كوارث السيول بوابة حوثية لاستجداء المساعدات والسيطرة على العقارات

الجماعة تتجاهل معاناة السكان وتعرقل المبادرات المجتمعية

دعت اليونسكو إلى حماية صنعاء القديمة من أضرار السيول والأمطار، ويسعى الحوثيون للاستيلاء عليها (أ.ف.ب)
دعت اليونسكو إلى حماية صنعاء القديمة من أضرار السيول والأمطار، ويسعى الحوثيون للاستيلاء عليها (أ.ف.ب)
TT

كوارث السيول بوابة حوثية لاستجداء المساعدات والسيطرة على العقارات

دعت اليونسكو إلى حماية صنعاء القديمة من أضرار السيول والأمطار، ويسعى الحوثيون للاستيلاء عليها (أ.ف.ب)
دعت اليونسكو إلى حماية صنعاء القديمة من أضرار السيول والأمطار، ويسعى الحوثيون للاستيلاء عليها (أ.ف.ب)

أضافت سيول الأمطار الجارفة في اليمن المزيد من معاناة السكان، خصوصاً في مخيمات النزوح ومناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين، موقعة عشرات الضحايا ومتسببة بخسائر مادية كبيرة، في ظل إهمال وتجاهل سلطات الانقلاب، وسعيها إلى استغلال هذه المعاناة للسيطرة على العقارات بمسمى الأوقاف، والاستحواذ على المساعدات الإغاثية.

وشهد أبريل (نيسان) الماضي وقوع 42 شخصاً ضحايا للسيول، منهم (14) طفلاً وطفلة، وتوزع الضحايا على محافظات مختلفة سهلية وجبلية وساحلية وصحراوية، وبلغت كميات الأمطار 18 ملليمتراً في العاصمة صنعاء، و7 ملليمترات في محافظة حجة، و6.8 في ريمة، و3.3 في عمران، و0.4 في صعدة، ولم يتم قياس كميات الأمطار في محافظات أخرى شهدت سيولاً غزيرة وجرفاً للأراضي والتربة وحوادث مأساوية.

الانقلابيون الحوثيون أعلنوا أن الفترة ما بين مارس (آذار) ومايو (أيار) الماضيين، شهدت وفاة وإصابة أكثر من 18 شخصاً، أغلبهم من النازحين، وتضرر 22 ألفاً و306 أسر في 15 محافظة.

وبحسب الانقلابيين، فقد بلغ عدد المنازل المتضررة 21 ألفاً و378 منزلاً، منها 8 آلاف و339 تضررت بشكل كلي، و13 ألفا و34 منزلا بشكل جزئي و51 منزلا آيلا للسقوط و159 من الأراضي الزراعية، ووقوع 82 انهيارا صخريا وقطع للطرق، و28 انهيار سدود وآبار وشبكات مياه، وتسجيل 22 ضرراً في الثروة الحيوانية.

أمطار وسيول جارفة تضرب اليمن منذ سنوات (أ.ف.ب)

تشكيك في الأرقام

مصادر في العاصمة اليمنية صنعاء شككت بهذه الأرقام، مرجحة عدم وجود إحصائيات فعلية، لعدم اكتراث الانقلابيين الحوثيين بمعاناة السكان إلا من حيث الحصول على مساعدات إغاثية للاستيلاء عليها، خصوصاً أن الكيان الذي أصدر هذه الإحصائيات أعلن صراحة عن حاجته للمساعدات من أجل التعامل مع تلك الأضرار، وهو الذي أنشأه الانقلابيون من أجل الاستحواذ على المساعدات وتوجيهها.

وطالب ما يعرف بـ«المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي»، الذي أنشأته الميليشيات المنظمات الدولية العاملة في اليمن، القيام بدورها الإنساني والإغاثي وسرعة التدخل العاجل لإغاثة المتضررين وتوفير احتياجاتهم الأساسية من مأوى ومواد غذائية وإيوائية وخدمية.

وطبقاً للمصادر، فإن هذا المجلس وإلى جانبه هيئة الزكاة العامة، وهي كيان حوثي آخر مستحدث لنفس الغرض، كثفا من تواصلهما مع المنظمات الإغاثية الدولية للحصول على مساعدات للمتضررين من السيول، إلا أن المساعدات التي تم الإعلان عن تقديمها كانت محدودة للغاية، رغم أن الميليشيات تبالغ في تقدير ما تقدمه هذه الكيانات من مساعدات.

ومن المنظمات الدولية التي حصلت الميليشيات على مساعداتها الإغاثية، المجلس النرويجي للاجئين، والمجلس الدنماركي للاجئين ومراقبة الحماية والمساعدة في توفير المأوى للنازحين، إلى جانب قيام الميليشيات بجمع أموال من التجار ورجال الأعمال والشركات التجارية.

يعاني اليمنون من إهمال الحوثيين لصيانة الطرق بعد موسم الأمطار (تويتر)

وتنكشف الفجوة بين حجم الأضرار المعلن عنها، وما تم الإعلان عن تقديمه من مساعدات، إذ لم تعلن الميليشيات عن تقديم مساعدات إغاثية للمتضررين من السيول سوى في ثلاث مديريات فقط في محافظات عمران وريمة والضالع.

