تحذير السعودية سبق التصعيد في غزة... ومبادرات لوقف العنف

الرياض شددت على حماية المدنيين وعدم استهدافهم... وضبط النفس

فلسطينيون يحتفلون فوق وحول دبابة إسرائيلية مدمرة قرب سياج قطاع غزة شرق خان يونس أمس (أ.ب)
فلسطينيون يحتفلون فوق وحول دبابة إسرائيلية مدمرة قرب سياج قطاع غزة شرق خان يونس أمس (أ.ب)
TT

تحذير السعودية سبق التصعيد في غزة... ومبادرات لوقف العنف

فلسطينيون يحتفلون فوق وحول دبابة إسرائيلية مدمرة قرب سياج قطاع غزة شرق خان يونس أمس (أ.ب)
فلسطينيون يحتفلون فوق وحول دبابة إسرائيلية مدمرة قرب سياج قطاع غزة شرق خان يونس أمس (أ.ب)

كثّفت الدبلوماسية السعودية من حضورها وسط زخم دولي لوقف التصعيد وتهدئة الأوضاع وتجنّب مزيد من العنف في الأحداث غير المسبوقة التي اندلعت في غزة أمس (السبت)، وخلّفت أكثر من 600 قتيل على الجانب الإسرائيلي، ونحو 400 مسلح فلسطيني وفقاً لآخر حصيلة صادرة رسميّاً عن الجانبين.

وفي وقتٍ مبكر مساء (السبت)، بادرت الخارجية السعودية إلى إصدار بيان يتناول تطوّرات الأوضاع في غزة، مذكّرةً «بتحذيراتها المتكرّرة من مخاطر انفجار الأوضاع نتيجة استمرار الاحتلال، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، وتكرار الاستفزازات الممنهجة ضد مقدّساته».

ودعا بيان الخارجية السعودية إلى «الوقف الفوري للتصعيد بين الجانبين، وحماية المدنيين، وضبط النفس»، كما جدّدت الرياض مطالبة المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤولياته، وتفعيل عمليّة سلميّة ذات مصداقية تُفضي إلى «حل الدولتين» بما يحقق الأمن والسلم في المنطقة ويحمي المدنيّين.

وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والسفيرة السعودية في واشنطن الأميرة ريما بنت بندر خلال حضورهما الجمعية العامة للأمم المتحدة سبتمبر الماضي... وقادت السعودية مشاورات دبلوماسية سعودية - دولية... وسعودية - عربية لوقف التصعيد في فلسطين (واس)

مشاورات دولية وعربية

وتزامناً مع تصاعد العنف بين الجانبين، أجرت السعودية مشاورات عديدة مع أطراف عربية ودولية، ركّزت على دعوة السعودية لتكثيف الجهود لتهدئة الأوضاع، ووقف التصعيد، وتجنّب مزيد من العنف. وفي هذا الإطار تبادل وزير الخارجية السعودي الاتصالات الهاتفيّة مع نظرائه في المنطقة والعالم.

وتلقّى الأمير فيصل بن فرحان اتصالاً إثر الأحداث من الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، كما أجرى مشاورات هاتفيّة مع نظيره وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بالإضافة إلى وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، ووزيرة خارجية هولندا هانكي برونز سلوت.

وعربيّاً تبادل الوزير السعودي المشاورات مع نظرائه وزراء خارجية الأردن ومصر وقطر، وشدّد بن فرحان خلال المشاورات على رفض بلاده «استهداف المدنيّين العزّل بأي شكل، وضرورة احترام القانون الدولي الإنساني من جميع الأطراف»، مؤّكداً في الوقت عينه «ضرورة العمل على وقف التصعيد الفوري».

وأشار الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال كلمة في البيت الأبيض (السبت) بحضور وزير خارجيته أنتوني بلينكن، إلى أنه «وجّه فريقه بالبقاء على اتصال مع السعودية وعدد من الدول في الشرق الأوسط على خلفية التصعيد الجاري».

فلسطينيون يتفقدون الأضرار في محيط مبنى البنك الوطني المدمر في أعقاب الغارات الجوية الإسرائيلية... الأحد (إ.ب.أ)

تحذير مبكّر

وكان من اللافت تحذيرات الرياض خلال الأشهر القليلة الماضية من خطورة انزلاق الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، مطالبةً، في أكثر من بيان صادر عن الخارجية السعودية وتعليقات للمسؤولين السعوديين، المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤولياته لإنهاء هذا الصراع.

