«حرب غزة»... فرصة حوثية لفرض الجبايات ونهب الأموال

استغلت الجماعة الأحداث لإجبار التجار والسكان على التبرع

تستغل الجماعة الحوثية القضية الفلسطينية للتسويق لمشروعها وخداع اليمنيين (إعلام حوثي)
تستغل الجماعة الحوثية القضية الفلسطينية للتسويق لمشروعها وخداع اليمنيين (إعلام حوثي)
TT

«حرب غزة»... فرصة حوثية لفرض الجبايات ونهب الأموال

تستغل الجماعة الحوثية القضية الفلسطينية للتسويق لمشروعها وخداع اليمنيين (إعلام حوثي)
تستغل الجماعة الحوثية القضية الفلسطينية للتسويق لمشروعها وخداع اليمنيين (إعلام حوثي)

يخشى اليمنيون من تأثير الحرب في قطاع غزة على حياتهم المعيشية؛ إذ بدأت ملامح هذا الخوف في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وتحديداً في العاصمة صنعاء، حيث انتهزت الجماعة الأحداث لتحقيق عوائد مالية وفرض الجبايات باسم التبرع لمساندة فلسطين.

ويتوقع السكان في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية أن تكون هذه الجبايات سبباً في زيادة أسعار المواد الأساسية كما اعتادوا خلال السنوات الماضية من سيطرة الجماعة، وخصوصاً أنه يجري تحصيل الجبايات عنوة من الشركات والمحلات التجارية، لتلحق بهم خسائر كبيرة يضطرون معها إلى رفع أسعار سلعهم.

تستثمر الجماعة الحوثية في أحداث غزة للحصول على إيرادات جديدة (إعلام حوثي)

ومنذ اليوم الأول لبدء الأحداث في غزة، وتحديداً في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وزعت الجماعة الحوثية على عدد كبير من المحال التجارية والشركات سندات باسم مكتب حركة «حماس» في صنعاء، وهو المكتب الذي يصفه كثيرون بأنه استثمار حوثي لنهب أموال اليمنيين باسم دعم المقاومة الفلسطينية.

ودشنت الجماعة الحوثية حملة جمع التبرعات بشكل علني بعد 12 يوماً من بدء أحداث غزة، عبر فرع البنك المركزي الذي تسيطر عليه؛ إذ دعت جميع السكان للتبرع عبر كافة البنوك وشركات الصرافة.

ووفقاً لرواية رجال أعمال وملاك محال تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، فإنه جرى إجبارهم على التبرع أكثر من مرة، من خلال حملات جبايات مستمرة منذ اليوم الأول للأحداث، وبأسماء مختلفة، ففي البداية كانت الجبايات باسم التبرعات لما يسمى مكتب حركة «حماس» في صنعاء من دون أن تتبناها الجماعة رسمياً، قبل أن تنطلق الحملة التي جرى الإعلان عنها من خلال البنك المركزي لتبدأ حملة أخرى خلال أقل من أسبوعين.

التبرع ثلاث مرات

أفاد بعض رجال الأعمال وأصحاب المحلات بأن نفس القيادات والمسلحين الحوثيين الذين نزلوا لجمع التبرعات باسم مكتب «حماس»، هم أنفسهم الذين جاءوا للتحصيل باسم الحملة التي أعلنتها الجماعة، إلا أن جزءاً آخر من رجال الأعمال وملاك المحال ذكروا أن كل حملة جباية باسم التبرع نفذها مسلحون حوثيون مختلفون عن سابقيهم.

منذ أول يوم لأحداث غزة بدأت الجماعة الحوثية حملات جباية باسم التبرع لصالح غزة (إكس)

وأفاد مالك مكتب لبيع وتأجير السيارات بأنه اضطر لدفع مبالغ باسم التبرع ثلاث مرات، كانت الأولى باسم مكتب «حماس»، والثانية باسم الحملة الشعبية، والثالثة عندما استغلت الجماعة الحوثية مزاعم تبرع شاب بدراجته النارية التي يعمل عليها لكسب رزقه لصالح المقاومة الفلسطينية لمضاعفة جباياتها باسم التبرع.

