انقلابيو اليمن يشرعنون جبايات جديدة... ويتجاهلون مطالب المعلمين

الحكومة نددت بالقمع والتجويع... ودعت لتدخل دولي

استحدث الحوثيون منافذ جمركية بين المحافظات وفرضوا رسوماً على كل البضائع (إعلام حوثي)
استحدث الحوثيون منافذ جمركية بين المحافظات وفرضوا رسوماً على كل البضائع (إعلام حوثي)
TT

انقلابيو اليمن يشرعنون جبايات جديدة... ويتجاهلون مطالب المعلمين

استحدث الحوثيون منافذ جمركية بين المحافظات وفرضوا رسوماً على كل البضائع (إعلام حوثي)
استحدث الحوثيون منافذ جمركية بين المحافظات وفرضوا رسوماً على كل البضائع (إعلام حوثي)

في حين يواصل الحوثيون تجاهل مطالب المعلمين بصرف رواتبهم المقطوعة منذ نهاية عام 2016، أقروا تعديل مجموعة من القوانين الضريبية والجمركية، منحوا بموجبها لرئيس مجلس حكمهم الانقلابي الحق في فرض ضرائب جديدة، أو رفع الضرائب والرسوم الجمركية المعمول بها حالياً، وهو ما سيفتح الباب أمام دفعة جديدة من الجبايات على السكان الذين يحتاج ثلاثة أرباعهم إلى نوع من المساعدة.

وبحسب مصادر سياسية وناشطين في صنعاء، صوّت أعضاء ما يسمى «مجلس النواب» (لا يزيد عددهم على 30 شخصاً) على مقترح قدمه رشيد أبو لحوم وزير المالية في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، والمقالة منذ 3 أسابيع.

تحتكر الجماعة الحوثية الموارد لمصلحة أتباعها وتنهك اليمنيين بالجبايات (رويترز)

ويمنح المقترح رئيس مجلس الحكم في مناطق الحوثيين سلطة تعديل القوانين، وفرض أو تعديل الرسوم الضريبية والجمركية بناء على اقتراح من الوزير، ودون تدخل من حكومة الانقلاب أو ما يسمى «مجلس النواب»، خلافاً للدستور اليمني الذي يمنع بشكل قاطع فرض أي رسوم ضريبية إلا بقانون.

المصادر بيّنت أنه وبموجب التعديلات التي أُدخلت على قوانين الضرائب والجمارك والمالية العامة، فإن مناطق سيطرة الحوثيين تنتظر فرض مزيد من الضرائب والجبايات، مضافة إلى الجبايات والرسوم المفروضة من قبل خلافاً للقانون، عبر المنافذ الجمركية التي تم استحداثها بين المحافظات، أو رسوم النظافة وتحسين المدن والمجالس المحلية، وصولاً إلى الجبايات الخاصة بالمناسبات الطائفية.

وطبقاً لما أوردته المصادر، أفتى رئيس اللجنة الدستورية فيما يسمى «مجلس النواب» ونائبه، ابتداءً، بأن مشروع التعديلات لثلاثة قوانين «غير دستوري»، واعترضا بشدة، ورفضا التعاطي مع تلك المقترحات، «لمصادمتها الصارخة مع الدستور»، إلا أن الحوثيين أوعزوا للجنة المالية بالمضي في مناقشة وإقرار تلك التعديلات، في حين أن حكومة الانقلاب أُقيلت منذ أسابيع، ولا يحق لوزير المالية الذي أُقيل أن يقدم مشروع التعديلات القانونية، أو مناقشتها والخوض في تشريعها من عدمه.

البرلماني المعارض أحمد سيف حاشد، ذكر أنه انسحب من الجلسة التي تم فيها تمرير مشروعات التعديلات «براءةً للذمة».

سياسيون وناشطون في صنعاء أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن هذه التعديلات، ستفتح الباب أمام إغراق السكان، في مناطق سيطرة الجماعة، بالجبايات والضرائب، ورأوا أن اعتقال رئيس اللجنة التحضيرية لنادي المعلمين، ضمن الإجراءات التي تعمد الحوثيون اتخاذها؛ بهدف كسر إضراب المعلمين، وإنهاء أكبر تحدٍ واجههم بشأن مطالب الموظفين برواتبهم التي قُطعت منذ 7 سنوات.

أدخل الحوثيون 22 من أنصارهم إلى ما يسمى «مجلس النواب» للعبث بالقوانين والدستور (فيسبوك)

من جهته طالب وزير الثقافة اليمني الأسبق، خالد الرويشان، الحوثيين بإطلاق رئيس نادي المعلمين أبو زيد الكميم، في حين تعهد النادي باستمرار الإضراب وتصعيده حتى الاستجابة لمطالبه، وندد باستمرار اعتقال رئيسه.

ونددت اللجنة التحضيرية لنادي النقابات المهنية، بأشد العبارات، بما قامت به سلطات الحوثيين ضد الكميم. وقالت إن ذلك «تجنٍ واعتداء ضد كل المطالبين بحقوقهم وفقاً للدستور وقانون الوظيفة العامة». وطالبت «جميع منتسبي النقابات المهنية بالتضامن مع الموظفين».

