حملة جباية وابتزاز حوثية لملاك صالات المناسبات في صنعاء

تعديلات قانونية لشرعنة نهب أموال السكان

تابعون للجماعة الحوثية يغلقون صالة مناسبات في صنعاء في وقت سابق (إكس)
تابعون للجماعة الحوثية يغلقون صالة مناسبات في صنعاء في وقت سابق (إكس)
TT

حملة جباية وابتزاز حوثية لملاك صالات المناسبات في صنعاء

تابعون للجماعة الحوثية يغلقون صالة مناسبات في صنعاء في وقت سابق (إكس)
تابعون للجماعة الحوثية يغلقون صالة مناسبات في صنعاء في وقت سابق (إكس)

في توجه لفرض جبايات جديدة؛ شنت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية حملة لإغلاق عدد من صالات المناسبات في صنعاء، بالتزامن مع تعديلات أجراها البرلمان الخاضع لسيطرتها على قوانين ضريبية وجمركية لفرض مزيد من الإتاوات على السكان الذين يعانون أوضاعا كارثية ويحتاجون إلى المساعدة العاجلة.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن حملة الجباية الحالية على صالات المناسبات، تركزت في أحياء مذبح وعصر والسنينة والرباط، التابعة لمديرية معين غرب العاصمة، وهي أكبر مديرياتها من حيث الكثافة السكانية، وأقدم منفذو الحملة من المشرفين والمسلحين الحوثيين الذين يسيطرون على مكتب الأشغال العامة في العاصمة، على إغلاق عدد من الصالات بحجة مخالفة التعليمات والقوانين.

وبلغ عدد الصالات التي أٌغلِقت على يد مشرفي وعناصر الجماعة الحوثية خلال يوم واحد في صنعاء، نحو 8 قاعات مخصصة للأفراح والمناسبات، من بينها صالات الفردوس والعنود في حي السنينة والفيروز واللواء الأخضر واللؤلؤة في حي مذبح، إلى جانب إغلاق 3 صالات أخرى في حي عَصِر وحي الرباط.

أغلقت الجماعة الحوثية عشرات المحلات والشركات التجارية بحجة التهرب من دفع إتاوات (إعلام حوثي)

وبررت الجماعة إجراءاتها بحق ملاك الصالات بتسجيل مخالفات عدة عليها، مثل عدم امتلاك تراخيص مزاولة النشاط، وعدم وجود مواقف خاصة للسيارات، والتهرب من دفع الضرائب والزكاة ودعم جبهات القتال، إلى جانب مخالفة التعليمات التي سبق أن وضعتها الجماعة في أوقات سابقة.

وشكا ملاك صالات المناسبات في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من معاودة عناصر الجماعة منذ أيام استهداف مصادر عيشهم بالدهم والتعسف والإغلاق في حملة ترمي إلى فرض إتاوات غير مشروعة عليهم بالقوة.

ابتزاز مباشر

تحدث مالك صالة في صنعاء، طلب إخفاء اسمه، عن تفاجئه باقتحام مشرفين حوثيين برفقة مسلحيهم صالته وسط صنعاء ومباشرتهم، دون سابق إنذار، إغلاقها بالسلاسل والأقفال، طالبين منه سرعة التوجه إلى مكتب الأشغال بالمديرية التي تقع الصالة في نطاقها للمراجعة ودفع الإتاوات المفروضة.

وأفاد مالك الصالة بأن أحد المشرفين همس في أذنه عقب الإغلاق طالباً منه أن يدفع له مبلغاً يعادل 200 دولار، مقابل إعادة فتح الصالة على الفور، بدلاً من ذهابه إلى المكتب للمراجعة، لكنه رفض دفع المبلغ لكونه يلتزم دائماً بالقيود والتعليمات الصادرة عن سلطة الجماعة، ويدفع المبالغ المفروضة عليه بانتظام.

يواجه القطاع الخاص في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية تعسفاً أدى إلى تراجع أرباحه (إعلام حوثي)

لكنّ المشرف الحوثي حذّره من أن إعادة فتح الصالة قد يستغرق فترة أسبوع أو أكثر في حال ذهابه للمراجعة، وقد يضطر وقتها إلى دفع مبلغ يزيد بأضعاف عما طلب منه.

