«الهجرة الدولية»: اشتباكات الإثيوبيين في عدن سببها الشعور بالإحباط

السلطات اليمنية توسع ملاحقة شبكات المهربين إلى باب المندب

تعليق العودة الطوعية من اليمن إلى منطقتي تيغراي وأمهرة في إثيوبيا لأسباب أمنية (الأمم المتحدة)
تعليق العودة الطوعية من اليمن إلى منطقتي تيغراي وأمهرة في إثيوبيا لأسباب أمنية (الأمم المتحدة)
TT

«الهجرة الدولية»: اشتباكات الإثيوبيين في عدن سببها الشعور بالإحباط

تعليق العودة الطوعية من اليمن إلى منطقتي تيغراي وأمهرة في إثيوبيا لأسباب أمنية (الأمم المتحدة)
تعليق العودة الطوعية من اليمن إلى منطقتي تيغراي وأمهرة في إثيوبيا لأسباب أمنية (الأمم المتحدة)

فيما أعلنت السلطات اليمنية توسيع الحملة الأمنية لملاحقة المهربين وتجار البشر إلى سواحل مضيق باب المندب، أكدت المنظمة الدولية للهجرة أن الاشتباكات الدامية التي شهدتها مدينة عدن بين عرقيتين من المهاجرين الإثيوبيين سببها شعور هؤلاء بالإحباط؛ لأنهم يريدون العودة إلى بلدهم.

المنظمة الدولية المعنية بقضايا الهجرة وفي رسالة توضيح عقب الأحداث التي شهدتها عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية عاصمة مؤقتة للبلاد، ذكرت أنها تشعر بقلق بالغ بشأن الاعتقالات الأخيرة التي نفذتها السلطات ضد المهاجرين في عدن.

أدى الصدام بين المهاجرين الإثيوبيين في عدن اليمنية إلى قتلى وجرحى (إ.ب.أ)

ودعت المنظمة إلى ضمان «الحفاظ على حماية وكرامة وحقوق المهاجرين في جميع الأوقات» بغض النظر عن وضعهم كونهم مهاجرين أو جنسيتهم أو عرقهم أو جنسهم. وأكدت أن الاحتجاجات والاشتباكات حدثت (إلى حد كبير) بسبب شعور المهاجرين بالإحباط؛ لأنهم يعيشون في ظروف مزرية ويريدون العودة إلى بلدهم الأصلي.

وتعهدت المنظمة أن تستمر بالتواصل مع السلطات والشركاء والجهات المانحة لتقديم المساعدات اللازمة للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل عندما يكون ذلك ممكنا وآمنا.

وأوضحت أنها وحتى الآن دعمت ما يقرب من ستة آلاف مهاجر - بما في ذلك الأطفال غير المصحوبين - للعودة بأمان إلى ديارهم على متن رحلات العودة الطوعية الإنسانية، وأنها تواصل مساعدة المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل على العودة أسبوعيا.

ووفق مصادر حقوقية، أدى الصدام الدامي بين عرقيتين من المهاجرين الإثيوبيين في مدينة عدن قبل أيام إلى مقتل 10 أشخاص وإصابة العشرات، قبل أن تتدخل قوات الأمن اليمنية لاحتواء الموقف ونقل المئات من المهاجرين المنتشرين في أحياء المدينة إلى نقاط تجمع محددة لتسهيل السيطرة على الوضع.

طلب زيادة التمويل

منظمة الهجرة الدولية جددت المناشدة للحصول على مزيد من التمويل حتى تتمكن من مساعدة عدد أكبر من المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل والذين يرغبون في العودة إلى ديارهم طوعا.

وقالت إن بعض المهاجرين الذين انضموا إلى الاحتجاجات أعربوا عن إحباطهم إزاء تعليق رحلات العودة إلى منطقة أمهرة.

مداهمة مواقع في اليمن لاحتجاز المهاجرين والمتاجرة بهم (إعلام يمني رسمي)

وأكدت أنها في الوقت الحالي، قامت بتعليق برامج العودة الطوعية الإنسانية إلى منطقتي تيغراي وأمهرة في إثيوبيا التزاما بسياستها، بشأن العودة والتي تسمح لها بالتوقف عن تقديم مساعدات العودة، «عندما ترى أن البيئة في منطقة العودة خطيرة للغاية بالنسبة لفرد أو مجموعة من الأفراد» ليعودوا إليها، أو إذا كان ذلك يشكل تهديدا لموظفي المنظمة المشاركين في تقديم مساعدات العودة وإعادة الإدماج.

وتعهدت منظمة الهجرة الدولية بمراجعة هذا الموقف وتحديثه وفق الضرورة اعتماداً على الوضع في المناطق المتأثرة في إثيوبيا، مؤكدة أن فرقها تعمل على تكثيف حملات التوعية المجتمعية والإعلامية لضمان الوصول إلى معلومات دقيقة حول المساعدات المتاحة للمهاجرين بما في ذلك مسببات التحديات الحالية التي تعيق العودة إلى منطقتي أمهرة وتيغراي.

توسيع الحملة الأمنية

السلطات اليمنية - من جهتها - أفادت بأن الأجهزة الأمنية في الساحل الغربي نفذت حملة انتشار واسعة في مناطق مديرية «ذو باب المندب»، لتعزيز الأمن ومكافحة عمليات التهريب، سواء تهريب السلاح أو العصابات التي تستغل الهجرة غير المشروعة من الضفة الأفريقية للبحر الأحمر، وتحولها إلى تجارة بالبشر.

يتدفق آلاف المهاجرين الأفارقة أسبوعياً إلى السواحل اليمنية (إكس)

وأكد قائد الحملة الأمنية العميد حمدان الصبيحي، قائد اللواء الأول دعم وإسناد وهو مدير أمن مديرية «ذو باب» أن الحملة مشطت مناطق كثيرة من العمري إلى حوزان والروع والخيشية والعبدلي والسميل والمعقر والجديد والكدحة، حتى محاذاة مديرية الوازعية.

وقال الصبيحي إن الحملة الأمنية داهمت أوكارا يستخدمها المهربون لإدارة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، وضبطت عددا من أفراد تلك العصابات.

ووفق المسؤول اليمني، فإن الحملة تأتي في سياق نشاط متواصل منذ أربعة أسابيع، بدأت بانتشار قوات خفر السواحل والتي عززت جهودها الأمنية باستحداث نقاط مراقبة، وأفشلت عددا من محاولات التهريب.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.