البعثة الأممية تشدد مجدداً على ضرورة «تشكيل حكومة ليبية موحدة»https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5198086-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B9%D8%AB%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B4%D8%AF%D8%AF-%D9%85%D8%AC%D8%AF%D8%AF%D8%A7%D9%8B-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B6%D8%B1%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84-%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%88%D8%AD%D8%AF%D8%A9
البعثة الأممية تشدد مجدداً على ضرورة «تشكيل حكومة ليبية موحدة»
تحدثت عن خطة لحمايتها من نفوذ الميليشيات المسلحة
مبعوثة الأمم المتحدة في ليبيا هانا تيتيه خلال إلقائها إحاطة أمام مجلس الأمن أغسطس الماضي (البعثة الأممية)
القاهرة :«الشرق الأوسط»
TT
القاهرة :«الشرق الأوسط»
TT
البعثة الأممية تشدد مجدداً على ضرورة «تشكيل حكومة ليبية موحدة»
مبعوثة الأمم المتحدة في ليبيا هانا تيتيه خلال إلقائها إحاطة أمام مجلس الأمن أغسطس الماضي (البعثة الأممية)
شدّدت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، الخميس، على استعدادها لتيسير التوصل إلى تشكيل حكومة ليبية موحدة ذات ولاية محددة، تشرف على الانتخابات المقبلة، عادة أن هذا الشرط يمثل «أولوية لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية شاملة وشفافة». كما كشفت عن خطة تهدف إلى حماية هذه الحكومة من نفوذ الميليشيات المسلحة.
وأوضحت البعثة في إجابات عن أسئلة نشرتها عبر موقعها الإلكتروني، الخميس، أن حماية الحكومة الجديدة من تأثير التشكيلات المسلحة «تمثل هدفاً محورياً في خريطة الطريق الأممية»، مؤكدة أن الجهود «ستتركز على وضع ترتيبات أمنية، تضمن بيئة آمنة لإجراء الانتخابات، بالتنسيق مع مؤسسات الدولة والشركاء الدوليين، وبما يكفل حماية الحكومة المقبلة من أي تدخل غير مشروع».
من جلسة مجلس الأمن حول الأزمة السياسية في ليبيا (المجلس)
وأبرزت بعثة الأمم المتحدة أنها «ستواصل التواصل المباشر مع التشكيلات المسلحة الرئيسية، والمؤسسات الأمنية، والقيادات السياسية، لحثها على الامتناع عن استخدام القوة، أو التلويح بها للتأثير على العملية السياسية، والشروع في إصلاحات شاملة لقطاع الأمن»، مشيرة إلى أن «الحوار المهيكل، المقرر إطلاقه الشهر المقبل، سيعالج الأسباب التي أدت إلى ترسيخ سطوة التشكيلات المسلحة، مثل انقسام المؤسسات الأمنية، وضعف آليات الرقابة والتنسيق، إضافة إلى نقص البدائل الاقتصادية للشباب».
وبحسب رؤية البعثة، فإن الهدف «يتمثل في بناء توافق وطني، وإيجاد حلول واقعية من خلال الحوار، بما يسهم في إضعاف نفوذ الأطراف، التي تعمل خارج إطار العملية السياسية»، مشددة على استعدادها لـ«مساعدة القادة الليبيين على التوصل إلى اتفاق عادل وشامل، بشأن تشكيل حكومة موحدة ذات ولاية محددة تخدم جميع الليبيين، وتسترشد بالمبادئ الدولية للحكم الرشيد».
وتتضمن «خريطة الطريق الأممية»، التي أطلقتها المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة إلى ليبيا، هانا تيتيه، في أغسطس (آب) الماضي، حزمة متكاملة من الإجراءات، تبدأ بإقرار التعديلات التشريعية، وتشكيل حكومة موحدة، وصولاً إلى تنظيم الانتخابات، بالتوازي مع حوار وطني شامل لمعالجة الملفات الخلافية الأمنية والاقتصادية والانتخابية.
تتضمن «خريطة الطريق الأممية» تشكيل حكومة موحدة وصولاً إلى تنظيم الانتخابات (مفوضية الانتخابات)
وأبدت البعثة الأممية في معرض إجابتها عن الأسئلة حماساً لتشكيل حكومة موحدة، مؤكدة أن «غالبية الليبيين، وفقاً لاستطلاعات ومشاورات البعثة، يتفقون على ضرورة وجود حكومة واحدة قبل إجراء الانتخابات، نظراً إلى أن الانقسامات الحالية تؤثر على الحياة اليومية للمواطنين، وعلى إدارة موارد الدولة».
