مسلسل القرصنة الحوثية: حشد أميركي وغضب أوروبي وتوعد إيراني

الناقلة الدولية «غالاكسي ليدر» التي قرصنها الحوثيون الشهر الماضي (إ.ب.أ)
الناقلة الدولية «غالاكسي ليدر» التي قرصنها الحوثيون الشهر الماضي (إ.ب.أ)
TT

مسلسل القرصنة الحوثية: حشد أميركي وغضب أوروبي وتوعد إيراني

الناقلة الدولية «غالاكسي ليدر» التي قرصنها الحوثيون الشهر الماضي (إ.ب.أ)
الناقلة الدولية «غالاكسي ليدر» التي قرصنها الحوثيون الشهر الماضي (إ.ب.أ)

تحدثت مصادر غربية ويمنية، الخميس، عن محاولة الحوثيين قرصنة سفينة حاويات جديدة في البحر الأحمر، في سياق تصعيد الجماعة وهجماتها التي تزعم أنها تستهدف الناقلات المتجهة إلى إسرائيل.

جاء ذلك في وقت تحشد فيه الولايات المتحدة لتشكيل أوسع تحالف دولي لحماية الملاحة في البحر الأحمر، بالتزامن مع غضب أوروبي جراء الهجمات الحوثية، ومع تحذيرات إيرانية من تشكيل التحالف البحري المرتقب.

مصادر غربية تحدثت عن تعرض ناقلة حاويات دولية للقرصنة في البحر الأحمر من قبل الحوثيين (إكس)

ومع تصعيد الحوثيين هجماتهم في البحر الأحمر، وهو الأمر الذي يرى فيه سياسيون يمنيون سعيا من الجماعة للتهرب من استحقاقات السلام وإدخال البلاد في أتون أزمة دولية جديدة، أبدى الاتحاد الأوروبي غضبه إزاء الهجمات مع التذكير بأثرها على الأوضاع الإنسانية في البلاد.

وأدان الاتحاد الأوروبي بشدة هجمات الحوثيين الأخيرة بالصواريخ، ويشمل ذلك الهجوم على الناقلة النرويجية «ستريندا». وقال في بيان، الخميس، إن الهجمات المتعددة من المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين في اليمن تهدد الملاحة الدولية والأمن البحري، مما يمثل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي.

ووصف البيان تدخل الحوثيين في الحقوق والحريات الملاحية في المياه حول شبه الجزيرة العربية بأنه «أمر غير مقبول». وأكد أن الاتحاد الأوروبي يدعو الحوثيين للامتناع عن أي تهديدات وهجمات أخرى على خطوط الشحن البحري ويدعو إلى الإفراج الفوري عن السفينة «غالاكسي ليدر» وطاقمها الذي يتكون من 25 فرداً الذين احتجزوا بشكل غير قانوني يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) وهم في المياه الدولية جنوب البحر الأحمر.

وشدد البيان الأوروبي على أن الهجمات الحوثية، على السفن الدولية تقوض أمن اليمن، بما في ذلك أمنه الغذائي، إذ إن معظم واردات الغذاء إلى البلاد تمر عبر البحر الأحمر.

الناقلة النرويجية «ستريندا» استهدفها الحوثيون بصاروخ في وقت متأخر من يوم الاثنين وأصيبت بأضرار (أ.ف.ب)

وألمح البيان إلى إمكانية تعاطي الاتحاد الأوروبي مع التوجه الأميركي لحماية الملاحة في البحر الأحمر، عبر تحالف دولي واسع. وقال إن «الاتحاد الأوروبي يذكر أيضاً بأن تعزيز التعاون الدولي والإقليمي في هذه اللحظة، أكثر من أي وقت مضى، هو أمر حاسم لمواجهة التهديدات أمام السلم والأمن في المنطقة، وينسق الاتحاد مع شركائه من أجل هذه الغاية».

