جدل سياسي في ليبيا يسبق «الحوار الأممي» المُرتقب

بعدما عدّت خوري مخرجاته «غير ملزمة»

خوري في لقاء سابق مع رؤساء اللجان الدائمة بمجلس النواب (مجلس النواب الليبي)
خوري في لقاء سابق مع رؤساء اللجان الدائمة بمجلس النواب (مجلس النواب الليبي)
TT

جدل سياسي في ليبيا يسبق «الحوار الأممي» المُرتقب

خوري في لقاء سابق مع رؤساء اللجان الدائمة بمجلس النواب (مجلس النواب الليبي)
خوري في لقاء سابق مع رؤساء اللجان الدائمة بمجلس النواب (مجلس النواب الليبي)

أثار تصريح نائبة رئيسة البعثة الأممية للشؤون السياسية في ليبيا، ستيفاني خوري، بشأن «عدم إلزامية» مخرجات «الحوار المهيكل» الذي تستعد البعثة لإطلاقه خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، حالة من الجدل السياسي. كما أعاد إلى الواجهة تساؤلات سابقة بشأن مدى جدوى الحوارات السياسية التي لا تملك أدوات تنفيذية واضحة.

خوري التي أكدت في مقابلة مع قناة محلية أن البعثة هدفها الوصول إلى «تمثيل متوازن وتوصيات قابلة للتطبيق ضمن خريطة طريق»، لم تبدد مخاوف الليبيين من أن يتحول الحوار الجديد إلى محطة إضافية في مسلسل المبادرات غير المثمرة التي شهدتها البلاد.

نائبة المبعوثة الأممية ستيفاني خوري (البعثة الأممية)

وانقسمت الآراء في ليبيا حيال تصريح خوري، بين مَن يعدّه «موقفاً واقعياً لتفادي فشل جديد يشبه إخفاقات المسارات السابقة»، ومَن عدّه «دليلاً على عجز أممي مزمن عن إنتاج حلول تنهي الانقسام السياسي وتعيد توحيد المؤسسات».

ومن بين الداعمين لرؤية البعثة، برز عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد الهادي، الذي وصف موقف خوري بأنه «منسجم مع طبيعة دورها الاستشاري»، وقال إن الأمم المتحدة «لا تملك فرض حلول على الليبيين، بل تكتفي بتيسير الحوار وتقديم المقترحات».

وأضاف الهادي لـ«الشرق الأوسط»، أن الحديث عن «عدم الإلزام بالنتائج» يهدف إلى «تجنّب سيناريوهات الطعون والاعتراضات التي لاحقت (اتفاق الصخيرات) عام 2015»، مشدداً على أن «الرهان الحقيقي يكمن في عدالة المخرجات وقدرتها على تحقيق التوافق الوطني، لا في إلزاميتها القانونية».

ورأى أن «الحلول التي تنبع من إرادة وطنية صادقة، ستترجم نفسها على الأرض دون قرارات قسرية أو تسويات مفروضة».

ويبدو أن البعثة الأممية عاقدة العزم على المضي في استقبال طلبات الترشيح للمشاركة في الحوار رغم الانتقادات المتصاعدة. علماً بأن من المنتظر أن يضم نحو 120 شخصية من مختلف المناطق الليبية، في إطار «خريطة الطريق» التي وضعتها المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، لإحياء المسار السياسي وصولاً إلى انتخابات خلال 12 إلى 18 شهراً.

في موازاة ذلك، بدأت أحزاب ومجالس اجتماعية مناقشة الترتيبات الخاصة بورشات عمل الحوار المرتقب، وبينها «المجلس الاجتماعي في سوق الجمعة» الذي بحث آلية فرز الشخصيات المؤهلة للمشاركة.

كما انخرط حزب القمة الليبي في اتصالات مع سائر الأحزاب والمنظمات لتنسيق موقف موحد، غير أن رئيسه عبد الله ناكر رأى المسار «مضيعة للوقت»، قائلاً إن «الحديث عن توصيات غير ملزمة يعني عملياً أن من يملك السلطة لن يلتزم بها، ما يجعل الحوار مجرد غطاء لتدوير الأزمة وإطالة أمدها».

أما الباحث السياسي الليبي، الدكتور أحمد المهدوي، فذهب أبعد من ذلك، عادّاً تصريحات خوري «محاولة لتغطية مسبقة على فشل خريطة الطريق الأممية».

ويعتقد المهدوي أن البعثة «لم تنجح في إدارة أي من الحوارات السابقة، تماماً كما حدث مع اللجنة الاستشارية»، مشيراً إلى ما وصفه بـ«انتقال البعثة من حوار مفتوح إلى حوار موجه يعتمد على استبيانات تحدد مسبقاً مسارات النقاش ونتائجه».

وحسب رؤيته، فإن «عدد المتقدمين للمشاركة في الحوار محدود للغاية، مما يعكس عزوفاً عاماً عن مبادرة يراها الليبيون بعيدة عن واقعهم المعيشي والسياسي».

وفي إطار هذا التباين، يرى رئيس لجنة الأمن القومي في «المؤتمر الوطني العام» السابق، عبد المنعم اليسير، أن الجدل حول «عدم إلزامية المخرجات لا يغيّر جوهر الأزمة الليبية».