ويوضح مالك المكتب الذي تتحفظ «الشرق الأوسط» على بياناته، أن عدداً من القادة الحوثيين الذين يشترون أو يستبدلون سياراتهم منه بين الحين والآخر، طالبوه بالاقتداء بالشاب الذي تبرع بدراجته النارية لصالح حركة «حماس» والتبرع بسيارة من معرضه.

في البداية ظن مالك المعرض أن القادة الحوثيين يمازحونه، قبل أن يتضح له أنهم يبتزونه من أجل الحصول على تخفيض كبير في أثمان سيارات يرغبون في شرائها، وبعد مفاوضات اضطر للتنازل عن مبلغ كبير من ثمن سيارة يرغب أحدهم في شرائها، وحين انتهت عملية البيع، أخبره القيادي الحوثي أنه سيوصل تحياته ودعمه إلى قيادة مكتب «حماس» في صنعاء.

ويتهكم مالك المعرض على الواقعة بالقول: «لا أعلم الآن هل أشعر بالامتنان لنفسي لأني تبرعت لصالح إخواننا في فلسطين، أو بالحزن والغضب لأنه يتم استغفالنا ونحن نعلم!».

شاب يمني زعمت الجماعة الحوثية تبرعه طواعية بدراجته النارية التي هي مصدر دخله الوحيد (فيسبوك)

وكانت وسائل إعلام حوثية أعلنت أن سائق دراجة نارية في صنعاء، تبرّع الأسبوع الماضي بمصدر رزقه الوحيد، وهو دراجته النارية، دعماً للفلسطينيين، عبر لجنة حوثية مختصة بجمع التبرعات، ونشر الشاب على مواقع التواصل الاجتماعي صورة له رفقة قيادات حوثية وهو يسلم لهم مفتاح دراجته.

المطالبة بالمرتبات

من جهته، اشتكى رجل أعمال من أن الجبايات باسم التبرع لصالح دعم غزة والمقاومة الفلسطينية لن تتوقف عند حد؛ فما دامت الحرب هناك مستمرة، فإن الجبايات ستستمر، بل حتى بعد توقفها لن تتوقف أعمال الجباية الحوثية، بأسماء مختلفة، فمثلما هناك تداعيات لهذه الحرب، فإن أسماء التبرعات ستستمر.

ويشير إلى أن أحد القادة الحوثيين أبلغه بأن عليهم الاستعداد للتبرع باستمرار لصالح دعم الفلسطينيين ما دامت هناك حرب عليهم، وما داموا بحاجة للدعم والمساندة، بل إن استمرار وجود إسرائيل يفرض على الجميع التبرع باستمرار والتحلي بالصبر والتنازل عن الكثير من متطلبات المعيشة لصالح دعم الفلسطينيين، بحسب مزاعم القيادي الحوثي.

وواجهت الدعوات الحوثية للتبرع لصالح غزة والشعب الفلسطيني حملة استنكار وسخرية واسعين، بحكم أنها صدرت من الجماعة التي أوقفت رواتب الموظفين العموميين منذ سبعة أعوام، وتسببت بإفقار المجتمع وإغراقه في أكبر أزمة إنسانية في العصر الحديث وإفلاس العديد من القطاعات الاقتصادية وتوسيع رقعة البطالة وهروب رؤوس الأموال وإفلاس المؤسسات التجارية.

يتهم اليمنيون الجماعة الحوثية باستغلال أحداث غزة للتهرب من الاستحقاقات المعيشية والمطلبية (إعلام حوثي)

وطالب العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي الجماعة الحوثية بصرف رواتب الموظفين المتوقفة منذ سبعة أعوام من أجل أن يتمكنوا من التبرع لصالح المنكوبين في غزة.

ولا يصدق غالبية اليمنيين المزاعم الحوثية بجمع التبرعات لصالح الفلسطينيين، رغم العلاقات الجيدة بين الجماعة الحوثية وحركة «حماس»، والثناء المتبادل بينهما في العديد من المناسبات، والمساندة في المواقف المختلفة، وهي المواقف التي استفزت مشاعرهم باستمرار.

