تصعيد حوثي في تعز... وإدانات حكومية وحقوقية لجرائم الجماعة

منظمة: الميليشيات ارتكبت 600 انتهاك بحق المنازل في ذمار

حقوقيون يمنيون في جنيف يستعرضون انتهاكات الحوثيين (سبأ)
حقوقيون يمنيون في جنيف يستعرضون انتهاكات الحوثيين (سبأ)
TT

تصعيد حوثي في تعز... وإدانات حكومية وحقوقية لجرائم الجماعة

حقوقيون يمنيون في جنيف يستعرضون انتهاكات الحوثيين (سبأ)
حقوقيون يمنيون في جنيف يستعرضون انتهاكات الحوثيين (سبأ)

صعّدت الميليشيات الحوثية في اليمن من هجماتها في محافظة تعز، بالتوازي مع تعاظم انتهاكاتها ضد المدنيين في مناطق سيطرتها، وهو الأمر الذي لقي إدانات حكومية وحقوقية، ومطالب بمحاكمة قادة الجماعة المسؤولين عن الانتهاكات.

تصعيد الجماعة الانقلابية ميدانياً باتجاه تعز، جاء وسط حالة من الجمود سيطرت على الجهود الأممية والدولية بخصوص المساعي الرامية إلى تجديد الهدنة، المنتهية منذ نحو 10 أشهر، وتوسيعها، وإطلاق مسار تفاوضي للتوصل إلى سلام دائم وشامل.

منظر عام لمدينة تعز اليمنية (سبأ)

في هذا السياق، أفاد الإعلام العسكري اليمني بمقتل وإصابة 4 عسكريين غرب مدينة تعز؛ جراء هجوم للميليشيات الحوثية (السبت) بواسطة طائرة مسيّرة.

ونقلت وكالة «سبأ» عن مصدر عسكري قوله إن قذيفة أطلقتها مسيّرة تابعة للميليشيات الحوثية أدت إلى مقتل القائد في الجيش اليمني عمر السمعي، ورائد الحسني، وإصابة جنديين اثنين تم نقلهما لتلقي العلاج، أحدهما في حالة حرجة.

وفي وقت سابق، كانت مصادر ميدانية أفادت بأن الميليشيات الحوثية دفعت بالآلاف من مجنديها الجدد باتجاه جبهات محافظة تعز بعد أن استقدمتهم من ذمار وصنعاء، وسط مخاوف من سعيها لتفجير الأوضاع ميدانياً في المحافظة الأكثر سكاناً في اليمن.

وكان المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، حذر من هشاشة وضع التهدئة، داعياً الأطراف اليمنية إلى مزيد من ضبط النفس، والتعاون مع مساعيه ضمن خطة تشمل تجديد الهدنة وتوسيعها، وصرف الرواتب، وتوسيع وجهات السفر من مطار صنعاء.

انتهاكات وإدانات

في غضون ذلك، أفادت منظمة «مساواة للحقوق والحريات» بأنها وثّقت قيام الميليشيات الحوثية بارتكاب نحو 600 انتهاك طاولت منازل المدنيين في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) منذ انقلابها على الشرعية في 2014.

وقالت المنظمة الحقوقية في بيان، إنها «رصدت 588 انتهاكاً متنوعاً ارتكبتها الميليشيات الحوثية بحق منازل المواطنين في عموم مديريات محافظة ذمار منذ سيطرتها على المحافظة، توزعت بين 453 حالة اقتحام لمنازل ونهب محتوياتها، وكذلك تفجير 72 منزلاً، بالإضافة إلى مصادرة نحو 63 منزلاً في المحافظة».

وأوضحت المنظمة أن هذه الإحصائية لا تشمل الانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات كافة بحق منازل المواطنين في محافظة ذمار، وإنما اقتصرت على الانتهاكات التي تمكّن راصدوها من لقاء ضحاياها وتوثيقها.

