شارك متظاهرون في مسيرة تطالب بالحريات وسط العاصمة تونس، السبت، وهي الثانية خلال أسبوع، في وقت أصدرت فيه محكمة الاستئناف أحكاماً مشددة بالسجن ضد العشرات من الموقوفين، والملاحقين في قضية التآمر على أمن الدولة، حسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية. وشارك في المسيرة، التي انطلقت من ساحة باستور تحت شعار «لا تعليق للنضالات ولا لقمع الحريات»، سياسيون ونشطاء من الجمعيات والمجتمع المدني والحركات النسوية، وعدد كبير منهم من الشباب. وردد المتظاهرون شعارات غاضبة، أبرزها: «الشعب يريد إسقاط النظام»، و«حريات حريات... لا قضاء التعليمات».

وقال الحزب الجمهوري المعارض إن «مسيرة اليوم ليست مجرد موعد في التقويم، إنها صرخة مدوية في وجه الطغيان، ووقفة إيمان بأن الشعب هو مصدر السلطات، وهو من يقرر مصيره». وصدرت أحكام أخرى ضد السياسي المخضرم أحمد نجيب الشابي، زعيم «جبهة الخلاص الوطني» (12 عاماً)، والمحامي المعارض العياشي الهمامي (ثلاثة أعوام). وكانت محكمة الاستئناف قد أصدرت، الجمعة، أحكاماً بالسجن تتراوح بين 10 أعوام و45 عاماً ضد نحو 40 شخصاً من الملاحقين فيما يعرف بـ«قضية التآمر على أمن الدولة»، من بينهم سياسيون من المعارضة، ورجال أعمال ونشطاء، أودع أغلبهم السجن منذ فبراير (شباط) 2023.
وتلقي هذه المحاكمات الضوء على تصاعد القلق في تونس بشأن القيود على المعارضة، وأنشطة منظمات المجتمع المدني، التي صدرت بحقها قرارات بالتجميد المؤقت ضمن حملة تدقيق ضريبي، وسط انتقادات من منظمات حقوقية دولية والبرلمان الأوروبي. ويقول الرئيس قيس سعيد، الذي يقود السلطة بصلاحيات واسعة منذ إعلان التدابير الاستثنائية في البلاد عام 2021 ووضعه لاحقاً لنظام حكم جديد، إن الدولة تخوض «حرب تحرير» ضد الفساد ومحاولات «تفجير» مؤسساتها من الداخل.

في غضون ذلك، قال محامون إن الشرطة التونسية ألقت القبض على المعارضة البارزة شيماء عيسى، السبت، بينما كانت تشارك في احتجاج بالعاصمة، لتنفيذ حكم نهائي بالسجن 20 عاماً صدر بحقها. وقالت شيماء لوكالة «رويترز» للأنباء قبل لحظات من اعتقالها: «سيعتقلونني بعد قليل. أقول للتونسيين: واصلوا الاحتجاج ورفض الطغيان والاستبداد. نحن نضحي بحريتنا وندفع الثمن من أجلكم». ومن المتوقع أيضاً أن تلقي الشرطة القبض على نجيب الشابي، رئيس «جبهة الخلاص الوطني»، أكبر ائتلاف معارض للرئيس سعيد، بعد أن صدر حكم ضده بالسجن 12 عاماً، وكذلك على المعارض العياشي الهمامي، المحكوم عليه بالسجن خمس سنوات. ووجّهت تهم إلى 40 شخصاً في القضية بالتآمر للإطاحة بالرئيس، وهي واحدة من أكبر المحاكمات السياسية في تاريخ تونس الحديث. وفر عشرون من المتهمين خارج البلاد وصدرت بحقهم أحكام غيابية. وتراوحت الأحكام بين خمس و45 سنة.

وقالت منظمات حقوقية مثل «هيومن رايتس ووتش» و«العفو الدولية» إن هذه الأحكام تمثل تصعيداً في حملة سعيد على المعارضة منذ تفرده بصلاحيات استثنائية في 2021. ودعت المنظمتان إلى إلغاء هذه الأحكام على الفور، معتبرتين إياها غير عادلة وذات دوافع سياسية. ويقبع أيضاً عدد من قادة أحزاب المعارضة في السجن، إضافة إلى سجن منتقدين وصحافيين ونشطاء، وتعليق عمل منظمات غير حكومية مستقلة.




