تقديرات بحاجة اليمن لـ40 مليون شجرة لمكافحة التصحر

الجراد يضاعف انعدام الأمن الغذائي

‏ استخدمت المطاعم والمخابز الحطب نتيجة انعدام غاز الطهي (مبادرة حلم أخضر)
‏ استخدمت المطاعم والمخابز الحطب نتيجة انعدام غاز الطهي (مبادرة حلم أخضر)
TT

تقديرات بحاجة اليمن لـ40 مليون شجرة لمكافحة التصحر

‏ استخدمت المطاعم والمخابز الحطب نتيجة انعدام غاز الطهي (مبادرة حلم أخضر)
‏ استخدمت المطاعم والمخابز الحطب نتيجة انعدام غاز الطهي (مبادرة حلم أخضر)

في الوقت الذي ظهرت أسراب من الجراد الصحراوي في أجواء العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات مأرب وأجزاء من الجوف وحضرموت وشبوة، أكدت مبادرة معنية بالحفاظ على البيئة أن اليمن يحتاج إلى جملة من الإجراءات لمكافحة التصحر بينها زرع 40 مليون شجرة، في ظل اتساع الآثار المرتبطة بالتغير المناخي.

ومع تأكيد منظمات أممية ومحلية أن اليمن من المناطق الأساسية لتكاثر الجراد الصحراوي على مدار العام، حيث يتجمع في أنحاء متفرقة قبل أن تهاجر أسرابه إلى دول المنطقة والإقليم، نبهت هذه المنظمات إلى أن تغيرات المناخ توفر بيئة خصبة لتكاثر الجراد في المناطق الصحراوية، وتوقعت أن يؤدي ذلك إلى تفاقم خسائر الإنتاج الزراعي، حيث يصنَّف الجراد كأحد العوامل المساهمة في انعدام الأمن الغذائي في البلاد.

وتقول مبادرة «حلم أخضر» التي تُعنى بحماية البيئة والحفاظ على النبات والحيوانات النادرة في اليمن، إن زحف الكثبان الرملية من أكبر التهديدات التي يتعرض لها التنوع الوراثي والطبيعي في اليمن، حيث أثّر في النباتات الغابوية (الغابات) وأراضي الأشجار الحراجية بشكل كبير جداً.

ونقلت المبادرة عن عبد الغني جغمان، وهو استشاري في تنمية الموارد الطبيعية، قوله إنه نتيجة للتصحر تحول الكثير من مناطق الوديان الخصبة في اليمن وتحديداً في سهل تهامة وحضرموت وشبوة ولحج وأبين، إلى أراضٍ فقيرة وصحراوية وجافة وصخرية.

الجراد الصحراوي يطير حول وادٍ زراعي في ضواحي صنعاء (إ.ب.أ)

وتشير الإدارة العامة للغابات والتصحر في وزارة الزراعة اليمنية، إلى أن حجم الأراضي المتصحرة في اليمن بلغ نسبة 90 في المائة في عام 2014، وهي مقسمة بين أراضٍ رملية صحراوية، وساحلية وقارية وجبال وأراضٍ سكنية وطرق.

مكافحة التصحر

في سبيل الحد من تهديد زيادة رقعة التصحر، وتدهور الأراضي اليمنية، أوصت المبادرة بأنه ينبغي على الحكومة والجهات المختصة البدء في تنفيذ سياسات عامة، وفق الاستراتيجية الوطنية للحد من التصحر وزحف الكثبان الرملية، حيث تعتقد أن بمقدورها صنع فارق، في الحد من هذه الكارثة.

وشددت مبادرة «حلم أخضر» على أن الإجراءات العملية المقترحة للحد من التصحر تتطلب تدخلاً حكومياً الآن، في ظل اتساع الكارثة التي يفاقمها تغير المناخ، إذ تزداد المخاطر المترتبة عليها على الموارد الطبيعية والغذاء، وعلى سبل كسب العيش لدى السكان، وعلى السلام والاستقرار على حد سواء.

واقترحت المبادرة تنفيذ خطة وطنية لغرس 40 مليون شجرة، وقالت إن الحاجة مُلحة للبدء بالتشجير في اليمن، حيث مرت حتى الآن أكثر من 40 سنة منذ إطلاق آخر حملة وطنية للدولة لغرس الأشجار، والتي كانت في منتصف السبعينات، حيث زُرعت حينها 6 ملايين شجرة في 3 سنوات.

