السفير الفرنسي: الحوثيون أعداء أنفسهم... والمفاوضات في مصلحتهم

قال لـ«الشرق الأوسط» إن الفجوة تتسع بينهم وبين الشعب اليمني

TT

السفير الفرنسي: الحوثيون أعداء أنفسهم... والمفاوضات في مصلحتهم

السفير الفرنسي لدى اليمن جان ماري صفا (تصوير: سعد العنزي)
السفير الفرنسي لدى اليمن جان ماري صفا (تصوير: سعد العنزي)

يعتقد جان ماري صفا، السفير الفرنسي لدى اليمن، أن الحوثيين أعداء أنفسهم، محذراً الجماعة المدعومة من إيران من الفجوة التي يرى أنها باتت تكبر يوماً بعد آخر بينهم وبين الشعب، كما أكد أن المفاوضات من مصلحتهم، وأن هناك «فرصة تاريخية» لتحقيق السلام في اليمن.

ولفت صفا في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى بعض العراقيل في جهود السلام الأخيرة التي يضعها الحوثيون، لا سيما في موضوع الرواتب، مشيراً إلى أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت، مذكراً بوجود إجماع داخل مجلس الأمن على دعم جهود المبعوث الأممي لليمن، وإطلاق عملية سياسية شاملة يمنية - يمنية برعاية الأمم المتحدة.

وأوضح صفا أن الحوثيين لم يحققوا أي تقدم على الجبهات العسكرية، وهنالك استياء عام في البلاد منهم، ويعرف الشعب اليمني أنهم ربحوا مليارات الدولارات من ميناء الحديدة وغيره، في الوقت الذي تزداد فيه معاناة الناس.

صفا الذي يعدّ من أبرز السفراء النشطين في الملف اليمني، ولديه دراية واسعة بتعقيدات الأزمة اليمنية، يرى أن الشعب اليمني لديه القدرة على الصمود، وشبابه يريدون التواصل مع العالم والحداثة عكس المشروع الحوثي الذي وصفه بـ«الرجعي». وقال «الحوثيون يقولون إن لديهم النفس الطويل، أنا أرى أن الشعب لديه نفس أطول».

وشدد السفير على أن بلاده تدعم الجهود السعودية - العمانية التي توفر بيئة مواتية للجهود الأممية، مبيناً أن الاتفاق السعودي ـ الإيراني كان تأثيره إيجابياً على الملف اليمني.

الجهود السعودية ـ العمانية توفر بيئة مواتية للجهود الأممية في اليمن

جان ماري صفا

ووفقاً لجان ماري صفا، لا يوجد حتى الآن أي نية لإصدار قرار جديد من مجلس الأمن يتعلق بالملف اليمني، مشيراً إلى أن الأولوية تنحصر في إحياء عملية سياسية يمنية - يمنية برعاية أممية... وتحدث السفير عن ملفات مهمة أخرى.

وأكد السفير صفا أن فرنسا تدعم بقوة المبعوث الأممي لليمن، وتشيد بالتزامه الدائم وجهوده لتحقيق السلام، لا سيما بعد النتائج الملموسة وانخفاض العنف في اليمن بعد الهدنة التي وقعت في أبريل (نيسان) 2022. وأضاف «هذا إنجاز كبير، ويوجد إجماع داخل مجلس الأمن لدعم المبعوث وعملية سياسية يمنية - يمنية برعاية الأمم المتحدة، هذا الإجماع مهم جداً، وعليه ندعو كل الأطراف اليمنية لإبداء المرونة؛ للتوصل لحل سياسي شامل برعاية الأمم المتحدة، ونعتقد اليوم أنها توجد فرصة تاريخية لتحقيق السلام في اليمن في إطار الجو الجديد في المنطقة».

عراقيل حوثية

أوضح سفير فرنسا لدى اليمن أن عملية السلام تحتاج إلى مزيد من الوقت بسبب بعض العراقيل من جانب الحوثيين، خاصة في موضوع الرواتب، وقال «العملية تحتاج إلى بعض الوقت، هناك الكثير من الموضوعات منها الرواتب. لا تزال هناك بعض الصعوبات بسبب الجماعة الحوثية المتطرفة، والمفاوضات معهم دائماً صعبة، أتمنى تغليب الجناح البراغماتي داخل الجماعة على الجناح العقائدي، هذا أمر ضروري لنصل إلى حل سياسي شامل وكامل برعاية الأمم المتحدة».