ولفتت البعثة إلى أن «قرار مجلس الأمن، الصادر عام 2024، يؤكد أهمية تشكيل حكومة ليبية موحدة، قادرة على ممارسة سلطاتها في جميع أنحاء البلاد، وتمثيل الشعب الليبي بأكمله»، مذكّرة بأن «القوانين الانتخابية المعتمدة تنص على ضرورة وجود حكومة واحدة».
وكانت المبعوثة الأممية قد شددت في إحاطتها أمام مجلس الأمن، الثلاثاء الماضي، على أن «ليبيا لا يمكنها تحمّل مزيد من التأخير أو التعطيل في استكمال خريطة الطريق»، داعيةً جميع القادة الليبيين إلى «الانخراط البنّاء في الجهود، الرامية إلى تنفيذ الخطوات الأولى من الخريطة، بما يمهّد لإجراء الانتخابات».
ويُنظر إلى هذا الحراك الأممي على أنه محاولة جديدة من المجتمع الدولي لكسر حالة الانقسام، المستمرة منذ أكثر من عقد، بعد سلسلة من المبادرات غير المكتملة لمحاولات سابقة، قادها مبعوثون أمميون سابقون.
وتتنازع السلطة في ليبيا حالياً حكومتان: الأولى في غرب البلاد، وهي حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية في الشرق برئاسة أسامة حماد، المدعومة من «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر، وتسيطر على الشرق وأجزاء واسعة من الجنوب.
وافق المحقق العدلي في قضية خطف وإخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه القاضي زاهر حمادة على تخفيض الكفالة المالية من 11 مليون دولار إلى 900 ألف دولار أميركي.
أكد وزراء خارجية الجزائر ومصر وتونس على دعم دولهم «للجهود التي تقودها الأمم المتحدة للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة للأزمة في ليبيا يقودها الليبيون بأنفسهم».
جمال جوهر (القاهرة)
المحبوب عبد السلام: الترابي اعتبر كارلوس هدية مسمومة من الأردنhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5206434-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%A8%D9%88%D8%A8-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D8%A8%D8%B1-%D9%83%D8%A7%D8%B1%D9%84%D9%88%D8%B3-%D9%87%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B3%D9%85%D9%88%D9%85%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%86
المحبوب عبد السلام: الترابي اعتبر كارلوس هدية مسمومة من الأردن
كارلوس بهيئتين كما بدا في نشرات الإنتربول (أ.ف.ب)
إلى متجر التحف في الخرطوم دخل رجل غريب وجذاب. لم يخطر في بال السيدة صاحبة المكان أن القدر رتب لها موعداً كبيراً. لاحظ الزائر صورة عسكري رفيع على الجدار فأوضحت السيدة أنها أرملته. وأشارت إلى أنه لو عاش لكان رئيساً للسودان.
كانت زينب مصطفى تتحدث عن زوجها الراحل الهادي المأمون المرضي الذي أسس التنظيم الإسلامي في الجيش وعُيّن وزيراً للأشغال بعد انقلاب «الإنقاذ» في 30 يونيو (حزيران) 1989 لكن المرض لم يمهله كثيراً.
لم تكن زينب تعرف خطورة الزائر. وأن أجهزة المخابرات الدولية تبحث عنه. وأن أجهزة فرنسا تبحث عن فرصة لاعتقاله أو القضاء عليه لأنه قتل في 1975 اثنين من رجال الأمن فيها ونجح في الفرار. انعقد خيط الود بين الزائر والسيدة. قال لها ذات زيارة إنه سياسي مهم ويريد اللقاء بالرئيس عمر البشير أو الدكتور حسن الترابي. وأعطاها كتاباً لديفيد يالوب عنوانه «حتى نهاية العالم» وطلب منها إرساله إلى مكتب الترابي.
صورة التقطت لكارلوس في السودان عام 1994 ووزعتها الداخلية الفرنسية خلال المحاكمة (أ.ف.ب)
ذهبت زينب وقابلت الدكتور المحبوب عبد السلام، مدير مكتب الترابي، ونقلت إليه الطلب. وضع المحبوب الكتاب بين يدي الترابي الذي سأله هل يالوب هنا، فكان رده: لا، الموجود هنا هو كارلوس. وكان للخبر وقعه بالتأكيد. كارلوس هو الاسم الشهير للفنزويلي إيليتش راميريز سانشيز. إنه الرجل الذي أطلقه مهندس خطف الطائرات القيادي الفلسطيني الدكتور وديع حداد لينفذ عملية خطف وزراء «أوبك» في فيينا في 1975 تنفيذاً لأوامر حداد وانسجاماً مع رغبة معمر القذافي.
