تسعى مصر لجذب مزيد من الاستثمارات العالمية في قطاع الإلكترونيات بعدّها «ستكون داعماً لنمو الاقتصاد المصري وبما يسهم في تقليل الواردات من الأجهزة الإلكترونية».
وأكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال افتتاح أحد مصانع تصنيع الهواتف الذكية والإلكترونيات، الخميس، سعي حكومته لتكون صناعة الإلكترونيات، إحدى كبرى الدعائم لنمو الاقتصاد المصري، والمساهم الرئيسي في مضاعفة الصادرات المصرية وتقليل الواردات من الأجهزة الإلكترونية والكهربائية للسوق المحلية، وكذلك خلق آلاف من فرص العمل وجذب الاستثمارات الأجنبية والمشتركة من جميع أنحاء العالم، بما يتوافق مع أهداف المبادرة الرئاسية «مصر تصنع الإلكترونيات».
وتركز المبادرة الرئاسية التي انطلقت عام 2015 على مجالين رئيسيين، الأول مرتبط بتصميم وتصنيع الدوائر والأنظمة الإلكترونية ذات القيمة المضافة العالية مع تقديم خدمات الدعم الفني العالي الجودة، والثاني مرتبط بتصنيع الإلكترونيات ذات العمالة الكثيفة، وفق بيانات الحكومة المصرية.
وأشار مدبولي إلى أن المبادرة الرئاسية حققت حتى الآن نمواً ملحوظاً ونجاحات عديدة، ويتمثل ذلك في زيادة الصادرات وأعداد العاملين في مجال تصميم الإلكترونيات وتأسيس شركات محلية جديدة، وإنشاء فروع لشركات عالمية رائدة، وإنشاء مصانع لأول مرة داخل مصر في مجالات تصنيع الجوال، والحاسب اللوحي وكابلات الفايبر.
والمصنع الذي افتتحه مدبولي، الخميس، يأتي «ضمن خطة استثمارية بقيمة 50 مليون دولار للشركة» (الدولار يساوي 47.5 جنيه في البنوك المصرية)، وما يوفره من 2000 فرصة عمل وفق وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري، عمرو طلعت، الذي أكد «تبني السياسات اللازمة وتوفير التسهيلات لتشجيع الشركات العالمية على التوسع في الإنتاج لتلبية متطلبات السوق المحلية والتصدير للخارج».
وأوضح أن «وزارته نجحت في جذب 15 علامة تجارية لتصنيع الجوالات في مصر وملحقاتها، بسعة قصوى تصل إلى نحو 20 مليون وحدة سنوياً، باستثمارات إجمالية تبلغ نحو 200 مليون دولار».
وتستهدف الحكومة المصرية الوصول بالصادرات لنحو 140 مليار دولار على الأقل بحلول 2030، في وقت سجلت الصادرات غير البترولية من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر (أيلول) الماضي ارتفاعاً من 30.36 مليار دولار إلى 36.639 مليار دولار، وفق أحدث تقرير صادر عن «الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات» الشهر الحالي.

عضو «لجنة الصناعة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، إيفيلين متى، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «توافر الأيدي العاملة المدربة والبنية التحتية، سيسهم في تحقيق مستهدفات الحكومة بالتوسع في استثمارات قطاع الإلكترونيات». وأضافت أن الحكومة نفذت استثمارات ضخمة في البنية التحتية تجعل المناطق الصناعية المختلفة مؤهلة بشكل واضح لاستقبال الاستثمارات العالمية من دون عوائق تذكر، لافتة إلى أن «التواصل مع الشركات العالمية بدأ يؤتي ثماره في الفترة الأخيرة بشكل مكثف».
ونفذت مصر استثمارات بأكثر من 500 مليار دولار خلال العقد الماضي، وفق تصريحات وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري، حسن الخطيب، خلال القمة المصرية - الأوروبية التي عقدت في بروكسل، الأربعاء، مؤكداً أن «هذه الاستثمارات جاءت بالتزامن مع إصلاحات هيكلية جرى تنفيذها بهدف استعادة ثقة المستثمرين».
لكن عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع»، محمد أنيس، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «محاولة جذب استثمارات في قطاع الإلكترونيات، أمر ليس بجديد، وحاولت الحكومة تشجيع القطاع الخاص على الوجود فيه بشكل قوي قبل نحو 3 عقود، ومن ثمّ يتوجب أن يكون هناك بحث عن أسباب المشكلات التي جعلت المشروع يتوقف قبل أن يعاد إحياؤه بشكل كامل».
وأضاف أن مصر بحاجة إلى ضخ استثمارات كبيرة في التعليم الفني من أجل توفير الأيدي العاملة المدربة من فنيين ومهندسين، بالإضافة إلى التوسع في استيراد المعادن النادرة من الدول الأفريقية التي تدخل في صناعة قطاع الإلكترونيات وحتى تكون جزءاً من سلاسل التوريد العالمية.
رأي يدعمه الخبير الاقتصادي المصري، كريم العمدة، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أهمية تطوير مخرجات التعليم الفني لتتواكب مع مستهدفات توطين الصناعات الإلكترونية مع عدم الاكتفاء بأن تكون المصانع مجرد تجميع للأجهزة؛ لكن أيضاً يتوجب أن يكون لديها قدرة على تصنيع الرقائق ووحدات تطوير وأبحاث، مع القدرة على توفير الاحتياج المحلي وبما يسمح بأن تكون أسعار المنتجات المحلية أقل من المنتجات التي تصنع في الخارج.










