الحصار الحوثي يؤرق المسافرين من تعز وإليها

سيول الأمطار جرفت 20 سيارة خلال يوم واحد

بحسرة يشاهد السائقون سياراتهم التي جرفتها السيول وهم في طريقهم إلى تعز (تويتر)
بحسرة يشاهد السائقون سياراتهم التي جرفتها السيول وهم في طريقهم إلى تعز (تويتر)
TT

الحصار الحوثي يؤرق المسافرين من تعز وإليها

بحسرة يشاهد السائقون سياراتهم التي جرفتها السيول وهم في طريقهم إلى تعز (تويتر)
بحسرة يشاهد السائقون سياراتهم التي جرفتها السيول وهم في طريقهم إلى تعز (تويتر)

كان ظهر يوم الاثنين الماضي كارثياً على الشاب اليمني يوسف، بعدما جرفت السيول حافلته الصغيرة وهي مصدر دخله الوحيد، إذ ينقل عليها الركاب من مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد (جنوب) إلى مختلف مناطق محافظة تعز المجاورة، حيث يضطر المسافرون منذ سنوات لاستخدام طريق فرعي غير معبد إثر قيام الحوثيين بإغلاق كل الطرق الرئيسية.

يقول يوسف، وهو يقف في مرتفع صغير يطل على الوادي وهو يشاهد حافلته: «تركتها ونجوت بنفسي». إلا أنه لم يكن الوحيد الذي تعرض لهذه الخسارة، حيث جرفت السيول 20 سيارة أخرى في وادي الخزجة التابع لمديرية حيفان في حدود محافظة تعز مع محافظة لحج، وهو الوادي الذي يستخدم لإيصال الركاب إلى مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي أو القادمين منها.

كما تعبر الطريق نفسه شاحنات نقل البضائع بعدما أغلقت الميليشيات الطريق الرئيسي الذي يربط محافظة لحج بمحافظة تعز ومن بعده إغلاق طريقين رئيسيين يربطان بين محافظة الضالع ومحافظة إب.

وإلى جانب إغلاق ميليشيات الحوثي كل الطرق المؤدية إلى مدينة تعز من ثلاثة اتجاهات ووضع أكثر من ثلاثة ملايين من سكان المحافظة تحت حصار خانق منذ أن تفجرت الحرب، أقدمت الميليشيات على إغلاق الطرق الرئيسية الواصلة من العاصمة اليمنية المؤقتة والتي تربط محافظة إب بمحافظة الضالع، وكذا الطريق الذي يربط محافظة البيضاء بمحافظة أبين، والطريق الرابط بين مديريتي حيس والجراحي في الحديدة، وطريق البرح مع ميناء المخا، إلى جانب طرق مأرب مع البيضاء ومع محافظة صنعاء.

السيول حولت المعبر الوحيد إلى تعز لمصيدة للسيارات وشاحنات نقل البضائع (تويتر)

وسعت الحكومة المعترف بها دولياً إلى القبول - أكثر من مرة - بكل المبادرات المحلية لفتح الطرقات، ودون أي قيود، كما قبلت بالمقترحات الأممية في سبيل إنهاء حصار تعز وفتح الطرق المؤدية إلى مركزها، لكن الميليشيات لا تزال حتى الآن ترفض تنفيذ ما تعهدت به رغم دخول التهدئة عامها الثاني.

استمرار المعاناة

بعد كل معاناة العيش وتذمر الحياة - يقول شكيب وهو أحد سكان منطقة الخزجة - يصل السائقون إلى هذا الوادي ويخسر بعضهم مصدر رزقه خلال دقائق، فيما ينجو آخرون بحياتهم بعد أن تجرف السيول كل أمتعتهم، في وقت يقترب فيه موعد عيد الأضحى المبارك، حيث يفضل الكثير من اليمنيين قضاء هذه المناسبة في الأرياف، حيث يلتئم شمل الأسر بعد أن أجبرت الأوضاع الاقتصادية التي انتهجتها الميليشيات الحوثية الذكور إلى الذهاب إلى المدن بحثاً عن العمل.

