الحوثيون يستولون على ثلثي الحوالات المالية من السكان

البنوك التجارية تبدأ بنقل أنشطتها إلى مناطق سيطرة الحكومة

يدير الحوثيون المؤسسات الخاضعة لهم بطريقة رجال العصابات بعيداً عن القوانين (إ.ب.أ)
يدير الحوثيون المؤسسات الخاضعة لهم بطريقة رجال العصابات بعيداً عن القوانين (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يستولون على ثلثي الحوالات المالية من السكان

يدير الحوثيون المؤسسات الخاضعة لهم بطريقة رجال العصابات بعيداً عن القوانين (إ.ب.أ)
يدير الحوثيون المؤسسات الخاضعة لهم بطريقة رجال العصابات بعيداً عن القوانين (إ.ب.أ)

في حين تعيش البنوك التجارية اليمنية في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل شبه تام بعد قرار منع الأرباح التجارية، والاستيلاء على أرباح الودائع، ذكرت مصادر تجارية أن السكان يخسرون ثلثي الحوالات المالية التي تصلهم من أقاربهم المغتربين في الخليج والولايات المتحدة، أو المساعدات النقدية التي يحصلون عليها من المنظمات الإغاثية.

وذكر 3 من العاملين في البنوك التجارية في صنعاء، المختطفة من الحوثيين، لـ«الشرق الأوسط» أن البنوك تعيش حالة شلل تمام منذ أن قررت الجماعة منع الأرباح على الودائع، بحجة «مكافحة الربا»، والاستيلاء على أرباح تلك الودائع والدين الداخلي.

عطلت قرارات الحوثيين في اليمن عمل البنوك التجارية (إعلام حكومي)

المصادر قالت إن مجموعة من البنوك بدأت العمل على تشكيل إدارات إقليمية منفصلة في مناطق سيطرة الحكومة حتى تتمكّن من ممارسة أنشطتها البنكية المتعارف عليها عالمياً، ووفقاً للقوانين اليمنية النافذة.

وأفادت المصادر بأن الإدارات الإقليمية سيكون مقرها العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، وبأن هذه البنوك فتحت الباب أمام الودائع والقروض، وتمويل المشروعات للسكان جميعاً، حتى أولئك الذين يعيشون في مناطق سيطرة الحوثيين.

بدوره، أكد مصدر في «جمعية البنوك اليمنية» أن المودعين، خصوصاً الشركات والقطاع الخاص وحتى بعض الأفراد، توجهوا لإيداع أموالهم في فروع البنوك بالمحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة، وأن العمل مع الاقتصاد الخارجي سيجبر البنوك على نقل جزء من إدارة المعاملات والاستثمارات البنكية إلى فروعها في تلك المحافظات.

ورأى المصدر أن هذه الخطوة ستؤدي إلى عزل النظام المصرفي في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين عن التعاملات المصرفية؛ لأن القانون لا يسمح لها بالعمل. وتوقّع أن يقوم فرع البنك المركزي بصنعاء بفرض سياسات إجبار البنوك في مناطق سيطرتهم على إجراء بعض العمليات المصرفية من هناك، وذلك سيعقّد العلاقة بين البنوك التجارية والبنك المركزي.

استولى الحوثيون على الودائع وأرباح الدين الداخلي بحجة منع الربا (إعلام حوثي)

وسينخفض حجم الأنشطة المصرفية بشكل كبير في مناطق سيطرة الحوثيين - بحسب المصدر- وسيبدأ الانهيار في النظام المصرفي، وهو ما يمكن أن يضطر معه الحوثيون لإعادة النظر في (القانون غير الشرعي) أو تجميد تنفيذه لحين وضع معالجات بديلة تسمح بالاستثمار وتعزز البدائل في المعاملات البنكية.

