بينما ظهرت بوادر توافق بين أعضاء لجنة «6 + 6» المشكّلة من مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» لإعداد التشريعات اللازمة للاستحقاق المقبل، على إجراء الانتخابات البرلمانية مع نهاية العام الحالي، والرئاسية العام المقبل، يسارع المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، بإجراء لقاءات مع مختلف الأطراف في البلاد بقصد تطويق حالة التوتر التي سببتها الضربات الجوية على مناطق بغرب ليبيا.
ونقل تلفزيون «المسار» الليبي، يوم الثلاثاء عن مصادر، أن اللجنة المجتمعة في المملكة المغربية، توافقت على إجراء الانتخابات البرلمانية في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، والرئاسية في يناير (كانون الثاني) 2024. ولم يعلق أي من أعضاء مجلس النواب، أو المتحدث باسمه على هذه الأنباء، لكن مسؤولاً سياسياً سابقاً قال، إنه «على الرغم من هذه التوافقات فإن ما تشهده المنطقة الغربية من أحداث توتر وتغوّل من التشكيلات المسلحة قد يعطّل هذا المسار».
وأضاف المسؤول السياسي السابق في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «بعض التشكيلات المسلحة تدافع بقوة عن نفوذها ومكتسباتها، وهذا قد يطيل أمد الدوامة التي تعيشها ليبيا أمام استقواء هذه التشكيلات، مع وجود بعض المدافعين عنها».
ورأى المسؤول السياسي، أن المبعوث الأممي «يسعى لإخراج البلاد من دوامة المسلحين، من خلال خطة لدمجهم في المؤسسات الأمنية والمدنية، تمهيداً لإجراء انتخابات في البلاد»، لكن «هناك مَن يعطّل هذا المسار».
حكومة مصغرة
يأتي ذلك بينما قالت المصادر، التي لم يسمها تلفزيون «المسار»، إن لجنة «6 + 6» توافقت أيضاً على تشكيل حكومة مصغرة بمهام محددة لمدة 6 أشهر غير قابلة للتمديد لتنظيم الانتخابات. كما توافقت اللجنة الليبية على السماح بترشح العسكريين للانتخابات، وعدم السماح لمَن عليه حكم قضائي أو مطلوب للعدالة بالترشح. وتشكلت لجنة «6 + 6» بموجب التعديل الدستوري لوضع قوانين الانتخابات، التي تعذر إجراؤها في ديسمبر 2021، وتتألف من نواب في البرلمان وأعضاء في المجلس الأعلى للدولة في ليبيا.
ويرى سياسيون ليبيون أن الضربات العسكرية التي تشنها حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على مناطق بغرب ليبيا، وضعت المسار الانتخابي في البلاد على المحك مجدداً، إذ بدا أن أفرقاء السياسة يتجهون إلى فصل جديد من الخلافات، لكن المبعوث الأممي، سارع لتطويق هذه الخلافات، بعقد لقاءات مع أطراف مختلفة بغرب ليبيا. وتشهد غالبية مدن الغرب الليبي حالة من التوتر على خلفية العملية العسكرية التي يشنها منذ مطلع الأسبوع الحالي طيران تابع لوزارة الدفاع بحكومة الدبيبة، على مدينة الزاوية ومحيطها بقصد محاربة «مهربي البشر والوقود».
وفي زيارة مفاجئة، وصل باتيلي، بعد ظهر يوم الثلاثاء إلى مدينة الزنتان، والتقى عميد البلدية عمران العمياني، بالإضافة إلى اجتماعه مع مشايخ وأعيان الزنتان، وذلك قبل توجهه للقاء اللواء أسامة جويلي آمر المنطقة العسكرية الغربية، الموالي لحكومة «الاستقرار» المدعومة من مجلس النواب. واستبق باتيلي اللقاءات التي عقدها في مدينة الزنتان بالجبل الغربي، بزيارة رئيس المجلس الأعلى للقضاء، حيث تناقش مع أعضائه، ورئيسه مفتاح القوي، حول «الدور المهم» للسلطة القضائية في العملية الانتخابية.
تعزيز الاستقرار
ورحب رئيس المجلس الأعلى للقضاء بالمبعوث الأممي، مثمناً جهود بعثته في «تعزيز ودعم الاستقرار في ليبيا»، كما قدم القوي إحاطة موجزة حول عمل ومهام مجلسه، والدور المناط بالهيئات القضائية في ترسيخ نصوص القوانين واللوائح والتشريعات في عديد المسائل، لا سيما مجريات العملية الانتخابية في ليبيا، بالإضافة إلى دور لجان المجلس في ملفات حقوق الإنسان، ومؤسسات الإصلاح والتأهيل، والخطوات التي يتخذها المجلس في إطار الاختصاصات المخولة له. كما نوه نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، النائب العام المستشار الصديق الصور، بمهام السلطة القضائية، والمساعدة في تهيئة الظروف الملائمة للوصول لدولة مدينة ديمقراطية.
بدوره، أكد باتيلي، الجهود التي تقوم بها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ضمن المشاورات واللقاءات مع مختلف الجهات المحلية والدولية، وأهمية المسارات المعززة للاستقرار لبناء دولة ليبيا الحديثة.