«سد النهضة»: مصر ملتزمة بضبط النفس رغم خطاب إثيوبيا «العدائي»

القاهرة تجدد رفض أي إجراءات تعمّق الانقسامات بين دول حوض النيل

القاهرة تجدد رفض أي إجراءات تعمّق الانقسامات بين دول حوض النيل (وزارة الري المصرية)
القاهرة تجدد رفض أي إجراءات تعمّق الانقسامات بين دول حوض النيل (وزارة الري المصرية)
TT

«سد النهضة»: مصر ملتزمة بضبط النفس رغم خطاب إثيوبيا «العدائي»

القاهرة تجدد رفض أي إجراءات تعمّق الانقسامات بين دول حوض النيل (وزارة الري المصرية)
القاهرة تجدد رفض أي إجراءات تعمّق الانقسامات بين دول حوض النيل (وزارة الري المصرية)

جددت مصر رفضها أي إجراءات تعمق الانقسامات بين دول حوض النيل، مؤكدة أنها ملتزمة بسياسة «ضبط النفس» رغم خطاب إثيوبيا «العدائي» بشأن أزمة «سد النهضة».

وأكد وزير الموارد المائية والري المصري، هاني سويلم، أنه «على الرغم من أن الأغلبية العظمى من دول حوض النيل اختارت مسار وطريق الحوار، فإنه من المؤسف أن يقوم طرف بعينه بترويج الخطاب العدائي، وإصدار بيانات تحريضية بهدف تقويض وحدة وتعاون دول حوض النيل»، في إشارة إلى التصريحات الإثيوبية الأخيرة بشأن «سد النهضة».

وشدد في كلمته، يوم الأحد، خلال الاجتماع الـ33 لـ«المجلس الوزاري لوزراء المياه بدول حوض النيل»، الذي عقد في بوروندي، على أن مصر «سوف تستمر في ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والمسؤولية، من خلال الامتناع عن الرد على هذه التصريحات داخل هذا المحفل، لتجنب جر مبادرة حوض النيل إلى مثل هذه الاستفزازات غير المبرّرة».

وكانت أديس أبابا اتهمت مصر بتنفيذ «حملة لزعزعة الاستقرار» في منطقة القرن الأفريقي تتركز على إثيوبيا، و«تهيئة الأوضاع للتصعيد». وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية، في بيان الأربعاء الماضي، إن مصر تستند إلى «معاهدات تعود إلى الحقبة الاستعمارية... وتشن حملة لزعزعة الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، تركز على إثيوبيا، ولا تقتصر عليها فحسب». وزعم البيان الإثيوبي أن «مصر رفضت الحوار وزادت خطابها العدائي بنية واضحة للتصعيد».

«لا للإجراءات الأحادية»

وخلال كلمته أمام وزارء المياه في دول حوض النيل، يوم الأحد، أكد وزير الري المصري أن «التحديات التي تواجه حوض النيل اليوم، لا يمكن معالجتها من خلال الإجراءات الأحادية؛ بل من خلال التعاون الحقيقي القائم على الإدارة المستدامة لمواردنا المائية المشتركة وفق مبادئ القانون الدولي، لا سيما مبدأ (عدم الضرر)». وشدد الوزير على أن مصر «ليست ضد التطلعات التنموية لأي دولة من دول حوض النيل؛ بل على العكس، نحن ندعم بشكل فعال التنمية المستدامة التي لا تتسبب فى ضرر».

وزير الري المصري هاني سويلم في كلمته خلال اجتماع «المجلس الوزراي لوزراء المياه بدول حوض النيل» (وزارة الري المصرية)

ويرى عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، رخا أحمد حسن، أن الموقف المصري تجاه أزمة «سد النهضة» ثابت ولن يتغير في الوقت الراهن. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التزام مصر بسياسة ضبط النفس منذ توقف مفاوضات سد النهضة يتمحور حول نقطتين؛ الأولى استمرار التصعيد الإثيوبي بالتحدي لعدم قبول توقيع اتفاق قانوني ينظم عمليات ملء وتشغيل السد، والنقطة الثانية هي تأثر مصر بالسد، سواء بالفيضانات التي حدثت أو الجفاف المؤقت أو الممتد». ويتوقع أنه «في حال حدوث فترة جفاف دون التوصل إلى اتفاق، فالموقف المصري الملتزم بضبط النفس سوف يتغير».

