ألغام الحوثيين تتربص باليمنيين رغم دخول التهدئة عامها الثاني

«المشروع السعودي» أنجز نزع 400 ألف لغم وقذيفة غير منفجرة

أرض زراعية ملأها الحوثيون بالألغام (مشروع مسام)
أرض زراعية ملأها الحوثيون بالألغام (مشروع مسام)
TT

ألغام الحوثيين تتربص باليمنيين رغم دخول التهدئة عامها الثاني

أرض زراعية ملأها الحوثيون بالألغام (مشروع مسام)
أرض زراعية ملأها الحوثيون بالألغام (مشروع مسام)

بينما أعلن المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن (مسام) تمكن فرقه من نزع 400 ألف لغم حوثي وقذيفة غير منفجرة منذ بدء عمله، لا تزال ألغام الحوثيين غير المنزوعة تتصيد المدنيين في أكثر من محافظة، رغم دخول التهدئة عامها الثاني.

ففي شرق محافظة الحديدة (غرب) اضطر حسن -وهو أب لستة أطفال- إلى النزوح في رحلة صعبة بدأت في 2015؛ حيث اضطر للبحث عن مصدر للدخل في وقت أصبح من النادر فيه العثور على عمل، بعد أن عطَّل الحوثيون مؤسسات الدولة، وقطعوا رواتب الموظفين، وسخَّروا العائدات لمجهودهم الحربي.

لكن حياة النزوح لا تقتصر معاناتها على البحث عن مصدر للعيش، فهناك حقول الألغام التي نشرها الحوثيون بشكل عشوائي في المزارع والطرقات ووسط التجمعات السكنية؛ حيث لا تزال مستمرة في تصيد المدنيين.

يقول حسن إنه كان على زوجته العمل في مزرعة، للمساعدة في تغطية بعض الاحتياجات الأساسية للأسرة، بينما استخدم هو سيارته الخاصة في توصيل الطلبات للأسر في موقع النزوح، ومع ذلك فإن الارتفاع الكبير في أسعار الوقود واحتياجات الرعاية الصحية المتكررة لأطفاله، أجبرته على تقليص نفقاته بشكل متزايد على حساب توفير متطلبات عائلته.

ونتيجة لذلك، فقد ساءت حالة الأسرة عندما مرض أصغر الأبناء نتيجة إصابته بنوبات حمى متكررة، تركته في حالة ضعف. وكان من المؤلم جداً على الأب رؤية ابنه يتلوى من الألم، ولم يكن لديه أي أموال لنقله إلى المستشفى في الوقت المناسب. وعندما اشتدت حالته المرضية قرر بيع سيارته لتغطية نفقات علاجه، ومع ذلك لم تتحسن صحة الطفل بسبب إصابته بسوء التغذية الحاد، مما أدى إلى مزيد من الضيق للأسرة، قبل أن تحصل على الدعم من أحد المراكز الطبية المدعومة دولياً.

الأطفال في اليمن الأكثر عرضة لخطر الألغام (الأمم المتحدة)

معاناة السكان في جنوبي الحديدة وشرقها لا تقتصر على انعدام فرص العيش والرعاية الصحية؛ بل إن هؤلاء يعانون الانتشار الكبير والعشوائي للألغام التي زرعها الحوثيون؛ حيث سجلت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي وقوع 6 حوادث بسبب انفجار الألغام، وهو ما أدى إلى سقوط 13 ضحية في صفوف المدنيين، ويمثل هذا انخفاضاً بنسبة 13 في المائة مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي.

وخلال الفترة من 22 مارس (آذار) إلى 21 أبريل الماضي، تم تسجيل 22 ضحية نتيجة 10 حوادث، مقارنة بـ15 ضحية نتجت عن 9 حوادث في رمضان الماضي، في حين شددت نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، فيفيان فان دي بيري، على أهمية تقديم الدعم للناجين من الألغام وعائلاتهم.

الحديدة... نصف الضحايا

وفق البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، فإن الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة لها آثار اقتصادية واجتماعية كبيرة على اليمنيين في المناطق الحضرية والريفية، وتشكل قيوداً كبيرة على التنمية؛ حيث تلوثت مساحات واسعة بملايين الألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب، مما جعل كثيراً من الأحياء السكنية غير صالحة للسكن أو خطرة.

ويشير البرنامج إلى أنه يواصل دعم تطوير البنية التحتية الوطنية المتعلقة بالتعامل مع الألغام، وإعادة هيكلتها عند الاقتضاء، وتقديم الدعم المباشر لقطاع الأعمال المتعلقة بالألغام، بهدف التدخل وفقاً للمعايير الوطنية المتعلقة بالألغام التي تنسقها السلطات الوطنية المعنية بهذا المجال.

كما تواصل المنظمات غير الحكومية عملها في هذا المجال، مثل مركز جنيف الدولي لإزالة الألغام، والمجلس الدنماركي للاجئين، ومنظمة المعونة الشعبية النرويجية، و«هالو ترست»، في مناطق الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، وتُبذل جهود حثيثة من أجل بدء عملياتها في مناطق سيطرة الحوثيين في أقرب وقت ممكن.

