محللون: المغامرة الحوثية لن تؤثر على جهود السلام في اليمن

اعتبروها محاولة لركوب موجة المشاعر المؤيدة للفلسطينيين

TT

محللون: المغامرة الحوثية لن تؤثر على جهود السلام في اليمن

فلسطينيون يبحثون عن الضحايا بموقع الهجوم الإسرائيلي على مخيم جباليا في غزة أمس (رويترز)
فلسطينيون يبحثون عن الضحايا بموقع الهجوم الإسرائيلي على مخيم جباليا في غزة أمس (رويترز)

استبعد محللون أن تؤثر المغامرة الحوثية عبر الانخراط في الأحداث الجارية حالياً في غزة، على جهود السلام المستمرة في اليمن، بل قد يؤدي ذلك إلى الإسراع في إغلاق ملف الحرب والبدء في معالجة الملف الإنساني.

ويرى المحللون في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» أن جماعة الحوثي سعت من خلال إعلانها استهداف إسرائيل إلى ركوب موجة المشاعر المتأججة والتأييد الشعبي للفلسطينيين، مرجحين قيام إسرائيل بالرد عبر استهداف أهداف عسكرية حوثية، مع استبعاد أي تدخل أميركي، على الأقل في المرحلة الحالية.

وتبنت الجماعة الحوثية في اليمن، الثلاثاء، رسمياً قصف إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة، في أول اعتراف للجماعة بالمسؤولية عن هجمات قالت القوات الأميركية والإسرائيلية في وقت سابق إنها تأتي من جنوب البحر الأحمر.

ويعتقد مصطفى نعمان، وكيل وزارة الخارجية اليمنية الأسبق، أن ما جرى من «مغامرة (حوثية) لن يكون له تأثير على الأوضاع الداخلية والتفاوض الجاري بين الأطراف المنخرطة في الشأن اليمني».

وأضاف نعمان، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن ما حدث سيسرع من إغلاق ملف الحرب اليمنية والبدء في معالجة الملف الإنساني؛ لأن الجبهات المفتوحة داخل المنطقة تشغلها عن التركيز على ما يدور في فلسطين وانعكاساته على الجميع».

من جانبه، أوضح الدكتور هشام الغنام، المشرف العام على مركز البحوث الأمنية وبرامج الأمن الوطني بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، أن الحوثيين أعلنوا في أكثر من مناسبة أنهم جزء مما أسموه «محور المقاومة والممانعة»، وأنهم سيكونون جزءاً من أي معركة يخوضها هذا المحور.

وأشار الغنام في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحوثيين أعلنوا، الثلاثاء، «أنهم طرف في المعركة التي تجري الآن في غزة، وأنهم قاموا بإطلاق صواريخ ومسيرات على إسرائيل ثلاث مرات حتى الآن». وتابع بقوله: «قطعاً الحوثي يركب على موجة المشاعر المتأججة والتأييد الشعبي للفلسطينيين، لكن هل ما يفعله سيغير من طريقة التعاطي معه داخل اليمن؟ باعتقادي لا، لن يغير من النظرة تجاهه داخل اليمن، الوضع اليمني الداخلي معقد وأعقد مما يبدو في الخارج، ولا يوجد دولة بمعنى الدولة، وبالتأكيد لن يكون هناك انعكاس لانخراط جماعة الحوثي الرمزي في معركة بعيدة عن اليمن على المفاوضات اليمنية الداخلية؛ لأن الخلافات اليمنية-اليمنية لا علاقة لها بفلسطين، لا من قريب ولا من بعيد».

ووفق قراءته لردة الفعل الإسرائيلية، يرجح المشرف العام على مركز البحوث الأمنية وبرامج الأمن الوطني بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، أن تقوم «إسرائيل بالرد، ومحاولة تدمير أهداف عسكرية أو مدنية للحوثيين»، مستبعداً في الوقت نفسه أي «تدخل أميركي مباشر ضد الحوثيين، إلا إذا تم استهداف قواتهم أو مصالحهم بشكل مباشر».

ولا يعتقد الغنام أن الأميركيين يريدون توسيع الصراع، معللاً بـ«أن ذلك لا يخدم استراتيجيتهم في الحرب الحالية التي تهدف إلى حصرها بين إسرائيل والفلسطينيين في غزة».

