رفض مصري لاتهامات إسرائيلية بـ«تسليح حماس»

بعد تقرير زعم أن معظم ترسانة الحركة جاء عبر «أنفاق سيناء»

أدخلت مصر كثيراً من المساعدات عبر معبر رفح (التحالف الوطني للعمل الأهلي)
أدخلت مصر كثيراً من المساعدات عبر معبر رفح (التحالف الوطني للعمل الأهلي)
TT

رفض مصري لاتهامات إسرائيلية بـ«تسليح حماس»

أدخلت مصر كثيراً من المساعدات عبر معبر رفح (التحالف الوطني للعمل الأهلي)
أدخلت مصر كثيراً من المساعدات عبر معبر رفح (التحالف الوطني للعمل الأهلي)

رفض برلمانيون وخبراء مصريون مزاعم إسرائيلية تحدثت عن «تقديم مساعدة من مصر في تسليح حركة (حماس) الفلسطينية، عبر تهريب أسلحة متطورة مضادة للدبابات إلى غزة، عبر أنفاق من سيناء». وعدُّوا «الادعاءات الإسرائيلية، محاولةً جديدة لـ(استفزاز مصر)، وتبريراً للخسائر الإسرائيلية»، وفق تقييمهم.

وكان موقع «بحدري حريديم» العبري المحسوب على اليمين المتشدد في إسرائيل، قد زعم قيام مصر بتسليح حركة «حماس» عبر «السماح بدخول أسلحة إلى غزة من خلال الشاحنات التي تدخل للقطاع عبر معبر رفح». وقال الموقع إن «الأسلحة دخلت من مصر خلال الفترة التي سبقت عملية (طوفان الأقصى)، وهو ما جعل القوات الإسرائيلية تواجه أسلحة مثل الصواريخ الموجهة بالليزر وأسلحة مضادة للدبابات، بعدما كانت تواجه حجارة وزجاجات حارقة».

لكن اللواء أحمد العوضي رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري، وصف هذه التصريحات بأنها «غير عقلانية»؛ مؤكداً أن «مصر خلال حربها في مواجهة الإرهاب بسيناء التي استمرت على مدار أكثر من 10 سنوات، كانت تعاني من أضرار الأنفاق الموجودة على الحدود».

ولفت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الأسلحة الموجودة لدى (حماس) ليست لها علاقة بمصر»، مشدداً على أن مصر «ليس لديها ما تخفيه؛ لأن ما تقوله في الغرف المغلقة هو نفسه ما تعلنه في المواقف الرسمية».

وفي تدوينة نشرها عبر حسابه على موقع «إكس»، وصف عضو مجلس النواب مصطفى بكري محتوى التقرير بأنه «ادعاءات»، ورأى أنه «استمرار لسياسة الاستفزاز وكيل الاتهامات التي لا تخفى أهدافها عن أحد».

وتأتي المزاعم الإسرائيلية بعد نحو 3 أسابيع من تصريحات حاخام إسرائيلي يتهم مصر بالتورط في «إدخال الدواعش إلى قطاع غزة عبر معبر رفح»، على الرغم من إعلان السلطات المصرية العمل على إغلاق الأنفاق منذ عام 2014، وإقامة منطقة عازلة على الحدود مع قطاع غزة، بهدف «التصدي لعمليات التهريب، وهدم مئات الأنفاق التي كانت تمتد لعدة كيلومترات تحت الأرض».

تصريحات مكررة

وقدّر سعيد عكاشة خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» أن هذه التصريحات هي «الأحدث تكراراً لما سبق أن أدلى به قادة اليمين المتطرف منذ بداية الحرب؛ لكن ليس لها أي أساس».

وقال عكاشة لـ«الشرق الأوسط» إنها محاولة من «التيار الديني الإسرائيلي المتشدد لإظهار صحة رأيه السابق برفض الانسحاب من غزة، وعملية تفكيك المستوطنات التي جرت عام 2005».

