جولة جديدة من المباحثات بين بغداد وأربيل بشأن رواتب موظفي الإقليم

تظاهرة في مدينة دهوك بإقليم كردستان احتجاجاً على عدم دفع رواتب الموظفين (أرشيفية - أ.ف.ب)
تظاهرة في مدينة دهوك بإقليم كردستان احتجاجاً على عدم دفع رواتب الموظفين (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

جولة جديدة من المباحثات بين بغداد وأربيل بشأن رواتب موظفي الإقليم

تظاهرة في مدينة دهوك بإقليم كردستان احتجاجاً على عدم دفع رواتب الموظفين (أرشيفية - أ.ف.ب)
تظاهرة في مدينة دهوك بإقليم كردستان احتجاجاً على عدم دفع رواتب الموظفين (أرشيفية - أ.ف.ب)

في الوقت الذي طمأن فيه وزير كردي في الحكومة الاتحادية في بغداد الموظفين الكرد بشأن إرسال رواتبهم طبقا لاتفاق سابق مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قررت حكومة إقليم كردستان (الأحد) إرسال وفد إلى بغداد منتصف الأسبوع الحالي من أجل حسم مبلغ القرض النقدي الذي اتفقت مع الحكومة الاتحادية على إرساله لدفع رواتب الموظفين.

وقال بيان للمتحدث باسم حكومة الإقليم بيشوا هورامي إنه «كان مقرراً إرسال مبلغ 700 مليار دينار لرواتب الموظفين في إقليم كردستان الأسبوع الماضي، مستدركاً أنه «خلافاً لجميع التصريحات والأحاديث داخل الاجتماعات واتفاق إرسال المبلغ، تأخر الإرسال المبلغ».

وأوضح البيان أن «وفداً من الإقليم سيتوجه الأسبوع الحالي إلى بغداد، وأن الحكومة الاتحادية تجتمع يوم الثلاثاء المقبل، ونريد إصدار قرار نهائي وجذري بهذا الصدد».

وأضاف هورامي أن «المدة الماضية أظهرت فيها حكومة الإقليم نياتها الواضحة للاتفاق والتوصل لنتيجة مع الحكومة الاتحادية، ولم يتبق شيء تفعله حكومة الإقليم، مستدركاً أنه إذا استمرت الأمور بهذه الشاكلة، فإن حكومة الإقليم لن تتمكن من البقاء صامتة تجاه خرق الحقوق الدستورية لشعب إقليم كردستان».

إضافة إلى ذلك، وفي مسعى منه لطمأنة موظفي الإقليم أعلن وزير الإعمار والإسكان والبلديات العامة، بنكين ريكاني أن الحكومة الاتحادية سترسل قريباً مبلغ 700 مليار دينار ضمن الدفعة الثانية المتفق عليها لتمويل مرتبات الموظفين والعاملين في القطاع العام في إقليم كردستان للأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023.

وقال ريكاني وهو قيادي بالحزب الديمقراطي الكردستاني خلال مؤتمر صحافي عقده داخل مبنى الوزارة في العاصمة بغداد: «اليوم صباحاً تحدثت مع رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، ومع وزيرة المالية طيف سامي، وتلقينا وعوداً منهما بأن وفد إقليم كردستان إذا قدم إلى بغداد من الممكن بعد غد حل المشكلة التي تكمن بنظام الحسابات»، مؤكداً أن «مبلغ 700 مليار دينار سيُرْسَل إلى الإقليم».

وأضاف ريكاني أن «الأجواء إيجابية لدى البرلمان والحكومة الاتحادية، وتساعد على حل المشكلة التي هي تقنية ولم يتبق شيء على معالجتها».

وكان وزير المالية والاقتصاد في إقليم كردستان آوات شيخ جناب نوري قد أعلن من جهته أول من أمس أن الحكومة الاتحادية سترسل 700 مليار دينار الأسبوع المقبل إلى الإقليم لرواتب الموظفين في الإقليم.

إضافة إلى ذلك، طالب اتحاد متقاعدي كردستان سلطات الإقليم بتنفيذ قرارات المحكمة الاتحادية العليا، وتطبيق القوانين الاتحادية بشأن المتقاعدين، وتعطيل العمل بالقوانين الملغاة.

