هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تزيد كلفة استيراد السلع

80 % ‎من اليمنيين تحت خط الفقر

ضاعف الحوثيون من معاناة الملايين في مناطق سيطرتهم (إعلام حكومي)
ضاعف الحوثيون من معاناة الملايين في مناطق سيطرتهم (إعلام حكومي)
TT

هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تزيد كلفة استيراد السلع

ضاعف الحوثيون من معاناة الملايين في مناطق سيطرتهم (إعلام حكومي)
ضاعف الحوثيون من معاناة الملايين في مناطق سيطرتهم (إعلام حكومي)

وسط مخاوف اليمنيين من ارتفاع إضافي في أسعار السلع نتيجة هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، بينت منظمة إغاثة دولية أن أكثر من 80 في المائة من اليمنيين يعيشون حالياً تحت خط الفقر.

وذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة أن عدد الأسر في اليمن - والتي تلجأ في كثير من الأحيان إلى استراتيجيات التكيف القائمة على الغذاء - ارتفع بنسبة ثلاثة في المائة بسبب زيادة استهلاك الأطعمة الأقل تفضيلاً.

أغلق الحوثيون طرق التجارة بين المحافظات وضاعفوا من الرسوم الجمركية (إعلام حكومي)

وذكر عاملون في القطاع التجاري والتخليص الجمركي لـ«الشرق الأوسط»، أن الهجمات التي يشنها الحوثيون على السفن في البحر الأحمر تسببت في زيادة رسوم التأمين على السفن والبضائع المتجهة إلى المنطقة ومنها اليمن.

وسيضاعف ذلك - بحسب المصادر - من أسعار السلع، خاصة أن رسوم التأمين مرتفعة في الأصل إلى اليمن منذ بداية الحرب التي فجرها الحوثيون، في حين أن البلاد تستورد 90 في المائة من احتياجاتها من الخارج.

ووفق ما ذكرته المصادر، فإنه وإلى جانب ارتفاع رسوم التأمين على السفن المتوجهة إلى البحر الأحمر، فإن الحوثيين مستمرون في إغلاق طرق نقل البضائع التي تربط بين ميناء عدن ومناطق سيطرتهم وفرضهم رسوماً بنسبة 100 في المائة على السلع التي يتم استيرادها عبر الميناء الخاضع للحكومة الشرعية.

ويجعل هذا السلوك الحوثي القطاع التجاري أمام تحديات غير مسبوقة، ويزيد من أسعار السلع، ويجعل من الصعوبة على غالبية اليمنيين الحصول على المواد الغذائية لعدم القدرة على شرائها.

انتشار الفقر

تأتي هذه التطورات مع تأكيد لجنة الإنقاذ الدولية أن 80 في المائة من السكان في اليمن يعيشون تحت خط الفقر، بالإضافة إلى أن 23 في المائة من الأسر ليس لها دخل بسبب ضعف اقتصاد البلاد بشكل كبير، مما أدى إلى انتشار الفقر على نطاق واسع. وأشارت إلى أن الاحتياجات الإنسانية ستظل مرتفعة في جميع أنحاء البلاد خلال العام المقبل 2024.

تضطر ناقلات البضائع في اليمن إلى المرور عبر طرق التفافية لكنها عرضة للحوادث بشكل دائم (إعلام حكومي)

المنظمة الإغاثية حذرت من أن يؤدي ارتفاع التكاليف والمخاطر المناخية إلى زيادة في مستويات انعدام الأمن الغذائي، وسوء التغذية مع انخفاض دعم المانحين، حيث لم يتم تمويل سوى ثلث خطة الاستجابة الإنسانية للعام الجاري.

ووفق تقرير اللجنة، فإنه ورغم الارتفاع المستمر في معدلات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، فإن اليمن خرج هذا العام من المراكز الخمسة الأولى في قائمة مراقبة الطوارئ، التي ظل فيها منذ عام 2021. وذكر أن هناك انخفاضاً هائلاً في التمويل الإنساني، حيث لم تمول خطة الاستجابة لعام 2023 حتى الآن سوى بنسبة 37.8 في المائة فقط.

وأكدت لجنة الإنقاذ الدولية أن خفض التمويل أجبر المنظمات الإغاثية الكبرى على تقليص برامجها أو إلغائها، وهذا سيدفع بملايين اليمنيين الإضافيين للمعاناة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وزيادة تقويض القدرة المحدودة للخدمات الصحية على معالجة المخاطر الصحية واسعة النطاق وتفشي الأمراض.

