جامعات يمنية خاوية في العام الدراسي الجديد

الحوثيون متهمون بتحويل الكليات إلى منصات للاستقطاب الطائفي

تحولت الجامعات اليمنية إلى منصات للترويج لأفكار الجماعة الحوثية (تويتر)
تحولت الجامعات اليمنية إلى منصات للترويج لأفكار الجماعة الحوثية (تويتر)
TT

جامعات يمنية خاوية في العام الدراسي الجديد

تحولت الجامعات اليمنية إلى منصات للترويج لأفكار الجماعة الحوثية (تويتر)
تحولت الجامعات اليمنية إلى منصات للترويج لأفكار الجماعة الحوثية (تويتر)

أدت ممارسات الانقلابيين الحوثيين في اليمن إلى ضعف الإقبال على التعليم الجامعي، بعد أن حولت هذه الممارسات الجامعات إلى منصات للترويج لمشروعهم وحرف مهمتها إلى الاستقطاب الطائفي والإثراء المالي على حساب العملية التعليمية.

وتراجع التعليم إلى مستويات لم تشهدها البلاد منذ بدء التعليم الجامعي قبل أكثر من 50 عاماً. ففي جامعة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) وبعد شهر من بدء استقبال الطلاب، لم يلتحق بالأقسام العشرة لكلية التربية سوى 17 طالباً وطالبة، ومثلهم في كلية الزراعة، و9 طلاب في كلية الآداب بأقسامها الثمانية، وطالبين في كلية العلوم التطبيقية بأقسامها الستة.

ووفقاً لأكاديميين يمنيين نشروا الإحصائية في مواقع التواصل الاجتماعي؛ فإن كلية التربية شهدت تخرج أكثر من 500 طالب وطالبة قبل عشرين عاماً، بينما تشير إحصائيات الالتحاق بها أخيراً إلى أن «المستقبل واعد وزاخر بالجهل المركّب»، حسب تعبيرهم.

وعزا الأكاديميون تراجع الإقبال على الدراسة الجامعية إلى «الفقر والإحباط من العملية التعليمية». وقالوا إن الإقبال على التعليم الجامعي تراجع في مختلف الجامعات، مع توقعهم أن تشهر الجامعات الخاصة إفلاسها وتغلق أبوابها قريباً، حيث يشمل التراجع كليات الطب والصيدلة والهندسة في الجامعات العمومية.

تزدحم قاعات جامعة ذمار بأنصار الحوثيين خلال مناسباتهم في ظل تراجع الإقبال على الدراسة في الجامعة (إعلام حوثي)

وأعلن عدد من الكليات والجامعات التي تسيطر عليها الميليشيات الحوثية تمديد فترة استقبال طلبات الالتحاق بها وتخفيض نسب القبول وإلغاء شرط تجاوز الامتحانات لقبول المتقدمين، وذلك بسبب ضعف الإقبال وعزوف الطلاب عن الدراسة الجامعية.

ومددت جامعة إب (193 كيلو متراً جنوب صنعاء) التنسيق في الكليات الطبية ونظام التعليم العام، وألغت اختبار المفاضلة لقبول جميع المتقدمين للدراسة في كليات القانون والتجارة والهندسة بسبب قلة أعداد المتقدمين.

وتفسر الأوساط الأكاديمية في مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين تراجع الإقبال على الالتحاق بالتعليم بتدني مستوى الدخل وما تتعرض له فئات المجتمع من إفقار وتجويع، إلى جانب إغلاق فرص العمل أمام مخرجات التعليم الجامعي، ما يؤدي إلى الإحجام عن التقديم للدراسة الجامعية، خصوصاً في الكليات ذات التخصصات المكلفة مادياً.

ورفع الانقلابيون الحوثيون رسوم الدراسة في مختلف الجامعات التي يسيطرون عليها، وفي جامعة ذمار ذاتها وصلت رسوم الدراسة في كلية الطب إلى 27 ألف دولار سنوياً.

تجريف متعمد

ويتهم أستاذ في جامعة صنعاء الميليشيات الحوثية بتعمد تجريف العملية التعليمية؛ فمن يستخدم المدارس والمراكز الصيفية للترويج لمشروعه الطائفي وحشد المقاتلين لصالحه، وتحويل المدارس إلى مصادر للجباية، سيمارس النهج نفسه بحق التعليم الجامعي، وفق رأيه.

تحولت الجامعات اليمنية إلى منصات للترويج لأفكار الجماعة الحوثية (تويتر)

ويذكر الأستاذ الجامعي، الذي تحتفظ «الشرق الأوسط» ببياناته، أن جامعة ذمار كانت تعجز عن استيعاب الطلاب المتقدمين للدراسة فيها قبل عقدين، وكانت تغلق أبواب القبول بعد أيام من بدء استقبال طلبات الراغبين في الالتحاق بالدراسة، ما يضطر مئات الطلاب إلى الانتقال إلى مدن ومحافظات مجاورة للالتحاق بكلياتها وجامعاتها.

وطبقاً لمعلوماته، فإن جامعة صنعاء التي يعمل فيها شهدت إقبالاً ضعيفاً على الالتحاق بمختلف كلياتها خلال الأعوام الماضية، وأن قاعات الدراسة في الكليات شبه فارغة من الطلاب، فإلى جانب ضعف الإقبال فإن الملتحقين لا يستطيعون أو يرغبون في مواصلة التعليم وحضور الدروس والمحاضرات.

