انقلابيو اليمن متهمون بتوسيع انتهاكاتهم بمناطق سيطرتهم

آلاف الشكاوى من البطش دون إنصاف للضحايا

وقفة احتجاجية سابقة بصنعاء للمطالبة بالإفراج عن مختطفين لدى الانقلابيين (إكس)
وقفة احتجاجية سابقة بصنعاء للمطالبة بالإفراج عن مختطفين لدى الانقلابيين (إكس)
TT

انقلابيو اليمن متهمون بتوسيع انتهاكاتهم بمناطق سيطرتهم

وقفة احتجاجية سابقة بصنعاء للمطالبة بالإفراج عن مختطفين لدى الانقلابيين (إكس)
وقفة احتجاجية سابقة بصنعاء للمطالبة بالإفراج عن مختطفين لدى الانقلابيين (إكس)

صعَّدت الجماعة الحوثية في اليمن، خلال الأسابيع الأخيرة، من انتهاكاتها ضد السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتها، خصوصاً في صنعاء وريفها وذمار وإب، بالتوازي مع اتهامات بوقوف مشرفين وعناصر ينتسبون إلى أجهزة الجماعة القمعية خلف تلك الانتهاكات.

استمرار الانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين، جاء في وقت أقرّت فيه الجماعة بأنها تلقت 678 شكوى من فساد وانتهاكات قام بها عناصرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، فضلاً عن تلقيها نحو 7959 شكوى أخرى تقدم بها السكان ضد عصاباتها المسلحة خلال عام ونصف العام.

مسلحون حوثيون يحتفلون في صنعاء بأحقية زعيمهم في حكم اليمن (إ.ب.أ)

ويتحدث الشارع اليمني في مناطق سيطرة الجماعة عن تصاعد غير مسبوق للانتهاكات والجرائم التي ترتكبها العصابات الحوثية بحق المدنيين من مختلف الفئات والأعمار.

وذكرت مصادر محلية أن الجماعة الحوثية شنّت حملة عسكرية هي الثانية خلال أسبوع طالت بالدم والخطف أهالي قرية «الغرزة» بمنطقة همدان شمال صنعاء، بمبرر فض نزاع اندلع مجدداً بين أطراف بالمنطقة على ملكية أراضٍ زراعية، وسط تغذية للنزاع من قيادات في الجماعة.

وإلى جانب ما تشهده محافظة إب من جرائم قتل شبه يومية وخطف واقتحام منازل ومصادرة ممتلكات وتطييف وإتاوات، أكدت مصادر محلية أن محافظات أخرى تخضع للانقلاب، بما فيها ذمار، لا تزال تعاني من تسجيل وقوع جرائم وانتهاكات مختلفة معظمها على ارتباط بالعصابات الحوثية.

وبحسب المصادر، تصاعدت خلال الأيام الأخيرة ظاهرة اختفاء الأطفال في ذمار، مع اتهامات مباشرة للعصابات الحوثية بالوقوف خلف ارتكابها؛ بغية تعزيز الجبهات بمقاتلين جدد.

وعلى صعيد ارتفاع مستوى الجرائم ضد السكان بمناطق تخضع للحوثيين في محافظة تعز، وثّق تقرير حقوقي حديث أكثر من 62 انتهاكاً ارتكبتها عناصر الجماعة في تعز خلال سبتمبر الماضي.

دورية حوثية في أحد شوارع العاصمة صنعاء (الشرق الأوسط)

ووثّق مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان في تقريره إصابة 4 مدنيين، بينهم امرأة تسببت بها الجماعة الحوثية، مؤكداً أن فريقه الميداني رصد بتلك الفترة 5 حالات اختطاف و53 حالة انتهاك حوثية طالت ممتلكات خاصة.

تصاعد الشكاوى

نظراً للتصاعد الملحوظ في منسوب التعسفات التي تُمعن العصابات الحوثية في ارتكابها، أقرّت الجماعة بوجود انتهاكات بالجملة يرتكبها عناصرها باستمرار ضد المدنيين بعموم مناطق قبضتها.