تحسن هامشي

بدورها، أكدت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) استمرار تحسن الأمن الغذائي الموسمي في اليمن، والتي بدأت في أكتوبر (تشرين الأول) وحتى نوفمبر (تشرين الثاني)، ونبهت إلى أن ذلك بشكل هامشي ومرتبط بموسم حصاد الحبوب في المرتفعات الوسطى والمرتفعات الجنوبية وموسم الصيد المناسب في المناطق الساحلية.

أدت الجبايات الحوثية إلى مضاعفة أسعار السلع الأساسية (إ.ب.أ)

وأوضحت المنظمة، في تقرير حديث، أن الاستقرار النسبي في أسعار المواد الغذائية خلال الأشهر القليلة الماضية ساهم أيضاً في تحسن الأمن الغذائي المبلغ عنه، وأنه وتماشياً مع التحسينات في حالة الأمن الغذائي، انخفض عدد الأسر التي تلجأ إلى استراتيجيات التكيف مع الأزمات أو الطوارئ بنسبة 2 في المائة خلال الشهر الماضي، مقارنة بشهر أكتوبر.

وبحسب التقرير، ارتفع عدد الأسر التي تلجأ في كثير من الأحيان إلى استراتيجيات التكيف القائمة على الغذاء بنسبة ثلاثة في المائة، بسبب زيادة استهلاك الأطعمة الأقل تفضيلاً.

وتوقع التقرير أن تستمر مكاسب الأمن الغذائي الموسمية حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) الحالي قبل أن يبدأ الوضع في التدهور في الشهرين الأولين من العام المقبل. ومع ذلك، فإن التقرير يتوقع حدوث إرجاء مؤقت خلال شهر رمضان وعيد الفطر في شهري مارس (آذار) وأبريل (نيسان) المقبلين.


مقالات ذات صلة

العالم العربي 4.2 مليون يمني يقيمون في مناطق معرّضة لخطر «تدهور الأمن الغذائي الأسوأ»... (إ.ب.أ)

مساعدات أممية نقدية لـ1.43 مليون عائلة يمنية

ذكرت «منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (يونيسيف)» أن أكثر من 1.43 مليون أسرة تلقت مساعدات نقدية في إطار مشروع «الحوالات النقدية غير المشروطة».

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي اجتماع حوثي في صنعاء لما تسمى «اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات» (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يضيفون «7 أكتوبر» إلى قائمة مناسباتهم الاحتفالية

أضافت الجماعة الحوثية ذكرى يوم السابع من أكتوبر 2023 إلى قائمة مناسباتها الاحتفالية التي تنفق عليها مليارات الريالات اليمنية سنوياً.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مسلحون حوثيون في صنعاء يبدون تضامنهم مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

زعيم الحوثيين يسوّق نفسه خليفة لنصر الله

استغلّ زعيم الحوثيين باليمن عبد الملك الحوثي، مقتل حسن نصر الله زعيم «حزب الله» اللبناني، ليقدّم نفسه خليفة له بخصوص الحديث عن مواقف ما يُسمّى «محور المقاومة».

محمد ناصر (تعز)
أوروبا تاجر الأسلحة الروسي المشتبه به فيكتور بوت (وسط الصورة) يرافقه ضباط من إدارة مكافحة المخدرات بعد وصوله إلى مطار نيويورك (رويترز)

تقرير: عودة «تاجر الموت» لبوتين إلى تجارة الأسلحة... وتورط محتمل مع الحوثيين

عاد بوت إلى الساحة الدولية، ولكن هذه المرة كوسيط في صفقة لبيع أسلحة للحوثيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ما حقيقة تصنيف «رأس الحكمة» كـ«ولاية إماراتية» على خرائط «غوغل»؟

الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يشهدان إطلاق مشروع رأس الحكمة (الرئاسة المصرية)
الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يشهدان إطلاق مشروع رأس الحكمة (الرئاسة المصرية)
TT

ما حقيقة تصنيف «رأس الحكمة» كـ«ولاية إماراتية» على خرائط «غوغل»؟

الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يشهدان إطلاق مشروع رأس الحكمة (الرئاسة المصرية)
الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يشهدان إطلاق مشروع رأس الحكمة (الرئاسة المصرية)

أثارت مزاعم راجتْ بين بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر عن ظهور مدينة «رأس الحكمة» (على الساحل الشمالي المصري)، في تطبيق «غوغل للخرائط» (google maps)، بإشارة تزعم أنها «ولاية إماراتية»، حالةً من الجدل الواسع، وسط تساؤلات كثيرة حول حقيقة هذا التصنيف.

يأتي ذلك الجدل عقب أيام من تدشين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الجمعة الماضي، مشروع «رأس الحكمة التنموي»، حيث شهد الرئيسان إطلاق المشروع، واصفين إياه بأنه «يمثل نموذجاً للشراكة التنموية البناءة بين مصر والإمارات».