ووفق سكان المنطقة، فإن الضحايا دخلوا بسيارتهم إلى الوادي قبل هطول الأمطار، ولأن السيارات تحتاج إلى أكثر من ساعتين على أقل تقدير لعبور الوادي، فإنهم ما إن وصلوا إلى ما بعد منتصفه حتى دهمتهم السيول الغزيرة المتدفقة من المرتفعات، حيث شهدت البلاد خلال هذا الموسم هطول أمطار غير مسبوقة بسبب التغيرات المناخية التي ظهرت تأثيراتها واضحة خلال العامين الأخيرين.

لم يكتف الحوثيون بالحرب بل أغلقوا الطرقات وضاعفوا معاناة اليمنيين (تويتر)

ويؤكد السكان أنه إذا لم يتم الضغط على ميليشيات الحوثي لفتح الطرق بين المحافظات، فإن المعاناة سوف تتواصل، خاصة أن الميليشيات لم تكتف بإغلاق الطرق الرئيسية بل تمادت في تعسفها وألزمت التجار بالتوقف عن استيراد البضائع والمواد الغذائية عبر مناطق سيطرة الحكومة، وأخذت منهم تعهدات خطية بتحويل بضائعهم عبر ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتها، ويقولون إن المسافة التي يقطعها السائقون في هذا الوادي لا تستغرق سوى 15 دقيقة عند المرور في الطريق الرئيسي المغلق.

تفاقم وضع النازحين

هذه المعاناة جاءت في وقت أكدت فيه المنظمة الدولية للهجرة أن الفيضانات الموسمية استمرت في التأثير على الأشخاص النازحين داخلياً والذين يعيشون في ظروف محفوفة بالمخاطر بالفعل في محافظات مأرب وتعز وإب، حيث أدت الأمطار الغزيرة إلى تفاقم وضع العائلات التي تعيش في حالة نزوح مطول من خلال إتلاف الملاجئ وتدمير ممتلكاتها وتعريض الصحة والسلامة للخطر.

كما ذكرت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أن الفيضانات أثرت على حياة المدنيين والبنية التحتية، حيث قُتل ما يقدر بنحو 31 شخصاً، وأصيب 37 آخرين وفقد 3 في أعقاب فيضانات أبريل (نيسان) الماضي. وتسببت الأمطار الغزيرة في تساقط الصخور بشكل مدمر وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية، مما أدى إلى زيادة الاحتياجات الإنسانية.

تقارير الأمم المتحدة أكدت أن اليمن تأثر بشكل متزايد بالآثار السلبية للتغير المناخي في السنوات الأخيرة، حيث كانت مدمِّرَة لسبل العيش في بلد يعاني مُسبقاً من انعدام الأمن الغذائي والمائي، بالإضافة إلى تدهور الأراضي الزراعية.

مربي نحل يتفقد خلاياه في مزرعة قرب صنعاء حيث يواجه النحالون تحديات هائلة بسبب تغير المناخ (رويترز)

ووصفت المنظمة الدولية التغير المناخي بأنه كان بمثابة ضربة قوية للمواسم الزراعية، حيث تؤثر الفيضانات والأمطار الغزيرة والجفاف وهطول الأمطار في غير موسمها على الأنشطة الزراعية والإنتاج وسبل العيش الريفية، مما يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي.

ويقول المسؤولون اليمنيون إن المزارعين في كثير من المناطق تخلوا عن الزراعة نتيجة الأضرار التي لحقت بالأراضي الزراعية وانجراف التربة الناجم عن الفيضانات والسيول، ولهذا تعمل الحكومة بالتعاون مع البنك الدولي على تنفيذ مشاريع الحفاظ على التربة، والتخفيف من آثار الفيضانات، وتوفير مصادر مستدامة للري التكميلي، ولضمان استمرار المزارعين في زراعة أراضيهم لكسب لقمة العيش.


مقالات ذات صلة

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

كشف مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» عن جهود عربية - أميركية جديدة لدفع جهود التهدئة في السودان. وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة، على التنسيق على أمل حلحلة الأزمة السودانية».

وأفاد المصدر المصري بأن «اجتماعاً ضم مسؤولين من الدول الأربع، استضافته السعودية نهاية الأسبوع الماضي، ناقش دفع الجهود المشتركة؛ لتحقيق انفراجة بالأزمة».