تضرر مليوني شخص

وفق ما ذكرته المصادر المصرفية، فإن نحو مليوني شخص تضرروا من قرار الحوثيين لأنهم كانوا يعتمدون على أرباح ودائعهم لدى البنوك التجارية في تغطية نفقاتهم المعيشية بعد قطع المرتبات منذ نهاية عام 2016، وإن أعداداً أخرى من السكان يفقدون نحو ثلثي التحويلات المالية التي تُرسل لهم من أقاربهم المغتربين في دول الخليج والولايات المتحدة الأميركية.

المصادر بيّنت أن فرع البنك المركزي في صنعاء، الخاضع لسيطرة الحوثيين، يحتسب سعر الدولار في معاملاته بمبلغ 1350 ريالاً يمنياً. في حين يفرض سعراً آخر في السوق بقيمة 530 ريالاً، وأن هذا جعل آلاف الأسر تخسر ثلثي ما يصلها من حوالات، وأن الأمر امتد إلى المساعدات النقدية التي توزع لعشرات الآلاف من السكان، حيث تلتزم المنظمات الإغاثية بسعر الدولار الذي فرضه الحوثيون.

عامل يعد النقود في أحد محلات الصرافة في صنعاء (إ.ب.أ)

وطبقاً لهذه المصادر، فإن معاناة الأسر التي تعيش في مناطق سيطرة الحوثيين تمتد إلى تلك التي يعمل أقاربها في مناطق سيطرة الحكومة، حيث فرضت الجماعة الانقلابية، وبالاتفاق مع كبرى شركات الصرافة، الدولار الأميركي عملةً للتحويل بدلاً عن الريال اليمني، وتطبق عليها النظام نفسه المتبع مع الحوالات الخارجية والمساعدات النقدية.

وأكدت المصادر أن شركات الصرافة، وبالتواطؤ مع فرع البنك المركزي في صنعاء، ترفض إعطاء المستفيد مبلغ الحوالة بالدولار الأميركي أو الريال السعودي، وتقوم بإعطائه قيمتها بالعملة المحلية ووفقاً للسعر المفروض من قبل ما تُسمى «اللجنة الاقتصادية»، التي شكّلها الحوثيون وتتولى الإشراف على عمل البنوك وتحصيل العائدات، وتحدد كيفية إنفاق الأموال.

تعطيل الأحكام

كشفت مصادر بنكية في صنعاء أن مدير مكتب مجلس الحكم الحوثي الانقلابي، أحمد حامد (أبو محفوظ)، أمر فرع البنك المركزي هناك بوقف تنفيذ أحكام القضاء ضد الجهات الحكومية بشكل كامل، وإلى ما بعد انتهاء الحرب. وحدد الرجل الذي يوصف بأنه الحاكم الفعلي لحكومة الانقلاب، ما على فرع البنك المركزي فعله بشأن التوقف عن تنفيذ أي أحكام قضائية بالحجز على أموال الجهات الحكومية لصالح أي طرف.

توجيه حوثي بوقف تنفيذ الأحكام القضائية (إكس)

البرلماني المعارض أحمد سيف حاشد، ذكر أن رفض ما يُسمى «مجلس نواب صنعاء» تعديل النص القانوني الذي يوقف تنفيذ الأحكام واجبة النفاذ، التي تصدر ضد الدولة، لإخلاله بمبدأ العدالة والمساواة، كان وراء صدور مثل هذه الأوامر، وأكد أن تعطيل الأحكام جريمة يعاقب مرتكبها بالسجن وفقاً للقانون النافذ.

وأكد حاشد أن الحوثيين يرتكبون الجرائم كل يوم «بخفة واستخفاف» بحق المواطن، وتساءل عمّن يمكنه محاكمتهم، أو معاقبتهم، ويوقف ارتكابهم الجرائم، وجزم بأنهم لن يكونوا دولة، ولن يستطيعوا فعل ذلك حتى بعد ألف سنة.

من جهته، وصف المحامي عبد الرقيب الحيدري التوجيهات الحوثية بأنها «تصرفات عصابة»؛ لأن عدم تنفيذ أحكام القضاء جريمة يعاقب عليها القانون، وانتهاك للدستور واستغلال للسلطة.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.