وكان آخر بيان سعودي في هذا الصدد صدر (الخميس) قبل 24 ساعة من التصعيد الجاري في غزة، حمّلت خلاله «قوات الاحتلال الإسرائيلي» المسؤولية عن تداعيات استمرار التجاوزات التي تقوّض جهود السلام، وتتعارض مع المبادئ والأعراف الدولية.

تنشيط عملية السلام

كما بذلت السعودية، في الشهر الماضي، جهوداً لـ«تنشيط عملية السلام» بالتعاون مع جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي ومصر والأردن، وذلك في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، على هامش الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، بحضور نحو 50 وزيراً للخارجية من مختلف أنحاء العالم.

وسعت هذه الجهود إلى الخروج بـ«حزمة لدعم عملية السلام»، التي من شأنها تعظيم مكاسب السلام للفلسطينيين والإسرائيليين حال الوصول إلى اتفاق للسلام. كما تسعى هذه الجهود إلى إطلاق برامج ومساهمات تفصيلية مشروطة بتحقيق اتفاق الوضع النهائي، وبما يدعم السلام، ويضمن أن تجني شعوب المنطقة كافة ثمار تحقيقه.

وعطفاً على الأحداث الجارية، أكّد مراقبون أن دعوات الرياض المتكرّرة لوقف الاستفزازات، أثبتت حقيقة ما كانت تحاول الرياض قبل الجميع منع الانزلاق إليه، غير أن انسداد الأفق بين مختلف الأطراف أوصل إلى هذه النتيجة التي خلّفت ضحايا من الأبرياء والعزّل، وباتت عواقبها غير معلومة على المنطقة برمتها.

وأضاف المراقبون أن السعودية كانت قد أبرزت نموذجاً جديداً في المنطقة يدفع الجميع للتركيز على التنمية بشكل جماعي بما ينعكس على مستقبل نهضة المنطقة وشعوبها، وهو ما أكد عليه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في أكثر من مرة، وآخرها حديثه لقناة «FOX NEWS» الأميركية في سبتمبر (أيلول) الماضي، الذي أعرب فيه عن أمله في أن تسهم المفاوضات في «تسهيل حياة الفلسطينيين».

ولفت المراقبون إلى أن مثل هذه الأحداث لن يتضرّر منها إلا الأبرياء والعزّل، وستخلّف آثاراً غير حميدة على الصعيدَين السياسي والإنساني على الجانبين.


مقالات ذات صلة

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لإخفاء هوية خليفة السنوار... والمنافسة محصورة بخمسة

خاص مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لإخفاء هوية خليفة السنوار... والمنافسة محصورة بخمسة

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لإخفاء هوية خليفة السنوار... والمنافسة محصورة بخمسة

تتجه حركة «حماس» إلى إخفاء هوية رئيس مكتبها السياسي الجديد بعد اغتيال إسرائيل رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار في قطاع غزة.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي أطفال انفصلوا عن شقيقهم بعد فراره من شمال غزة ينظرون إلى صورته على هاتف جوال (رويترز)

انقطاع كامل للإنترنت في شمال غزة

أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل)، اليوم (السبت)، عن انقطاع كامل لخدمات الإنترنت في محافظة شمال قطاع غزة، بسبب «عدوان الاحتلال المتواصل».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو يرى وفاة السنوار «فرصة لنهاية الحرب»... فهل يعني تصعيد القتال أم التوصل لاتفاق؟

زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن مقتل زعيم حركة «حماس»، يحيى السنوار، «بالصدفة»، الأربعاء، يمكن أن يمثل «بداية النهاية» للحرب في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي صورة للمبنى الذي استُهدِف فيه يحيى السنوار (أ.ب)

«حماس» تعلن اغتيال قائد كتيبة «تل السلطان» في رفح برفقة السنوار

أعلنت حركة «حماس» الفلسطينية، مساء (الجمعة)، مقتل قائد كتيبة «تل السلطان»، محمود حمدان، في العملية الإسرائيلية التي قتلت زعيم الحركة، يحيى السنوار، في رفح.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ المتحدث باسم الأمن القومي جون كيربي (رويترز)

البيت الأبيض: مقتل السنوار فرصة فريدة لوقف النار وإعادة الرهائن

شدد جون كيربي، مسؤول الاتصالات الاستراتيجية بالبيت الأبيض، على أن الرئيس جو بايدن يؤمن بأن هناك فرصة فريدة يمكن انتهازها لإنهاء الحرب بعد مقتل يحيى السنوار.