ورغم تعاطف غالبية اليمنيين مع الفلسطينيين ودعمهم لهم في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية؛ فإن هذه الاعتداءات تذكرهم بالاعتداءات الحوثية على عدد من المدن والمحافظات، كما يذكرهم حصار قطاع غزة بحصار تعز المستمر منذ ثمانية أعوام.


مقالات ذات صلة

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

العالم العربي الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

يتجه الحوثيون إلى توسيع دائرة مواردهم من خلال ابتكار آليات ووسائل جديدة للجبايات بالتزامن مع مساعيهم إلى إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتهم.

وضاح الجليل (عدن)
يوميات الشرق وزير الإعلام اليمني وعدد من سفراء الدول العربية والأجنبية لدى اليمن خلال انطلاق «ليالٍ يمنية» في الرياض (متداولة)

أنغام الطرب اليمني الأصيل تُعانق رقصات الفلكلور في قلب الرياض

على إيقاع الطرب اليمني الأصيل، وتناغم رقصات الفلكلور التراثي العريق، انطلقت مساء الأحد في قلب العاصمة السعودية الرياض، فعاليات «ليالٍ يمنية» التي تستمر 3 أيام.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)

إرغام محال الإنترنت بصنعاء على المشاركة في التعبئة الحوثية

شنَّت الجماعة الحوثية في الأيام الأخيرة حملات ضد مُلاك مَحال وشبكات الإنترنت في العاصمة المختطفة صنعاء، بغية ابتزازهم وإجبارهم على الترويج لأفكار الجماعة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

«الرئاسي اليمني» يلتزم بدعم إصلاح الاقتصاد ومعركة استعادة الدولة

جدد مجلس القيادة الرئاسي اليمني التزامه بدعم مسار الإصلاحات الاقتصادية، والتركيز على القضية المصيرية المتمثلة في معركة استعادة الدولة وإنهاء انقلاب الحوثيين

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي حضور فاعل لمركز الملك سلمان في كل الجوانب الإنسانية داخل اليمن (الأمم المتحدة)

185 ألف يمني يستفيدون من مشروع يموله مركز الملك سلمان

أطلقت المنظمة الدولية للهجرة، بالشراكة مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، مشروعاً حيوياً بقيمة 2.25 مليون دولار لتحسين خدمات الصرف الصحي في مأرب.

محمد ناصر (تعز)

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

تجدد الحديث عن وقائع العنف بين طلاب المدارس في مصر، مع حادثة مقتل طالب في محافظة بورسعيد طعناً على يد زميله، ما أثار مخاوف من انتشاره، في ظل وقوع حوادث مماثلة بوقت سابق في محافظات مختلفة.

وشغلت المصريين خلال الساعات الماضية واقعة شهدتها مدرسة بورسعيد الثانوية الميكانيكية بمحافظة بورسعيد في مصر، الأحد، بعدما تداول مدونون «اتهامات عن تعدي طالب على آخر بسلاح أبيض ما أصابه بطعنة نافذة في القلب، أدت إلى وفاته».

وكشف وزارة الداخلية المصرية، الاثنين، ملابسات الحادث، مشيرة، في بيان، إلى أن عملية الطعن جاءت على خلفية مشاجرة نشبت بين الطالبين في فناء المدرسة، و«أنه بالانتقال وسؤال شهود الواقعة أفادوا بقيام طالب بالتعدي على المجني عليه بسلاح أبيض (مطواة) كانت بحوزته، فأحدث إصابته، ولاذ بالهرب بالقفز من أعلى سور المدرسة».

وعقب تقنين الإجراءات، وفق البيان، تم «ضبط مرتكب الواقعة بمكان اختبائه بالقاهرة، كما تم ضبط السلاح المستخدم في ارتكاب الواقعة».

وجاء التعقيب سريعاً من وزارة التعليم، حيث أكد الوزير محمد عبد اللطيف، أن «الوزارة لن تتهاون في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حماية أبنائها الطلاب، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وسلامة سير العملية التعليمية في جميع محافظات الجمهورية».

وشدد في بيان، الاثنين، على أنه «لن يتم القبول بتكرار مثل هذا الحادث، أو أي تجاوزات من قبل الطلاب أو المعلمين أو أي مسؤول، وأي تجاوز ستتعامل معه الوزارة بإجراءات صارمة وحازمة».