وقال صادق عثمان عارف المتحدث باسم اتحاد متقاعدي كردستان إن «المتقاعد في كردستان يلحظ فرقاً كبيراً في حقوقه مقارنة بحقوق أقرانه في مناطق الوسط والجنوب من حيث الراتب والامتيازات»، موضحاً: «قبل أيام مُنح المتقاعدون في الوسط والجنوب زيادة على رواتبهم التقاعدية، ونحن حتى الآن لم نتسلم رواتب شهر أغسطس (آب) المنصرم».

وأضاف أن «المتقاعد في كردستان يتقاضى 220 ألف دينار، بينما يتقاضى متقاعدو الوسط والجنوب 500 ألف دينار، وكذلك يشملون بالسلف والامتيازات المصرفية فضلاً على صرف رواتبهم في وقتها المحدد، ووفقاً للبطاقات الذكية، بينما يقف المتقاعدون في كردستان في طوابير ساعات».

وأوضح أنه «ومنذ عام 2014 ادُّخِر قرابة 22 راتباً من رواتبنا الشهرية بسبب الأزمة المالية، وكل ذلك بسبب عمل الإقليم بقانون رقم 27 لعام 2006 الملغى والذي حل محله قانون رقم 9 لعام 2014، والذي كان يلزم بالتعامل به في كل أجزاء العراق».

وبيّن أنه «وبسبب تلك المعاناة قمنا بتقديم شكوى لدى المحكمة الاتحادية في عام 2022، وقد قضت المحكمة الاتحادية بقرارها رقم 212 في 23 - 11 - 2022، والذي يلزم حكومة الإقليم بالعمل بقانون رقم 9 لسنة 2014، لكن حتى الآن ذلك القانون معطل في الإقليم، ولم يجد النور».

وبينما واجهت حكومة محمد شياع السوداني واحدة من أهم الأزمات في السنة الأولى من تشكيلها بعد أن أصدرت المحكمة الاتحادية العليا تسليم المقر المتقدم للحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك إلى الحزب فإنه وبعد لقاءات ووساطات بين الطرفين جرت تهدئة الموقف رغم سقوط عدد من القتلى خلال التظاهرات التي انطلقت في كركوك احتجاجاً على ذلك.

وبينما هددت تلك الأزمة وحدة ائتلاف إدارة الدولة الداعم الأكبر للحكومة بعد تهديد الحزب الديمقراطي بالانسحاب من هذا الائتلاف، فإن التسوية السياسية بين الطرفين أعادت الأمور إلى أوضاعها الطبيعية.

وفي غضون ذلك، قرر الحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل الأسبوع الماضي إهداء المقر المتقدم العائد له بموجب ورقة الاتفاق السياسي إلى جامعة كركوك.

ورحبت الحكومة الاتحادية بهذه الخطوة، وقالت في بيان إن «رئيس مجلس الوزراء ثمّن هذه المبادرة الحكيمة، وجدد تأكيده حرص الحكومة على استدامة الأمن والتعايش والأخوة في كركوك، وبقية محافظات العراق، التزاماً منه ببرنامجه الحكومي، وتطبيقاً لسيادة القانون؛ من أجل عراق مزدهر يتمتع فيه جميع مواطنيه بالأمن والسلام.


مقالات ذات صلة

حكومة العراق تلزم الفصائل بتجنب الحرب

المشرق العربي جانب من اجتماع لتحالف «الإطار التنسيقي» في بغداد (إكس)

حكومة العراق تلزم الفصائل بتجنب الحرب

أفيد في بغداد، أمس، بأن الحكومة العراقية أبلغت فصائل مسلحة بتجنب الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل لتدارك مخاطر «خطوة غير دقيقة» قد يُقدم عليها أي طرف.

فاضل النشمي (بغداد)
الاقتصاد نظر خارجي للسفارة الأميركية في بغداد (د.ب.أ)

العراق: إمدادات الغاز الإيرانية لم تتأثر بالهجوم الإسرائيلي

أكدت وزارة الكهرباء العراقية، اليوم الجمعة، أن إمدادات الغاز الإيراني إلى العراق لم تتأثر بالهجوم الإسرائيلي على إيران.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
الاقتصاد جانب من العاصمة العراقية بغداد (رويترز)

بسبب «التداعيات غير المستقرة»... بغداد تقرر تأجيل انعقاد ملتقى العراق للاستثمار

أعلن المجلس الاقتصادي العراقي تأجيل انعقاد ملتقى العراق للاستثمار حتى إشعار آخر، وردّ ذلك إلى «التداعيات غير المستقرة في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مروحيتان من طراز «سيكورسكي بلاك هوك» تحلقان في سماء بغداد (رويترز)

