عقد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، الثلاثاء، في بورتسودان محادثات «بنّاءة» مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، تناول خلالها جهود وقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية، فيما تتسع رقعة المعارك بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في غرب البلاد.
وأشاد فليتشر بمحادثات وصفها بأنها «بنّاءة» مع البرهان، لضمان إيصال المساعدات إلى مختلف أنحاء البلاد الغارقة في الحرب منذ أكثر من عامين.
وقال فليتشر في مقطع فيديو وزّعه مجلس السيادة الانتقالي عقب اللقاء: «نرحب بالمحادثات البنّاءة مع الرئيس البرهان عصر اليوم، والهادفة إلى ضمان قدرتنا على مواصلة العمل في كل مكان في السودان لإيصال (المساعدات) بطريقة حيادية، ومستقلة وغير منحازة، لكل من هم في أمسّ الحاجة إلى الدعم الدولي».
من جهته، أكد البرهان «حرص السودان على التعاون مع الأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة، لا سيما في المجال الإنساني»، بحسب بيان المكتب الإعلامي لمجلس السيادة.
كما عقد فليتشر اجتماعاً مع وزيري الخارجية السوداني محيي الدين سالم، والمصري بدر عبد العاطي، لمناقشة مقترحات وقف إطلاق النار.
وتشهد مناطق واسعة من السودان تصاعداً في المعارك بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، إذ امتد القتال من إقليم دارفور الذي أحكمت «قوات الدعم السريع» سيطرتها عليه الشهر الماضي، إلى مناطق كردفان المجاورة.
وأعلنت «قوات الدعم السريع»، الاثنين، وصول «حشود ضخمة» من مقاتليها إلى مدينة بابنوسة في غرب كردفان، في محاولة للسيطرة على مقر الجيش هناك.
وتقع المدينة على الطريق الرابطة بين الخرطوم وإقليم دارفور، كما تقع في منتصف الطريق بين نيالا في جنوب دارفور الخاضعة لسيطرة «الدعم السريع»، والأُبيّض عاصمة شمال كردفان، التي تشهد معارك متصاعدة بين الطرفين.
وأكد فليتشر في منشور عبر منصة «إكس»، الثلاثاء، وصوله إلى السودان، حيث سيعمل على «وقف الفظائع ودعم جهود السلام والتمسك بميثاق الأمم المتحدة، والضغط من أجل تمكين طواقمنا من الحصول على التمويل اللازم، وحرية الحركة لإنقاذ الأرواح على جانبي خطوط القتال».
وكانت «قوات الدعم السريع» قد سيطرت على مدينة الفاشر في شمال دارفور في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لتفرض بذلك سيطرتها على إقليم دارفور في غرب البلاد، بينما يحتفظ الجيش بالسيطرة على الشرق والشمال.

ومنذ ذلك الحين، تتواتر تقارير عن عمليات قتل جماعي وعنف عرقي وخطف واعتداءات جنسية، فيما أشارت منظمات حقوقية إلى وقوع عمليات قتل على أساس عرقي في المناطق الخاضعة لسيطرة «الدعم السريع».
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فرّ خلال الأسبوعين الماضيين أكثر من 90 ألف مدني من الفاشر إلى مدن مجاورة، إضافة إلى نحو 40 ألف نازح من شمال كردفان.
وقالت المديرة العامة للمنظمة إيمي بوب في بيان إن انعدام الأمن والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أدّيا إلى ارتفاع كبير في معدلات النزوح وتفاقم الأزمة الإنسانية. وأضافت أن «الأزمة في الفاشر هي نتيجة مباشرة لحصار استمر قرابة 18 شهراً، ومنع حصول الأسر على الغذاء والماء والرعاية الطبية».
وكانت «قوات الدعم السريع» قد أعلنت الأسبوع الماضي موافقتها على هدنة إنسانية اقترحتها الرباعية الدولية حول السودان (مصر، والسعودية، والإمارات، والولايات المتحدة)، لكنها واصلت هجماتها على مدن خاضعة لسيطرة الجيش، من بينها الخرطوم وعطبرة.
من جهته، أكد وزير الدفاع السوداني حسن كبرون أن الجيش سيواصل القتال ضد «قوات الدعم السريع»، بعد مناقشة مجلس الأمن والدفاع مقترح الهدنة المقدم من الرباعية الدولية.
أما البرهان، فتوعد خلال زيارة ميدانية بـ«الثأر للذين قُتلوا ونُكّل بهم في الفاشر والجنينة والجزيرة وكل المناطق التي هاجمها المتمرّدون»، مؤكداً أن «الجيش ماض في دحر هذا العدو وتأمين الدولة السودانية إلى أقصى حدودها».
وأدّت الحرب المستمرة في السودان منذ أكثر من عامين إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 12 مليون شخص، وتسببت في أزمة جوع حادّة تهدد ملايين المدنيين.