لهذا السبب يعرف المحبوب قصة كارلوس من الألف إلى الياء خصوصاً أنه تولى عملية الترجمة في المحادثات المعقدة بين المخابرات الفرنسية والمخابرات السودانية، التي انتهت بتسليم كارلوس في 15 أغسطس (آب) 1994 إلى فرنسا، حيث يهرم الآن في أحد سجونها.
شاهد المحبوب كارلوس في المستشفى وشاهده وهم يصعدون به إلى الطائرة الفرنسية التي استيقظ متأخراً على متنها، بفعل جرعة المهدئات التي أعطيت له، فاكتشف أن قصته أدركت فصلها الأخير.
خدع الأمن السوداني كارلوس ونقله من المستشفى إلى «مكان آمن» بذريعة وجود محاولة لاستهدافه ثم انقض الحراس عليه وسلموه للفرنسيين الذين أصعدوه إلى الطائرة.
في الثمانينات طاف كارلوس في عواصم أوروبا الشرقية. اكتشفت أجهزة الأمن صعوبة ضبط هذا الرجل المولع بحياة الليل مع كل ما يمكن أن يرافقها من شراب ومغامرات وتهورات. ومع سقوط الاتحاد السوفياتي لم تعد تلك الملاجئ متاحة. ولم يكن الذهاب إلى بغداد مغرياً فقد كان العراق محاصراً. استخدم نظام حافظ الأسد كارلوس في عمليات في فرنسا ولبنان، لكنه طلب منه لاحقاً المغادرة في سياق جهود تحسين الصورة مع الغرب. العقيد معمر القذافي فضل في النهاية صداقة صبري البنا «أبو نضال» على صداقة كارلوس المتعب والمحرج. الأردن أيضاً تعب من الضيف الثقيل وطالبه بالمغادرة فكانت الرحلة السودانية.
علمتني متابعتي لملف كارلوس درساً في الصبر. على مدى عقدين كان ملف هذا الرجل الشائك مفتوحاً على طاولة ضابط المخابرات الفرنسي فيليب روندو الذي سافر إلى بلدان كثيرة للاقتراب منه ونقله إلى السجن الفرنسي. كان كارلوس يمارس الرياضة في مسبح «الفندق الكبير» في الخرطوم. لم يخطر بباله أن سائحاً مزيفاً يسترق النظر إليه ويلتقط له صوراً واسم «السائح» فيليب روندو.
رئيس تحرير «الشرق الأوسط» خلال مقابلة مع الترابي (الشرق الأوسط)
شاءت المهنة أن أحاور الترابي وكارلوس. قال الأول إن كارلوس «جاءنا من بلاد قريبة من بلادكم» وكان يقصد الأردن. وقال الثاني إن الترابي والبشير باعاه في صفقة مع فرنسا. ضاعفت أجوبتهما أسئلتي، وها أنا أحملها بعد سنوات إلى السياسي والباحث الدكتور المحبوب عبد السلام.
* ما قصة الفنزويلي كارلوس مع السودان، وأنت تعرفها من الألف إلى الياء؟
- أعرفها بحكم أنني كنت المترجم بين جهاز الأمن السوداني وجهاز الأمن الفرنسي. فرنسا هي الدولة الوحيدة التي يحق لها بحكم قرار الإنتربول أن تتسلم كارلوس. هو جاء إلى السودان في عام 1993 من الأردن، ودخل المطار بصفته مواطناً عربياً بجواز سفر يمني جنوبي وأمضى عاماً في السودان.
* دخل تحت اسم عبد الله بركات أو شيء من هذا القبيل؟
- نعم، بالضبط. أنا كنت أقول لفيليب روندو أن هذا الجواز مزور، وكان يقول لي ليس مزوراً، ويقصد أنه صدر فعلاً من وزارة الخارجية اليمنية. وأنا كنت أقصد أن ليس هذا اسمه الفعلي. السودان اكتشف كارلوس بعد وجوده في أراضيه. كان، كما وصف الترابي، هدية مسمومة من الأردن في ذلك الوقت، وقضينا تقريباً عاماً نتحدث إليه أن يخرج من السودان.
* هل التقيت كارلوس؟
- في اللحظة الأخيرة. في اللحظتين الأخيرتين، عندما كان في المستشفى وعندما سُلِم إلى الأمن الفرنسي في المطار.
* جاء كارلوس إلى الخرطوم. هل يعقل أن أجهزة الأمن السودانية احتاجت إلى كل هذا الوقت لتكتشف أن هذا الرجل هو خاطف وزراء «أوبك» في فيينا؟ هذه رواية يصعب تصديقها؟
- طبعاً، بالنسبة للأمن الأردني أو بالنسبة للأمن الليبي أو السوري فهذا أمن عريق له عشرات السنوات ويحفظ الملفات، ولكن بالنسبة إلى الأمن السوداني فنحن لسنا متاخمين لفلسطين، لسنا من دول المواجهة، وبالتالي معرفتنا بأبطال وموضوعات هذه القضية ليست بهذه الدقة. وكارلوس لم يكن مذكوراً عندنا، ولم يكن عندنا وزير بترول اختطف.