ويرى عكاشة أن مثل هذه التصريحات تعكس وجود «خيال خصب» لدى مردديها. ويشرح بأن «مصر لا يمكن أن تتورط في مثل هذه المزاعم لعدم وجود مصلحة مباشرة لها؛ خصوصاً أن حركة (حماس) أضرت في وقت سابق بالأمن القومي المصري في سيناء».

تبرير الفشل

سبب آخر لرفض المزاعم الإسرائيلية طرحه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، إذ قال لـ«الشرق الأوسط» إنها «محاولة لتبرير الفشل والإخفاق من قبل اليمين المتطرف، وذلك لإدراك قادته أنه بعد نهاية الحرب سيفقد وجوده في السلطة».

وشرح مطاوع بأن «هناك موقفاً سلبياً ضد مصر راسخاً لدى قوى اليمين المتطرف الإسرائيلي، مرتبطاً بتصدي القاهرة لمخططات تهجير الفلسطينيين نحو سيناء».

وكانت مصر قد رفضت بشكل قاطع نزوح الفلسطينيين من قطاع غزة، وسمحت باستمرار العمل في معبر رفح لإدخال المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى خروج حاملي جوازات السفر الأجنبية من داخل القطاع وفق الإجراءات المتبعة، وهو الموقف الذي حظي بتأييد فلسطيني.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعلن قتل 6 قياديين من «كوماندوز حماس البحري»

المشرق العربي الدخان يتصاعد عقب قصف للجيش الإسرائيلي في شمال قطاع غزة (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن قتل 6 قياديين من «كوماندوز حماس البحري»

أعلن الجيش الإسرائيلي وجهاز «الشاباك»، الجمعة، أن 6 من كبار أعضاء «قوات الكوماندوز البحرية» التابعة لحركة «حماس» قُتلوا في سلسلة من العمليات الأخيرة بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو  متحدثا في واشنطن (رويترز)

نتنياهو يأمل إبرام اتفاق بشأن الرهائن خلال «أيام قليلة»

عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن أمله في إبرام اتفاق خلال أيام قليلة لإطلاق سراح المزيد من الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أطفال فلسطينيون يتفقدون أنقاض مبنى تضرر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

«حماس»: نتنياهو يضع العراقيل أمام التوصل لاتفاق ونيّاته «خبيثة وسيئة»

انتقدت حركة «حماس»، الخميس، تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بعدم إمكانية التوصل إلى صفقة لإطلاق جميع المحتجزين دفعة واحدة بوصفها تؤكد نياته «الخبيثة والسيئة».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينية تهدّئ من روع طفل مع نقل ضحايا هجوم إسرائيلي إلى مستشفى في دير البلح يوم الخميس (رويترز)

روبيو متفائل بهدنة... وإسرائيل تقتل أكثر من 80 فلسطينياً في يوم

أعرب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن تفاؤله وأمله بالتوصل لهدنة بقطاع غزة، الذي سقط فيه أكثر من 80 قتيلاً منذ فجر الخميس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن-غزة-تل أبيب)
تحليل إخباري فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في غارة إسرائيلية على مخيم للنازحين قرب خان يونس (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: مفاوضات «صعبة» وقضايا عالقة تهدد الاتفاق

رغم الزخم الذي تشهده محادثات الدوحة بشأن وقف النار في غزة تتراجع آمال التوصل لاتفاق هدنة مع حديث من «حماس» عن «مفاوضات صعبة» في الدوحة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ردود باهتة على التصعيد الحوثي المميت... وارتفاع التأمين

السفينة اليونانية «ماجيك سيز» غرقت في البحر الأحمر جراء هجمات حوثية (رويترز)
السفينة اليونانية «ماجيك سيز» غرقت في البحر الأحمر جراء هجمات حوثية (رويترز)
TT

ردود باهتة على التصعيد الحوثي المميت... وارتفاع التأمين

السفينة اليونانية «ماجيك سيز» غرقت في البحر الأحمر جراء هجمات حوثية (رويترز)
السفينة اليونانية «ماجيك سيز» غرقت في البحر الأحمر جراء هجمات حوثية (رويترز)

