إهمال الانقلابيين يغرق إب اليمنية في أكوام القمامة

عشرات الأطفال أصيبوا بالأمراض نتيجة تراكم النفايات

عامل يفرز المواد البلاستيكية في صنعاء من وسط القمامة لإعادة تدويرها (إ.ب.أ)
عامل يفرز المواد البلاستيكية في صنعاء من وسط القمامة لإعادة تدويرها (إ.ب.أ)
TT

إهمال الانقلابيين يغرق إب اليمنية في أكوام القمامة

عامل يفرز المواد البلاستيكية في صنعاء من وسط القمامة لإعادة تدويرها (إ.ب.أ)
عامل يفرز المواد البلاستيكية في صنعاء من وسط القمامة لإعادة تدويرها (إ.ب.أ)

شكا سكان محافظة إب اليمنية (193 كلم جنوب صنعاء) من تراكم أكوام النفايات في شوارع وأحياء مركز المحافظة (مدينة إب) وعدة مديريات تابعة لها، ما ينذر بكارثة صحية وبيئية، وسط اتهامات لقادة الميليشيات الحوثية في المحافظة بالإهمال، والتركيز على نهب الأموال المقدمة من المنظمات الدولية دعماً لحملات النظافة.

وأفادت مصادر محلية في إب التي تعد من المناطق اليمنية المزدحمة بالسكان، بأن مركز عاصمة المحافظة ومديريات العدين والسياني والمخادر، تشهد حاليا تكدساً للمخلفات، في ظل تجاهل سلطات الانقلاب للكارثة، وعدم تحركها لاحتوائها أو تقليل مخاطرها الصحية على السكان.

ويخشى السكان في أحياء الظهار والسبل وسط المدينة من أن يؤدي تدهور أوضاع النظافة إلى توفير بيئة خصبة لتفشي الأمراض الفتاكة، ولفتوا إلى أن أكوام النفايات باتت تطمر عدداً من الشوارع الرئيسية، حيث انتشرت الروائح الكريهة، في ظل إهمال حوثي متعمد، زاد من عملية التكدس على نطاق واسع.

أكوام من القمامة وسط الأحياء السكنية في مدينة إب (فيسبوك)

واتهم السكان الحوثيين بأنهم يتعمدون تجاهل تراكم أطنان القمامة في الشوارع والأحياء، بعدما قاموا بمصادرة مرتبات عمال صندوق النظافة، وإيقاف نفقات التشغيل المتعلقة بآليات الصندوق في المحافظة؛ نتيجة اشتداد الصراع الحوثي البيني على الأموال المنهوبة.

تجاهل متعمد

ويؤكد مسؤول حي في إب لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة تتجاهل هذه المشكلة البيئية الخطرة ولم تقم باتخاذ أي إجراءات تجاهها، بالتوازي مع استثمار تفشي الأوبئة لابتزاز المنظمات الدولية وسرقة المساعدات.

ويقول محمد سالم، وهو اسم مستعار لأحد السكان إن «الميليشيات لا يهمها حالياً وضع المواطن وصحته وأوجاعه، بقدر ما يهمها مواصلة استهداف سكان المحافظة واليمنيين بشكل عام بمختلف الطرق والوسائل، وانشغالها بنهب إيرادات الدولة والمجالس المحلية، وزيادة حجم الإتاوات تحت حجج وأسماء غير قانونية».

وأكد محمد أن تراكم أطنان المخلفات إضافة إلى طفح مياه الصرف في أكثر من منطقة في إب دون وضع حلول لها، مع استمرار هطول الأمطار، جميعها توفر بيئة مواتية لنمو وتكاثر وانتشار الفيروسات والأوبئة، خصوصاً الكوليرا والملاريا.

وفي مديرية العدين (ثالث أكبر مديريات إب من حيث الكثافة السكانية) عبر السكان عن شكاواهم من انتشار كثيف للقمامة في شوارع مدينتهم وحاراتها وأزقتها، في ظل اختفاء مفاجئ لعمال النظافة.

وأوضح السكان أن روائح مياه الصرف تملأ الأحياء والشوارع نتيجة طفح المجاري فيها ما جعلها مكاناً خصباً للأوبئة القاتلة، محذرين من تبعات إبقاء أطنان القمامة على هذه الحال، في ظل تجاهل سلطات الميليشيات لواجباتها مع تأكيدهم أن المدينة ستغدو أمام جائحة محققة.

