هل يمثل «الاحتلال الإسرائيلي» المحتمل لـ«فيلادلفيا» انتهاكاً لـ«اتفاقية السلام»؟

غضب مصري إزاء تصريحات نتنياهو حول السيطرة على المحور الحدودي

سائقو شاحنات المساعدات المصرية يعودون بعد فحص وثائقهم قبل دخول غزة عند معبر كرم أبو سالم في إسرائيل (رويترز)
سائقو شاحنات المساعدات المصرية يعودون بعد فحص وثائقهم قبل دخول غزة عند معبر كرم أبو سالم في إسرائيل (رويترز)
TT

هل يمثل «الاحتلال الإسرائيلي» المحتمل لـ«فيلادلفيا» انتهاكاً لـ«اتفاقية السلام»؟

سائقو شاحنات المساعدات المصرية يعودون بعد فحص وثائقهم قبل دخول غزة عند معبر كرم أبو سالم في إسرائيل (رويترز)
سائقو شاحنات المساعدات المصرية يعودون بعد فحص وثائقهم قبل دخول غزة عند معبر كرم أبو سالم في إسرائيل (رويترز)

أثارت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، السبت، والتي عبَّر فيها عن رغبة إسرائيل في السيطرة على منطقة «محور فيلادلفيا» بشكل كامل، غضباً مصرياً على مستوى واسع، بوقت لم تصدر فيه القاهرة أي تعليقات رسمية على التصريحات، التي جاءت بعد أسابيع من تسريبات مشابهة منسوبة لمسؤولين إسرائيليين.

وقال نتنياهو في مؤتمر صحافي، السبت: «محور فيلادلفيا - أو بعبارة أدق نقطة التوقف الجنوبية (في غزة) - يجب أن يكون تحت سيطرتنا. يجب إغلاقه. من الواضح أن أي ترتيب آخر لن يضمن نزع السلاح الذي نسعى إليه».

تصريحات نتنياهو جاءت بعد وقت قصير من دعوة أفيغدور ليبرمان وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، للسيطرة الأمنية على جنوب القطاع، داعياً إلى «تدمير محور فيلادلفيا؛ ما سيجبر نحو 1.5 مليون من سكان القطاع على المغادرة إلى سيناء طواعية»، وفق تعبيره.

و«محور فيلادلفيا» أو «محور صلاح الدين»، يمتد على الشريط الحدودي بين مصر وغزة بطول 14 كيلومتراً، ويدخل ضمن «اتفاقية السلام» الموقَّعة بين مصر وإسرائيل عام 1979، ويقع ضمن المنطقة (د) في الشريط الحدودي التي تتضمن أعداداً محددة من العسكريين والأسلحة.

وتتهم إسرائيل حركة «حماس» بحفر أنفاق عدة تحت المحور، تهرب من خلالها الأسلحة، وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن «(حماس) قد تستغل الأنفاق من أجل تهريب قياداتها خارج القطاع وتحديداً إلى سيناء»، لكن مصر نفت وجود أي أنفاق على الشريط الحدودي.

ودعا النائب البرلماني مصطفى بكري في تدوينة عبر حسابه على منصة «إكس» لـ«رد مصري حاسم» على تصريحات نتنياهو، مؤكداً أن التهديد باحتلال «محور فيلادلفيا» «يجب أن يقابله احتجاج رسمي وتحذير معلن لما يمثله من اختراق لاتفاقية السلام، واعتداء على السيادة المصرية».

ويؤكد اللواء سمير فرج، مدير الشؤون المعنوية الأسبق بالقوات المسلحة المصرية، أن «غياب وزير الدفاع ورئيس الأركان الإسرائيليين عن مؤتمر نتنياهو ورفضهما المشاركة أمر يعكس بوضوح أن ما قاله لا يتجاوز رأياً شخصياً ومرتبطاً بسياق بقية حديثه عن طول فترة الحرب التي قد تستمر شهوراً».

وأكد فرج لـ«الشرق الأوسط» أن «التصريحات بمثابة محاولة لتهدئة الداخل الإسرائيلي، وإطالة زمن القتال لتجنب محاسبته سياسياً عن الإخفاقات التي حدثت»، لافتاً إلى أن ما تحدث به بمثابة «مخالفة لبعض التفاصيل الخاصة بالاتفاقات الموقعة بين البلدين، لكن لا تمس السيادة المصرية على أساس أن المحور بالكامل داخل الأراضي الفلسطينية».

ويشدد مدير الشؤون المعنوية الأسبق على «المسؤولية الضمنية» للولايات المتحدة بوصفها ضامناً لاتفاقية السلام بين البلدين، مشيراً إلى أن الدور الدبلوماسي سيكون الأكبر للتعامل مع «المخالفة الإسرائيلية».

لكن الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية يرى أن تصريحات نتنياهو تأتي «استكمالاً للقرارات الإسرائيلية المنفردة داخل غزة، وهو أمر مرفوض في هذه الحالة شكلاً وموضوعاً لوجود اتفاقات ملزمة بين الطرفين يجب الالتزام بها وعدم مخالفتها؛ حتى لا يجري الوصول لمرحلة (الخيارات الصفرية)؛ ما يؤدي لتوتر العلاقات بين القاهرة وتل أبيب».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن العمليات العسكرية تجاه المناطق الحدود «منضبطة» حتى الآن، مؤكداً أن «مصر ترفض الدخول بأي تفاصيل متعلقة بأمرين أساسيين، الأول مرتبط باستراتيجية الجانب الواحد والحديث عن منطقة عازلة أو ما شابه من مقترحات، والثاني الخاص بالاتفاقات الموقعة بين البلدين بشأن المنطقة الحدودية».

