل المحدث لسعر منصة «صيرفة»، الذي تساوى مع السعر الواقعي البالغ 89.5 ألف ليرة لكل دولار أميركي.

دور المجلس النيابي

ومع قرب انتهاء المهلة الدستورية المحددة بنهاية الشهر الحالي لإقرار الموازنة، يبرز في مواقف ومداولات الكتل النيابية شبه توافق يتوقع أن يتقدّم أكثر خلال الفترة الفاصلة عن بداية الشهر المقبل، لتسريع التشريع، متضمناً التعديلات الجوهرية التي تواظب لجنة المال والموازنة على إدخالها في مجمل الأبواب والبنود المدرجة، متوخية تنقية الموازنة المطروحة من الفجوات والشوائب.

ومن شأن هذه التوجهات النيابية، في حال بلورتها بإقرار المشروع المعدّل من قبل الهيئة العامة للمجلس، قطع الطريق القانونية المتاحة أمام الحكومة لإصدار المشروع بمرسوم، وبصيغته الأصلية، من دون الأخذ بالتعديلات المقترحة من قبل لجنة المال والموازنة، أو الاعتراضات الشديدة التي أبدتها الهيئات الاقتصادية وقطاعات الأعمال، وذلك بالاستناد إلى مضمون المادة 86 من الدستور التي تنصّ صراحةً على أنه في حال لم يبتّ مجلس النواب نهائياً بمشروع الموازنة بعد انتهاء المهلة المحدّدة، يحقّ لمجلس الوزراء أن يتّخذ قراراً "يُصدر بناءً عليه، رئيس الجمهورية" مرسوماً بجعل الموازنة العامة نافذة.

ويشير المسؤول المالي إلى الأهمية المضافة والاستثنائية التي يعكسها المشروع على الميدان النقدي، لا سيما بعد الربط المعلن من قبل حاكم البنك المركزي وسيم منصوري لسعر صرف السحوبات من دولارات الودائع المصرفية بإقرار الموازنة، علماً بأن وزارة المال تجنّبت في النص الأصلي، الذي أقرته الحكومة، التطرق إلى المسألة الشائكة المتعلقة بتوحيد أسعار الصرف. كما أغفلت، ومن دون تبرير، ذكر أي توقعات للنمو الاقتصادي ومعدلات التضخم.

وفي الحيثيات، اكتفت وزارة المال باقتراح قبول سداد ضرائب ورسوم من قبل الحسابات الدولارية للمودعين، بما يوازي 40 في المائة من سعر دولار صيرفة، فيما عمدت إلى تسعير مجمل موارد الخزينة بالسعر التام، أي 89.5 ألف ليرة.

وبينما لم يقدم البنك المركزي على أي تدبير يخص انتهاء العمل بنهاية العام الماضي بمفعول التعميم رقم 151 الصادر عنه، الذي يتيح للمودعين إجراء سحوبات نقدية محددة بسقف 1600 دولار شهرياً، يتم تصريفها بسعر 15 ألف ليرة لكل دولار، رصدت «الشرق الأوسط» استمرار المصارف بإتاحة استمرار العمل ضمناً بالتعميم، مقابل انكفاء كبير للعملاء عن تنفيذ السحوبات ترقباً للربط الموعود مع السعر الساري على منصة صيرفة، بما يقيهم تكبد خسائر تناهز 83 في المائة من القيمة الدفترية للمبلغ المتاح سحبه.

تصعيد قانوني من المصارف تجاه الدولة

وفي توقيت متزامن أيضاً، كان القطاع المصرفي قد حدد ضمناً موعداً حاسماً للتصعيد القانوني مع الدولة، عبر رفع شكوى لدى «مجلس شورى الدولة»، بُعيد انقضاء المهلة الزمنية للرد على مذكرة «ربط نزاع» تحت طائلة اللجوء إلى القضاء الإداري، وموجهة إلى وزارة المالية بغية إلزام الدولة بتنفيذ موجباتها القانونية والتعاقدية تجاه مصرف لبنان، عن طريق التسديد الفوري إلى المصرف المركزي للمبالغ المستحقة بذمتها تجاهه.

وترتكز الشكوى إلى حقيقة أن المصارف المستدعية هي دائنة لمصرف لبنان ومتضررة من عدم مطالبته الدولة اللبنانية بديونها. ولذا، فهي تطلب إلزام الدولة بتسديد ديونها والتزاماتها إلى البنك المركزي لكي يتمكّن بدوره من تسديد التزاماته إلى المصارف، وبالتالي تتمكّن هي من إعادة أموال المودعين.

وتؤكد المصارف المتضررة التي بادرت إلى رفع المذكرة، أن توظيفاتها المالية التي أودعتها في مصرف لبنان هي أموال المودعين، سواءً تم ذلك بإرادتها أو بقوة التعاميم والقرارات التي كان يصدرها «المركزي»، وهي ملزمة للمصارف. وهو ما اقتضى تضمين المذكرة السرد المفصّل للطريقة التي أدّت إلى تجميع الخسائر في البنك المركزي، من خلال استخدام الدولة للأموال.

ووفق توضيحات مصرفية، فإن الأساس هو القانون المتعلق بالانتظام المالي الذي يفترض أن يوزّع المسؤوليات بطريقة عادلة. وبذلك، فإن الودائع لدى البنوك مؤمَنة بالكامل إذا قامت الدولة بتنفيذ موجبها القانوني بتغطية العجز في المصرف المركزي وفق القوانين المرعية الإجراء، لا سيما المادة 113 من قانون النقد والتسليف، علماً بأن الجزء الوازن من المسؤولية يقع على عاتق الدولة التي تسبّبت بممارساتها وعجزها المالي المتراكم بخلق عجز كبير في ميزانية البنك المركزي.


مقالات ذات صلة

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.