في الوقت الذي دخل فيه التهديد الحوثي للملاحة الدولية مرحلة متعاظمة من الخطورة، إثر غرق سفينتين يونانيتين ومقتل 3 بحارة وفقدان 12 آخرين خلال هذا الأسبوع، لم تظهر أي ردود فعل ملحوظة من القوى الدولية، الولايات المتحدة والمبعوث الأممي إلى اليمن، ووزير الخارجية الألماني، كانوا الجهات التي عبّرت عن قلقها، ووجّهوا دعوات لوقف التصعيد.

وفي حين يزداد التهديد الحوثي في البحرين الأحمر والعربي، ارتفعت رسوم التغطية التأمينية على السفن التجارية التي تبحر في هذه المناطق بنسبة وصلت إلى 1 في المائة من قيمة السفينة، وفقاً لما أعلنته كبرى شركات التأمين العالمية، ما يعكس خطورة الوضع وتراجع الثقة الدولية في تأمين هذا الممر المائي الحيوي.

وأسفر الهجومان اللذان نفذهما الحوثيون على سفينتي الشحن «ماجيك سيز» و«إتيرنيتي سي» بين يومي الأحد والثلاثاء الماضيين عن مقتل 3 بحارة على الأقل، وإصابة آخرين، وفقدان 12 شخصاً، وفق بيانات مهمة الاتحاد الأوروبي «أسبيدس»، المعنية بحماية الملاحة في البحر الأحمر.

الحوثيون وزّعوا صوراً لهجماتهم على سفينتين غرقا جراء الهجمات في البحر الأحمر (رويترز)

الهجوم الثاني على السفينة اليونانية «إتيرنيتي سي» التي كانت ترفع علم ليبيريا، اعتُبر تطوراً خطيراً في مسار العمليات الحوثية، لجهة سقوط قتلى وجرحى ومفقودين، حيث أعلنت الجماعة أن العملية نُفذت باستخدام زورق مسير و6 صواريخ باليستية ومجنحة. وتزعم الجماعة أن السفينة كانت متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي، رغم عدم توفر تأكيدات مستقلة.

وعلى الرغم من حجم التصعيد، غابت الردود الصلبة من معظم العواصم العالمية، واكتفى المجتمع الدولي ببيانات مقتضبة، عدا تصريح واضح من المندوبة الأميركية في مجلس الأمن، وبيان آخر للمتحدثة باسم الخارجية، وتصريح للمبعوث الأممي هانس غروندبرغ.

إدانة وطلب ضغط إيراني

في سياق الردود الدولية، أدانت الولايات المتحدة الهجمات الحوثية على سفينتي «ماجيك سيز» و«إتيرنيتي سي»، ووصفتها بـ«الإرهابية وغير المبررة»، مؤكدة أن هذه الأفعال تبرز «التهديد المتواصل الذي يشكله الحوثيون المدعومون من إيران على أمن الملاحة والتجارة في المنطقة».

وجاء في بيان المندوبة الأميركية أن «الولايات المتحدة ملتزمة بحرمان الحوثيين من الموارد التي تموّل أنشطتهم الإرهابية»، مطالبة مجلس الأمن بضرورة العمل على إنهاء العراقيل التي تعيق عمل فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة والمعني باليمن.

كما وصفت وزارة الخارجية الأميركية في بيان آخر، هذه الهجمات بأنها «تعكس التهديد المتواصل الذي يشكله المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران على حرية الملاحة والأمن الاقتصادي والبحري على المستوى الإقليمي».

وقال البيان: «لقد كانت الولايات المتحدة واضحة لناحية أننا سنواصل اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية حرية الملاحة والشحن التجاري من هجمات الحوثيين الإرهابية، التي ينبغي أن يدينها المجتمع الدولي بأسره».