طائرات عسكرية تهبط في بغداد لإجلاء دبلوماسيين أميركيين

قالت مصادر أمنية عراقية، الخميس، إن طائرات عسكرية أميركية هبطت في قاعدة عسكرية قرب مطار بغداد الدولي، بالتزامن مع تحذيرات «عالية» من «وقوع أعمال عنف».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
الاقتصاد رئيس الوزراء العراقي يشهد توقيع اتفاقية مشروع عقاري مع مجموعة طلعت مصطفى المصرية (رئاسة مجلس الوزراء العراقي)

إطلاق مشروع عراقي - مصري - سعودي في مدينة الرفيل غرب بغداد

أعلنت رئاسة مجلس الوزراء العراقي، توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة الوطنية للاستثمار، وشركة «طلعت مصطفى القابضة» المصرية، لتطوير مشروع عقاري في بغداد.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

اليمن: «أميرة» ليست امرأة... سقوط شبكة ابتزاز تقودها أصوات زائفة

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك بعدن (غيتي)
حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك بعدن (غيتي)
TT

اليمن: «أميرة» ليست امرأة... سقوط شبكة ابتزاز تقودها أصوات زائفة

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك بعدن (غيتي)
حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك بعدن (غيتي)

بعد أسابيع من الجدل، أعلنت شرطة مدينة عدن؛ حيث العاصمة اليمنية المؤقتة، القبض على شاب أنشأ حساباً عبر «فيسبوك»، باسم «أميرة محمد»، وتمكن، خلال سنوات، وبمساعدة 3 آخرين، من جمع ملايين الريالات اليمنية من ضحاياه، وأغلبهم من المغتربين خارج البلاد؛ إما تحت مُسمّى مساعدات علاجية لمرضى أو عن طريق ابتزازهم بصور ومكالمات حميمية.

ووفق مصادر الشرطة، فإنّ خيوط العملية تكشَّفت عندما تلقَّت شكوى من أحد الأشخاص أُجبر على إرسال مبلغ 20 ألف ريال سعودي (نحو 6 آلاف دولار) على دفعات عدّة إلى إحدى الفتيات، فضبطتها الشرطة، لتكشف بدورها عن تفاصيل المجموعة التي تدير الحساب عبر «فيسبوك»، لأنّ دورها كان يقتصر على تسلُّم الحوالات المالية وإرسال بعض الرسائل الصوتية.

وذكرت إدارة التحرّيات أنّ وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية قبضت على متّهم بارتكاب جرائم ابتزاز إلكتروني، كان يستخدم اسماً وهمياً عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحت الاسم المستعار «أميرة» المزعوم.

» للإيقاع بالضحايا.

ووفق شرطة عدن، كشفت التحرّيات أنّ المتّهم لم يكن يعمل بمفرده، إذ كانت تُشاركه في تنفيذ هذه الجرائم فتاة أخرى ضُبِطت أيضاً ضمن العملية الأمنية.

شيوع ظاهرة إدارة شبّان لحسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء الإناث (إعلام حكومي)

وتحدّثت الشرطة عن ابتزاز المُتّهمَيْن لعدد من الأشخاص مادياً ونفسياً من خلال انتحال شخصية فتاة، وتهديد الضحايا بنشر محادثات وصور شخصية جرى الحصول عليها بطرق غير مشروعة. وقد وُثِّقت الأدلّة الرقمية الكافية لإدانتهما، وأُحيلت القضية على النيابة العامة لاستكمال الإجراءات القانونية.

وأكد البيان أنّ الشرطة لن تتهاون في ملاحقة كلّ مَن تسوّل له نفسه استغلال الفضاء الإلكتروني لتهديد حياة الآخرين أو التلاعب بثقتهم، ودعا إلى الإبلاغ عن أي حالات مشابهة عبر قنوات الاتصال الرسمية، وعدم التفاعل مع أي حسابات مشبوهة أو غير معروفة.

ضحايا في الخارج

وفق مصادر أمنية في عدن، فقد قُبض على الشاب الذي أثار حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي جدلاً واسعاً، خلال السنوات الماضية، وحظي بمتابعة كبيرة، قبل أن يتبيَّن أن المئات وقعوا ضحايا للرجل الذي استعان بامرأتين وأحد أقاربه في هذه المَهمّة.