ولفت إلى أن مفاوضات السلام في مصلحة الحوثي، وفسّر ذلك بقوله «عندما نرى ما يحدث في البلد، هناك عدم تقدم حوثي على الجبهات العسكرية، واستياء عام في البلاد، بمعنى أن الشعب يعرف تماماً ما يحدث في البلد، ويعرف أن الحوثيين شنّوا حرباً اقتصادية على الشرعية؛ الأمر الذي أدى إلى عدم تصدير النفط، كذلك الشعب يعرف أن الحوثيين ربحوا مليارات الدولارات عبر ميناء الحديدة وغيره، في حين الوضع الاقتصادي في مناطقهم أسوأ، وجميعاً رأينا الكارثة المأساوية في صنعاء آخر رمضان، والمظاهرات الشعبية في إب؛ وهذا يعني أن الفجوة بين الحوثي والشعب تكبر يوماً بعد يوم، ومصلحة الحوثي في المفاوضات».

مع ذلك، نبّه السفير الفرنسي إلى أن «المستفيدين من الحرب موجودون في الطرفين، الحوثي والشرعية، لكن يوجد فرق كبير؛ لأن الشرعية تتصرف بمسؤولية أمام الشعب وتدعم مشروع دولة لجميع اليمنيين، على عكس المشروع الحوثي».

وتابع بقوله «الشعب اليمني قادر على الصمود، عندما زرت عدن قبل شهر ونصف شهر، حيث فتحت فرنسا مساحة للشباب، رأيت الحماس لديهم لأنهم يريدون التواصل مع العالم والحداثة على عكس المشروع الحوثي الرجعي، الحوثيون يقولون إن لديهم النفس الطويل، أنا أرى أن الشعب لديه نفس أطول».

لا معتدلين حوثيين

يرى السفير جان ماري صفا أن جماعة الحوثي تعيش صراع أجنحة بين براغماتيين، وعقائديين، في حين لا وجود لمعتدلين - على حد وصفه -، وقال «التصاريح المتضاربة دليل على وجود أجنحة مختلفة داخل الجماعة، خاصة الجناح البراغماتي مقابل الجناح الآيديولوجي أو العقائدي، ودائماً أقول الحوثيون أعداء أنفسهم بسبب العقائديين».

وأضاف «أُفضّل استخدام البراغماتي وليس المعتدل، أعتقد أن الاعتدال ترك الجماعة منذ الحوار الوطني، لكننا لا نراه اليوم، مع ذلك نتمنى توسع التيار البراغماتي داخل الجماعة؛ لأنهم مع فكرة المفاوضات. العقائديون مع الخيار العسكري والتطرف والحرب أكثر؛ لذلك نتمنى تغليب الجناح البراغماتي على الجناح العقائدي لصالح البلد والشعب، ولصالح الحوثيين أنفسهم».

الجهود السعودية – العمانية

أكد صفا أن فرنسا تدعم الجهود السعودية - العمانية التي توفر بيئة مواتية للجهود الأممية، والجهود الإقليمية الحالية تشجع على الاتجاه المطلوب الذي يريده الجميع، وهو جمع الشرعية والحوثيين حول طاولة واحدة برعاية الأمم المتحدة.

ولفت إلى أنه «بسبب التطرف والتعنت الحوثي هناك عراقيل لتحقيق السلام، نتمنى مع الوقت الوصول إلى حلول لكل الموضوعات وإنشاء عملية سياسية يمنية - يمنية برعاية المبعوث الأممي».

وشدد السفير الفرنسي لدى اليمن على أن تأثير الاتفاق السعودي - الإيراني على الملف اليمني كان إيجابياً، متمنياً أن يدفع ذلك بالحوثيين نحو الاتجاه الصحيح، وتليين مواقفهم.

السفير صفا لدى لقائه الدكتور رشاد العليمي في مارس 2023 (تويتر)

وفي رده على سؤال حول ما إذا كان هنالك نية لإصدار قرار جديد من مجلس الأمن لأي تسوية مقبلة في اليمن، أشار جان صفا إلى أن ذلك ليس مطروحا في الوقت الراهن، وقال «حتى الآن قرار جديد ليس في جدول أعمال مجلس الأمن، اليوم الأولوية لا بد أن تكون لإحياء العملية السياسية اليمنية - اليمنية برعاية الأمم المتحدة».

وفي تعليقه على التطورات الأخيرة في جنوب اليمن، وانضمام عضوين من مجلس القيادة الرئاسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، قال السفير الفرنسي «نعتقد أن الحوثي يراهن على الجهل والفقر والانقسامات داخل الشرعية، وعليه نتمنى لصالح البلد وإعادة بناء دولة لجميع اليمنيين أن نرى إعادة توحيد الصف داخل الشرعية، وهو أمر ضروري لإنقاذ الوطن وإنقاذ الشعب اليمني».

كما أشاد السفير بعملية تبادل الأسرى التي تمت أواخر رمضان بين الشرعية والحوثيين، مبيناً أنها «توفر الجو المناسب لفتح صفحة جديدة بين الطرفين، ونتمنى أن نرى استمرار هذه العملية في المستقبل القريب لإحياء جو جديد في البلد وعملية سياسية في المستقبل».

 

 


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.