بالتزامن مع زيارة للمبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إلى مسقط؛ بحثاً عن ضغط عماني على الحوثيين لإطلاق الموظفين الأمميين، لقيت أحدث موجة من الاعتقالات تنديداً أميركياً وأوروبياً، ووصفتها واشنطن بـ«الأعمال الإرهابية».
وكانت الجماعة المدعومة من إيران بدأت، الخميس الماضي، موجة اعتقالات جديدة ضد الموظفين الأمميين في صنعاء، وموظفين لدى وكالات دولية أخرى استمراراً لحملات سابقة استهدفت العشرات من العاملين الإنسانيين لدى المنظمات الدولية والمحلية وموظفي البعثات الدبلوماسية.
ودفعت الحملة الأخيرة من الاعتقالات الحوثية الأمم المتحدة إلى تعليق تحركاتها كاملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وسط دعوات الحكومة اليمنية لنقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى عدن؛ حيث العاصمة المؤقتة للبلاد.
وأفاد غروندبرغ في بيان، الأحد، بأنه التقى في مسقط كبار المسؤولين العُمانيين، والمتحدث باسم الحوثيين وكبير مفاوضيهم محمد عبد السلام، وأنه ناقش في اللقاء الاعتقال التعسفي الأخير لموظفين إضافيين من الأمم المتحدة، الذين يضافون إلى كثير من زملائهم الذين لا يزالون محتجزين من قبل الجماعة الحوثية.
وبحسب البيان، أكد المبعوث الخاص مجدداً الموقف الحازم للأمين العام للأمم المتحدة، مديناً بشدة هذه الاعتقالات، وداعياً إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن موظفي الأمم المتحدة المحتجزين جميعاً، إلى جانب العاملين في المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية، ومنظمات المجتمع المدني، والبعثات الدبلوماسية المحتجزين منذ يونيو (حزيران) 2024، بالإضافة إلى أولئك المحتجزين منذ عامَي 2021 و2023.
وأضاف غروندبرغ أن اللقاء، ناقش أهمية استمرار التهدئة الإقليمية بوصفها وسيلةً لتحسين فرص إعادة اليمن إلى مسار السلام المستدام، وأكد أنه سيظل «ملتزماً بالعمل مع جميع الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية؛ لضمان تحقيق تقدم نحو حل سلمي وشامل للصراع في اليمن».
تنديد غربي
رداً على حملة الاعتقالات الحوثية الجديدة في صفوف الموظفين الأمميين، ندَّدت الولايات المتحدة في بيان عن مكتب المتحدث باسم وزارة خارجيتها بهذه الاعتقالات. وقالت إن هذه الأفعال تأتي «في إطار حملة الإرهاب المستمرة التي يشنها الحوثيون، التي تشمل احتجاز مئات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والبعثات الدبلوماسية، بمَن في ذلك العشرات من الموظفين الحاليين والسابقين من اليمنيين العاملين مع الحكومة الأميركية».
وأكد البيان الأميركي دعم الأمين العام للأمم المتحدة، وجميع الجهود الأممية الرامية إلى تأمين الإفراج الفوري وغير المشروط عن المحتجزين جميعاً لدى الحوثيين.
وأشارت وزارة الخارجية الأميركية إلى أن هذه الجولة الأخيرة من احتجاز الحوثيين لهؤلاء الأبرياء «تكشف عن سوء نوايا هذه الجماعة الإرهابية في ادعاءاتها بالسعي لخفض التصعيد، كما أنها تستهزئ بادعاءاتهم تمثيل مصالح الشعب اليمني».
وحثَّ البيان الحوثيين على الالتزام بوقف الهجمات على الدول الإقليمية، وأفراد الخدمة الأميركيين، وجميع حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة، وفقاً لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وأعاد البيان التذكير بالأمر التنفيذي الصادر عن الرئيس ترمب بشأن تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية أجنبية (FTO)»، وقال إن القرار يعكس هذه الحقائق، ويؤكد تحميل الجماعة المسؤولية عن هجماتها وأعمالها المتهورة.
إلى ذلك أدان الاتحاد الأوروبي بشدة، هذه الاعتقالات الحوثية، وقال في بيان صدر عن بعثته إلى اليمن، إنه يؤيد الدعوات للإفراج الفوري وغير المشروط عن موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والبعثات الدبلوماسية المحتجزين جميعاً لدى الحوثيين.
وأشار البيان الأوروبي، إلى أن هذه الاعتقالات تعرِّض تقديم المساعدة الإنسانية والإنمائية، التي يحتاج إليها الشعب اليمني بشكل عاجل، إلى الخطر.
وسبق أن قالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان، السبت، إن حملة الاختطافات الجديدة التي شنَّتها جماعة الحوثيين ضد موظفي الأمم المتحدة في مناطق سيطرتها، ستؤدي إلى تقويض تقديم المساعدات التي يحتاج إليها الشعب اليمني، وستسهم في تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد.
وطالبت فرنسا بالإفراج الفوري وغير المشروط عن موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والبعثات الدبلوماسية المختطفين، مجددة دعمها الكامل لعمل الأمم المتحدة في اليمن.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الألمانية إن الحوثيين يلحقون الضرر ببلادهم، باحتجاز الموظفين الأمميين. وأكدت ضرورة الإفراج الفوري وغير المشروط عن هؤلاء المحتجزين تعسفياً.
وشدَّد توبياس تونكيل، مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الألمانية، الأحد، على أن احتجاز الحوثيين مزيداً من موظفي الأمم المتحدة في اليمن «أمر غير مقبول» ويجب أن يتوقف على الفور.
دعوة لنقل المقرات
رداً على هذه الاعتقالات، دعت وزارة الخارجية اليمنية الأمم المتحدة والمنظمات والوكالات الدولية لنقل مقراتها إلى العاصمة المؤقتة عدن؛ لضمان «بيئة آمنة» بعد احتجاز الحوثيين لموظفين أمميين.
وأدانت الوزارة في بيان «اختطاف» جماعة الحوثي 13 من موظفي وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية غير الحكومية في صنعاء، ووصفته بأنه «انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، وأنه يُشكِّل تهديداً لحياة وأمن هؤلاء الموظفين».
وجدَّدت الخارجية اليمنية مطالبتها للأمم المتحدة والمنظمات الدولية بنقل مقراتها الرئيسية إلى عدن، لضمان بيئة آمنة وملائمة لعمل هذه المنظمات وتقديم خدماتها الإنسانية لليمنيين جميعاً في المناطق كافة، دون تمييز أو عراقيل.
يشار إلى أن الأمم المتحدة قرَّرت، الجمعة الماضي، وفي مسعى لسلامة موظفيها جميعاً، تعليق جميع التحركات الرسمية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين أو داخلها، وأكدت أن هذا الإجراء «سيظل سارياً حتى إشعار آخر».
وأضاف البيان أن مسؤولي الأمم المتحدة في اليمن يتواصلون بشكل نشط مع كبار ممثلي الحوثيين، مطالبين بالإفراج الفوري وغير المشروط عن موظفي الأمم المتحدة والشركاء المعتقلين جميعاً.