وبشأن تأثير الخطاب العدائي الإثيوبي على العلاقات بين دول حوض النيل، أكد عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، أن «علاقة مصر بدول حوض النيل جيدة، ولن تتأثر بأي تحريض إثيوبي».

المنصة الشاملة والوحيدة

وتطرق الوزير سويلم في كلمته إلى العلاقات بين دول حوض النيل، مؤكداً أن «مبادرة حوض النيل، وعلى مدار أكثر من 25 عاماً، هي المنصة الشاملة والوحيدة القادرة على توحيد كل دول الحوض بروح من الوحدة والالتزام المشترك، ودور منظمة حوض النيل الفريد يدفعنا للحفاظ عليها وفق مبادئها التأسيسية القائمة على الشمولية والتوافق والثقة والمنفعة المتبادلة».

ولفت سويلم إلى أن مصر دعمت على مدار السنوات الماضية «عدداً من المشروعات في مختلف دول حوض النيل، وكان آخرها مشروعان في كل من أوغندا وتنزانيا، بما يعكس نهجنا البناء في تطبيق مبدأ الإخطار المسبق والتشاور وفقاً للقانون الدولي».

«سد النهضة» الإثيوبي (وكالة الأنباء الإثيوبية)

وتشهد العلاقات المصرية - الإثيوبية توترات متصاعدة بشأن «سد النهضة» الذي شيدته أديس أبابا في عام 2011، وافتتحته رسمياً في سبتمبر (أيلول) الماضي، وسط اعتراضات من دولتي المصب؛ مصر والسودان، للمطالبة باتفاق قانوني ملزم ينظم عمليات «تشغيل السد» بما لا يضر بمصالحهما المائية.

أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، يرى أن «التوقيع على اتفاق قانوني بشأن سد النهضة أصبح أكثر أهمية من قبل». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «خلال السنوات الست الماضية، أثر سد النهضة على مصر والسودان، سواء باحتجاز جزء من المياه، أو الفيضانات التي تسببت في أضرار للبلدين، لكن لو حدثت فترة جفاف ممتد مثلما حدث لمدة 7 سنوات بين عامي 1981 و1987، فستكون المشكلة أكبر والضرر أكثر كثيراً».

وبحسب شراقي، فإن «توقيع اتفاق ينظم عمليات ملء وتشغيل السد ضروري جداً، خصوصاً مع اعتزام إثيوبيا بناء سدود أخرى كبيرة، يجب أن يشملها الاتفاق».

وأكد أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية أن «الادعاءات الإثيوبية لن تؤثر على العلاقات بين دول حوض النيل، أو على المشروعات التنموية العديدة التي تنفذها مصر في دول الحوض».


مقالات ذات صلة

زفاف «كروان مشاكل» يُسلط الضوء على عالم مشاهير موازٍ في مصر

يوميات الشرق جانب من التزاحم والفوضى في الزفاف (فيسبوك)

زفاف «كروان مشاكل» يُسلط الضوء على عالم مشاهير موازٍ في مصر

أزاح حفل زفاف «التيك توكر كروان مشاكل»، الذي أُقيم بمنطقة شبرا الخيمة (شمال القاهرة) الستار عن عالم موازٍ للمشاهير في مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا ضبط منظومة الامتحانات أولوية حكومية في مصر مع تعدد أساليب الغش المبتكرة (وزارة التربية والتعليم)

«التعليم المصرية» تستنفر مبكراً للحد من أساليب غش مبتكرة بـ«الثانوية العامة»

قبل ما يقرب من 6 أشهر على انطلاق امتحانات «الثانوية العامة» في مصر (شهادة البكالوريا) تعددت اللقاءات على مستويات تنفيذية عليا استعداداً لها

أحمد جمال (القاهرة)
شمال افريقيا علاء مع عائلته في لندن بعد وصوله (حساب شقيقته على فيسبوك)

اعتذار علاء عبد الفتاح عن «تدويناته المُحرضة» لم يخفف الهجوم عليه

لم يخفف اعتذار قدمه الناشط المصري - البريطاني علاء عبد الفتاح عبر حساباته بمواقع التواصل بشأن «تدوينات تُحرض على العنف» كتبها سابقاً عبر حساباته، من الانتقادات.