واعترفت المصادر الرسمية للجماعة بتلقي ما يسمى «جهاز المفتش العام»، التابع لوزارة الداخلية في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، أكثر من 678 شكوى خلال سبتمبر الماضي، تقدم بها السكان ضد مشرفي وعناصر الجماعة.

وأقرّت الجماعة أنها أحالت عديداً من تلك الشكاوى إلى بعض جهاتها المختصة التي لم تسمها، بينما ألغت البعض الآخر منها بزعم أنها تندرج ضمن ما تسميه «الشكاوى الكيدية» المقدمة ضد عناصرها.

أفراد أمن تابعون للحوثيين يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وبينما تستمر الجماعة بمطالبة المدنيين بمناطق سيطرتها بتقديم شكاواهم إلى مراكزها المستحدثة للغرض ذاته، دون التحرك الجاد من قبلها للبت في قضاياهم وإنصافهم، يقابل السكان تلك المطالبات بمزيد من السخرية، إذ إن «فاقد الشيء لا يعطيه». وفق ما يقوله (أحمد.س) الموظف في إحدى المحاكم الخاضعة للجماعة في صنعاء.

وسبق للجماعة الحوثية أن اعترفت، في وقت سابق، بأن إجمالي عدد شكاوى المواطنين ضد ممارسات عناصرها التعسفية بمختلف مناطق سيطرتها وصل إلى نحو 7959 شكوى، منها 4 آلاف و941 شكوى سُجّلت في العام قبل السابق، و3 آلاف و18 شكوى أخرى تم تسجيلها في النصف الأول من العام الماضي.


مقالات ذات صلة

خطورة هجمات الحوثيين تتراجع و«أسبيدس» الأوروبية تدمر مسيرتين

العالم العربي المهمة الأوروبية البحرية أسهمت في مرافقة 17 سفينة تجارية بالبحر الأحمر (إكس)

خطورة هجمات الحوثيين تتراجع و«أسبيدس» الأوروبية تدمر مسيرتين

وسط تراجع في خطورة هجمات الحوثيين خلال الأسبوع الأخير أعلنت مهمة الاتحاد الأوروبي العسكرية لحماية السفن (أسبيدس) تدمير طائرتين من دون طيار فوق خليج عدن.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي النساء اللائي يعانين من سوء التغذية في اليمن معرضات بشكل كبير لمخاطر الحمل والولادة (الأمم المتحدة)

سوء التغذية الحاد يرتفع بين الأمهات والأطفال اليمنيين

كشفت مصادر صحية يمنية عن ارتفاع مستوى سوء التغذية الحاد بمختلف أشكاله في أوساط الأمهات والأطفال دون الخامسة في مناطق عدة واقعة تحت سيطرة الحوثيين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي السفينة «روبيمار» قبل أيام من غرقها في البحر الأحمر إثر تعرضها لقصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)

حملة أممية لجمع الأموال لتنظيف تلوث السفينة «روبيمار»

أطلقت «الأمم المتحدة» دعوة للدول المانحة للمساهمة في تكاليف تنظيف التلوث الناتج عن غرق الناقلة البريطانية «روبيمار».

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر أمن تابع للحوثيين ضمن دورية في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

مقاول يمني مهدّد بالإعدام لرفضه التنازل للحوثيين عن أملاكه

اعتقل الحوثيون مقاولاً وأقاربه في صنعاء ويهددونه بالإعدام للتنازل عن أملاكه مقابل الإفراج عنه بذريعة أن الأملاك تابعة للرئيس اليمني الراحل علي صالح

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عائلة صغيرة في مخيم للنازحين على مشارف مدينة تعز (أ.ف.ب)

دعوة يمنية إلى تحويل أموال الإغاثة عبر «المركزي» في عدن

شهدت الأشهر الماضية تزايداً في انعدام الأمن الغذائي في اليمن، وسط انتقادات للمنظمات ودعوات إلى تغيير نهج المساعدات وتحويل الأموال عبر البنك المركزي في عدن.

