الفصائل العراقية «تهدئ اللعب» مع الولايات المتحدة وإسرائيل

بالتزامن مع الهدنة في غزة

من تشييع لعناصر «حزب الله» العراقي في النجف (أ.ب)
من تشييع لعناصر «حزب الله» العراقي في النجف (أ.ب)
TT

الفصائل العراقية «تهدئ اللعب» مع الولايات المتحدة وإسرائيل

من تشييع لعناصر «حزب الله» العراقي في النجف (أ.ب)
من تشييع لعناصر «حزب الله» العراقي في النجف (أ.ب)

تسعى الفصائل المسلحة العراقية المناهضة للوجود الأميركي في العراق والموالية لإيران إلى استثمار هدنة الحرب في غزة وإظهار قدر من المرونة في صراعها مع واشنطن، من خلال توقُّفها عن شن الهجمات الصاروخية على المواقع والمعسكرات التي توجد فيها القوات الأميركية بالعراق وسوريا.

ولم تعلن هذه الفصائل خلال اليومين الأخيرين عن شن هجمات صاروخية ضد القواعد الأميركية، وهي خطوة ينظر إليها البعض بوصفها طريقة لرفع الحرج عن حكومة رئيس الوزراء السوداني المدعوم من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية المتحالفة مع معظم الفصائل المسلحة، حيث شنَّت أكثر من 60 هجوماً صاروخياً ضد المواقع والمعسكرات الأميركية في العراق وسوريا منذ بدء الحرب في غزة مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، غير أن البعض ينظر إلى ثبات استراتيجية المواجهة مع أميركا لدى هذه الفصائل والتوقف الحالي على أنه جزء من الاستراتيجية الشاملة التي تتبناها ومِن ورائها «الحرس الثوري» الإيراني.

وفي خطوة بدت مفاجئة للمراقبين، أعلنت «كتائب حزب الله» العراقية خفض التصعيد ضد المواقع والمعسكرات التي توجد فيها القوات الأميركية بالعراق، وإيقاف التصعيد ضدها تزامناً مع هدنة الحرب في غزة.

وقال الأمين العام لـ«الكتائب»، أبو حسين الحميداوي، في بيان: «نعلن خفض وتيرة تصعيد العمليات على قواعد الاحتلال الأميركي في المنطقة، وإيقافها ضد الكيان الصهيوني، لحين انتهاء مدة الهدنة، أو القتال في فلسطين وحدودها مع لبنان».

وأكد الحميداوي أن «المواجهات مع القوات المحتلة للعراق لن تتوقف إلا بتحريره، وهو قرار لن نحيد عنه مهما غلت التضحيات»، داعياً «العراقيين في الداخل ممن خبرتهم ساحات الجهاد إلى الالتحاق بصفوف المقاومة، وتحرير البلاد من سطوة الاحتلال».

ولم يسبق أن أعلن هذا الفصيل الموالي لإيران خطوة من هذا النوع. وخلال الأسبوع الماضي، كان تعرّض موقع له في جرف منطقة جرف الصخر في محافظة بابل، وكذلك رتل عجلات غرب بغداد، إلى هجمات جوية أميركية أودت بحياة ما لا يقل عن 8 من عناصره. واليوم (الأحد)، أعلنت منصَّات إخبارية تابعة للفصائل وفاة ماجد عبد الله كاظم متأثراً بجراحه جراء الغارة على جرف الصخر.

ويعتقد مدير «مركز الدراسات الاستراتيجية»، الدكتور غازي فيصل، أن «ما يطرح من خفض التصعيد بالتزامن مع الهدنة في غزة عبارة عن سياسات لا تعبِّر عن حقيقة وجود استراتيجية لبناء السلام والاستقرار في العراق وضمان التنمية والتطور، في الوقت ذاته».

ويقول فيصل لـ«الشرق الأوسط»: «لا ننسى أن الضربة الجوية في جرف الصخر أثرت بصورة بالغة في قدرة (كتائب حزب الله) بشكل خاص وقواعده العسكرية وخزينه الاستراتيجي، والمعركة مستمرة بين الطرفين مهما أخذت أشكال التهدئة أو التصعيد».

ويرى أن «المواجهة بين الفصائل المسلحة المرتبطة باستراتيجية (الحرس) الإيراني تعتمد على الاستمرار، والبيان الصادر عن (الكتائب) يؤكد استمراها حتى تحرير العراق، ويعدّ وجود القواعد الأميركية والتحالف الدولي قواعد احتلال، وهذا يتناقض تماماً مع استراتيجية الحكومة العراقية منذ التوقيع على اتفاقية الشراكة والتعاون بين واشنطن وبغداد عام 2008، ومصادقة مجلس النواب على قانون الاتفاقية».

ويتابع: «نحن حيال استراتيجيتين متناقضتين؛ واحدة للحكومة ترغب في استمرار التعاون العسكري مع الولايات المتحدة في مختلف المجالات، خصوصاً الأمنية والعسكرية، وواحدة للتنظيمات والفصائل المسلحة الذاهبة إلى المواجهة الدائمة؛ ما يضع المشهد العراقي أمام تعقيد كبير ناجم عن ارتباط معظم تلك الفصائل بقوى (الإطار التنسيقي) التي تقود الحكومة الراغبة في بناء شراكات وتعاون مع واشنطن والغرب بشكل عام».


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

لم يشهد سكان غزة، الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، مع إعلان مقتل 21 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.