مشروع «رأس الحكمة» على الساحل الشمالي المصري يمثل نموذجاً للشراكة التنموية بين مصر والإمارات (الرئاسة المصرية)

ومع مرور ساعات قليلة من الإعلان عن المشروع، أشار بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن المدينة تظهر في تطبيق «خرائط غوغل» بأنها «state of UAE» (ولاية إماراتية)، وهو ما حاولت حساباتٌ لأشخاص وصفحات تنتمي لجماعة «الإخوان المسلمين»، المحظورة رسمياً، الترويج له، زاعمين دخولهم على «خرائط غوغل»، وتأكدهم من وجود إشارة «ولاية إماراتية».

ووقعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، في فبراير (شباط) الماضي، بـ«استثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع»، (الدولار الأميركي يساوي 48.40 جنيه في البنوك المصرية).

ومع تصاعد الجدل حول تلك الإشارة، نفت منصات إعلامية مصرية مستقلة متخصصة في التحقق والتدقيق الاخباري، من بينها منصة «متصدقش»، (التي يتابعها نحو 1.1 مليون شخص على «فيسبوك»)، وكذلك صحف محلية، ما أثير عن وجود تلك الإشارة.

وقالت المنصة، في بيان لها: «يمكن لأي مستخدم لـ(خرائط غوغل) اقتراح تعديل اسم موقع أو نشاط تجاري على التطبيق، ويقوم (غوغل) بمراجعة التعديل وإذا وجده غير دقيق يمكنه عدم الموافقة على التعديل أو إلغاؤه بعد تطبيقه».

وتابعت: «بالبحث عن (Ra's al Hikmah) صباح الأحد 6 أكتوبر 2024، تبين أن كلمة (state of UAE) (ولاية إماراتية) غير موجودة، في حين أنها كانت مكتوبةً حتى مساء السبت 5 أكتوبر 2024».

«الشرق الأوسط»، بدورها، قامت بالبحث في خرائط «غوغل» عن «رأس الحكمة» بالعربية والإنجليزية، حيث لم تظهر الخريطة أي نتائج لما تم إثارته.

بالبحث عن رأس الحكمة بالعربية والإنجليزية على خرائط «غوغل» يتبين عدم صحة ادعاءات تصنيفها ولاية إماراتية

وتعقيباً، يشير محمد الحارثي، استشاري تكنولوجيا المعلومات في مصر، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه توجد خاصية أو طريقة على محرك البحث يستطيع من خلالها أي شخص، وليس «هاكرز»، استعراض الكود الموجود على الصفحة، ثم إجراء أي تعديل عليه، ما ينتج عنه تعديل البيانات لدى الشخص القائم بهذا التعديل فقط، على محرك البحث الشخصي على جهازه الشخصي، وبناءً عليه يستطيع أخذ لقطة من الشاشة (سكرين شوت) ونشرها، لكنه في الحقيقة لم يتم تعديل البيانات على الموقع».

ويلفت إلى أن «ذلك إحدى الطرق التي يلجأ إليها البعض للتضليل، لذا دائماً نحذر من الانسياق وراء ما هو منشور عن طريق لقطات الشاشة، لأنها قد لا تكون حقيقية، بل معدلة».

ويشير إلى أن «هناك وقائع سابقة تواجدت فيها أسماء مناطق بشكل مختلف، كان نتيجة أن (غوغل) تغير الأسماء نتيجة دخول عدد كبير من الأشخاص (ألف شخص على سبيل المثال) لكتابة أن هذه المنطقة تسمى بهذا الاسم، فيقوم بتغيير اسمها بناء على الإفادات التي وصلته».

ووجد تصحيح المعلومات المتداولة تفاعلاً من جانب مستخدمي «السوشيال ميديا»، ساخرين من ذلك التضليل، متهمين عناصر بجماعة «الإخوان المسلمين» بنشر الشائعات والأكاذيب لإثارة الرأي العام المصري، على خلفية إطلاق مشروع «رأس الحكمة» رسمياً.

وهو ما يعلق عليه الباحث المصري المتخصص في الإسلام السياسي، عماد عبد الحافظ، والمنشق عن جماعة «الإخوان»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «التضليل ونشر الشائعات هما نهج إخواني».

وعادة ما تتهم السلطات المصرية «الإخوان المسلمين» بـ«نشر شائعات لإثارة الرأي العام». ووفق عبد الحافظ، فإن الجماعة «التي لديها خصومة مع النظام المصري ومع المجتمع أو شريحة كبيرة منه، لديها رغبة في الانتقام وإثارة أزمات ومشكلات في مصر، فأسلوب الشائعات والتشكيك في كل شيء هو نهج إخواني، حتى لا تكون الدولة مستقرةً أو يحدث لها تنمية أو تقدم».