هبة القدسي (واشنطن)

دعم أسترالي لضربات «الشبح» الأميركية ضد الحوثيين

واشنطن استخدمت لأول مرة قاذفة شبحية لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ف.ب)
واشنطن استخدمت لأول مرة قاذفة شبحية لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ف.ب)
TT

دعم أسترالي لضربات «الشبح» الأميركية ضد الحوثيين

واشنطن استخدمت لأول مرة قاذفة شبحية لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ف.ب)
واشنطن استخدمت لأول مرة قاذفة شبحية لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ف.ب)

أفاد مسؤولون أستراليون، الجمعة، بتقديم بلادهم الدعم للطائرات الأميركية الشبحية التي ضربت، الخميس، مواقع حوثية محصنة في اليمن، وفق ما نقلته «رويترز».

وكانت واشنطن قد تبنت قصف 5 مواقع حوثية محصنة تحت الأرض في صنعاء وضواحيها الجنوبية وفي صعدة (شمال)، حيث المعقل الرئيسي للجماعة المدعومة من إيران، وهي المرة الأولى التي تستخدم فيها الولايات المتحدة طائرات شبحية من طراز «بي 2» لضرب الجماعة.

طائرة شبحية أميركية من طراز «بي 2» (أ.ف.ب)

وقال مسؤول دفاعي أسترالي، في بيان، إن بلاده قدمت الدعم للغارات الجوية الأميركية. وجاء في البيان: «أستراليا قدمت دعماً لضربات أميركية نُفذت في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2024 واستهدفت منشآت للحوثيين في اليمن، بتوفير إمكان دخول وعبور الطائرات الأميركية شمال أستراليا».

وأضاف البيان: «هذا الدعم يتوافق مع التزامنا الراسخ بالتحالف والتعاون الوثيق، مما يدل على مدى التعاون بين جيشينا». ولم تعمل قاذفات «بي – 2» المستخدمة في الضربات على اليمن من أستراليا، لكن هيئة الإذاعة الأسترالية ذكرت أنه تم تزويد الطائرات بالوقود جواً.

وجاء في تقرير لـ«رويترز» في يوليو (تموز) أن قواعد سلاح الجو الملكي الأسترالي في تيندال وداروين في شمال أستراليا تخضع لتطوير خدمة قاذفات قنابل أميركية وتزويد الطائرات بالوقود بتمويل دفاعي أميركي في وقت برز فيه موقع أستراليا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ بوصفها موقعاً استراتيجياً حيوياً في ظل تصاعد التوتر مع الصين.

وللولايات المتحدة، بحسب «رويترز»، مخازن كبيرة لوقود الطائرات في تيندال وداروين.

ضربات دقيقة

كان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن قد أوضح، الخميس، في بيان، أن قوات بلاده بما فيها قاذفات «بي 2» شنّت «ضربات دقيقة» ضد 5 مواقع تخزين أسلحة تحت الأرض في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن.

وأوضح البيان أن الضربات استهدفت الكثير من منشآت الحوثيين تحت الأرض التي تضم مكونات أسلحة مختلفة من الأنواع التي استخدمتها الجماعة لاستهداف السفن المدنية والعسكرية في جميع أنحاء المنطقة.

وأضاف أوستن: «كان هذا دليلاً فريداً على قدرة الولايات المتحدة على استهداف المنشآت التي يسعى خصومنا إلى إبعادها عن متناول اليد، بغض النظر عن مدى عمق دفنها تحت الأرض أو تحصينها».

مقاتلة «إف 18» تنطلق من حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر لصد هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)

وأقرّت الجماعة الحوثية بهذه الضربات التي استهدفت صنعاء وصعدة، وتوعدت في بيان لمكتبها السياسي أنها «لن تمر دون رد» وأنها لن تثنيها عن الاستمرار في هجماتها المساندة للفلسطينيين في غزة و«حزب الله» في لبنان.

يشار إلى أن الحوثيين أقروا بتلقيهم أكثر من 700 غارة غربية ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، سعياً من واشنطن التي تقود تحالف «حارس الازدهار» لتحجيم قدرات الجماعة على مهاجمة السفن.

وتبنت الجماعة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 مهاجمة نحو 193 سفينة في البحر الأحمر وخليج عدن، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة سفينة ثالثة، ومقتل ثلاثة بحارة وإصابة 4 آخرين.

ويزعم الحوثيون أنهم يشنون هجماتهم نصرة للفلسطينيين في غزة، وأخيراً لمناصرة «حزب الله» اللبناني، في حين تتهم الحكومة اليمنية الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة والهروب من استحقاقات السلام المتعثر حتى الآن جراء تصعيد الجماعة البحري والإقليمي.