منزل فجّره الحوثيون في مدينة ذمار جنوب صنعاء (تويتر)

وأشارت إلى أن أحدث هذه الانتهاكات تمثّل في قيام الميليشيات (السبت) الماضي باقتحام منزل القائد في الشرطة اليمنية عبد الولي اليعري، الكائن في حي الجدد جنوب مدينة ذمار، ومصادرة المنزل بعد طرد ساكنيه.

بالتزامن مع ذلك، طالبت ندوة حقوقية، عُقدت في جنيف المجتمع الدولي بملاحقة ومحاسبة قيادات الميليشيات الحوثية وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم العادل جراء جرائمهم وانتهاكاتهم المرتكبة منذ عام 2014. وأكدت الندوة، المنعقدة على هامش الدورة الـ53 لمجلس حقوق الإنسان بمدينة جنيف، أهمية العمل قانونياً وقضائياً لتوثيق الجرائم والوقائع والانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات، مشددة على ضرورة الضغط على الميليشيات الحوثية لإطلاق سراح أفراد الطائفة البهائية، والكف عن مطاردتهم.

حقوقيون يمنيون في جنيف يستعرضون انتهاكات الحوثيين (سبأ)

واستعرضت الندوة، انتهاكات الميليشيات الحوثية ضد الطفولة، واستهداف منظومة التعليم، والتعذيب والقمع بوصفهما أداة لترهيب المجتمع، واستهداف الأقليات والصحافيين والإعلاميين.

ونقل الإعلام اليمني الرسمي أن المتحدثين في الندوة تطرقوا إلى خطر استهداف النشء من قبل الحوثيين، وعسكرة العملية التعليمية، وتطييف المناهج والمراكز الصيفية المغلقة، والعبث بالمحتوى الدراسي.

مخاوف حكومية

على صعيد متصل، جددت الحكومة اليمنية مخاوفها بشأن مصير أفراد الطائفة البهائية المعتقلين حديثاً من قبل الميليشيات الحوثية، داعية المجتمع الدولي إلى الضغط على الميليشيات للإفراج عنهم.

وقال وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، إن الميليشيات الحوثية تواصل إخفاء 13 عنصراً من البهائيين قسراً، منذ اختطافهم في 25 مايو (أيار) الماضي إثر اقتحامها الاجتماع السنوي السلمي للطائفة في العاصمة المختطفة (صنعاء)، في ظل مخاوف متزايدة بشأن سلامتهم ومصيرهم وظروف ومكان احتجازهم الذي لا يزال غير معروف حتى الآن.

وأشار الإرياني إلى أن «أتباع الطائفة البهائية تعرضوا لسلسلة من الجرائم والانتهاكات منذ الانقلاب الحوثي، تنوعت بين مداهمة المنازل، وترويع الأسر، والخطف، والاعتقال التعسفي، والتعذيب النفسي والجسدي، والإخفاء، والنفي القسري، وإخضاعهم لمحاكمات بتهم ملفقة خارج إطار القانون، ومصادرة ونهب ممتلكاتهم، واقتحام ومصادرة مقراتهم، والتحريض عليهم».

ووصف ذلك بأنه «انتهاك صارخ لحرية الدين والمعتقد، والحق في التنظيم والتجمع وممارسة الشعائر الدينية التي تقرها القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية».

حوثيون يحتفلون بأحقيتهم المزعومة في حكم اليمن (أ.ف.ب)

وأعاد الوزير الإرياني التذكير بمصير المخفي قسراً أحمد الملاحي، وهو أحد أبناء الطائفة البهائية المعتقلين خلال عملية المداهمة، مشيراً إلى أنه يعاني من حالة صحية حرجة تهدد حياته، إضافة إلى تدهور وضعه الصحي أثناء فترة الاحتجاز، داعياً للإفراج الفوري عنه وتمكينه من تلقي العلاج قبل فوات الأوان، محملاً ميليشيات الحوثي المسؤولية الكاملة عن سلامته.

وطالب وزير الإعلام اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات والهيئات الحقوقية والناشطين، باتخاذ خطوات حاسمة وعاجلة للتدخل والضغط على قيادات الميليشيات الحوثية لضمان الإفراج الفوري عن المعتقلين كافة دون شرط أو قيد، ووقف ما وصفه بـ«الاستهداف والإرهاب الممنهج للأقليات الدينية، وعلى رأسها الطائفة البهائية».