وناشدت الأمانةَ العامةَ لاتحاد نقابات عمال الجمهورية، والنائب العام، والنخب السياسية والاجتماعية كافة «التدخل للضغط على الحوثيين للإفراج عن الكميم والمعتقلين كافة على ذمة المطالبات بالحقوق الوظيفية».

تنديد حكومي

بدورها، دانت الحكومة اليمنية، وعلى لسان وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني، إقدام الحوثيين على اختطاف رئيس نادي المعلمين بعد محاصرة منزله في العاصمة صنعاء، واقتحامه، وإطلاق النار عليه بشكل عشوائي وترويع أسرته، على خلفية مطالباته بصرف مرتبات المعلمين.

ونقلت المصادر الرسمية عن الإرياني، تنديده بعدم استجابة الجماعة لمطالب المعلمين وباقي موظفي الدولة في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها. وقال إنها خصصت إيرادات الدولة المنهوبة لمصلحتها، التي تقدر خلال عامي 2022 و2023 بأربعة تريليونات و620 مليار ريال (الدولار يعادل نحو 560 ريالاً)، من قطاعات الضرائب، والجمارك، والزكاة، والأوقاف، والنفط، والغاز، والاتصالات.

استمر الحوثيون في تجاهل مطالب المعلمين ما أدى إلى تعطل الدراسة (نادي المعلمين)

ووصف الوزير اليمني اعتقال النقابي أبو زيد الكميم بـ«الجريمة النكراء». وقال إنها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد نفذ الحوثيون منذ انقلابهم «أبشع الجرائم والانتهاكات في حق الكادر التعليمي في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتهم، من قمع وتنكيل وسياسات الإفقار والتجويع الممنهج، ونهب المرتبات طيلة 9 أعوام، وتجريف العملية التعليمية ضمن مخططهم لهدم وتجريف مؤسسات الدولة».

الوزير اليمني طالب المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والمبعوث الأممي، بإدانة واضحة وصريحة، وممارسة ضغط حقيقي على الحوثيين؛ لإطلاق سراح رئيس نادي المعلمين فوراً، ووقف سياسات الإفقار والتجويع الممنهج بحق الكادر التعليمي، ونهب الجماعة المنظم لإيرادات الدولة، وإلزامها بتخصيصها لصرف مرتباتهم بانتظام وفق قاعدة بيانات الخدمة المدنية لعام 2014.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

العالم العربي جانب من عملية صرف مساعدات نقدية للفقراء في إحدى مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية توقف صرف المساعدات النقدية للحالات الأشد فقراً في مناطق سيطرتها، وتستقطع منها لصالح جبهاتها، متسببة بمزيد من المعاناة الإنسانية للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)

برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

حذر برنامج الأغذية العالمي من أن سوء التغذية الحاد في اليمن لا يزال يشكل تهديداً خطيراً لحياة الأشخاص مع وجود 17.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي دُشنت المشروعات التنموية برعاية عدد من الوزراء والمسؤولين (الشرق الأوسط)

«البرنامج السعودي» يضع حجر الأساس لمشروعات تنموية في مأرب

وضع «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» حجر الأساس لحزمة مشروعات تنموية في محافظة مأرب.

«الشرق الأوسط» (مأرب)
العالم العربي آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي: لا خيار سوى الانتصار على المشروع الإيراني في اليمن

وسط احتفالات واسعة بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» أكد رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي أنه لا خيار في بلاده إلا الانتصار على المشروع الإيراني المتمثل في الحوثيين

علي ربيع (عدن)

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
TT

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)

أوقفت الجماعة الحوثية، خلال الأيام القليلة الماضية، صرف المساعدات النقدية المخصصة للحالات الأشد فقراً في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، في ظل اتهامات لها باستقطاع مبالغ مالية من المساعدات التي تُخصصها المنظمات الأممية والدولية لمصلحة الفقراء في اليمن.

وذكرت مصادر مطلعة في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تعمدت وضع صعوبات وعراقيل عدة، لمنع صرف المساعدات النقدية للمستحقين في نحو 35 مركزاً خاصاً في 6 محافظات يمنية تحت سيطرتها، وهي صنعاء، وإب، والمحويت، وذمار، وريمة، وعمران، من خلال ما سمته «المرحلة الـ18 لمشروع الحوالات النقدية للمستفيدين من صندوق الرعاية الاجتماعية».

إشراف عناصر حوثية على عملية صرف مساعدات نقدية طارئة في محافظة إب (إعلام حوثي)

ويستهدف مشروع الحوالات النقدية المموَّل من البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (اليونيسيف)، في هذه المرحلة، ما يزيد على مليون ونصف المليون أسرة، تضم نحو 10 ملايين شخص في صنعاء وبقية المحافظات، بينما يبلغ إجمالي المبلغ المخصص بوصفه معونات نقدية في هذه المرحلة أكثر من 63 مليون دولار.