اتهام للجماعة بالفساد

يتهم مسؤول بفرع صندوق النظافة في مديرية العدين قيادات حوثية تدير صندوق النظافة الرئيسي في إب بالفساد والتلاعب ومواصلة تضييع ملايين الريالات اليمنية.

وأرجع المسؤول، الذي طلب إخفاء اسمه، توقف حملات النظافة في المديرية منذ نحو أسبوعين إلى قيام القيادات الحوثية بسرقة مبالغ مالية خصصت لتنفيذ حملات نظافة، تمثل أخيرها في نهب أكثر من 40 ألف دولار مقدمة من منظمات ووكالات إنسانية أممية على ثلاث مراحل من أجل تنفيذ حملات نظافة للمدينة.

القمامة تتكدس في أحد شوارع إب اليمنية (الشرق الأوسط)

ولم يقف قادة الانقلاب الحوثي عند ذلك الحد من الفساد، بل يواصلون نهب أكثر من نصف المبالغ التي يتم جبايتها من المواطنين والأسواق وأصحاب المحال تحت أسماء «رسوم نظافة، وتحسين مدينة...»، بينما يتبقَّى لفرع صندوق العدين وموظفيه وعماله ربع تلك المبالغ، ثم تطالبهم الميليشيات بتنفيذ حملات نظافة يومية. وفق مصادر محلية.

وعلى وقع غرق محافظة إب وبعض مديرياتها بمخلفات القمامة، يحذر أطباء متخصصون من استمرار تراكم النفايات، الأمر الذي قد يشكل خطرا حقيقيا يهدد صحة وحياة آلاف المواطنين والبيئة على حد سواء.

ويؤكد الأطباء أن مخلفات القمامة تعد مصدر جذب للبعوض والحشرات والقوارض الناقلة للعدوى والأمراض والأوبئة بين السكان، في حين كشف عاملون صحيون عن إصابة عشرات الأطفال في مديرية العدين بأمراض وأوبئة عدة مثل الملاريا، والتيفوئيد، والدوسنتاريا، والكوليرا، وأمراض جلدية مختلفة.


مقالات ذات صلة

​«الكوليرا» يتفشّى بشكل «مخيف» في مناطق سيطرة الحوثيين

العالم العربي بفضل الدعم المقدم من مركز الملك سلمان للإغاثة حققت الصحة العالمية نجاحات كبيرة في اليمن (الأمم المتحدة)

​«الكوليرا» يتفشّى بشكل «مخيف» في مناطق سيطرة الحوثيين

كشفت منظمة الصحة العالمية عن انتشار مخيف لوباء الكوليرا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بشمال اليمن وقالت إن عدد الإصابات المسجلة تقترب من 100 ألف حالة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

حوار غروندبرغ الاقتصادي... غضب يمني ومرونة رئاسية ورفض حوثي

أظهر مجلس القيادة الرئاسي اليمني مرونة إزاء طلب المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، وقف تدابير البنك المركزي في عدن والانخراط في حوار اقتصادي، بينما رفض الحوثيون.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي جانب من استعراض حوثي مسلح في صنعاء (أ.ف.ب)

مقتل وإصابة 8 مدنيين بينهم أطفال جنوب تعز بقصف حوثي

قُتل وأصيب 8 مدنيين، بينهم أطفال جراء قصف للميليشيات الحوثية الإرهابية استهدف منطقة الشقب في مديرية الموادم جنوب محافظة تعز اليمنية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن (تصوير بشير صالح) play-circle 01:15

خاص الصين تدعم الشرعية وتتحدث مع الحوثيين وترفض هجماتهم البحرية

أكد شاو تشنغ، القائم بأعمال السفير الصيني لدى اليمن، في حوار موسع مع «الشرق الأوسط» أن لدى الصين تواصلاً مع جماعة الحوثيين، ودعا لوقف الهجمات البحرية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي وفد الحكومة اليمنية وفريق التفاوض المشترك لدول التحالف الخاص بملف المحتجزين والمخفيين قسراً (الشرق الأوسط)

مسؤول يمني يتهم الحوثيين بعرقلة صفقة تبادل الأسرى في مشاورات مسقط

اتهم مصدر يمني مسؤول الحوثيين بإفشال جولة التفاوض حول تبادل الأسرى التي أسدل ستارها، السبت، من دون التوصل لاتفاق بين الطرفين.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر تنفي توقيف سودانيين على خلفية «أعمال مسيئة»

