أزمة مالية خانقة تحاصر الحكومة اليمنية جراء توقف تصدير النفط

تدخل السعودية حال دون توقف رواتب الموظفين

يتجاهل الحوثيون المعاناة الإنسانية ويخصصون الأموال للحشد والتجنيد (إ.ب.أ)
يتجاهل الحوثيون المعاناة الإنسانية ويخصصون الأموال للحشد والتجنيد (إ.ب.أ)
TT

أزمة مالية خانقة تحاصر الحكومة اليمنية جراء توقف تصدير النفط

يتجاهل الحوثيون المعاناة الإنسانية ويخصصون الأموال للحشد والتجنيد (إ.ب.أ)
يتجاهل الحوثيون المعاناة الإنسانية ويخصصون الأموال للحشد والتجنيد (إ.ب.أ)

تواجه الحكومة اليمنية أزمة مالية خانقة مع استمرار توقف تصدير النفط نتيجة استهداف الحوثيين لموانئ التصدير منذ أكثر من عام، إضافة إلى تراجع عائدات ميناء عدن بنسبة تجاوزت 60 في المائة، وهو ما تسبب في تأخير صرف رواتب شهر أكتوبر (تشرين الأول) لعدد من موظفي الجهات الحكومية، والتأخر في توفير الوقود لمحطات توليد الكهرباء في مدينة عدن العاصمة المؤقتة للبلاد.

مصادر رفيعة المستوى ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة خصصت اجتماعاتها الأخيرة لمناقشة التحديات الاقتصادية في ظل الصعوبات التي تواجهها نتيجة استمرار توقف تصدير النفط منذ استهداف الحوثيين لموانئ التصدير في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي.

العليمي يترأس أحد اجتماعات الحكومة التي كرست لمناقشة الوضع الاقتصادي (سبأ)

كما شملت النقاشات تراجع عائدات ميناء عدن هذا العام بنسبة 60 في المائة بعد تخفيف القيود على دخول السفن التجارية إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين، وردهم على تلك الخطوة الودية بمنع دخول الواردات الواصلة عبر الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة وإرغام التجار في مناطق سيطرتهم على تحويل بضائعهم إلى موانئ الحديدة.

ووفق هذه المصادر فإن الحكومة حالياً تواجه تحديات كبيرة فيما يخص صرف رواتب موظفي جميع مؤسسات الدولة، وتوفير وقود لتشغيل محطات توليد الكهرباء في مناطق سيطرتها، حيث تخصص نحو مليون ونصف دولار يومياً لمحطات الكهرباء في عدن، ومع ذلك فإن ساعات الإطفاء تصل إلى 12 ساعة في اليوم الواحد.

وأكدت المصادر أن الجانب الحكومي يسعى للحصول على تسهيلات جديدة سواء من شرائح الدعم المخصصة من صندوق النقد الدولي أو من المنحة السعودية لمواجهة هذه المتطلبات، وتراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار الأميركي.

سعي في اتجاهين

أعادت المصادر اليمنية التذكير بتحذيرات رئيس الوزراء معين عبد الملك التي أطلقها الشهر الماضي وقال فيها إنه إذا استمر الحوثيون في منع تصدير النفط الخام فإن الحكومة ستكون غير قادرة على دفع رواتب الموظفين مع نهاية ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وكشفت عن أن الحكومة تعمل باتجاهين الأول هو الحصول على تسهيلات مالية إضافية، وتحصيل موارد الدولة كاملة وتفعيل آلية تحصيلها، والثاني هو استمرار العمل مع قيادة تحالف دعم الشرعية للتوصل إلى اتفاق سلام يساعد على استئناف تصدير النفط وفتح الطرقات بين المحافظات، ووقف تعسفات الحوثيين بحق التجار.