وتوقع ناشطون وسكان في صنعاء أن هذه الممارسات الحوثية بحق صالات المناسبات في غرب العاصمة، قد تكون مقدمة لحملة استهداف تطال باقي الصالات في مختلف المديريات.

واتهم سكان في حي السنينة غرب صنعاء القيادي الحوثي والحاكم الفعلي للعاصمة، خالد المداني، بالوقوف خلف حملة الاستهداف الجديدة بحق ملاك صالات المناسبات في منطقتهم.

وأكد السكان الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن تلك الحملة سبقها بيوم زيارة القيادي الحوثي وآخرين لمنطقة السنينة لأسباب ظاهرها تفقد احتياجات السكان، وباطنها تتبع حركة السوق المحلية، وقياس حجم الإتاوات التي تعتزم الجماعة معاودة شن حملات لتحصيلها من جميع الفئات.

خسائر كبيرة للقطاع الخاص

تواصل الجماعة الحوثية فرض مزيد من الرسوم الضريبية والجمركية وعدة أنواع مختلفة من مختلف الجبايات والإتاوات غير المشروعة على من تبقى من التجار ومنتسبي القطاع الخاص في مناطق سيطرتها، بمسميات مختلفة، مثل رفد جبهات القتال ودعم احتفالات المناسبات الطائفية للجماعة.

حوثيون يغلقون مقر إحدى شركات الأدوية في العاصمة صنعاء بعد رفضها دفع إتاوات (إعلام حوثي)

وكان البنك الدولي قدّر خسائر القطاع الخاص اليمني المباشرة وغير المباشرة في السنوات الثلاث الأولى من الحرب التي أشعلتها الجماعة بحوالي 27 مليار دولار.

وأوضح البنك الدولي، في تقرير له بعنوان «المذكّرة الاقتصادية القطرية لليمن»، أن 25 في المائة من إجمالي عدد الشركات في اليمن أُغلقت بعد عام 2014، وهو العام الذي اجتاحت فيه الميليشيات الحوثية صنعاء ومحافظات عدّة واستولت على السلطة بقوة السلاح، كما شهدت أكثر من 80 في المائة من الشركات انخفاضاً حاداً في المبيعات.

وأكد البنك أن الأسباب الرئيسية لإغلاق الشركات تضمّنت القضايا الأمنية في مناطق الصراع والخراب الاقتصادي والركود المالي وتدمير أصول الشركات، مرجعاً أسباب انخفاض أرباحها إلى عدم استقرار أسعار الصرف وتناقص عدد العملاء، في حين أضعف انقطاع رواتب موظّفي القطاع العام في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية؛ القوة الشرائية للمستهلك وأثّر سلباً على الأنشطة التجارية.

وتواجه الشركات في اليمن أيضاً صعوبات وتحديات أخرى، مثل انعدام الاستقرار السياسي والأمن والتعليق الدوري للصادرات والقيود المفروضة على الاستيراد، واتّساع الاختلالات المالية والنقدية، وارتفاع مستويات الجريمة، وارتفاع مستوى عدم الرسمية، ما أجبر ما يقرب من 20 في المائة من الشركات على نقل عملياتها إما إلى المناطق المحررة أو إلى الخارج.

حملات الجبايات الحوثية تطال جميع الأنشطة الاقتصادية حتى الصغيرة منها والباعة المتجولين (إكس)

وأقرت الجماعة الحوثية عبر البرلمان الخاضع لسيطرتها تعديل مجموعة من القوانين الضريبية والجمركية، لمنح رئيس المجلس السياسي (مجلس الحكم الانقلابي) الحق في فرض ضرائب جديدة، أو رفع الضرائب والرسوم الجمركية المعمول بها حالياً، دون العودة إلى الحكومة أو البرلمان.

وصوّت أعضاء «مجلس النواب» الانقلابي على مقترح قدّمه رشيد أبو لحوم وزير المالية في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، والمقالة منذ 3 أسابيع، لمنح رئيس المجلس السياسي سلطة تعديل القوانين، وفرض أو تعديل الرسوم الضريبية والجمركية بناء على اقتراح من الوزير، ودون تدخل من حكومة الانقلاب أو «مجلس النواب»، خلافاً للدستور اليمني الذي يمنع بشكل قاطع فرض أي رسوم ضريبية إلا بقانون.