ويتفق الغنام مع رؤية نعمان بالقول: «ليس لما جرى تأثير مباشر على جهود المملكة للسلام في اليمن». مستطرداً: «لكن هذه الجهود قد تتضرر إذا ما حدثت حرب بين الحوثيين والأميركيين؛ لأنها ستعيق فرصة إنهاء الحرب بشكل نهائي في اليمن، وستعيق سعي المملكة لتشكيل حكومة يمنية متفق عليها بين الأطراف اليمنية المختلفة».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يخضعون 1000 طالب وأكاديمي وموظف لتدريبات عسكرية

العالم العربي جانب من سلسلة مبانٍ تتبع جامعة البيضاء الخاضعة لسيطرة للجماعة الحوثية (إكس)

الحوثيون يخضعون 1000 طالب وأكاديمي وموظف لتدريبات عسكرية

الجماعة الحوثية تجبر طلاباً وأكاديميين وموظفين في جامعة البيضاء على التعبئة القتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي النيران تشتعل في الناقلة «سونيون» بالبحر الأحمر بعد هجوم سابق من قبل الجماعة الحوثية (رويترز)

هجمات حوثية على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر

الحوثيون يعلنون عن هجمات على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر بالتزامن مع تولي قوات أسترالية قيادة قوات البحرية المشتركة لحماية الأمن البحري في المنطقة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

أفادت وكالة أمن بحري بريطانية، الثلاثاء، بأن طائرة مسيَّرة أصابت سفينة قبالة سواحل اليمن، حيث يشنّ المتمردون الحوثيون منذ أشهر هجمات على سفن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي احتمالات ضعيفة جداً أن تتولى الجماعة الحوثية سد الفراغ الناتج عن تحجيم قوة «حزب الله» (رويترز)

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

يناقش خبراء وباحثون سياسيون تأثير اغتيال حسن نصر الله على الجماعة الحوثية، وردود فعلها بعد الضربات الكبيرة التي يتلقاها «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال كلمته (سبأ)

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

في لحظة وصفت بـ«التاريخية»، أعلنت الحكومة اليمنية استرداد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية، ووضعها بمتحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك بشكل مؤقت…

عبد الهادي حبتور (الرياض)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)
مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)
TT

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)
مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة وزيادة معدل الاحتباس الحراري، وقال إن هذه المواقع تشكل مخاطر تلوث بيئية كبيرة عبر الهواء والماء والتربة، فضلاً عن المواد المسرطنة والمعادن الثقيلة.

ووفق دراسة لمرصد الاستشعار عن بُعد، فإن الحرب في اليمن أثرت بشكل عميق على إدارة النفايات الصلبة، مما أدى إلى زيادة الإغراق والمخاطر على البيئة والصحة العامة، وقالت الدراسة إنه يتم استخدم الأقمار الاصطناعية في تحديد مواقع الإغراق، وبالتالي المساعدة في إيجاد التدابير العلاجية وسياسات إدارة النفايات.

إحراق النفايات في اليمن يؤدي إلى إطلاق الغازات فضلاً عن المواد المسرطنة (إعلام محلي)

وأوضح المرصد أنه رغم تراجع حدة الصراع الذي دام قرابة عقد من الزمان في اليمن، فإن البلاد لا تزال بعيدة عن السلام، إذ احتلت في بداية الصراع بالفعل المرتبة 160 من أصل 177 على مؤشر التنمية البشرية، مما عزز مكانتها بوصفها واحدة من أكثر دول العالم فقراً.

وأثناء الصراع أشار المرصد إلى نشوء عديد من تحديات إدارة النفايات، ما أدى إلى انتشار مواقع الإغراق غير الرسمية وتفاقم المخاطر البيئية والصحية، كما أدت الحرب إلى إجهاد الموارد الاقتصادية، وتعطيل البنية التحتية للنفايات، وتحويل الانتباه بعيداً عن إدارتها.

وأكدت الدراسة أن مواقع النفايات غير الرسمية المليئة بالنفايات الخطرة تسبب تلوث الهواء أثناء إحراقها، ما يؤدي إلى إطلاق غازات مثل ثاني أكسيد الكبريت، فضلاً عن المواد المسرطنة والمعادن الثقيلة، ورجحت أن يكون تفشي الكوليرا في اليمن عام 2016، الذي أسفر عن وفاة 3000 شخص، مرتبطاً بالنفايات الطبية غير المعالجة التي تلوث المجاري المائية.