وكانت الوزارة، في أول رد فعل عقب الحادث، اتخذت إجراءات عاجلة ومشددة تضمنت إلغاء تكليف مديرة المدرسة، وتحويل جميع المسؤولين في المدرسة إلى الشؤون القانونية.

ويدرس نحو 25 مليون طالب وطالبة في مرحلة التعليم الأساسي في مصر، تضمهم 60 ألف مدرسة، بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم.

الواقعة أثارت تفاعلاً، وأعادت الحديث عن جرائم مشابهة، منها ما شهدته محافظة سوهاج (صعيد مصر)، قبل أيام، من إصابة طالب بالصف الأول الثانوي بجرح قطعي بالرقبة إثر تعدي زميله عليه بسلاح أبيض «كتر» إثر مشادة كلامية لوجود خلافات سابقة بينهما، بحسب وسائل إعلام محلية.

وزارة التعليم المصرية تسعى لحماية الطلاب وتطبيق أسس وقواعد التربية السليمة (الشرق الأوسط)

وخلال يوليو (تموز) الماضي، أقدم طالب بالثانوية العامة في محافظة بورسعيد أيضاً، على طعن زميله داخل إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة، بدعوى عدم السماح له بالغش منه. وتكررت الواقعة للسبب نفسه خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، عندما طعن طالب ثانوي بالإسكندرية زميله بآلة حادة عقب الخروج من لجنة الامتحان لعدم تمكينه من الغش، حيث استشاط غضباً لعدم مساعدته.

ومن قبلها في شهر مارس (آذار)، قُتل طالب على يد زميله بسلاح أبيض «كتر» أمام مدرسة ثانوية بمحافظة القليوبية، بسبب معاكسة فتاة.

الخبير التربوي المصري، الدكتور حسن شحاتة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، يرجع مثل هذه الوقائع إلى «السلوك العدواني، الذي يكتسبه الطلاب من البيئة والمجتمع خارج المدرسة، من خلال مشاهدة التلفزيون وأفلام العنف، والألعاب العنيفة، وبالتالي ينقلونه إلى داخل المدرسة».

ولفت إلى أن «وقف هذا العنف مسؤولية مشتركة، فالأسرة عليها مهمة تجنيب الأبناء صور وأشكال السلوك العدواني، إلى جانب إفهام الطالب الخطأ من الصواب داخل المدرسة، والقوانين المنظمة للدراسة، والتشديد على الالتزام الأخلاقي داخل المؤسسة الدراسية، وكيف أنها مكان مقدس مثل دور العبادة».

ولا تمثل هذه الوقائع ظاهرة، وفق شحاتة، فهي «حوادث معدودة في ظل وجود 25 مليون طالب في مصر»، مبيناً أنه «مع ارتفاع كثافة الفصول، وعدم وجود أنشطة مدرسية مناسبة للتلاميذ، مما يؤدي إلى عدم تفريغ الشحنات الانفعالية لهم، وهنا يأتي دور المدرسة في إيجاد أنشطة في المدرسة رياضية وموسيقية وفنية، يمارسها الطلاب لتهذيبهم، مع وجود دور للمُعلم في تعليمهم السلوك السوي مع بعضهم البعض».

ويوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة المصرية اليابانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الحوادث تعد «أعراضاً لتراجع النظام التعليمي»، وغياب «القيم التربوية».

ويلفت «صادق» إلى أن هذه الحوادث تعد امتداداً لإرث معروف بين الأسر تنصح به أطفالها، مثل عبارات: «لو حد ضربك في المدرسة اضربه» أو «خد حقك»، الذي معه «يقرر الطالب الاعتماد على نفسه في الحصول على حقه»، بينما الطبيعي، وفق صادق، عند تعرض الطالب لعنف أو تنمر «يشتكي للمعلم، ويرفع الأمر للإدارة لأخذ موقف ومعاقبة الطالب المعتدي؛ لكن مع غياب المعلم المؤهل وضعف إدارات المدارس، يغيب ذلك العقاب، وبالتالي نجد هذا العنف».