وقدر نسبة تراجع الطلاب عن الالتحاق بجامعة صنعاء بأكثر من 25 في المائة، مرجحاً إقدام الانقلابيين الحوثيين على إغلاق بعض الأقسام، وربما الكليات، وذلك لأن تراجع الإقبال يتسبب بنقص الإيرادات من الرسوم التي يدفعونها، وهو الأمر الذي يعني قيادات الانقلاب، بينما تقع العملية التعليمية في أدنى سلم اهتمامها.

تلقين الأكاديميين

بدأت الميليشيات الحوثية منذ مطلع الشهر الحالي تنظيم رحلات لطاقم التدريس في جامعة صنعاء إلى معقل زعيمها ومؤسسها في منطقة مران ومناطق أخرى في محافظة صعدة ضمن برنامج يحتوي محاضرات تثقيفية لطاقم التدريس حول الحروب الستة التي دارت بين الحكومة اليمنية والميليشيات ما بين عامي 2004 و2010.

وتتزامن الزيارات مع احتفال الميليشيات الحوثية بـ«يوم الغدير»، المناسبة التي تزعم الميليشيات أنه تم فيها إقرار حقها بالولاية.

رئيس جامعة صنعاء الحوثي يصطحب أعضاء هيئة التدريس إلى ضريح مؤسس الجماعة في صعدة (تويتر)

ومنذ فترة ليست بالقصيرة؛ تنظم الميليشيات الحوثية دورات ثقافية طائفية لمدرسي الجامعات على غرار الدورات التي تستهدف بها المعلمين منذ سنوات طويلة بغرض إقناعهم بنهجها وتوجيههم لغسل أدمغة الطلاب في المدارس، وتقديم المحتوى الطائفي الذي يجري فرضه في المناهج الدراسية.

وبعد انتهاء إجازة العيد أقلت خمس حافلات طاقم التدريس من داخل جامعة صنعاء باتجاه محافظة صعدة في مشهد نعته أستاذ جامعي رفض المشاركة في الزيارة بـ«الهزلي المرير» لما يثبته من هوان وتدهور حال التعليم الجامعي وإمعان الميليشيات الحوثية في تحويل الجامعات إلى مقار لها، وإجبار الأكاديميين على الترويج لمشروعها.

من جامعة إلى ثكنة

فعالية في جامعة إب احتفالاً بمناسبة يوم الولاية المزعومة للانقلابيين الحوثيين (إعلام حوثي)

لم تكتفِ الميليشيات الحوثية بإجبار الأكاديميين على حضور دوراتها الطائفية والمشاركة في زياراتها التثقيفية؛ فجامعة إب تحولت تحت سيطرتها إلى ثكنة عسكرية.

ويقول أهالي مدينة إب إن الميليشيات الحوثية عمدت إلى تعبيد قطعة من فناء الجامعة وحولتها إلى مدرج للمروحيات، واستخدمتها لإجراء عروض عسكرية لمن جندتهم خلال الأشهر الأخيرة، خصوصاً من الأطفال.

حقائق

25 في المائة

نسبة تراجع الطلاب عن الالتحاق بجامعة صنعاء

ويتحدث طلاب في الجامعة عن إجبارهم على المشاركة في مختلف الفعاليات الحوثية مثل إحياء يوم مقتل مؤسس الميليشيات حسين الحوثي، ويوم مقتل القيادي السابق صالح الصماد، وزيارات إلى مقابر القتلى، إلى جانب إجبارهم على التبرع للمقاتلين بمبالغ تضاف إلى الرسوم الدراسية وأخرى غير دراسية أو قانونية.

وشرح الطلاب لـ«الشرق الأوسط»، الشروط التي فرضتها الميليشيات الحوثية على الطالبات لدخول الجامعة، مثل ارتداء ملابس بمقاسات معينة والتزام اللون الأسود وتغطية كامل أجزاء الجسم والدخول من بوابات خاصة، وعدم التحدث مع الطلبة وحتى مع المدرسين.


مقالات ذات صلة

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

العالم العربي امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

بانتهاء موسم حصاد الحبوب الشحيح في اليمن، يواجه المزارعون خيارات صعبة في مواسم الجفاف لتأمين الغذاء وتربية المواشي مع قلة خبرتهم بالتعامل مع تغيرات المناخ

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)

توجّه حوثي لإنشاء كيان يتولّى مراقبة صالات الأعراس

تعتزم الجماعة الحوثية في اليمن تأسيس كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس والمناسبات بصنعاء وغيرها من المدن الخاضعة للانقلاب

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)

إحالة مسؤولَين يمنيَين إلى المحكمة بتهمة إهدار 180 مليون دولار

في خطوة أولى وغير مسبوقة للحكومة اليمنية، أحالت النيابة العامة مسؤولَين في مصافي عدن إلى محكمة الأموال العامة بتهمة إهدار 180 مليون دولار.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

بينما جدد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن متهمون بارتكاب انتهاكات ضد أقارب المغتربين

صعّدت جماعة الحوثيين في اليمن من وتيرة انتهاكاتها بحق أقارب المغتربين لا سيما المنتمون منهم إلى محافظتي إب والضالع، وذلك ضمن استهداف الجماعة الممنهج للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».