100 حريق سنوياً

وأوضح المرصد أنه استعمل الأقمار الاصطناعية لتحديد ومراقبة مثل هذه المواقع باستخدام نظام معلومات الحرائق التابع لوكالة «ناسا»، وكشف عن تسجيل 1350 حريقاً بين أكتوبر (تشرين الأول) 2014، وأكتوبر2023، وقال إن هذه الحرائق تتركز في المناطق الحضرية على طول السواحل الغربية والجنوبية المكتظة بالسكان في اليمن.

ووفق ما جاء في دراسة المرصد فإن الصور أظهرت أن غالبية الحرائق وقعت في عامي 2019 و2021، حيث وقعت 215 و226 ​​حادثة على التوالي، بينما شهدت الفترة بين 2014 و2016 عدداً أقل من الحرائق، حيث سُجل 17 حريقاً فقط في عام 2016، لكن المرصد نبه إلى أنه على الرغم من انخفاض وتيرة الحرائق في عامي 2022 و2023، فإن كلا العامين لا يزالان يسجلان أكثر من 100 حريق سنوياً.

نظام إدارة النفايات المتدهور يسبب ضرراً كبيراً على البيئة والسكان في اليمن (إعلام محلي)

وبحسب البيانات فإن مواقع هذه النفايات كانت حول المدن الكبرى، إذ كان لدى كل من صنعاء والحديدة مكبّان جديدان للنفايات، كما ظهر معظم النفايات حول مدينة عدن؛ التي شهدت انخفاضاً كبيراً في معدلات جمع النفايات، وهو ما يفسر انتشار المكبات غير الرسمية.

ومع ذلك أكدت الدراسة أن ظهور مكبات النفايات غير الرسمية الجديدة لم يكن متأثراً بما إذا كانت المنطقة خاضعة لسيطرة الحوثيين أو الحكومة، كما أن قربها من مكبات النفايات الرسمية لم يمنع تشكلها، كما يتضح من حالات في عدن والمكلا.

ضرر على البيئة

نبهت دراسة مرصد الاستشعار عن بُعد، أن نظام إدارة النفايات المتدهور في اليمن يسبب ضرراً كبيراً على البيئة والسكان، ذلك أن لها تأثيرات على البيئية والمناخية، خصوصاً في ميناء «رأس عيسى» النفطي على البحر وصنعاء.

ففي «رأس عيسى» أوردت الدراسة أن ممارسات الإلقاء غير السليمة بالقرب من الساحل تساهم بشكل كبير في تلوث المياه البحرية والجوفية، كما يتسرب السائل الناتج عن تراكم النفايات إلى التربة ويصل إلى المياه الساحلية، مما يؤدي إلى تعطيل النظم البيئية البحرية وتعريض الأنواع للخطر.

وتقول الدراسة إن المواد البلاستيكية تتحلل من هذه المكبات إلى جزيئات بلاستيكية دقيقة، تبتلعها الكائنات البحرية وتتراكم بيولوجياً من خلال سلسلة الغذاء، أما في صنعاء، فتساهم مكبات النفايات في تغير المناخ بشكل كبير، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى انبعاثات غاز الميثان؛ لأنه مع تحلل النفايات العضوية بشكل لا هوائي، يتم إطلاق الغاز مما يؤدي إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري والتلوث الجوي المحلي.

مسؤولة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي تتفقد مكب القمامة غربي صنعاء (الصليب الأحمر)

وطالب المرصد باستراتيجية شاملة للتخفيف من هذه التأثيرات، بما في ذلك أنظمة التقاط غاز مكبات النفايات واستخدامه لتحويل الميثان إلى طاقة، وممارسات تحويل النفايات مثل التسميد وإعادة التدوير للحد من النفايات العضوية.

ولكنه رأى أن الصراع المستمر في اليمن غالباً ما يهمش جهود حماية البيئة، مما يجعل من الصعب معالجة هذه القضايا الحرجة بشكل فعال.

وأعاد مرصد الاستشعار عن بُعد التذكير بأن تحديد المخاطر البيئية الفعلية على الناس والنظم البيئية أمر مستحيل باستخدام هذه الأساليب وحدها. وقال إن تحديد المواقع «ليس سوى جزء صغير من الحل». وأكد أن معالجة إدارة النفايات الصلبة ستظل معقدة طالما بقي الوضع السياسي في اليمن على حاله.