ووفق المصادر الرسمية فإن التصعيد العسكري للحوثيين أواخر عام 2022 باستهداف الموانئ النفطية في حضرموت وشبوة، وحربهم الاقتصادية على الواردات من المناطق المحررة، خلّف ركودا في صادرات النفط وانخفاض العائدات الجمركية بسبب تراجع حركة الملاحة الدولية في ميناء عدن لصالح ميناء الحديدة.

قبل عام استهدف الحوثيون ميناء الضبة النفطي وألحقوا به أضراراً كبيرة (إعلام حكومي)

وتقول الحكومة اليمنية إن التصعيد الحوثي تسبّب في تدهور متسارع للأوضاع الاقتصادية وفرض المزيد من التحديات على الحكومة التي حاولت تجاوزها بتقليل أوجه الإنفاق. غير أن المصادر أقرت أن هذه التدابير لم تسهم في تعزيز النمو الاقتصادي، بل فرضت تحديات أكبر على الحكومة بشأن استمرار وتعزيز الخدمات العامة الأساسية.

وذكرت المصادر أنه وبحلول عام 2023، تصاعدت حدة الحرب الاقتصادية التي يشنها الحوثيون على الحكومة، مستفيدين من تخفيف القيود على ميناء الحديدة في إطار الجهود الدولية لإحلال السلام، الأمر الذي فاقم من الصعوبات المالية للحكومة التي باتت عاجزة عن الإيفاء بأبسط التزاماتها المتمثلة في دفع مرتبات موظفي القطاع العام، قبل أن تتدخل السعودية وتقدم لها دعماً مالياً بـ 1.2 مليار دولار لتغطية عجز الموازنة ودفع مرتبات الموظفين.

استنزاف الاحتياطي

المصادر الرسمية أكدت أن الحوثيين تسببوا خلال عام واحد فقط عقب انقلابهم على الشرعية في استنزاف احتياطي البلاد من النقد الأجنبي الذي انخفض إلى 1.3 مليار دولار في مارس (آذار) 2016، بدلا من 4.2 مليار دولار في الشهر نفسه من العام الذي سبقه.

إلى جانب قيامهم بسحب 300 مليار ريال يمني (1.2 مليار دولار) لتمويل عملياتهم العسكرية، الأمر الذي دفع بالحكومة الشرعية إلى اتخاذ قرار بنقل مقر البنك المركزي اليمني إلى العاصمة المؤقتة عدن في سبتمبر (أيلول) 2016.

تخفيف القيود على ميناء الحديدة جاء على حساب ميناء عدن (إعلام حكومي)

المصادر الرسمية اليمنية بينت أن الحكومة بدأت بعد ذلك وبدعم من السعودية في تنفيذ سلسلة إجراءات لتحقيق تعاف ملموس في الاقتصاد الوطني، واستطاعت تحقيق نمو بسيط خلال عامي 2018 و2019 مستفيدة من الوديعة المالية السعودية التي تبلغ ملياري دولار لدعم الاقتصاد واستقرار العملة المحلية، قبل أن يعود للانكماش عامي 2020 و2021، بسبب التداعيات الاقتصادية لجائحة «كورونا» والحرب في أوكرانيا التي دفعت أسعار الغذاء العالمية إلى مستويات قياسية.

وطبقاً لهذه المصادر، شرع البنك المركزي اليمني في عام 2022 في تنفيذ كثير من الإجراءات والإصلاحات المختلفة التي أسهمت في ثبات أسعار الصرف على الرغم من مستوياتها العالية التي تعكس حقيقة الوضع الاقتصادي والمالي للبلد، حيث تراوحت ما بين 1150 و1250 ريالاً يمنياً للدولار الواحد.

لكن سعر الريال تراجع خلال الأشهر الأخيرة قبل أن يصل سعر الدولار الواحد حالياً إلى 1520 ريالا وهو أعلى سعر يصله منذ تعيين القيادة الحالية للبنك المركزي بعد أن كان تجاوز سعر الدولار الواحد 1800 ريال.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.