أحمد عدلي (القاهرة)
المشرق العربي  الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً السفير المصري علاء موسى في وقت سابق (الرئاسة اللبنانية)

السفير المصري في بيروت: لا إنذارات أو تحذيرات خفية موجهة إلى لبنان

أكد السفير المصري لدى لبنان علاء موسى أن تنفيذ الاتفاقات والقرارات الدولية يشكّل المدخل الأساسي لتجنيب لبنان مزيداً من التوترات

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق من كواليس تصوير المسلسل (حساب صدقي صخر على «فيسبوك»)

«لا تُرد ولا تُستبدل»... دراما مصرية ترصد قضية التبرع بالأعضاء

يناقش المسلسل المصري «لا تُرد ولا تُستبدل» مشاكل اجتماعية عدة مرتبطة بمرض الفشل الكلوي وصعوبة العثور على متبرعين.

أحمد عدلي (القاهرة )

تمديد حالة الطوارئ في تونس لمدة شهر

علم تونس (رويترز)
علم تونس (رويترز)
TT

تمديد حالة الطوارئ في تونس لمدة شهر

علم تونس (رويترز)
علم تونس (رويترز)

مددت تونس حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر تبدأ مطلع شهر يناير (كانون الثاني) المقبل حتى يوم 30 من الشهر نفسه.

ونشر قرار التمديد من قبل الرئيس قيس سعيد في الجريدة الرسمية. وكان آخر تمديد شمل عام 2025 بأكمله.

ويستمر بذلك سريان حالة الطوارئ في البلاد لأكثر من عشر سنوات، منذ التفجير الإرهابي الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي وسط العاصمة يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015، وأدى إلى مقتل 12 عنصراً أمنياً ومنفذ الهجوم الذي تبناه تنظيم «داعش».


«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
TT

«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)

حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، اليوم الثلاثاء، من وجود «مستويات غير مسبوقة وخطيرة» من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور في غرب السودان.

وقالت المنظمة، في بيانٍ نشره موقع أخبار الأمم المتحدة، إن مسحاً حديثاً أظهر أن أكثر من نصف الأطفال الذين جرى تقييمهم في محلية أم برو بالولاية يعانون سوء التغذية الحادّ، «في ظل استمرار القتال وقيود شديدة على وصول المساعدات الإنسانية المُنقذة للحياة».

ووفقاً للمسح، الذي أجرته «اليونيسف»، في الفترة بين 19 و23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يعاني واحد من بين كل ستة أطفال من «سوء التغذية الحاد الوخيم»، وهي حالة تهدد الحياة ويمكن أن تُودي بحياة الطفل في غضون أسابيع إذا لم يجرِ علاجها.

وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة كاثرين راسل إن «كل يوم يمر دون وصول آمن ودون عوائق يزيد خطر ضعف الأطفال ومزيد من الوفيات والمعاناة من أسباب يمكن الوقاية منها تماماً».

ودعت «اليونيسف» كل الأطراف إلى السماح بوصول المساعدات بشكل فوري وآمن ودون عوائق، وحضّت المجتمع الدولي - بما يشمل الدول التي لها نفوذ على أطراف الصراع - على تكثيف الضغط الدبلوماسي والسياسي، بشكل عاجل، لضمان الاتفاق على هدنة إنسانية واحترامها.

وتابعت المنظمة: «دون هدنة إنسانية يمكن التنبؤ بها واحترامها، لن يكون بوسع عمال الإغاثة إيصال الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الطبية وخدمات الحماية بأمان، ويستمر الأطفال في دفع الثمن الأكبر».


