منظمة دولية تتهم السلطات العراقية بـ«التقاعس» في تعويض الإيزيديين

تحدثت عن الأضرار التي لحقت بهم جراء المعارك ضد «داعش»

إيزيديات خلال احتفال ديني (مواقع التواصل)
إيزيديات خلال احتفال ديني (مواقع التواصل)
TT

منظمة دولية تتهم السلطات العراقية بـ«التقاعس» في تعويض الإيزيديين

إيزيديات خلال احتفال ديني (مواقع التواصل)
إيزيديات خلال احتفال ديني (مواقع التواصل)

اتهمت «هيومن رايتس ووتش»، الثلاثاء، السلطات العراقية، بـ«التقاعس» في مسألة دفع التعويضات المالية المستحقة، بموجب القانون العراقي، لآلاف الإيزيديين وغيرهم في قضاء سنجار الذين تعرضت ممتلكاتهم للدمار من قبل تنظيم «داعش»، وجراء المعارك العسكرية التي خاضتها القوات العراقية ضد التنظيم الإرهابي الذي احتل المدينة في 3 أغسطس (آب) 2014، وأحدث أضراراً هائلة بالأرواح والممتلكات، وقتل وسبي الآلاف من الرجال والنساء الإيزيديين، قبل أن تتمكن القوات الحكومية بمساعدة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية من هزيمته وإخراجه من القضاء أواخر عام 2015.

أطفال إيزيديون في أحد مخيمات النزوح في شمال العراق (أ.ف.ب)

ونقل أحدث تقرير للمنظمة الحقوقية عن باحثة العراق في المنظمة سارة صنبر، قولها: «دون تعويضات، يفتقر كثير من السنجاريين إلى الموارد المالية لإعادة بناء منازلهم وأعمالهم التجارية، ولذا فإنّ العودة إلى ديارهم ببساطة ليست ممكنة. يتعين على السلطات العراقيّة توزيع الأموال المخصصة بالفعل للتعويضات لمساعدة الناس في العودة إلى ديارهم وإعادة بناء حياتهم».

وأضافت صنبر أن «التعويض خطوة حاسمة من أجل الاعتراف بالمعاناة التي عاشها المدنيون ومساعدتهم في إعادة بناء حياتهم. يتعيّن على الحكومة تخصيص الأموال للتعويضات التي نالت موافقة وسدادها بأسرع وقت ممكن وينبغي ألا يظلّ السنجاريون ينتظرون بلا جدوى».

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (إ.ب.أ)

وذكر التقرير أن «الأشخاص الذين قابلتهم المنظمة أشاروا إلى تقاعس الحكومة عن تقديم تعويضات كعائق أساسي أمام عودتهم، إضافة إلى نقص الخدمات الأساسية والمخاطر الأمنية في سنجار».

كان البرلمان العراقي صوت في مارس (آذار) 2021، على «قانون الناجيات الإيزيديات» اللاتي سبين ووقعن في قبضة عناصر «داعش»، وخصصت لهن رواتب تقاعدية ومساعدات أخرى لإعادة تأهيلهن بعد عودتهن لأسرهن.

وتحدث تقرير المنظمة الدولية عن أن «كثيراً من النازحين يعيشون في مخيمات منذ 2014. وهناك 2700 مفقود حتى الآن، والذين عادوا يواجهون أوضاعاً أمنيّة غير مستقرّة وخدمات عامة غير كافية أو منعدمة، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والماء والكهرباء».

من احتفال إيزيدي (رويترز)

وأضاف أن «المواطنين من سنجار الذين حصلوا على تعويضات حتى الآن هم عدد قليل من الإيزيديين الذي تقدّموا بمطالب بموجب قانون أقرّته الحكومة العراقية».

حقائق

420 امرأة إيزيدية

حصلن على تعويضات مالية بموجب قانون الناجيات الإيزيديات

وذكر تقرير المنظمة أن «مجموعة أولى تضم 420 امرأة إيزيدية حصلت على تعويضات مالية بموجب قانون الناجيات الإيزيديات».

ورأى أنّ «هذه الخطوة إيجابية وضرورية لمعالجة الانتهاكات المرتكبة في حق المجتمع الإيزيدي والأقليات الأخرى، والتي ترقى إلى جرائم ضدّ الإنسانية، إلا أنها تلبي احتياجات جزء صغير فقط من السنجاريين الذين لهم الحق في تعويضات».

ونوه التقرير بأنه «يحق لغير المشمولين بقانون الناجيات الإيزيديات التقدم بمطالب تعويض بموجب قانون (رقم 20 لسنة 2009)، الذي يتميّز باختصاص أوسع ويسمح للعراقيين بطلب تعويضات على الأضرار جرّاء العمليّات الحربيّة والأخطاء العسكريّة والعمليات الإرهابيّة، وينصّ القانون على تعويضات لجميع الضحايا المدنيين للحرب وأفراد عائلاتهم في حالات القتل والفقدان والعجز والإصابات».

وكشف عن تقدّم 10 آلاف و500 مواطن من سنجار، بمن فيهم أشخاص من أقليات أخرى (تركمانية ومسيحية) بطلب التعويض، وحصل نحو نصفهم على موافقة السلطات بالتعويض، لكنهم لم يحصلوا عليه حتى الآن.

وعن أسباب تعثر السلطات في إيصال التعويضات إلى مستحقيها، نقل تقرير المنظمة عن عضو مجلس النواب عن سنجار، ماجد شنكالي قوله إن «مطالب التعويضات لم تُدفَع في سنجار بسبب مشاكل في الموازنة الاتحادية منذ 2021. إذ لم يُقر العراق موازنة اتحادية في 2022 بسبب عدم القدرة على تشكيل حكومة بعد انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2021».

ونقل التقرير عن أشخاص في سنجار قالوا إن «إجراءات التعويض بموجب قانون الناجيات الإيزيديات والقانون رقم 20 معقدة وطويلة ومكلفة، وأحياناً يستحيل الوصول إليها أصلاً. وتعطّلت العمليّة بموجب القانون رقم 20 في سنجار، كما الحال في المناطق العراقية الأخرى، بسبب نقائص على صعيد الإجراءات والعمليات ومسائل تتعلق بالموازنة».

وخلص تقرير المنظمة الدولية إلى أن على «الحكومة العراقية معالجة التعطيلات الحاصلة في عمليّة التعويض التي تعرقل صرف الأموال في وقتها لأصحاب المطالب، وضمان توفير تمويل كافٍ للقانون رقم 20».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.