وضاح الجليل (عدن)

سوء التغذية الحاد يرتفع بين الأمهات والأطفال اليمنيين

عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
TT

سوء التغذية الحاد يرتفع بين الأمهات والأطفال اليمنيين

عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)

بينما خصصت الأمم المتحدة، حديثاً، نحو 5.4 مليون دولار لمعالجة سوء التغذية في 5 محافظات يمنية تقع مُعظمها تحت سيطرة الحوثيين، كشفت مصادر صحية عن ارتفاع مستوى سوء التغذية بمختلف أشكاله في أوساط الأمهات والأطفال دون الخامسة في عدة مناطق واقعة تحت سيطرة الانقلابيين.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن القطاع الصحي سجل بغضون شهرين آلاف الإصابات الجديدة بسوء التغذية الحاد والوخيم في نحو 7 محافظات، أغلبها تحت السيطرة الحوثية، وهي محافظات صنعاء والحديدة وحجة وإب وريمة وعمران وتعز.

ملايين الأطفال في اليمن يعانون سوء التغذية والحرمان من اللقاحات (رويترز)

وعبَّرت المصادر ذاتها عن قلقها إزاء الارتفاع المستمر في معدلات سوء التغذية بين الأمهات والأطفال، مرجعةً ذلك إلى استمرار التدهور الاقتصادي والمعيشي الحادّ الذي تكابده مئات الآلاف من الأسر التي تعاني نقصاً حاداً في الغذاء، وانعداماً لأغلب الخدمات، بما فيها الصحية، وتوقف الرواتب واتساع رقعة الفقر والجوع والبطالة.

جاء هذا متزامناً مع تأكيد مشروع كويتي إغاثي أن ما يزيد على 8 ملايين طفل وامرأة حامل ومرضع، في نحو 13 محافظة يمنية، تم تسجيلهم مع بداية العام الحالي على أنهم مصابون بسوء التغذية وبحاجة إلى تدخلات غذائية وعلاجية عاجلة منقذة للحياة، والإشارة إلى أن هناك نحو 99 في المائة من الأسر اليمنية لا تتحمل تكلفة علاج أطفالهم من سوء التغذية.

عجز عن العلاج

يتحدث عصام محمد، أحد السكان في ريف صنعاء، عن إصابة اثنين من أولاده: مرام (8 أشهر)، وإياد (3 سنوات) بسوء التغذية الحاد، حيث يعجز حتى اللحظة عن تقديم العلاج لهما.

وقال عصام، وهو عامل بالأجر اليومي، لـ«الشرق الأوسط»، إن ابنته (مرام) تعاني من سوء التغذية منذ ولادتها، كما كانت تعاني زوجته أيضاً من المشكلة ذاتها أثناء فترة الحمل، إلى جانب مواجهتها صعوبة كبيرة أثناء الولادة، وذلك يعود (وفق قوله) إلى نقص حاد في الغذاء حُرِمت منه زوجته وأطفالها بالفترات السابقة، بسبب عدم تحصله على عمل يؤمِّن لهم لقمة العيش.

يمنية تحمل طفلة تعاني سوء تغذية تنتظر الحصول على مساعدات غذائية في صنعاء (إ.ب.أ)

وأكد عصام أنه وعائلته المكونة من 6 أفراد لا يزالون منذ عدة أشهر يتناولون وجبات طعام خفيفة ومتواضعة، منها «الخبز والشاي» أو «الخبز والزبادي» بعيداً عن تناول أي نوع من اللحوم، مُرجِعاً سبب هذا التدهور الغذائي الذي أصاب أفراد عائلته إلى عجزه عن إيجاد فرصة عمل لتأمين الغذاء الكافي لهم.

ويُعدّ سوء التغذية في اليمن من ضمن الأسباب الأولى المؤدية إلى وفاة الأمهات، والأطفال دون سن الخامسة، كما أن هذه المشكلة الصحية قد استفحلت كثيراً بسبب استمرار تدهور النظام الصحي وتوقف المساعدات الغذائية المنقذة للحياة، بالإضافة إلى عوامل أخرى، بحسب ما تؤكده التقارير الدولية.

