بعد وقوعها مرات عدة في فخ «العروض الوهمية» خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) في سنوات سابقة، أصبحت الثلاثينية هدير محمد، التي تعمل في مجال المجتمع المدني وتسكن في مدينة 6 أكتوبر، أكثر حذراً في التفاعل معها هذا العام، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتتبع الأسعار قبل موسم التخفيضات، لأعلم إن كانت العروض حقيقية أم زائفة»، مشيرة إلى أنها تتجنّب شراء «الرفاهيات» خلال الموسم، لأنها غالباً ما تنضوي على «عروض غير حقيقية أو منتجات فاسدة».
ويُعدّ شهر نوفمبر من المواسم التي تشهد إقبالاً على الشراء في مصر مع عروض تبدأ من بداية الشهر إلى نهايته، خصوصاً أيام العطلات الرسمية، تحت اسم «الجمعة البيضاء»، التي تأتي في 28 من هذا الشهر، لكن المتاجر والتطبيقات تستغل هذه المناسبة في الترويج للكثير من المنتجات تحت لافتات «العروض» و«المسابقات»، على مدار كل أيام الشهر، وهو ما حذّر منه جهاز حماية المستهلك في مصر، أخيراً.
وقال الجهاز في بيان، الجمعة: «احذروا المسابقات والعروض الترويجية الخادعة خلال موسم تخفيضات (الجمعة البيضاء)»، لافتاً إلى أن «بعض الشركات خلال هذا الموسم تعلن مسابقات دون التأكد من وجود رقم الإخطار الصادر عن الجهاز داخل الإعلان»، فيما «تنص المادة 14 من قانون حماية المستهلك على عدم جواز إعلان أي مسابقة إلا بعد إخطار الجهاز بالبيانات المحددة في اللائحة التنفيذية، وذلك قبل موعد الإعلان بثلاثة أيام على الأقل».

وتعهّد الجهاز بتوقيع «غرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تتجاوز 500 ألف جنيه، أو مثل قيمة المنتج محل المخالفة أيهما أكبر». وطالب «المستهلكين بتحرّي الدقة قبل الاشتراك في أي مسابقات خلال موسم التخفيضات، حفاظاً على حقوقهم وضماناً لشفافية التعاملات».
بات أحمد علي -وهو محرر أدبي يسكن في مدينة حلوان (جنوب العاصمة)- خبيراً بعروض الشراء على مواقع التسوق الشهيرة، حتى إن المحيطين به من الأهل والأصدقاء يلجأون إليه لسؤاله عن حقيقة العرض قبل شرائه.
يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الشخص غير المتابع الجيد لأسعار (البرندات) المختلفة على مدار العام من السهل سقوطه في فخ العروض الوهمية، خصوصاً في الملابس، أو الأحذية، فبعض المواقع عندما يكون العرض يوم الجمعة، تضع سعراً مضاعفاً لسعر القطعة قبل ساعات، ثم تعلن عرض 50 في المائة».
ويضيف: «رأيت منتجات سعرها في العرض أعلى من سعرها الحقيقي في السوق بسبب هذه الخدعة»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «بعض (البرندات) تقدم عروضاً حقيقية، لكنها تحتاج إلى خبرة لاقتناصها». وبالنسبة إليه تُعد هذه العروض مهمة وفرصة للشراء في ظل «ارتفاع الأسعار والأزمة الاقتصادية التي تجعل شراء مثل هذا المنتج في وقت آخر غير مناسب لإمكانياتي»، وفق قوله.
وارتفع معدل التضخم السنوي في مصر خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 12.5 في المائة، بعدما سجل 11.7 في المائة خلال سبتمبر (أيلول)، وذلك بعد تراجع استمر لأربعة أشهر. وعلى خلاف الطوابير الطويلة أمام المتاجر خلال شهر نوفمبر، التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي على مدار الشهر كل عام، لم نشهد مثيلاً لها حتى الآن، في مؤشر على تراجع القوة الشرائية للمستهلكين.
ويقر عضو شعبة المواد الغذائية في الاتحاد العام لغرفة القاهرة التجارية، حازم المنوفي، بـ«استغلال بعض المتاجر موسم العروض لتحقيق مكاسب من خلال عروض وهمية أو تلاعب بالمستهلك، وذلك إما من خلال تقييم السلعة بأكثر من قيمتها الأساسية ثم وضع خصم عليها لتصبح بعد العرض بقيمتها السوقية أو أكثر، وإما بطرح منتجات أوشكت على انتهاء مدة صلاحيتها أو انتهت بالفعل خلال هذه العروض».

وفي تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، دعا المنوفي المستهلكين إلى تحري الدقة قبل الشراء، سواء باللجوء إلى متاجر موثوقة أو معرفة أسعار السلع قبل الشراء، لافتاً إلى «صعوبة ذلك أحياناً في ظل عدم وجود سعر معلن محدد للسلعة الواحدة، وتختلف من مكان إلى آخر».
وتتضمّن عروض «الجمعة البيضاء» مختلف السلع والمنتجات، من مواد غذائية ومنتجات النظافة والملابس، وصولاً إلى الأجهزة الكهربائية، والأخيرة يستبعد رئيس شعبة الأجهزة المنزلية في غرفة القاهرة التجارية، حسن مبروك، وجود عروض وهمية عليها، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إن «موسم التخفيضات هذا العام لا يشهد الكثير من العروض على الأجهزة الكهربائية في ظل ارتفاع الأسعار، وزيادة تكلفة الإنتاج، مما يجعل الشركات غير قادرة على تقديم تخفيضات، لذا تقتصر العروض على بعض البائعين ممن لديهم مخزون منذ فترة، كانوا قد حصلوا عليه بأسعار أقل من سعر المنتج حالياً».

وأشار إلى أن «مشتري الأجهزة الكهربائية عادة ما يتتبع أسعارها قبل فترة من الشراء الفعلي، ويبحث عن أقل سعر، لذا ليس من السهل خداعه بسعر وهمي».
وكانت إحدى المستهلكات شكت، وفق بيان لحماية المستهلك، من شرائها «مكنسة كهربائية» لا تعمل خلال عروض «الجمعة البيضاء» من أحد مواقع الشراء الشهيرة. وأشار آخر إلى وصول مراتب فاسدة له بعد شرائه لها من موقع آخر شهير خلال هذا الشهر.
أما سارة خالد (30 عاماً) فكان حظها أفضل، إذ استطاعت شراء عدة مقتنيات لمطبخها من أحد مراكز الشراء الشهيرة خلال هذا الشهر. وتقول لـ«الشرق الأوسط» إنها سألت على أسعار هذه القطع قبل فترة، وبعد تأكدها من وجود تخفيض حقيقي اشترتها. وتستعد سارة للزواج، ويُعد شراء جميع احتياجاتها في ظل موجات ارتفاع الأسعار «عبئاً كبيراً» تقتنص أي فرصة لتخفيفه.




