وجَّهت السلطات المغربية اتهامات إلى أكثر من 2400 شخص، وذلك على خلفية احتجاجات قادها الشباب في الأسابيع الأخيرة، وتحولت إلى العنف، فيما يعدّ استجابة واسعة النطاق لأكبر المظاهرات التي شهدتها البلاد قبل أسابيع.
ومن بين المتهمين البالغ عددهم 2480 شخصاً، لا يزال 1473 رهن الحبس الاحتياطي بانتظار المحاكمة، وتشمل التهم الموجهة إليهم التمرد المسلح، وإهانة موظف عمومي أثناء أداء مهامه، واستخدام العنف ضده، والتحريض على ارتكاب جنايات.
وجاءت هذه الاحتجاجات بعد أن أطلق حراك شبابي يعرف باسم «جيل زد 212» تعبئة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من بينها منصة «ديسكورد»، لحشد آلاف المحتجين في مختلف أنحاء البلاد، للتنديد بتردي الخدمات في قطاع الصحة والتعليم تحديداً. وانتقد الحراك ما عدَّه إنفاقاً حكومياً مفرطاً على بعض مشاريع البنية التحتية لاستضافة فعاليات رياضية، في مقابل إهمال الخدمات الاجتماعية الأساسية.
لكن رغم دعوات المنظمين إلى التظاهر السلمي، تحولت الاحتجاجات في بعض المدن والبلدات أعمال عنف، أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص، وإصابة آخرين، وإلحاق أضرار بالمحال والسيارات. وانتقدت منظمات حقوقية «النهج الأمني الصارم»، الذي تعاملت به السلطات مع المتظاهرين، غير أن النيابة العامة أكدت أن تدخلات قوات الأمن تمت وفقاً للقانون.
وأثارت موجة الاعتقالات قلق الجماعات الحقوقية، وأصبحت شعاراً إضافياً للمحتجين، الذين رفعوا في مظاهرات لاحقة لافتات تطالب بالإفراج عن المعتقلين. ونددت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بهذه الاعتقالات، ووصفتها بأنها عشوائية، بينما طالب حراك «جيل زد 212» بالإفراج عن جميع الموقوفين على خلفية الاحتجاجات.
والأسبوع الماضي، قال حقوقيون مغاربة إن الاعتقالات في صفوف محتجي حركة «جيل زد 212» شابتها انتهاكات، مشيرين إلى أن محاكماتهم كانت سياسية لم يتمتعوا فيها بالضمانات العادلة كافة.
وقال نشطاء من «الجمعية المغربية لحقوق الإنسان»، وهي أكبر جمعية حقوقية في البلاد، إن الاعتقالات «كانت عشوائية، وشملت في بعض المناطق أشخاصاً لم يكونوا مشاركين في الاحتجاجات، بل كانوا في مقاهٍ مجاورة».
وأضافوا في ندوة عُقدت بمقر الجمعية بالرباط أن المحاكمات «كانت سريعة، وأرغم عدد من المعتقلين على توقيع المحاضر تحت الضغط والترهيب».
وقالت الحقوقية خديجة الرياضي لوكالة «رويترز» للأنباء إن «الأحكام أيضاً كانت قاسية وصلت إلى 15 عاماً، وأحكام بالنفاذ».
وتحولت الاحتجاجات السلمية، التي قابلتها السلطات بالمنع في البداية، أعمال عنف ونهب وشغب في بعض المناطق؛ ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وجرح العشرات من المواطنين ورجال الأمن. وقالت السلطات الأمنية إن الأشخاص الثلاثة الذين لاقوا حتفهم كانوا يحاولون اقتحام مقر أمني في «القليعة» قرب أغادير، وحاولوا الاستيلاء على أسلحة منه.
وأضافت خديجة لـ«رويترز» بأن «هذا الأمر أيضاً شابته خروق؛ إذ لا يُعقل أن نستمع لرواية واحدة من طرف رئيسي في عملية العنف».