مقالات ذات صلة

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

العالم العربي الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

يتجه الحوثيون إلى توسيع دائرة مواردهم من خلال ابتكار آليات ووسائل جديدة للجبايات بالتزامن مع مساعيهم إلى إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتهم.

وضاح الجليل (عدن)
يوميات الشرق وزير الإعلام اليمني وعدد من سفراء الدول العربية والأجنبية لدى اليمن خلال انطلاق «ليالٍ يمنية» في الرياض (متداولة)

أنغام الطرب اليمني الأصيل تُعانق رقصات الفلكلور في قلب الرياض

على إيقاع الطرب اليمني الأصيل، وتناغم رقصات الفلكلور التراثي العريق، انطلقت مساء الأحد في قلب العاصمة السعودية الرياض، فعاليات «ليالٍ يمنية» التي تستمر 3 أيام.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)

إرغام محال الإنترنت بصنعاء على المشاركة في التعبئة الحوثية

شنَّت الجماعة الحوثية في الأيام الأخيرة حملات ضد مُلاك مَحال وشبكات الإنترنت في العاصمة المختطفة صنعاء، بغية ابتزازهم وإجبارهم على الترويج لأفكار الجماعة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

«الرئاسي اليمني» يلتزم بدعم إصلاح الاقتصاد ومعركة استعادة الدولة

جدد مجلس القيادة الرئاسي اليمني التزامه بدعم مسار الإصلاحات الاقتصادية، والتركيز على القضية المصيرية المتمثلة في معركة استعادة الدولة وإنهاء انقلاب الحوثيين

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي حضور فاعل لمركز الملك سلمان في كل الجوانب الإنسانية داخل اليمن (الأمم المتحدة)

185 ألف يمني يستفيدون من مشروع يموله مركز الملك سلمان

أطلقت المنظمة الدولية للهجرة، بالشراكة مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، مشروعاً حيوياً بقيمة 2.25 مليون دولار لتحسين خدمات الصرف الصحي في مأرب.

محمد ناصر (تعز)

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

تجدد الحديث عن وقائع العنف بين طلاب المدارس في مصر، مع حادثة مقتل طالب في محافظة بورسعيد طعناً على يد زميله، ما أثار مخاوف من انتشاره، في ظل وقوع حوادث مماثلة بوقت سابق في محافظات مختلفة.

وشغلت المصريين خلال الساعات الماضية واقعة شهدتها مدرسة بورسعيد الثانوية الميكانيكية بمحافظة بورسعيد في مصر، الأحد، بعدما تداول مدونون «اتهامات عن تعدي طالب على آخر بسلاح أبيض ما أصابه بطعنة نافذة في القلب، أدت إلى وفاته».

وكشف وزارة الداخلية المصرية، الاثنين، ملابسات الحادث، مشيرة، في بيان، إلى أن عملية الطعن جاءت على خلفية مشاجرة نشبت بين الطالبين في فناء المدرسة، و«أنه بالانتقال وسؤال شهود الواقعة أفادوا بقيام طالب بالتعدي على المجني عليه بسلاح أبيض (مطواة) كانت بحوزته، فأحدث إصابته، ولاذ بالهرب بالقفز من أعلى سور المدرسة».

وعقب تقنين الإجراءات، وفق البيان، تم «ضبط مرتكب الواقعة بمكان اختبائه بالقاهرة، كما تم ضبط السلاح المستخدم في ارتكاب الواقعة».

وجاء التعقيب سريعاً من وزارة التعليم، حيث أكد الوزير محمد عبد اللطيف، أن «الوزارة لن تتهاون في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حماية أبنائها الطلاب، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وسلامة سير العملية التعليمية في جميع محافظات الجمهورية».

وشدد في بيان، الاثنين، على أنه «لن يتم القبول بتكرار مثل هذا الحادث، أو أي تجاوزات من قبل الطلاب أو المعلمين أو أي مسؤول، وأي تجاوز ستتعامل معه الوزارة بإجراءات صارمة وحازمة».