مقالات ذات صلة

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

العالم العربي الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

يتجه الحوثيون إلى توسيع دائرة مواردهم من خلال ابتكار آليات ووسائل جديدة للجبايات بالتزامن مع مساعيهم إلى إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتهم.

وضاح الجليل (عدن)
يوميات الشرق وزير الإعلام اليمني وعدد من سفراء الدول العربية والأجنبية لدى اليمن خلال انطلاق «ليالٍ يمنية» في الرياض (متداولة)

أنغام الطرب اليمني الأصيل تُعانق رقصات الفلكلور في قلب الرياض

على إيقاع الطرب اليمني الأصيل، وتناغم رقصات الفلكلور التراثي العريق، انطلقت مساء الأحد في قلب العاصمة السعودية الرياض، فعاليات «ليالٍ يمنية» التي تستمر 3 أيام.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)

إرغام محال الإنترنت بصنعاء على المشاركة في التعبئة الحوثية

شنَّت الجماعة الحوثية في الأيام الأخيرة حملات ضد مُلاك مَحال وشبكات الإنترنت في العاصمة المختطفة صنعاء، بغية ابتزازهم وإجبارهم على الترويج لأفكار الجماعة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

«الرئاسي اليمني» يلتزم بدعم إصلاح الاقتصاد ومعركة استعادة الدولة

جدد مجلس القيادة الرئاسي اليمني التزامه بدعم مسار الإصلاحات الاقتصادية، والتركيز على القضية المصيرية المتمثلة في معركة استعادة الدولة وإنهاء انقلاب الحوثيين

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي حضور فاعل لمركز الملك سلمان في كل الجوانب الإنسانية داخل اليمن (الأمم المتحدة)

185 ألف يمني يستفيدون من مشروع يموله مركز الملك سلمان

أطلقت المنظمة الدولية للهجرة، بالشراكة مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، مشروعاً حيوياً بقيمة 2.25 مليون دولار لتحسين خدمات الصرف الصحي في مأرب.

محمد ناصر (تعز)

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

تجدد الحديث عن وقائع العنف بين طلاب المدارس في مصر، مع حادثة مقتل طالب في محافظة بورسعيد طعناً على يد زميله، ما أثار مخاوف من انتشاره، في ظل وقوع حوادث مماثلة بوقت سابق في محافظات مختلفة.

وشغلت المصريين خلال الساعات الماضية واقعة شهدتها مدرسة بورسعيد الثانوية الميكانيكية بمحافظة بورسعيد في مصر، الأحد، بعدما تداول مدونون «اتهامات عن تعدي طالب على آخر بسلاح أبيض ما أصابه بطعنة نافذة في القلب، أدت إلى وفاته».

وكشف وزارة الداخلية المصرية، الاثنين، ملابسات الحادث، مشيرة، في بيان، إلى أن عملية الطعن جاءت على خلفية مشاجرة نشبت بين الطالبين في فناء المدرسة، و«أنه بالانتقال وسؤال شهود الواقعة أفادوا بقيام طالب بالتعدي على المجني عليه بسلاح أبيض (مطواة) كانت بحوزته، فأحدث إصابته، ولاذ بالهرب بالقفز من أعلى سور المدرسة».

وعقب تقنين الإجراءات، وفق البيان، تم «ضبط مرتكب الواقعة بمكان اختبائه بالقاهرة، كما تم ضبط السلاح المستخدم في ارتكاب الواقعة».

وجاء التعقيب سريعاً من وزارة التعليم، حيث أكد الوزير محمد عبد اللطيف، أن «الوزارة لن تتهاون في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حماية أبنائها الطلاب، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وسلامة سير العملية التعليمية في جميع محافظات الجمهورية».

وشدد في بيان، الاثنين، على أنه «لن يتم القبول بتكرار مثل هذا الحادث، أو أي تجاوزات من قبل الطلاب أو المعلمين أو أي مسؤول، وأي تجاوز ستتعامل معه الوزارة بإجراءات صارمة وحازمة».