ويفيد أحد العاملين الإغاثيين في صنعاء بأن عدداً كبيراً من الأطفال والنساء بمختلف المناطق تحت سيطرة الانقلابيين لا يزالون جراء الحرب المستمرة والممارسات الجائرة للجماعة محرومين من الضروريات الأساسية، بما في ذلك التغذية السليمة، والخدمات العلاجية، الأمر الذي ساعد بدرجة كبيرة في ارتفاع معدلات الإصابة بسوء التغذية الحاد والوخيم بين أوساطهم.

ويحذر العامل الإغاثي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» من أن حياة الآلاف من الأطفال والنساء في اليمن باتت على المحك، لافتاً إلى أن الأغلبية منهم يعانون من مخاطر الإصابة بسوء التغذية، وهم بحاجة إلى تدخلات طارئة من قبيل ضمان الوصول إليهم وغيرهم، وتوفير الخدمات العلاجية ومختلف المساعدات، بما فيها الغذائية، لهم.

النساء اللائي يعانين من سوء التغذية في اليمن معرضات بشكل كبير لمخاطر الحمل والولادة (الأمم المتحدة)

ودفعت النساء والأطفال (وهم الأكثر ضعفاً) في اليمن طيلة الأعوام الماضية التي أعقبت الانقلاب والحرب الحوثية، أثماناً باهظة جراء شدة الفاقة والحرمان المستمر من أبسط الحقوق والاحتياجات الضرورية، مع تعرض كثير منهم للإصابة بأوبئة وأمراض مختلفة، وتعرضهم بصورة يومية لسلسلة انتهاكات وتعسفات حوثية.

انعدام الغذاء

أدى التدهور المستمر للأمن الغذائي لملايين اليمنيين إلى إعلان الأمم المتحدة عن تخصيص أكثر من خمسة ملايين دولار، لمعالجة تفاقم انعدام الأمن الغذائي في المديريات والمناطق الأكثر تضرراً في اليمن.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن (أوتشا) إنه تم إطلاق التخصيص الاحتياطي الأول للصندوق الإنساني لليمن بمبلغ 5.4 مليون دولار بهدف معالجة الارتفاع المتوقع في سوء التغذية نتيجة توقف توزيع المساعدات الغذائية على الأسر الضعيفة في 5 محافظات.

أسعار المواد الغذائية أصبحت باهظة الثمن بالنسبة للأسر الضعيفة في اليمن (الأمم المتحدة)

ويستهدف التخصيص توفير المساعدات الغذائية العاجلة والمنقذة للحياة لما مجموعه 267 ألف شخص في 34 مديرية تابعة لمحافظات الحديدة وحجة وريمة والضالع وتعز، حيث تُعدّ من المناطق ذات الأولوية التي تُظهِر أعلى تقارب في الاحتياجات بناءً على المؤشرات متعددة القطاعات.

وسيدعم هذا التخصيص توزيع إمدادات التغذية بقيمة 20 مليون دولار، المتوفرة بالفعل لدى «منظمة الأمم المتحدة للطفولة» و«برنامج الغذاء العالمي»، كما يأتي مكملاً لمنحة الاستجابة السريعة للصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ البالغة 7 ملايين دولار، التي تم إطلاقها في مارس (آذار) الماضي، لكي يبدأ البرنامج عملية توزيع المساعدات الغذائية العامة، قبل موسم العجاف.

وطبقاً لبيانات المكتب الأممي، تُعد محافظة حجة اليمنية في مقدمة المحافظات المستهدفة حيث خصص لها 2.1 مليون دولار، تليها الحديدة بمليونَي دولار، ثم الضالع (503.2 ألف دولار)، وريمة (452.8 ألف دولار)، وتعز (374.3 ألف دولار). أما بالنسبة للمستفيدين فإن غالبيتهم من الأطفال وبعدد 129 ألف طفل من الجنسين، تليهم النساء بـ103.7 ألف، ثم الرجال 34.2 ألف.