وتؤكد الأمم المتحدة أن هناك حاجة ماسة إلى أنشطة التعامل مع الألغام على الصعيد الوطني، بما في ذلك إزالة الألغام، والتوعية بمخاطرها، ومساعدة الضحايا، وإجراء مسوحات تقنية وغير تقنية، والتخلص من الذخائر المتفجرة، للسماح بالمرور الآمن للمدنيين والمساعدات الإنسانية المنقذة للأرواح.

وحسب مشروع مراقبة أثر الصراع على المدنيين، سجَّل الساحل الغربي لليمن أكثر من نصف ضحايا المتفجرات من مخلفات الحرب من المدنيين في جميع أنحاء البلاد؛ حيث كانت المتفجرات من مخلفات الحرب مسؤولة عن 121 ضحية من المدنيين في الربع الأول من عام 2023، انخفاضاً من 140 ضحية في الربع الرابع من العام الماضي.

تحرص المنظمات الإنسانية في اليمن على رعاية الأطفال للتخفيف من آثار النزوح

ويؤكد التقرير الأممي أن الربع الأول من هذا العام لم يكن استثناء، فقد تم الإبلاغ عن أن نصف ضحايا المتفجرات من مخلفات الحرب كانوا في الحديدة، وبعدها تأتي محافظة الجوف؛ حيث تم الإبلاغ فيها عن 19 ضحية من المدنيين نتيجة الألغام الحوثية، ثم محافظة مأرب بثمانية ضحايا؛ حيث جرفت السيول الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة الألغام.

ووفق ما أورده التقرير، فإنه خلال الأربعة أشهر الأولى من هذا العام، قامت فرق إزالة الألغام في المركز اليمني التنفيذي لمكافحة الألغام بتطهير الأراضي في 157 مديرية مختلفة في 18 محافظة، وأزالت ما مجموعه 88006 قطع من مختلف المواد (الألغام، والعبوات الناسفة، والذخائر غير المنفجرة، وما إلى ذلك).

14 حقلاً في مأرب

أما في محافظة مأرب، فلا تزال الألغام التي زرعها الحوثيون بكثافة وبشكل عشوائي تتربص بالمدنيين اليمنيين، وزادت خطورتها مع حلول موسم الأمطار الصيفية؛ حيث تجرف السيول كميات من الألغام إلى المناطق الأخرى وإلى المزارع والطرقات الترابية.

وسجلت السلطات الصحية في محافظة مأرب إصابة متعددة نتيجة الألغام الأرضية بين النساء والأطفال؛ حيث يعيش غالبيتهم في ظروف معيشية سيئة في مخيمات النازحين بمديرية الوادي؛ حيث نزحت آلاف العائلات نتيجة تصعيد الحوثيين في جنوب المحافظة مطلع العام الماضي، ما زاد من معاناة هؤلاء.

مدير المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن أسامة القصيبي يتوسط مجموعة من العاملين في المشروع (مسام)

من جهته، أكد قائد الفريق 12 في المشروع السعودي لنزع الألغام (مسام) تمكن فريقه من تأمين 14 حقلاً للألغام خلال العام الماضي، في عدة قرى ومناطق آهلة بالسكان بمديرية حريب غرب محافظة مأرب.

وقال إن الحقول التي تمكن فريقه من تأمينها تقع في مناطق: الحشفاء، والهيشة، وأم ريشة، وغيرها، مؤكداً أن الفريق انتزع أكثر من 430 لغماً وعبوة ناسفة من تلك الحقول.

في غضون ذلك، أعلن المشروع السعودي تمكن فرقه من نزع 400 ألف لغم وقذيفة منفجرة، وأكد مديره أسامة القصيبي أن المشروع يسخر طاقاته الميدانية والتقنية والإعلامية من أجل هدفه النبيل، وأنه لن يدخر أي جهد في سبيل ذلك البتة.

وأضاف القصيبي أن انتزاع 400 ألف لغم وعبوة غير منفجرة، يعد حافزاً للمضي قدماً نحو الهدف المنشود، وهو «يمن بلا ألغام»، مؤكداً أن المشروع تمكن حتى الآن من تطهير أكثر من 46 مليون متر مربع من الأراضي اليمنية، كانت مفخخة بالذخائر والألغام والعبوات الناسفة.


مقالات ذات صلة

الإرياني: الحوثيون يخفون 2406 مدنيين بشكل قسري

المشرق العربي أسرى يمنيون أُفرج عنهم سابقاً على متن طائرة مستأجرة للجنة الدولية للصليب الأحمر في مطار مأرب (رويترز)

الإرياني: الحوثيون يخفون 2406 مدنيين بشكل قسري

تقوم جماعة الحوثي بجريمة الإخفاء القسري لأكثر من 2400 مدني، منهم 133 امرأة، و117 طفلاً، في 17 محافظة يمنية منذ يناير (كانون الثاني) 2017.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي الحرائق مستمرة على متن ناقلة «سونيون» اليونانية منذ أسبوع (إ.ب.أ)