من ناحيته، قال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول إنه يتوقع من إيران أن تمارس نفوذها على الحوثيين في اليمن لوقف هجماتهم على السفن في البحر الأحمر، ونقلت «رويترز» عن الوزير الذي كان يتحدث خلال مؤتمر صحافي في فيينا مع نظيريه الإسرائيلي والنمساوي، يوم الخميس: «نندد بهذه (الهجمات) بأشد العبارات، ونتوقع من إيران أن تمارس نفوذها على الحوثيين لوضع حد لها».

من جهته، أعرب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ عن «قلقه البالغ إزاء غرق السفينة إيترنيتي سي»، محذراً من التبعات الإنسانية والبيئية للهجمات البحرية التي تنتهك القانون الدولي وقرار مجلس الأمن رقم 2722.

وأكد غروندبرغ أن استهداف السفن يعزز خطر انزلاق المنطقة إلى صراع أوسع، داعياً جماعة الحوثي إلى «تقديم ضمانات مستدامة ووقف الهجمات فوراً»، والبناء على الاتفاق المبرم مع الولايات المتحدة بشأن وقف الأعمال العدائية في البحر الأحمر.

وكانت سلطنة عمان توسطت في اتفاق بدأ سريانه في 6 مايو (أيار) الماضي، تعهدت فيه الجماعة الحوثية بالتوقف عن مهاجمة السفن الأميركية في البحر الأحمر مقابل وقف الحملة العسكرية الواسعة التي أطلقها ترمب، لكن الاتفاق لم يشمل إسرائيل.

إشارات خاطئة

ترى الحكومة اليمنية أن ضعف مواقف معظم الدول إزاء الهجمات الحوثية يبعث بإشارات خاطئة نحو الجماعة، ويعزز الشعور لدى قادتها بالإفلات من العقاب، بخاصة مع تكرار الحوادث ووضوح نية الحوثيين في مواصلة التصعيد.

وظهر زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، في خطبته الأسبوعية، متباهياً بإغراق السفينتين، ووصف ذلك بأنه «درس واضح» لكل شركات النقل البحري التي تتحرك للنقل لصالح إسرائيل، وقال: «لا يمكن السماح لأي شركة تقوم بالنقل لبضائع العدو الإسرائيلي عبر مسرح العمليات المعلن عنه».

صورة تظهر لحظة إنقاذ أحد طاقم السفينة اليونانية الغارقة في البحر الأحمر جراء هجوم حوثي (رويترز)

وشنّ الحوثيون أكثر من 150 هجوماً ضد السفن منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، ما تسبب في إرباك حركة الشحن الدولي عبر البحر الأحمر. وأدت الهجمات إلى غرق سفينة بريطانية وأخرى يونانية، إلى جانب غرق السفينتين الأخيرتين هذا الأسبوع.

كما أدت الهجمات إلى تضرر العديد من السفن الأخرى، فضلاً عن قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر» مع اعتقال طاقمها لأكثر من عام.

وفي عهد الرئيس جو بايدن أنشأت الولايات المتحدة تحالفاً سمته «حارس الازدهار» لحماية الملاحة، وشنّت مئات الضربات ضد الجماعة الحوثية قبل أن يستأنفها ترمب في مارس (آذار) الماضي لمدة نحو 7 أسابيع.

ومع عدم قدرة هذه التدابير على وقف هجمات الحوثيين البحرية، كان الاتحاد الأوروبي أطلق مهمة «أسبيدس» في البحر الأحمر مطلع العام الماضي، لحماية السفن، دون الدخول في مواجهة مباشرة مع الجماعة كما فعلت واشنطن وبريطانيا.

وبينما تزداد مخاوف المجتمع الشحن الدولي، ويدفع البحارة حياتهم ثمناً لهذه المغامرات، لا تزال الجماعة الحوثية المتحالفة مع إيران تدعي أنها مستمرة في «ردع إسرائيل وحلفائها» تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، غير مكترثة بتكلفة ذلك على اليمنيين أو الاقتصاد العالمي.