«الدعم السريع» تعلن سيطرتها على منطقة استراتيجية في جنوب كردفان

عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تعلن سيطرتها على منطقة استراتيجية في جنوب كردفان

عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلنت «قوات الدعم السريع»، الثلاثاء، سيطرتها على منطقة «التقاطع» الاستراتيجية في ولاية جنوب كردفان، ونشر عناصر تابعون لها مقاطع مصورة تُظهر انتشارها هناك.

ولم يصدر أي تعليق من الجيش السوداني بهذا الخصوص، مع استمرار تمدد «الدعم السريع» وحليفتها «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، في مناطق واسعة من الإقليم.

وقالت «الدعم السريع»، في بيان نشر على منصة «تلغرام»، إن «قوات تأسيس» المتحالفة معها بسطت سيطرتها بالكامل على المنطقة الواقعة بين مدينتي كادوقلي والدلنج، وإن هذه الخطوة تأتي «ضمن عمليات الانفتاح العسكري وتأمين الخطوط المتقدمة»، كما أنها تمكنت من «تسلم عدد من المركبات العسكرية والأسلحة والذخائر».

وأوضح البيان أن «هذا الانتصار يمثل خطوة أساسية نحو تحقيق أهداف استراتيجية في الولاية».

وتخضع مدن ولاية جنوب كردفان، خصوصاً العاصمة كادوقلي ومدينة الدلنج، لحصار خانق تفاقمت حدته عقب استيلاء «الدعم السريع» على مدينة بابنوسة، وبلدة هجليج النفطية، بولاية غرب كردفان، وانسحاب قوات الجيش التي كانت في تلك البلدات إلى دولة جنوب السودان.

من جهة ثانية، أفادت مصادر بأن الجيش السوداني شن هجمات بالطائرات المسيّرة الانتحارية والقتالية، على مواقع عدة لتمركزات «قوات الدعم السريع» حول مدينتي كادوقلي والدلنج، في محاولة لإيقاف تقدمها بالولاية.

نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)

وتجدد القتال بضراوة في مناطق واسعة من ولاية جنوب كردفان خلال الأشهر الماضية بعد انضمام «الحركة الشعبية» إلى «قوات الدعم السريع»، وفصائل عسكرية أخرى، ضمن «تحالف السودان التأسيسي (تأسيس)».

بدورها، قالت «الحركة الشعبية»، في بيان الثلاثاء، إنها سيطرت على حامية عسكرية تابعة للجيش السوداني في منطقة تقاطع البلف، على طريق الدلنج - كادوقلي. وأضافت أن قواتها تواصل التقدم الميداني في إطار عمليات تهدف للوصول إلى العاصمة كادوقلي.

والأسبوع الماضي سيطرت «قوات تأسيس» على بلدة برنو، التي تبعد نحو 30 كيلومتراً من مدينة كادوقلي، وبدأت تتوغل في المناطق الجبلية المحيطة بها.

وكانت منصات «الدعم السريع» قد تحدثت في الأيام الماضية عن تحشيد كبير لقواتها في مناطق بالقرب من كادوقلي بهدف تكثيف الضغط على الجيش والقوات المتحالِفة معه، وتعزيز مواقعها في مناطق استراتيجية بهدف تمهيد الطريق لمهاجمة المدينة.

وفي وقت سابق سيطرت «الحركة الشعبية» على منطقتي الكرقل والدشول، الواقعتين على الطريق الرئيسية المؤدية إلى الدلنج؛ ثانية كبرى مدن الولاية، واتهمت الجيش السوداني والقوات المتحالفة بـ«عدم السماح للمدنيين بالمغادرة واستخدامهم دروعاً بشرية».

ومنذ أشهر تفرض «قوات تأسيس» طوقاً محكماً على كل المناطق حول مدن جنوب كردفان، وتقطع طرق وخطوط الإمداد لقوات الجيش السوداني المحاصَرة داخل كادوقلي.