ويعدّد اليسير جملة تحديات جوهرية، أبرزها «غياب الإرادة السياسية لمعالجة الجذور الحقيقية للأزمة، بما في ذلك فشل تنفيذ الترتيبات الأمنية واتفاق وقف إطلاق النار، والتأخير المتعمد للانتخابات التي يفترض أن تكون شاملة وشفافة».

ويتفق اليسير مع تيار يرى أن «تحركات البعثة تعيد تدوير الأطراف المتصارعة نفسها على المناصب من نتائج ملموسة، في حين تبقى ليبيا رهينة لسلطة الميليشيات التي تتقاسم النفوذ والموارد تحت غطاء سياسي هش».

ويعيد اليسير تأكيد أن الأزمة تجاوزت الحديث عن إلزامية الحوار وحدوده المحلية، محمّلاً جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي «مسؤولية جزئية عن استمرار الفوضى بسبب غياب موقف موحد تجاه ليبيا».

وبين من يرى في «عدم الإلزام» لمخرجات الحوار المهيكل «مرونة ضرورية لتفادي تكرار الفشل»، ومن يعدّها «تراجعاً عن جوهر أي عملية سياسية حقيقية»، يبقى المسار الأممي محاصراً بين «الشكوك والتجارب السابقة».

هنا يشدد اليسير على أن «ليبيا تحتاج إلى مسار واضح لتنفيذ الاستحقاقات الأمنية والانتخابية بإشراف دولي وعربي جاد»، داعياً إلى «مبادرة سلام ووفاق وطني تجمع كل الأطراف من مختلف المراحل السياسية منذ عام 2011، وتقوم على المصالحة وتوحيد المؤسسات ضمن مسار داخلي برقابة دولية غير متدخلة».


مقالات ذات صلة

احتجاجات مستمرة وقطع طرق بالعاصمة الليبية

شمال افريقيا رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة (مكتب الدبيبة)

احتجاجات مستمرة وقطع طرق بالعاصمة الليبية

عاشت العاصمة الليبية طرابلس ليلة جديدة على صفيح ساخن، مع تجدُّد موجة احتجاجات غاضبة ضد حكومة «الوحدة» المؤقتة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)

تجدد المطالب في غرب ليبيا برحيل الدبيبة وإجراء انتخابات رئاسية

أُقيمت في العاصمة الليبية طرابلس، السبت، مراسم تأبين رسمية وعسكرية مهيبة لرئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» (المؤقتة)، محمد الحداد، ومرافقيه.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا سجن معيتيقة في طرابلس (المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان)

«تكدس مراكز الاحتجاز» في ليبيا يعيد ملف السجناء للواجهة

دفعت الشكاوى المتصاعدة بشأن «تكدس مراكز الاحتجاز» وتردّي أوضاع السجناء، حكومتي شرق وغرب ليبيا إلى إعادة فتح ملف السجون.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا الحداد خلال حفل تخرج سابق لفوج جديد من الضباط في ثكنة الخمس العسكرية (رويترز)

ما هي تداعيات وفاة رئيس الأركان الليبي وتأثيرها على المؤسسة العسكرية؟

عدَّ المحلل السياسي، فرج فركاش، أن غياب رئيس الأركان الليبي، الفريق أول محمد الحداد، بهذا الشكل المفاجئ «يشكل ضربة قوية للمؤسسة العسكرية في غرب البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا لجنة التحقيق في حادثة سقوط الطائرة التي كانت تقل الحداد ورفاقه (وزارة الداخلية بطرابلس)

نقل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي إلى ألمانيا للتحقيق

توقع مصدر ليبي مقرب من المجلس الرئاسي وصول جثامين ضحايا الطائرة المنكوبة إلى البلاد، السبت، وذلك عقب انتهاء مراسم تأبينهم بقاعدة مرتد العسكرية في أنقرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

أول بعثة أممية إلى الفاشر في السودان تتحدث عن مدنيين في حالة «صدمة» وظروف عيش «مُهينة»

فتاة سودانية نازحة في مخيم بمدينة القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
فتاة سودانية نازحة في مخيم بمدينة القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

أول بعثة أممية إلى الفاشر في السودان تتحدث عن مدنيين في حالة «صدمة» وظروف عيش «مُهينة»

فتاة سودانية نازحة في مخيم بمدينة القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
فتاة سودانية نازحة في مخيم بمدينة القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

حذّرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان دينيس براون، الاثنين، عقب عودتها من الفاشر في غرب السودان، عن حالة «صدمة» يعيشها السكان في «ظروف مهينة وغير آمنة».

تمكنت بعثة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» من دخول الفاشر، الجمعة، للمرة الأولى بعد شهرين من سيطرة قوات الدعم السريع عليها، عقب «مفاوضات شاقة»، وفق ما ذكرت براون، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» عبر الفيديو.