مقهى شعبي بالجيزة يضم تجمعاً سودانياً (الشرق الأوسط)
مقهى شعبي بالجيزة يضم تجمعاً سودانياً (الشرق الأوسط)
TT

مصر تنفي توقيف سودانيين على خلفية «أعمال مسيئة»

مقهى شعبي بالجيزة يضم تجمعاً سودانياً (الشرق الأوسط)
مقهى شعبي بالجيزة يضم تجمعاً سودانياً (الشرق الأوسط)

نفت السلطات المصرية، الاثنين، توقيف سودانيين على خلفية ما سمّته «أعمالاً مسيئة». وأكدت وزارة الداخلية، في بيان مقتضب، أنه «لا صحة» لما جرى تداوله على إحدى الصفحات بمواقع التواصل الاجتماعي، بشأن «إلقاء الأجهزة الأمنية القبض على سودانيين لقيامهم بأعمال مسيئة»، مشددة على اتخاذ الإجراءات القانونية حيال «مروّجي تلك الادعاءات».

ولم يذكر البيان أي تفاصيل، إلا أنه جاء عقب اتهامات طالت سودانيين في منطقة فيصل بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) بـ«اختراق» شاشة عرض كبيرة لمحل تجاري وبث عبارات وصور «مسيئة» عليها.

وتستضيف مصر أكثر من نصف مليون سوداني فرّوا من الحرب الداخلية بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، التي اندلعت في 15 أبريل (نيسان) العام الماضي، فضلاً عن الذين يعيشون في مصر منذ سنوات.

إعلان «الداخلية المصرية» قُوبل بترحيب واسع، سواء من السودانيين أو المصريين، بينهم البرلماني مصطفى بكري الذي قال إنه من الواضح أن هناك «عناصر تحرّض عن عمد» ضد الإخوة السودانيين «ضيوف مصر»، وتروّج لـ«وقائع غير صحيحة»، بقصد «التحريض وإثارة الرأي العام» ضدهم.

الأكاذيب التي تُروّج هدفها «إثارة الفتنة والإساءة لمصر»، وفق بكري، كونها «تتناقض» مع الموقف الرسمي المصري، مدللاً على ذلك بتصريح نقله عن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال اجتماع لجنة الرد على بيان الحكومة في مجلس النواب، أكد فيه «رفض (مصر) أي تحريض ضد الأشقاء السودانيين أو غيرهم»، وأن «الإخوة العرب هم ضيوف مصر».

«عملية إخوانية»

بيان «الداخلية» لم يشر إلى واقعة بعينها، إلا أن البرلماني بكري قال «أعرف تماماً أن لعبة الإخوان في شارع فيصل هي دليل يأس، بعد أن عجزوا عن تحريض المواطنين لتخريب بلادهم أكثر من مرة... (الهاكرز) الذي اخترق إحدى شاشات محل بشارع فيصل هي عملية إخوانية خسيسة... هدفها الحصول على لقطة تسيء إلى مصر وقيادتها».

وهو الاتهام ذاته الذي وجّهه الإعلامي نشأت الديهي.

المحلل السياسي السوداني، هيثم محمود حميدة، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن العلاقة بين مصر والسودان «أزلية»، فهما «شعب واحد في بلدين»، وحتى لو وقع أي خلاف بشأن بعض القضايا يجري حله بـ«الحكمة».

وأضاف أن مصر هي «الأمان للسودان، ومع وقوع الحرب في البلاد كان طبيعياً أن يلجأ السودانيون إلى مصر الشقيقة، وبالفعل فتحت مصر أبوابها رغم ما تعانيه من أوضاع اقتصادية».

وهو ما أكده اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، أن «توجيه الاتهامات من دون تحقيقات هو مقصود لإحداث فتنة بين الشعبين الشقيقين»، متهماً «أهل الشر» (مصطلح عادة ما تطلقه الحكومة المصرية على جماعة الإخوان المحظورة)، قائلاً: «كلنا نعرف أنهم من يقف وراء الأزمة».

ودعا نور الدين، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، نشطاء منصات التواصل الاجتماعي إلى «عدم استباق الأحداث وانتظار البيانات المصرية الرسمية»، مؤكداً أن «إجراءات» اتُّخذت في الحال إن «لم يكن جرى توقيف بعضهم وبدء التحقيق معهم».