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

وافق الحوثيون على قطر ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة في جنوب البحر الأحمر، بعد ضوء أخضر إيراني.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي سيول جارفة أدت إلى وفاة عشرات اليمنيين في محافظة المحويت (إ.ب.أ)

تغيير الحوثيين التقويم المدرسي يهدد حياة طلبة المدارس

تهدد الأمطار الموسمية طلبة المدارس في اليمن؛ بسبب قيام الحوثيين بتغيير التقويم الدراسي إلى السنة الهجرية بدلاً عن الميلادية، بينما تسببت السيول في خسائر كبيرة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي جهاز الأمن والمخابرات الحوثي يسعى إلى توسيع رقابته على السكان (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يشدّدون أعمال الرقابة والتجسس على السكان

شدّدت الجماعة الحوثية قبضتها الأمنية لتوسيع نفوذها وسطوتها على سكان مناطق سيطرتها، حيث تتجه لإنشاء أنظمة استخبارية جديدة؛ مع تعزيز رقابتها على السكان

وضاح الجليل (عدن)
خاص المتحدث الإقليمي للخارجية الأميركية باللغة العربية سام وريبرغ (تصوير سعد العنزي) play-circle 01:24

خاص واشنطن: لا مستقبل لـ«حماس» في حكم غزة بعد الحرب

وصف مسؤول رفيع في الخارجية الأميركية انتقال المفاوضات بين حركة «حماس» وإسرائيل إلى مجموعات عمل تضم متخصصين لبحث الاتفاق بـ«التقدم الإيجابي».

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يعلنون تفخيخ الناقلة اليونانية «سونيون» وتفجيرها

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
TT

الحوثيون يعلنون تفخيخ الناقلة اليونانية «سونيون» وتفجيرها

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)

أعلنت جماعة «الحوثي» اليمنية، الخميس، أنها فخخت ثم فجرت ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجموها في البحر الأحمر، ما تسبب باندلاع حرائق عدة على متنها.

وفي 21 أغسطس (آب)، تعرّضت السفينة التي ترفع علم اليونان، لهجوم نفّذه الحوثيون وأدى، بحسب هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، إلى اندلاع حريق على متنها وفقدان قوة محرّكها. ودفع ذلك مهمة الاتحاد الأوروبي في المنطقة إلى إجلاء طاقمها المؤلف من 25 شخصاً.

ونشر الحوثيون على وسائل إعلام تابعة لهم، مساء الخميس، مقطع فيديو يُظهر شخصاً ملثماً ومسلحاً يعدّ جهاز تفخيخ على متن «سونيون». وسرعان ما يتمّ تفجيرها فتندلع حرائق عدة على متنها وتتصاعد أعمدة الدخان الأسود منها.

أحد عناصر جماعة «الحوثي» على سطح ناقلة النفط «سونيون» في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وقال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، في خطابه الأسبوعي، الخميس، إن قواته نفذت «عملية جريئة وشجاعة» هذا الأسبوع عبر «اقتحام» السفينة سونيون «وتدمير ما فيها من الشحنات واستهداف السفينة نفسها وتفخيخها وتفجيرها».

وأشار، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن الناقلة «كانت تخالف قرار الحظر وتحمل شحنات للعدو الإسرائيلي».

وبحسب سلطة الموانئ اليونانية، فإن السفينة مملوكة لشركة «دلتا تانكرز» اليونانية للشحن، وقد أبحرت من العراق وكانت متجهة إلى ميناء قريب من أثينا.

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وأظهر الفيديو أيضاً أضراراً في هيكل السفينة، إضافة إلى أغراض مبعثرة داخل غرفة القيادة.

يأتي ذلك غداة إعلان بعثة إيران لدى «الأمم المتحدة» موافقة الحوثيين على إنقاذ الناقلة سونيون، التي تحمل 150 ألف طن من النفط، «نظراً للمخاوف الإنسانية والبيئية».

وكتب المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام، على منصة «إكس»، في وقت متأخر الأربعاء: «بعد تواصل جهات دولية عدة معنا، خصوصاً الأوروبية، تم السماح لهم بسحب سفينة النفط المحترقة سونيون».

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وأفادت مهمة «أسبيدس» الأوروبية في البحر الأحمر، الخميس، أن «(سونيون) مشتعلة منذ 23 أغسطس (آب)» مع «رصد حرائق في مواقع عدة على السطح الرئيسي للسفينة».

وأشارت إلى «عدم وجود تسرب نفطي، وأن السفينة لا تزال راسية ولا تنجرف». وأكدت، على منصة «إكس»، أنها تستعدّ «لتسهيل أي مسارات عمل، بالتنسيق مع السلطات الأوروبية والدول المجاورة، لتجنب أزمة بيئية كارثية».

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني)، يستهدف الحوثيون سفناً تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، ما يعدّونه دعماً للفلسطينيين في قطاع غزة، في ظل الحرب الدائرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بين الجيش الإسرائيلي وحركة «حماس».

وأثّرت هجمات الحوثيين على حركة الشحن في المنطقة الاستراتيجية، التي يمرّ عبرها 12 في المائة من التجارة العالمية.