وقالت براون: «هؤلاء الأشخاص يعيشون في ظروف هشة للغاية... بعضهم يعيش في مبانٍ مهجورة. وآخرون... في ظروف بدائية، مع أغطية بلاستيكية ودون وسائل نظافة، ولا ماء. هذه طروف مُهينة وغير آمنة للناس».

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أحكمت «قوات الدعم السريع» سيطرتها على مدينة الفاشر، آخِر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، بعد حصار استمرَّ لأكثر من 18 شهراً، تخلّلته معارك عنيفة، وسط تقارير وأدلة على وقوع عمليات قتل جماعي، واختطاف، واغتصاب بحق المدنيين.


مصر تطالب بجلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي لبحث تطورات الصومال

سكان يلوّحون بأعلام «أرض الصومال» وهم يتجمعون للاحتفال بإعلان إسرائيل الاعتراف بدولة أرض الصومال في وسط مدينة هرجيسا (أ.ف.ب)
سكان يلوّحون بأعلام «أرض الصومال» وهم يتجمعون للاحتفال بإعلان إسرائيل الاعتراف بدولة أرض الصومال في وسط مدينة هرجيسا (أ.ف.ب)
TT

مصر تطالب بجلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي لبحث تطورات الصومال

سكان يلوّحون بأعلام «أرض الصومال» وهم يتجمعون للاحتفال بإعلان إسرائيل الاعتراف بدولة أرض الصومال في وسط مدينة هرجيسا (أ.ف.ب)
سكان يلوّحون بأعلام «أرض الصومال» وهم يتجمعون للاحتفال بإعلان إسرائيل الاعتراف بدولة أرض الصومال في وسط مدينة هرجيسا (أ.ف.ب)

طالب وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي اليوم (الاثنين) بعقد جلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي لتناول «الاعتراف الإسرائيلي بما يسمى أرض الصومال».

وأكد الوزير عبد العاطي، في كلمة اليوم خلال مشاركته في الجلسة الوزارية لمجلس السلم والأمن الأفريقي، التي عُقدت افتراضياً لمتابعة تطورات الأوضاع في شرق الكونغو الديمقراطية، «رفض مصر التام للاعتراف الإسرائيلي بما يسمى بأرض الصومال باعتباره انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، ويقوض أسس السلم والأمن الإقليمي والدولي، وبصفة خاصة في منطقة القرن الأفريقي».

وطالب عبد العاطي بعقد جلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي لتناول هذا التطور الخطير، وللتأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الصومالية، ورفض الإجراءات الأحادية الإسرائيلية التي تهدد السلم والأمن الإقليميين والدوليين.

وأشار إلى أن المرحلة المفصلية التي تشهدها المنطقة تفرض مسؤولية جماعية لدعم المسارات السياسية والأمنية والتنموية الهادفة إلى إنهاء معاناة الشعب الكونغولي وترسيخ السلام المستدام، مرحباً بتوقيع رئيسَي الكونغو الديمقراطية ورواندا على اتفاق السلام النهائي والاتفاق الإطاري للتكامل الاقتصادي الإقليمي في واشنطن في الرابع من الشهر الحالي، باعتباره خطوة مهمة للتهدئة وتخفيف التوتر وبناء الثقة بين البلدين، مشدداً على أهمية المضي قدماً في تنفيذ تلك الاتفاقيات.

وأكد عبد العاطي استعداد مصر الكامل للدعم والمشاركة في أي ترتيبات لبناء الثقة استناداً إلى الخبرات المصرية المتراكمة في مجال حفظ السلام، ولا سيما في ظل المشاركة المصرية النوعية والممتدة لسنوات طويلة في بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية. كما أكد أهمية التهدئة ووقف أي تصعيد ميداني، بما يخلق بيئة مواتية لمواجهة التحديات الأمنية والإنسانية في شرق الكونغو، وتهيئة المجال لحوار البناء واستعادة الاستقرار المنشود، وتشجيع جهود وقف الأعمال العدائية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، بما يمنع تفاقم الأزمة الإنسانية وما تفرضه من أعباء جسيمة على المدنيين.


«الجامعة» ترفض اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»


جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«الجامعة» ترفض اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»


جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

رفضت الجامعة العربية اعتراف إسرائيل بانفصال إقليم الشمال الغربي بالصومال، ما يسمى «إقليم أرض الصومال»، مشددة على الوقوف ضد «أي إجراءات تترتب على هذا الاعتراف الباطل بغية تسهيل مخططات التهجير القسري للشعب الفلسطيني أو استباحة موانئ شمال الصومال لإنشاء قواعد عسكرية فيها».

وعقد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، أمس (الأحد)، دورةً غير عادية، أكد فيها «الموقف العربي الثابت والواضح بشأن عدّ إقليم الشمال الغربي بالصومال جزءاً لا يتجزأ من جمهورية الصومال الفيدرالية، ورفض أي محاولة للاعتراف بانفصاله بشكل مباشر أو غير مباشر».

وطالب البيان الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بـ«وضع خطة عمل عربية - أفريقية مشتركة تحُول دون إحداث أي تغيير في الوضع الأمني والجيوسياسي القائم، ومنع أي تهديد لمصالح الدول العربية والأفريقية في هذه المنطقة الحيوية».