وكانت الوزارة، في أول رد فعل عقب الحادث، اتخذت إجراءات عاجلة ومشددة تضمنت إلغاء تكليف مديرة المدرسة، وتحويل جميع المسؤولين في المدرسة إلى الشؤون القانونية.

ويدرس نحو 25 مليون طالب وطالبة في مرحلة التعليم الأساسي في مصر، تضمهم 60 ألف مدرسة، بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم.

الواقعة أثارت تفاعلاً، وأعادت الحديث عن جرائم مشابهة، منها ما شهدته محافظة سوهاج (صعيد مصر)، قبل أيام، من إصابة طالب بالصف الأول الثانوي بجرح قطعي بالرقبة إثر تعدي زميله عليه بسلاح أبيض «كتر» إثر مشادة كلامية لوجود خلافات سابقة بينهما، بحسب وسائل إعلام محلية.

وزارة التعليم المصرية تسعى لحماية الطلاب وتطبيق أسس وقواعد التربية السليمة (الشرق الأوسط)

وخلال يوليو (تموز) الماضي، أقدم طالب بالثانوية العامة في محافظة بورسعيد أيضاً، على طعن زميله داخل إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة، بدعوى عدم السماح له بالغش منه. وتكررت الواقعة للسبب نفسه خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، عندما طعن طالب ثانوي بالإسكندرية زميله بآلة حادة عقب الخروج من لجنة الامتحان لعدم تمكينه من الغش، حيث استشاط غضباً لعدم مساعدته.

ومن قبلها في شهر مارس (آذار)، قُتل طالب على يد زميله بسلاح أبيض «كتر» أمام مدرسة ثانوية بمحافظة القليوبية، بسبب معاكسة فتاة.

الخبير التربوي المصري، الدكتور حسن شحاتة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، يرجع مثل هذه الوقائع إلى «السلوك العدواني، الذي يكتسبه الطلاب من البيئة والمجتمع خارج المدرسة، من خلال مشاهدة التلفزيون وأفلام العنف، والألعاب العنيفة، وبالتالي ينقلونه إلى داخل المدرسة».

ولفت إلى أن «وقف هذا العنف مسؤولية مشتركة، فالأسرة عليها مهمة تجنيب الأبناء صور وأشكال السلوك العدواني، إلى جانب إفهام الطالب الخطأ من الصواب داخل المدرسة، والقوانين المنظمة للدراسة، والتشديد على الالتزام الأخلاقي داخل المؤسسة الدراسية، وكيف أنها مكان مقدس مثل دور العبادة».

ولا تمثل هذه الوقائع ظاهرة، وفق شحاتة، فهي «حوادث معدودة في ظل وجود 25 مليون طالب في مصر»، مبيناً أنه «مع ارتفاع كثافة الفصول، وعدم وجود أنشطة مدرسية مناسبة للتلاميذ، مما يؤدي إلى عدم تفريغ الشحنات الانفعالية لهم، وهنا يأتي دور المدرسة في إيجاد أنشطة في المدرسة رياضية وموسيقية وفنية، يمارسها الطلاب لتهذيبهم، مع وجود دور للمُعلم في تعليمهم السلوك السوي مع بعضهم البعض».

ويوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة المصرية اليابانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الحوادث تعد «أعراضاً لتراجع النظام التعليمي»، وغياب «القيم التربوية».

ويلفت «صادق» إلى أن هذه الحوادث تعد امتداداً لإرث معروف بين الأسر تنصح به أطفالها، مثل عبارات: «لو حد ضربك في المدرسة اضربه» أو «خد حقك»، الذي معه «يقرر الطالب الاعتماد على نفسه في الحصول على حقه»، بينما الطبيعي، وفق صادق، عند تعرض الطالب لعنف أو تنمر «يشتكي للمعلم، ويرفع الأمر للإدارة لأخذ موقف ومعاقبة الطالب المعتدي؛ لكن مع غياب المعلم المؤهل وضعف إدارات المدارس، يغيب ذلك العقاب، وبالتالي نجد هذا العنف».