وكانت الوزارة، في أول رد فعل عقب الحادث، اتخذت إجراءات عاجلة ومشددة تضمنت إلغاء تكليف مديرة المدرسة، وتحويل جميع المسؤولين في المدرسة إلى الشؤون القانونية.

ويدرس نحو 25 مليون طالب وطالبة في مرحلة التعليم الأساسي في مصر، تضمهم 60 ألف مدرسة، بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم.

الواقعة أثارت تفاعلاً، وأعادت الحديث عن جرائم مشابهة، منها ما شهدته محافظة سوهاج (صعيد مصر)، قبل أيام، من إصابة طالب بالصف الأول الثانوي بجرح قطعي بالرقبة إثر تعدي زميله عليه بسلاح أبيض «كتر» إثر مشادة كلامية لوجود خلافات سابقة بينهما، بحسب وسائل إعلام محلية.

وزارة التعليم المصرية تسعى لحماية الطلاب وتطبيق أسس وقواعد التربية السليمة (الشرق الأوسط)

وخلال يوليو (تموز) الماضي، أقدم طالب بالثانوية العامة في محافظة بورسعيد أيضاً، على طعن زميله داخل إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة، بدعوى عدم السماح له بالغش منه. وتكررت الواقعة للسبب نفسه خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، عندما طعن طالب ثانوي بالإسكندرية زميله بآلة حادة عقب الخروج من لجنة الامتحان لعدم تمكينه من الغش، حيث استشاط غضباً لعدم مساعدته.

ومن قبلها في شهر مارس (آذار)، قُتل طالب على يد زميله بسلاح أبيض «كتر» أمام مدرسة ثانوية بمحافظة القليوبية، بسبب معاكسة فتاة.

الخبير التربوي المصري، الدكتور حسن شحاتة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، يرجع مثل هذه الوقائع إلى «السلوك العدواني، الذي يكتسبه الطلاب من البيئة والمجتمع خارج المدرسة، من خلال مشاهدة التلفزيون وأفلام العنف، والألعاب العنيفة، وبالتالي ينقلونه إلى داخل المدرسة».

ولفت إلى أن «وقف هذا العنف مسؤولية مشتركة، فالأسرة عليها مهمة تجنيب الأبناء صور وأشكال السلوك العدواني، إلى جانب إفهام الطالب الخطأ من الصواب داخل المدرسة، والقوانين المنظمة للدراسة، والتشديد على الالتزام الأخلاقي داخل المؤسسة الدراسية، وكيف أنها مكان مقدس مثل دور العبادة».

ولا تمثل هذه الوقائع ظاهرة، وفق شحاتة، فهي «حوادث معدودة في ظل وجود 25 مليون طالب في مصر»، مبيناً أنه «مع ارتفاع كثافة الفصول، وعدم وجود أنشطة مدرسية مناسبة للتلاميذ، مما يؤدي إلى عدم تفريغ الشحنات الانفعالية لهم، وهنا يأتي دور المدرسة في إيجاد أنشطة في المدرسة رياضية وموسيقية وفنية، يمارسها الطلاب لتهذيبهم، مع وجود دور للمُعلم في تعليمهم السلوك السوي مع بعضهم البعض».

ويوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة المصرية اليابانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الحوادث تعد «أعراضاً لتراجع النظام التعليمي»، وغياب «القيم التربوية».

ويلفت «صادق» إلى أن هذه الحوادث تعد امتداداً لإرث معروف بين الأسر تنصح به أطفالها، مثل عبارات: «لو حد ضربك في المدرسة اضربه» أو «خد حقك»، الذي معه «يقرر الطالب الاعتماد على نفسه في الحصول على حقه»، بينما الطبيعي، وفق صادق، عند تعرض الطالب لعنف أو تنمر «يشتكي للمعلم، ويرفع الأمر للإدارة لأخذ موقف ومعاقبة الطالب المعتدي؛ لكن مع غياب المعلم المؤهل وضعف إدارات المدارس، يغيب ذلك العقاب، وبالتالي نجد هذا العنف».