قرصنة جديدة

ذكرت شركة الأمن البحري البريطانية «أمبري» الخميس، أنها على علم ببلاغات عن جماعة تدّعي أنها «البحرية اليمنية» طلبت من سفينة تبحر في مضيق باب المندب تغيير مسارها والتوجه إلى اليمن. في إشارة إلى الحوثيين.

وأوضحت «أمبري» وهيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية في مذكرتين إرشاديتين أنهما تحققان في الواقعة وفي حادث آخر في المحيط الهندي قبالة اليمن.

كما قالت هيئة عمليات التجارة البحرية في المذكرة إنها تلقت بلاغا من سفينة عن رؤية انفجار قبالة سواحل اليمن في جنوب البحر الأحمر.

وذكرت «أمبري» أن سفينة شحن مملوكة لجزر مارشال، وترفع علم هونغ كونغ رصدت سقوط صاروخ في المياه أثناء إبحارها باتجاه الشمال، وذلك شمال غربي المخا باليمن. وأن طاقم السفينة لم يصب بأذى. مشيرة إلى اعتقادها أن الكيان المتسبب في الحادث هم الحوثيون.

جنود من خفر السواحل التابع للحكومة اليمنية قبالة سواحل المخا جنوب البحر الأحمر (أ.ف.ب)

وأعلنت الهيئة في وقت سابق على حسابها على منصة «إكس» أنها تلقت تقريراً يفيد بأن كيانا يعرّف نفسه بأنه «البحرية اليمنية» أمر سفينة بتعديل مسارها نحو اليمن. وقبل ذلك بقليل، ذكرت الهيئة - وفق ما أوردته وكالة أنباء العالم العربي - أن السلطات تحقق في حادثة بمحيط باب المندب قبالة سواحل اليمن، ثم أعلنت لاحقا تلقيها تقارير عن حادثة أخرى في بحر العرب.

وفي حين لم يعلن الحوثيون على الفور تبني أي عملية، ذكرت مصادر يمنية محلية أن قوات الجماعة قرصنت سفينة حاويات جديدة تدعى «ميرسك» وقامت باقتيادها إلى السواحل الخاضعة للجماعة.

وكان الإعلام الغربي ذكر أن ناقلة نفط، تبادلت إطلاق النار مع مسلحين على متن قارب صغير في البحر الأحمر، الأربعاء، وأن عددا من المسلحين على متن زورق اقتربوا من سفينة تجارية ترفع علم جزر مارشال، فيما تبنى الحوثيون، الثلاثاء، إطلاق صاروخ على سفينة نقل نرويجية ما أصابها بأضرار.

تحالف دولي وتحذير إيراني

تهديد الحوثيين المتصاعد للملاحة دفع واشنطن للتحرك من أجل تشكيل تحالف دولي واسع في البحر الأحمر، وهو الأمر الذي ترى فيه إيران خطرا وشيكا يستهدف ذراعها الحوثية في اليمن.

ونقلت «رويترز» عن المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ، الخميس، قوله إن بلاده تريد تشكيل «أوسع تحالف بحري ممكن» لحماية السفن في البحر الأحمر وإرسال «إشارة مهمة» إلى الحوثيين في اليمن بأنه لن يتم التسامح مع مزيد من الهجمات.

وقال المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ، إن الولايات المتحدة تريد من التحالف متعدد الجنسيات أن يرسل «إشارة مهمة من المجتمع الدولي مفادها أنه لن يتم التسامح مع تهديدات الحوثيين للشحن الدولي».

وقال ليندركينغ في مقابلة خلال مؤتمر في الدوحة، إن الولايات المتحدة تهدف إلى توسيع قوة المهام البحرية الدولية الحالية لتصبح «تحالفاً دولياً يخصص بعض الموارد لحماية حرية الملاحة».

وأضاف «هناك تقييم نشط للغاية يجري في واشنطن حول الخطوات اللازمة لحمل الحوثيين على وقف التصعيد»، داعياً الجماعة إلى إطلاق سراح طاقم السفينة «غالاكسي ليدر» التي تم الاستيلاء عليها في 19 نوفمبر.

المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ (رويترز)

وامتنع ليندركينغ عن تحديد الدول أو عدد الدول الأخرى التي اتصلت بها واشنطن للانضمام إلى التحالف الموسع، لكنه قال إنه يجب أن يكون «أوسع تحالف ممكن».

وأدت الهجمات الحوثية - وفق «رويترز» - إلى ارتفاع تكلفة شحن البضائع عبر البحر الأحمر، الذي أصبحت سوق التأمين في لندن تدرجه الآن ضمن المناطق عالية المخاطر. مشيرة إلى مرور 23 ألف سفينة كل عام عبر مضيق باب المندب الضيق الذي يربط خليج عدن بالبحر الأحمر وما بعده حتى قناة السويس.

وردت طهران التصريحات الأميركية عن تشكيل تحالف لحماية البحر الأحمر بالتحذير من هذه الخطوة، وقال وزير الدفاع الإيراني محمد رضا أشتياني، إن أي تحرك في المنطقة التي يسيطر عليها سيواجه «مشاكل غير عادية». وفق ما نقلته عنه وسائل إعلام إيرانية.

وتبنت الجماعة الحوثية قصف ناقلة نرويجية قبالة شواطئ ميناء المخا جنوب البحر الأحمر، وإصابتها بأضرار، فيما أفادت مصادر أميركية، الأربعاء، بأن سفينة تجارية أخرى تحمل شحنة من الوقود نجت من صاروخين بالقرب من باب المندب.

ولم تتبن الجماعة الحوثية الهجوم الذي قال الإعلام الأميركي إنه تزامن مع إطلاق طائرة مسيرة أسقطتها المدمرة «يو إس إس مايسون» في البحر الأحمر.

تهديد مستمر

تزعم الجماعة الحوثية أنها تنفذ هجماتها نصرة للفلسطينيين في غزة، وتوعدت باستهداف كل السفن المتجهة إلى المواني الإسرائيلية بغض النظر عن جنسيتها، فيما تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ تعليمات إيران ولا علاقة لهجماتها بالقضية الفلسطينية.

ووسط المخاوف من أن تؤدي عسكرة البحر الأحمر إلى عرقلة مسار السلام في اليمن الذي تقوده الأمم المتحدة بوساطة سعودية وعمانية، كانت البحرية الفرنسية أكدت إسقاط طائرة مسيرة حوثية، الثلاثاء، وهي العملية الثانية التي تتولى فيها باريس التصدي لهجمات حوثية.

تنشط البحرية الأميركية في البحر الأحمر لكن ذلك لم يحل دون إنهاء التهديد الحوثي (أ.ف.ب)

وفي ظل تهديدات الولايات المتحدة بعدم استبعاد التدخل العسكري في اليمن، تتعامل الحكومة اليمنية بحذر مع الموقف المتصاعد، وتحمل المجتمع الدولي مسؤولية ما آلت إليه الأمور في البحر الأحمر، حيث وقفت الدول الكبرى دون تحرير الحديدة وموانئها وضغطت لإبرام اتفاق «استوكهولم» الذي استفادت منه الجماعة الحوثية لتعزيز قدراتها العسكرية وزيادة تهديدها للملاحة في البحر الأحمر.

وفي أحدث تصريح للجماعة الحوثية، الخميس، قال القيادي عبد القادر المرتضى وهو المسؤول عن ملف الأسرى وتعذيب المختطفين اليمنيين في السجون: «لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتوقف عن مهاجمة السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر ومنعها من المرور حتى يتوقف العدوان على أهلنا في غزة» وفق زعمه.

وأضاف القيادي الحوثي في تغريدة على «إكس» أن جماعته لن تسمح بمرور السفن المتجهة إلى إسرائيل من أي جنسية كانت سواءً قامت أميركا بتشكيل تحالف دولي أو لم تشكل ذلك التحالف. زاعما أن مثل هذا التحالف ضد جماعته «قد يعقد الأمر أكثر مما هو حاصل، لأنه بكل تأكيد كل تصعيد سيقابل بتصعيد مضاد».


مقالات ذات صلة

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.