دارت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، اليوم (الثلاثاء) في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، بينما تستمر المحادثات بينهما في مدينة جدة السعودية.
وقال شهود عيان لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، إن منطقة أم كدادة شرق مدينة الفاشر تشهد موجة نزوح كبيرة وسط المدنيين بعد هجوم قوات «الدعم السريع» على قوات الجيش هناك.
ونزحت أعداد كبيرة من المدنيين إلى أم كدادة من مناطق مختلفة من إقليم دارفور عقب تصاعد وتيرة القتال بين الطرفين في نيالا وزالنجي والجنينة. يأتي ذلك مقارنة بالاستقرار الأمني الذي شهدته منذ اندلاع الحرب، وعدم حدوث مواجهات وهجوم فيها.
وقالت الولايات المتحدة، يوم الخميس، إنها تشعر باضطراب بالغ إزاء التقارير التي تتحدث عن هجوم وشيك واسع النطاق من قبل قوات «الدعم السريع» على الفاشر في ولاية شمال دارفور، مما سيعرض المدنيين للخطر الفائق، بمن فيهم مئات الآلاف من النازحين الذي فرّ كثير منهم أخيراً إلى الفاشر من مناطق أخرى، مشيرة إلى أن تقارير موثوقة تؤكد عدم اتخاذ قوات «الدعم السريع» والقوات المسلحة السودانية التدابير اللازمة لتجنب الخسائر في صفوف المدنيين في أحياء الفاشر السكنية.
ودعت الولايات المتحدة، في بيان، الطرفين المتحاربين إلى التوقف الفوري عن شنّ مزيد من الهجمات في الفاشر ومحيطها؛ بغية الوفاء بالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي فيما يتعلق بالمدنيين، وعلى النحو الذي أُعيد التأكيد عليه في «إعلان جدة» للالتزام بحماية المدنيين السودانيين الصادر في 11 مايو (أيار).
كما دعت قوات «الدعم السريع» والقوات المسلحة السودانية إلى الاستفادة من محادثات جدة التي استؤنفت أخيراً لتسهيل الوصول الإنساني دون عوائق، والاتفاق على وقف إطلاق النار وإجراءات بناء الثقة الأخرى، مؤكدة أنه ما من حل عسكري مقبول لهذا الصراع، وينبغي التركيز على حماية المدنيين، وتوفير المساعدات الإنسانية، والتفاوض على إنهاء هذا النزاع.
وقال مصدر من الجيش السوداني لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، إن وفد الجيش في «مفاوضات جدة» أبلغ الوساطة بأنه لا يملك صلاحيات مناقشة قضايا «عدا تلك التي تتعلق بالملف الإنساني».
وذكر المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن وفد الجيش أكد التزامه فقط حول الشأن الإنساني وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمناطق الواقعة تحت سيطرته، مروراً إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات «الدعم السريع».
وأشار المصدر إلى أن الوساطة اقترحت لقاء غير مباشر بين قيادتي الجيش وقوات «الدعم السريع» لبناء الثقة، وأن القوات المسلحة تدرس المقترح وسترد على الوساطة في غضون يومين.
وتسعى قوات «الدعم السريع» إلى إحكام قبضتها على إقليم دارفور غرب البلاد، الذي يربط السودان عبر حدود برية مع دول تشاد وليبيا وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان، وذلك بعد سيطرتها على 3 مدن رئيسية في الإقليم من أصل 5 خلال الأيام القليلة الماضية، بما في ذلك مقرات الجيش بتلك الولايات، وهي نيالا في الشمال وتعد ثاني أكبر المدن السودانية بعد العاصمة الخرطوم ومركز قيادة الجيش في الولايات الغربية، إضافة إلى زالنجي في الوسط، والجنينة في الغرب، بينما لا يزال الجيش يحتفظ بقواعده في الفاشر شمال دارفور، والضعين في الشرق.
واتهم حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة «جيش تحرير السودان» مني أركو مناوي، في تغريدة عبر منصة «إكس»، أمس، قوات «الدعم السريع» بقتل القيادي بالحركة العقيد بابكر موسى، في أثناء دفاعه عن المواطنين بقرية شقرة غرب الفاشر، وذلك بعد تعرضهم للتهديد من قبل أفراد من قوات «الدعم السريع»، «حاول الرفيق بكل ما استطاع أن يصدهم ويمنعهم؛ حمايةً للمواطنين، لكنه دفع الثمن روحه».
في أمدرمان، قال سكان لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، إن اشتباكات عنيفة على الأرض دارت بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في أحياء ود نوباوي وأبور روف والعمدة بوسط المدينة، حيث يحاول الجيش السيطرة على جسر شمبات الحيوي الذي يربط أمدرمان بمدينة الخرطوم بحري، ويعد خط الإمداد الرئيسي لقوات «الدعم السريع» من غرب البلاد إلى مدن العاصمة الثلاث.
كما شنّ الجيش السوداني ضربات مدفعية مكثفة من قاعدة «وادي سيدنا» شمال مدينة أمدرمان باتجاه الأحياء التي تنتشر فيها قوات «الدعم السريع» بمدينة الخرطوم بحري، وجنوب مدينة أمدرمان.
واندلع القتال بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» على نحو مفاجئ في منتصف أبريل (نيسان) بعد أسابيع من التوتر بين الطرفين، بينما كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دولياً.