الشتاء يضاعف الأعباء المالية على ملايين اليمنيين

421 ألف شخص عرضة للطقس البارد

يعيش ملايين اليمنيين في ظل أوضاع مأساوية من بينها توقف رواتب الموظفين (إ.ب.أ)
يعيش ملايين اليمنيين في ظل أوضاع مأساوية من بينها توقف رواتب الموظفين (إ.ب.أ)
TT

الشتاء يضاعف الأعباء المالية على ملايين اليمنيين

يعيش ملايين اليمنيين في ظل أوضاع مأساوية من بينها توقف رواتب الموظفين (إ.ب.أ)
يعيش ملايين اليمنيين في ظل أوضاع مأساوية من بينها توقف رواتب الموظفين (إ.ب.أ)

يضاعف فصل الشتاء معاناة ملايين اليمنيين الذين يعيشون تحت مستويات خط الفقر، والنازحين منهم الذين يعيشون في المخيمات؛ حيث تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 400 ألف شخص سيكونون هذا العام عرضة للبرد القارس.

وزادت المعاناة بتعليق برنامج الأغذية العالمي توزيع المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين منذ مطلع الشهر الحالي، بسبب تدخلات الجماعة في أعماله.

تدخلات الحوثيين تسببت في إيقاف المساعدات عن 9 ملايين شخص (منظمات إغاثية)

ويذكر أحد الكتاب المعروفين في صنعاء أنه تلقى رسالة من رب أسرة يشتكي من البرد وضيق الحال، ولهذا ناشد أهل الخير لمساعدة هذه الأسرة على مواجهة قسوة الشتاء.

وتشرح الممرضة أمة السلام الفقيه، المقيمة في العاصمة اليمنية، كيف أنها تعيش وأطفالها الأربعة في بيت متواضع جداً، وإلى جانب صعوبة توفير الإيجار وتراكم الديون بسبب ضآلة راتبها وزوجها، فإن حلول الشتاء يضاعف من التزامات الأسرة.

وتضيف: «لولا أن السوق مليئة بالملابس المستخدمة التي كنا نستحيي سابقاً من الذهاب إليها، لوقعنا في معضلة كبيرة؛ حيث نحصل على ملابس شتوية نحمي بها أنفسنا وأطفالنا في هذا البرد الشديد».

وتبين أمة السلام الفقيه أن كثيراً من الأسر تتسابق على شراء هذه الملابس لرخص ثمنها، وتؤكد أنها وغيرها من الأسر أصبحوا عاجزين عن شراء بطانية إضافية من أجل أطفالهم في هذا الفصل؛ حيث تنتشر أمراض الشتاء.

يُتهم الحوثيون بالاستيلاء على المساعدات الإنسانية (الأمم المتحدة)

وتجزم المرأة -وهي في العقد الخامس من العمر- أن الأدوية باتت من بين الأشياء التي يعجز كثير من اليمنيين عن شرائها في كثير من الأحيان، نظراً لارتفاع أسعارها، ومحدودية دخلهم، خصوصاً في ظل توقف مرتبات الموظفين منذ ما يزيد على 7 أعوام.

وتقول إن الشتاء أصبح لدى قطاع عريض من اليمنيين كالمناسبات الدينية، خالياً من المتعة، ويتم انتظارها بخوف كبير؛ لأنهم عاجزون عن توفير متطلباتهم الأساسية.

ضيف ثقيل

يحل الشتاء في اليمن، وخصوصاً في مناطق المرتفعات والصحراء، ضيفاً ثقيلاً على الملايين الذين يعانون من الفقر؛ حيث تنخفض درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، ومن بينهم نحو 3.5 مليون نازح يعيشون في المخيمات، إلى جانب أكثر من 17 مليوناً يعيشون على المساعدات الإغاثية، ويفتقدون لأبسط الاحتياجات؛ سواء من حيث المأوى أو التدفئة أو الملابس.

وتقدر الأمم المتحدة أن الظروف الجوية القاسية خلال فصل الشتاء الحالي سوف تؤثر على أكثر من 900 ألف فرد (134 ألف أسرة) في 68 منطقة موزعة على 12 محافظة يمنية؛ حيث يستمر الطقس البارد حتى شهر أبريل (نيسان) المقبل، بما في ذلك النازحون داخلياً والعائدون والمجتمعات المضيفة.

تمتلئ شوارع صنعاء بالمتسولين مع زيادة معدلات الفقر (فيسبوك)

وحذرت المنظمة الدولية من أن النازحين داخلياً سيتعرضون بشكل خاص لصدمات الشتاء؛ لأن غالبيتهم يعيشون في مساكن مصنوعة من القماش أو الصفيح الذي لا يحمي من شدة البرودة.

وفي تحدٍّ آخر، يأتي شتاء هذا العام متزامناً مع تعليق برنامج الأغذية العالمي توزيع المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين، بسبب الخلافات على إدارة المساعدات وقوائم المستحقين، ونتيجة نقص التمويل، وتوجه البرنامج نحو استهداف الفئة الأكثر حاجة، خصوصاً النازحين؛ حيث تظهر البيانات الأممية أن مجموعة المأوى لم تتلقَّ سوى 19 في المائة من مجمل احتياجاتها لخطة الاستجابة الإنسانية التي تمتد حتى مايو (أيار) المقبل.

شحة التمويل

ومع تنبيه المنظمات الإغاثية إلى أنه من دون الحصول وبصورة عاجلة على مبلغ 8.2 مليون دولار، فإن ما يقرب من 421 ألف يمني سيُتركون عرضة لطقس الشتاء القاسي، تؤكد هذه المنظمات أنها تعمل جاهدة للوصول إلى كل الأسر المحتاجة رغم شحة التمويل، كما ينشط بعض رجال الأعمال رغم القيود التي فرضها الحوثيون على الأعمال الخيرية، بتوزيع الملابس والبطانيات على بعض الأسر المحتاجة، إلا أنه رغم كل تلك الجهود ستترك أجساد كثير من الأطفال والنساء والرجال وكبار السن والنازحين لمواجهة البرد والصقيع، مجردة من أي سند.

بينما يتكدس المتسولون في شوارع صنعاء تقر قيادة الحوثيين خطة لملاحقتهم (إعلام حوثي)

في غضون ذلك، قدم مديرو 23 مدرسة في مديرية جبن الخاضعة لسيطرة الحوثيين، استقالة جماعية، رداً على تدخلات مشرف الحوثيين على المديرية في أعمالهم، كما استقال مدير إدارة التربية والتعليم في المديرية، ورئيس قسم الاختبارات، ورئيس قسم التعليم، وقالوا إنه لم يعد بمقدورهم الاستمرار في العمل.

وفي رسالة جماعية قال مديرو المدارس إن السبب في استقالاتهم تدخلات مشرف الحوثيين فراص النصيري (أبو نصر) في شؤون العملية التعليمية، وطالبوا بإيقاف تدخلاته، وأعلنوا تمسكهم بمدير عام التربية والتعليم في المديرية الذي استقال للأسباب ذاتها، وقالوا إن عودته شرط لعدولهم عن الاستقالة الجماعية.


مقالات ذات صلة

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).