واشتكى مستفيدون من تلك الحوالات في صنعاء ومدن أخرى لـ«الشرق الأوسط»، من عراقيل وصعوبات مستمرة تتعمد الجماعة وضعها، وتؤدي لإيقاف عملية صرف المساعدات النقدية ساعات وأحياناً أياماً، في مراكز عدة؛ الأمر الذي يزيد من معاناتهم ومتاعبهم نتيجة الوقوف ساعات طويلة أمام تلك المراكز.

وتتم عملية الصرف التي يُشرِف عليها عناصر يتبعون ما يسمى «المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية»، وهو هيئة مخابراتية شكَّلتها الجماعة للرقابة على أنشطة الإغاثة والمنظمات الدولية والمحلية، إضافة إلى موظفين في بنك الأمل وصندوق التنمية الاجتماعي، عبر أكثر من 2500 مركز صرف تنتشر في نحو 40 ألف قرية.

جانب من عملية صرف مساعدات نقدية للفقراء في إحدى مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

ويبرر هؤلاء المشرفون إيقاف عمليات الصرف في تلك المراكز وحرمان المستفيدين من الحصول على مستحقاتهم المالية الزهيدة، بزعم عدم انتظام المستفيدين في طوابير خاصة بعملية التسلُّم، وعدم تجهيز كشوفات أسماء بعض المستفيدين، إضافة إلى التحجج بوجود أعطال فنية في المراكز.

استقطاع متكرر

كشف مستفيدون آخرون من تلك الحوالات في قرى عدة في مديريات العدين وحبيش ومذيخرة في محافظة إب، ومديريات الجبين والجعفرية في محافظة ريمة، والرجم وحفاش في المحويت، وعتمة في ذمار، والعشة في عمران، ومناطق أخرى في صنعاء، عن وجود استقطاعات حوثية حالية من مستحقاتهم الزهيدة لدعم جبهات القتال.

ولفت المستفيدون إلى أن تلك الاستقطاعات يسبقها في كل مرة عمليات إيقاف متعمدة للصرف ساعات طويلة، دون إبداء الأسباب.

الجوع والفقر يدفعان يمنيين في صنعاء للتسول (الشرق الأوسط)

وبيَّن (أمين ع.)، وهو أحد المقربين من أحد المستفيدين من الضمان الاجتماعي في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن قريبه لم يتسلم هذه المرة سوى مبلغ يساوي 15 دولاراً أميركياً تقريباً (8 آلاف ريال يمني)، وتفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي (536 ريالاً) كمساعدة نقدية مخصصة له، وذلك بعد عناء وجهد من أحد مراكز الصرف في ضواحي مدينة العدين.

وأوضح أن قريبه سبق له أن تَسَلَّمَ في المرحلة السابقة مبلغ 22 دولاراً (12 ألف ريال)، أي أنه تم استقطاع ثلث مستحقاته هذه المرة.

واتُّهم أمين الجماعة باستهداف الفقراء بشكل متكرر، ونهب كل مدخرات وموارد برامج الحماية الاجتماعية (شبكات الضمان الاجتماعي)، ما أدى إلى تعميق الفقر وارتفاع نسبته، وفقدان اليمنيين في عموم مناطق سيطرتها للحماية.

تدمير شبكة الضمان

ليست المرة الأولى التي تعرقل فيها الجماعة الحوثية صرف المساعدات العينية أو النقدية لصالح الفقراء والنازحين؛ إذ سبق أن اشتكى مستفيدون في مدن تحت سيطرتها مرات عدة من عمليات نهب واستقطاع مستحقاتهم.

وكشفت مصادر حقوقية في يونيو (حزيران) من العام قبل الماضي عن استقطاع قيادات انقلابية تدير مكاتب الشؤون الاجتماعية في المحافظات التي تحت سيطرتها، مبالغ من مستحقات الفقراء المستفيدين من مشروع الضمان الاجتماعي، تراوحت في حينها بين 6 و12 دولاراً (3 آلاف و7 آلاف ريال) عن كل حالة.

أسر يمنية في صنعاء تلجأ للحصول على وجبات طعام من مخلفات القمامة (الشرق الأوسط)

كما اتهمت المصادر الجماعة حينها بعدم مراعاة معاناة آلاف الأسر المعوزة المستفيدة من تلك المبالغ، وقد باتت مُعظمها لا تملك أي مصادر دخل غير تلك المستحقات الزهيدة التي تُصْرف لها كل 3 أشهر بعد انقطاع دام أعواماً، بفعل سطو قادة الجماعة على أرصدة صندوق الضمان الاجتماعي.

وأظهرت تقارير محلية وأخرى دولية تعرُّض عدد من الصناديق الإيرادية بما فيها «صناديق التقاعد» في مناطق سيطرة الجماعة لعمليات سطو منظمة، من بينها صندوق الضمان الاجتماعي، وصندوق النشء والشباب، وصندوق مؤسسة التأمينات الاجتماعية.

وعمدت الجماعة عقب انقلابها، وفق التقارير، إلى نهب أموال صناديق التقاعد، وأوقفت في المقابل مشاريع البنية التحتية، كما أحجمت عن تسديد ديونها للبنوك ومؤسسات التمويل الأصغر، ما قاد هذه المكونات التي تقدم العون والمساعدة لشريحة كبيرة من اليمنيين، إلى التوقف عن العمل.