وشددت المبادرة على أنه ونظراً للظروف والتحديات الحرجة التي تعاني منها البيئة الطبيعية في اليمن فإنه ينبغي للسلطات تبني سياسات التشجير كضرورة وبشكل جاد.

وينص المقترح على توحيد الجهود الرسمية والمجتمعية من أجل مكافحة التصحر، والبدء بزراعة وغرس 10 ملايين شجرة في السنة، وإطلاق حملات تشجير وطنية في المحافظات لمدة 4 سنوات متتالية، بهدف الوصول إلى غرس 40 مليون شجرة.

طوال سنوات الانقلاب افتعل الحوثيون أزمات غاز الطهي ما زاد من الاحتطاب الجائر (تويتر)

وطالبت المبادرة بأن يرافق ذلك إيقاف الحفر العشوائي لآبار المياه الجوفية، حيث قدَّرت هيئة الموارد المائية عدد آبار المياه الجوفية في اليمن بنحو 93 ألف بئر في عام 2007، ولكن عام 2019 أصبح عدد آبار المياه المحفورة يقدَّر بنحو 110 آلاف بئر.

وتكمن الكارثة، وفقاً لما خلصت إليه المبادرة، في أن عدد حفارات المياه التي أُدخلت إلى البلاد وصل إلى نحو 900 حفار، وقد أُدخلت غالبيتها بصورة مخالفة للقانون، ومعظمها يتبع نافذين ومقاولين، مما استنزف مخزون المياه الجوفية بشكل خطير، في ظل عدم وجود رقابة رسمية من السلطات، مع أن قانون المياه ينص على أن «الآبار لا يمكن حفرها إلا بموافقة الحكومة» وفي دول العالم، تظل حفارات المياه مملوكة للدولة، كي لا يتم العبث بالمياه بوصفها ثروة وطنية.

وفي حين أعادت المبادرة التأكيد أن الأمن المائي أصبح في صميم الأمن القومي لكل بلدان العالم، كونه يضعها عرضة للتهديد والمخاطر، قالت إنه يجب الوقف الفوري لحفر الآبار، وإدارة الأمر بإشراف سلطات المياه والبيئة والزراعة، وتفعيل القوانين النافذة لمنع ذلك.

المحميات والغابات

ضمن المقترحات المطروحة لمواجهة التصحر، طالبت المبادرة وزارتَي المياه والبيئة، والزراعة الري، بوضع خطة عمل لمواجهة عملية الهدر والتدمير التي تتعرض لها الغابات، ورفع وتيرة الحماية لمناطق المحميات الطبيعية وبقية مناطق الأحراج النباتية والغابوية في البلاد.

9 آلاف حفار لآبار المياه تعمل في اليمن بعيداً عن الرقابة (تويتر)

وذكرت المبادرة أن مساحة مناطق الغابات تتقلص بشكل مستمر، وهي وفق تقدير التقرير الوطني للغابات لعام 2012، لا تتعدى نسبة 10 في المائة من المساحة الإجمالية للبلاد، ورأت أن حماية المصادر الوراثية في مواقعها الطبيعية، هي الطريقة المثلى للحفاظ على ما تبقى من التنوع البيئي النباتي والحيواني في اليمن.

وحسب فريق «حلم أخضر» فإنه ينبغي وقف عمليات الاحتطاب الجائر، واقتلاع الأشجار، والاستغلال المفرط للموارد الطبيعية الذي تفاقم منذ بدء الحرب في البلاد في عام 2015، حيث تزايدت عملية استغلال الغطاء النباتي -غير المنظم- خصوصاً في مناطق سهل تهامة بدرجة رئيسية، كونها مصدر الحطب للمحافظات الوسطى والشمالية، وكذلك وقف الاحتطاب في بقية المناطق الحرجية الأكثر ضعفاً.

ولتحقيق هذه الغاية يؤكد فريق «حلم أخضر» أهمية توفير مادة الغاز المنزلي خصوصاً للقطاعات الخدمية كالمطاعم والمخابز والأفران التقليدية والسكان أيضاً، في عواصم المدن والأرياف كما كان في السابق.

وقال الفريق إن التقارير لديه تبين ازدهار تجارة الحطب في المحافظات الخمس الكبرى الأكثر استهلاكاً للحطب كوقود لطهي الطعام، كبديل لانعدام الغاز المنزلي، وهي: العاصمة صنعاء، والحديدة، وعدن، وتعز، وحضرموت.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في سجن شرقي مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيُفقد اليمن 90 مليار دولار

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، محملة المجتمع الدولي مسؤولية التهاون.

«الشرق الأوسط» (عدن)

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.