رفض المبادرات المجتمعية

وخلال المواسم الماضية اشتكى اليمنيون من الإهمال المتعمد والتسبب في مفاقمة الآثار الكارثية للأمطار والسيول الغزيرة في مناطق سيطرة الميليشيات، وعدم التفاعل مع المناشدات والاستغاثات إزاء الكوارث التي تتسبب بها السيول. ففي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب العاصمة صنعاء)، تجاهلت الميليشيات مناشدات ومبادرات مجتمعية لإنقاذ أحد الأحياء السكنية من جرف السيول.

وبدأ أهالي الحي بالنزوح خلال الشهرين الماضيين خوفاً من تهدم منازلهم، بعد أن تعرضت لأضرار خلال موسم الأمطار الذي شهدته البلاد في الأشهر الماضية، حيث بدا لهم أن هطول أمطار جديدة سيؤدي إلى حدوث كارثة في الحي، ما لم يتم بناء جدار يحجز السيول ويمنعها من دخول الحي والتسبب بالكارثة.

وأعدّ الأهالي بمبادرة منهم مسودة مشروع لبناء مصدات وجدران عازلة للسيول لإنقاذ حيهم، وتوجهوا بنداءات استغاثة ومطالبات للحصول على ميزانية لتنفيذ المشروع، إلا أن هذه النداءات لم تجد استجابة، ولم يتمكن الأهالي من الوصول إلى المنظمات الدولية، بفعل الرقابة التي تفرضها الميليشيات على عمل ونشاط هذه المنظمات.

تسببت السيول في جرف أراض تابعة لأكثر من 200 عائلة في محافظة حجة (تويتر)

واستنكر أهالي عدد من أحياء العاصمة صنعاء منعهم من طرف الميليشيات الحوثية خلال الأشهر الماضية من تنفيذ مبادرات مجتمعية لتنظيف وفتح قنوات تصريف سيول الأمطار، بحجة أن هذه الأعمال من اختصاص الجهات الرسمية، وأن تنفيذ الأهالي لها قد يعرض قنوات التصريف لأضرار بحكم عدم اختصاصهم.

وجاء استنكار الأهالي مصحوباً بالاستغراب والغضب كون الهيئات المختصة بهذه الأعمال مثل مشاريع النظافة في مديريات العاصمة وغرف عمليات الطوارئ لم تحرك ساكنا أمام انسداد مجاري السيول وغرق الشوارع والأسواق ودخول المياه إلى المنازل والمحلات والتسبب بأضرار وخسائر كبيرة.

اختلاق حق مزعوم

وبحسب مصادر أخرى في العاصمة صنعاء؛ فإن الميليشيات الحوثية، وبدلا عن تقديم العون والمساعدة لأصحاب العقارات والمباني المتضررة، يلجأ قادتها لمساومة أصحاب المنازل المتضررة وعرض شرائها بأثمان بخسة، خصوصا في مدينة صنعاء القديمة التي تسعي الميليشيات للاستيلاء عليها من خلال ما يعرف بهيئة الأوقاف التابعة للميليشيات بحجة أنها من ممتلكات أجداد مؤسسي الجماعة الحوثية.

وأفادت المصادر بأن هيئة الأوقاف الحوثية تتخذ من تضرر المباني والعقارات بالأمطار والسيول في عدة أحياء ومناطق في العاصمة صنعاء، وغيرها من المدن والمحافظات ذريعة إضافية للاستيلاء عليها، متهمة ملاك ومستخدمي المباني والعقارات بإهمالها والتقصير في صيانتها، وذلك بعد ادعاءات الهيئة أن هذه العقارات ملكية وقفية لأجداد مؤسسي وقادة الجماعة.

وتدعي الهيئة الحوثية التي يرأسها عبد المجيد الحوثي أن مساحات واسعة من الأراضي تم الاستيلاء عليها من طرف الحكومات اليمنية خلال العقود الماضية واستخدامها كأسواق ومدن سكنية ومبانٍ عمومية، وبدأت منذ مدة مساعٍ للاستيلاء عليها وإنشاء مزار طائفي في صنعاء القديمة بعد إزالة عددٍ من أسواقها وأحيائها.

السيول في اليمن تخلف كل موسم خسائر بشرية ومادية (تويتر)

وذكّرت المصادر بإهمال الميليشيات الحوثية مدينة صنعاء القديمة، وتجاهل ما تعرضت له مبانيها خلال مواسم الأمطار الماضية من أضرار، وكيف تركت أهاليها يواجهون المخاطر التي تعرضت لها منازل ومباني المدينة بإمكانيات متواضعة، واضطرارهم لاستخدام الأشرعة في تغطية المباني خلال المواسم المطيرة.

ويشتكي السكان في مختلف مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين من عدم تحرك الجهات الأمنية التي تديرها الميليشيات للمساعدة في أعمال الإنقاذ في حوادث انهيار المنازل أو الغرق وجرف السيول للأفراد، كما لا تهتم بالبحث عن الضحايا والكشف عن مصائرهم.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.