وسبق أن شاركت الدول الأربع في اجتماعات «جنيف»، التي دعت لها واشنطن لإنهاء الحرب بالسودان، منتصف أغسطس (آب) الماضي، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، غير أنها لم تحقق تقدماً، في ظل مقاطعة الحكومة السودانية المحادثات.

غير أن المصدر المصري، قال إن «اجتماع السعودية، الذي عقد يومي الخميس والجمعة الماضيين (ليس امتداداً لمبادرة جنيف)، وإن الآلية الرباعية الحالية هي للدول صاحبة التأثير في المشهد السوداني، وتستهدف دفع الحلول السلمية للأزمة». ورجح المصدر «انعقاد اجتماعات أخرى؛ لدفع جهود الدول الأربع، نحو وقف الحرب، وإيصال المساعدات الإغاثية للمتضررين منها».

صورة جماعية بختام اجتماعات جنيف حول السودان في أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «ما يفوق 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وعقب اندلاع الحرب، استضافت مدينة جدة العام الماضي، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، أفضت إلى توقيع «إعلان جدة الإنساني»، الذي نصّ على حماية المدنيين، والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية. وتتمسك الحكومة السودانية بتنفيذ مخرجات «اتفاق جدة»، قبل الانخراط في أي مفاوضات مباشرة مع «قوات الدعم السريع».

توحيد الجهود

وترى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة منى عمر، أن «توحيد جهود الأطراف الدولية الفاعلة في الأزمة السودانية، سيسهم في تحريك حلول وقف إطلاق النار»، موضحة: «أدى تضارب الرؤى والمسارات الدولية، بسبب كثرة المبادرات والتدخلات التي خرجت من دول أفريقية وإقليمية ودولية، إلى إضعاف أي تحركات لوقف الحرب السودانية».

وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنسيق الرباعي بين مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة، سيسهم في دفع جهود إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب على الأقل بصورة أكثر فاعلية»، مشيرة إلى أن «هناك مناطق مثل الفاشر في دارفور وولاية الجزيرة، تعاني من أوضاع إنسانية مأساوية».

ودعت إلى ضرورة تركيز تحرك الرباعي الدولي على «جهود وقف إطلاق النار، وأعمال الإغاثة، وصياغة خريطة طريق سياسية، تنهي الأزمة السودانية».

سودانيون يتلقون العلاج في مستشفى ميداني أقيم بمدينة أدري التشادية المحاذية للحدود مع السودان أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ويواجه السودان «واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية حالياً»، حسب تقديرات الأمم المتحدة، وأشار مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، إلى أن «أكثر من نصف سكان السودان، يواجه خطر المجاعة والكوارث الطبيعية، مما يؤدي لانتشار الأوبئة»، وخلال زيارته لمدينة بورتسودان، في سبتمبر (أيلول) الماضي، شدّد على أن «الأزمة الإنسانية بالسودان، لا تجد اهتماماً كافياً دولياً».

دول مؤثرة

وباعتقاد الباحث السياسي السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، فإن «تشكيل رباعية من الدول صاحبة التأثير في الساحة السودانية، قد يحرك مسار الحلول السلمية، وتفعيل مسار جدة»، مشيراً إلى أن «توحيد جهود هذه الأطراف، سيسهم في تغيير مسار الأزمة السودانية»، منوهاً بأن «الدول الأربع تؤيد العودة لمسار جدة».

ورجح خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مشاركة الحكومة السودانية في مسار مفاوضات «الآلية الرباعية حال العودة إلى مسار جدة، ولن تقاطعه كما فعلت في مبادرة جنيف».

وأشار إلى أن «فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، قد يغير من معادلة التأثير الدولي في الحرب داخل السودان».

وكان السفير السوداني في القاهرة عماد الدين عدوي، شدّد على «تمسك بلاده بمسار جدة، بوصفه آلية للتفاوض لوقف الحرب»، وقال في ندوة استضافتها نقابة الصحافيين المصرية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده ترفض المشاركة في أي مبادرة أفريقية، إلا بعد عودة عضوية السودان للاتحاد الأفريقي».