ويصف سعيد عكاشة الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية التصريحات الإسرائيلية بـ«غير المسؤولة»، مرجعاً موقف رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى «ضغوط الحرب» ومحاولته إظهار أن هدفه «توفير الأمن للمواطن الإسرائيلي»، مؤكداً أن «مثل هذه التصريحات يمكن بالفعل أن تسبب أزمة بين البلدين، وهو الأمر الذي لن يكون من مصلحة أحد على الإطلاق».

ويتوقع الخبير بمركز الأهرام نجاح الاتصالات بين القاهرة وتل أبيب في احتواء تداعيات هذه التصريحات من خلال التنسيق الأمني المشترك بين البلدين بما يضمن تحقيق الاشتراطات الأمنية التي تؤكد استقرار الوضع الأمني على الشريط الحدودي.

وبدوره، يرى النائب البرلماني ضياء الدين داود أن «الاحتكاك الإسرائيلي بمصر في هذا التوقيت يجعل القاهرة مطالبة باتخاذ تدابير احترازية، وفرض هيمنتها على المنطقة الحدودية لمنع حدوث هذه (الحماقة)».

وقال داود لـ«الشرق الأوسط» إن التهديد الإسرائيلي بالسيطرة على «محور فيلادلفيا» بمثابة «مقامرة» يمكن أن تهدد باستقرار السلام في المنطقة، متوقعاً دوراً أكبر لقوى سياسية دولية وإقليمية من أجل تجنب الوصول لهذه النقطة.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تقتل عشرات في غزة... ومصر تستضيف قادة من «حماس» لمناقشة وقف النار

المشرق العربي فلسطينيون يسيرون بجوار مبانٍ مدمرة بهجمات إسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

إسرائيل تقتل عشرات في غزة... ومصر تستضيف قادة من «حماس» لمناقشة وقف النار

قال مسعفون إن ما لا يقل عن 40 فلسطينياً لقوا حتفهم في ضربات للجيش الإسرائيلي في غزة، في حين تلقت جهود إحياء محادثات وقف إطلاق النار في غزة دفعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)

بن غفير يحث نتنياهو على مواصلة القتال في لبنان واحتلال غزة

دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى مواصلة القتال في لبنان، رغم اتفاق وقف النار، الذي دخل حيز التنفيذ الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج رجل يُلوّح بعَلم لبنان بمدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة بوقف إطلاق النار في لبنان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (رويترز) play-circle 00:29

كاتس: إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في غزة هو الهدف الأبرز بعد وقف النار بلبنان

قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن الهدف الأبرز لتل أبيب بعد وقف إطلاق النار في لبنان يتمثل بصفقة جديدة للإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مستوطنون يرقصون في مؤتمر يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة 21 أكتوبر الماضي (تايمز أوف إسرائيل)

سموتريتش يدعو مجدداً إلى تهجير نصف سكان غزة

دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، مجدداً، إلى احتلال قطاع غزة، وتشجيع نصف سكانه البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة على الهجرة خلال عامين.

كفاح زبون (رام الله)

الحوثيون يؤكدون استمرار «العمليات بالصواريخ والمسيّرات» ضد إسرائيل

مناصرون لجماعة الحوثي المتمردة يرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض لإسرائيل في صنعاء (إ.ب.أ)
مناصرون لجماعة الحوثي المتمردة يرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض لإسرائيل في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يؤكدون استمرار «العمليات بالصواريخ والمسيّرات» ضد إسرائيل

مناصرون لجماعة الحوثي المتمردة يرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض لإسرائيل في صنعاء (إ.ب.أ)
مناصرون لجماعة الحوثي المتمردة يرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض لإسرائيل في صنعاء (إ.ب.أ)

أكد زعيم المتمردين اليمنيين عبد الملك الحوثي، اليوم (الخميس) استمرار الهجمات التي تشنها قواته «بالصواريخ والمسيرات» ضد إسرائيل مهدداً بهجمات «أقوى وأكبر»، غداة بدء سريان وقف لإطلاق النار بين الدولة العبرية و«حزب الله» في لبنان.

وقال زعيم الحوثيين المدعومين من إيران في كلمة بثتها قناة «المسيرة» إنّ «العمليات من جبهة اليمن المساندة للشعب الفلسطيني بالقصف بالصواريخ والمسيّرات على العدو الإسرائيلي مستمرة».

وأطلق المتمردون الحوثيون في اليمن طائرات مسيّرة وصواريخ على إسرائيل بشكل منتظم منذ بدء حرب غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

كما استهدفوا سفن شحن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متوجهة إليها في البحر الأحمر وخليج عدن، ما أدى إلى تعطيل هذا الطريق التجاري الحيوي بشكل كبير.

ووفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال الحوثي «آمل من الجميع في الجيش وعلى المستوى الشعبي أن ندرك مسؤوليتنا لنبذل الجهد ونستعين بالله ليعيننا على فعل ما هو أقوى وأكبر ضد العدو الإسرائيلي».

وفي السياق ذاته، أفاد تلفزيون «المسيرة» التابع للحوثيين، مساء اليوم (الخميس)، بأن طائرات أميركية وبريطانية شنت غارتين على محافظة الحديدة في غرب اليمن.

وأوضح التلفزيون أن الغارتين استهدفتا مديرية باجل، دون ذكر مزيد من التفاصيل.