وكان الشاب يستعين بالمرأتين عند الحاجة إلى وجود صوت نسائي، لإغراء الضحايا، في سبيل الحصول على الأموال، إما لأنه بحاجة لها لمواجهة متطلّبات المعيشة اليومية، أو لشراء حاجات، أو الادّعاء بوجود مرضى بحاجة للمساعدة، وكان يوزّع هذه الأموال بين أفراد المجموعة.

وجرت عملية القبض على المتهم الرئيسي في إحدى المحافظات القريبة من عدن، بتنسيق مشترك بين وحدة الابتزاز الإلكتروني في إدارة أمن عدن، والجهات الأمنية في المحافظة التي ضُبط فيها المُتّهم.

ضبط عدد من المتورّطين في الجرائم الإلكترونية (إعلام حكومي)

كما قُبض على إحدى مساعداته التي كانت تُستخدم في إرسال التسجيلات الصوتية للضحايا لتأكيد أنّ مالك الحساب امرأة؛ وهي التي اعترفت على بقية المتورّطين في القضية، لتُواصل قوات الأمن ملاحقة بقية أفراد المجموعة، وهم أحد أقارب المتّهم الرئيسي وشقيقته.

ووفق التحقيقات، فإنّ الشاب أنشأ الحساب وأداره بمساعدة فتاة كانت تتولّى إرسال التسجيلات الصوتية والتواصل مع الضحايا، بهدف إضفاء صدقية على الحساب الوهمي، وقد نفَّذ الطرفان عمليات ابتزاز طالت مئات الأشخاص خلال المدّة الماضية، جُمِعت خلالها ملايين الريالات، وأغلب الضحايا من المغتربين اليمنيين، بينما ينتظر الأمن القبض على بقية المجموعة، واستكمال الإجراءات القانونية بحقهم قبل إحالتهم على النيابة.

أساليب متنوّعة

وفق مصادر أمنية، فإنّ هذا الحساب تمكَّن من النصب على إناث وذكور، من بينهم شخصيات معروفة ومشهورة؛ إذ جذب المتابعين وكسب ثقتهم من خلال مسابقات وجوائز حقيقية تصل إلى عشرات الآلاف من الريالات، كما ركَّز على بناء علاقات جيّدة مع شخصيات مشهورة في مواقع التواصل الاجتماعي، جعلتهم يُشاركون في الترويج للحساب، وهو ما جعل الجميع يثق به.

وتابعت المصادر أنه، في مرحلة لاحقة، بدأت عملية النصب من خلال الادّعاء بأنّ صاحبة الحساب تعاني مرضاً، وأنها وحيدة بعد وفاة والديها، كما استخدمت طرقاً أخرى وُصفت بأنها أكثر بشاعة، من خلال الدخول في محادثات جنسية، وبعد ذلك ابتزاز الضحايا لدفع المال، وبيع المكالمات الصوتية في حال الرفض.

وعلَّقت المحامية اليمنية هدى الصراري على القضية، قائلة إنّ الأغرب من القصة نفسها حجم التفاعل الكبير معها، وسقوط عدد غير قليل من الأشخاص ضحايا لهذا الأسلوب، منهم من يُفترض أنهم إعلاميون أو مؤثرون.

ورأت أنّ المؤلم ليس عملية النصب في ذاتها فحسب، وإنما كيفية تغييب وعي الناس بسهولة، وحَرْف انتباههم عن قضايا حقيقية ومحورية في بلد يعاني الحرب والفساد وانتهاكات الحقوق، وتسليط الضوء على أمور تافهة والدفاع عنها كأنها مقدّسة، وفق قولها.

وخلال السنوات الأخيرة، شاعت في اليمن ظاهرة حسابات منتحلة صفة الإناث، يديرها ذكور بهدف الإيقاع بالضحايا من الرجال، واستهداف المغتربين تحديداً.

كما شاعت ظاهرة الابتزاز الإلكتروني للنساء بشكل كبير، وأُجبرت كثيرات منهن على دفع أموال طائلة للمبتزّين، مما استدعى من السلطات استحداث وحدات في أغلب المحافظات لمواجهة الابتزاز الإلكتروني قُبض من خلالها على عدد من المتورّطين في هذه الجرائم.