* كان كارلوس يذهب إلى النادي الأرمني في الخرطوم؟
- نعم.
* متى عرف الترابي بوجود هذه الهدية المسمومة التي اسمها كارلوس؟
- ربما في فترة مبكرة، بعد أشهر من وصوله. هو حاول أن يأتي إلى مكتبنا ويطلب مقابلة الترابي.
* طلب كارلوس مقابلة الترابي؟
- لكن لم يكن الحرس في الاستقبال يعلمون أنه كارلوس.
* جاء إلى المكتب؟
- جاء إلى المكتب وطلب أن يلتقي الترابي. لكن لم يكن أحد يعلم من هو إلى أن أخطرت الأجهزة الأمنية الترابي بأن الموجود عندنا هو فلان.
* لم يلتقه؟
- لم يلتقه قَطّ. هو كان ملفاً أمنياً محضاً. أي أنه يختلف عن ملف أسامة بن لادن الذي كانت معه علاقات اقتصادية وإسلامية.
* هل التقى كارلوس بن لادن في الخرطوم؟
- هذه المسألة لا أعلمها. لا أعلمها.
* كارلوس قال لي إنه عبر الشارع وكان أسامة بن لادن يعبر من الجهة الأخرى، وتبادلا تحية من بعيد.
- ربما، لا أعلم. لا أعلم.
* أجريت حواراً مع كارلوس فقال لي: باعني الترابي والبشير، هل صحيح؟
- ربما تقديره لحالة السودان يختلف عن فهم السودانيين لوضعهم. هو عندما التقى بالطبيب الذي كان يشرف على علاجه، أخبره بأنه سياسي كبير، أنه بمستوى الترابي والبشير، وعندما التقى زوجته السودانية أخبرها أنه يريد أن يلتقي البشير أو الترابي.
كان يظن أن هذا النظام إسلامي مثل النظام الإيراني ومعادٍ للغرب وسيقبله وسيستفيد من خبراته، كما ذكر هو أن عنده خبرات يمكن الاستفادة منها. لكن النظام في السودان لم يكن في تلك الحالة، أن يواجه الإقليم والعالم في مثل هذه المسألة. وهو ما دفع سوريا لتتخلص وليبيا أيضاً.
* قدم نفسه مسلماً؟
- أعتقد ذلك.
* وحاول بيع خبراته أو وضع خبرته في تصرف نظام البشير؟
- نعم.
* لم يلتقه الترابي، تستطيع أنت أن تجزم؟
- أجزم، أنه لم يلتق الترابي.
* عقد ذات يوم لقاء لحركات إسلامية، هل كان الأمين العام لمنظمة «ذو الفقار» الباكستانية مرتضى بوتو من الذين يذهبون إلى السودان؟
- مرتضى بوتو. هذا الاسم تحديداً لم يأت. تقصد ربما الدورة الأولى للمؤتمر التي حصلت بعد حرب الخليج، وهناك دورة ثانية حصلت بعد عامين من ذلك اللقاء الأول، كما وصفته الصحف الغربية بأن «كل الإرهابيين في العالم الآن في الخرطوم».
الترابي خلال مؤتمر الحركات الإسلامية في الخرطوم عام 1991 (أ.ف.ب)
* من كان مشاركاً في هذا اللقاء؟
- مثلاً كان هنالك ياسر عرفات ونايف حواتمة وراشد الغنوشي والمفتي العراقي وقادة إسلاميون وكل العالم الإسلامي الشعبي كان موجوداً في تلك اللحظة.
* كارلوس قال لي، بالمراسلة بيننا، إن أول من اقترح مهاجمة برج في أميركا هو مرتضى بوتو في لقاء للحركات القومية والإسلامية؟
- طبعاً كان هناك لقاء عام، أمام أجهزة الإعلام، في جلسات رسمية في قاعة الصداقة أكبر قاعة رسمية عندنا. ثم هناك لقاءات كثيرة، مثلاً، أنا شهدت لقاء بين (زعيم «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة في الجزائر) أنور هدام والمخابرات الفرنسية. آنذاك كان الترابي يتوسط بين حركة «الإنقاذ» الجزائرية والسلطة الجزائرية ولكن بدعم فرنسي.
* لنرجع إلى كارلوس. ربطتك علاقة جيدة بالجنرال فيليب روندو أحد أبرز ضباط المخابرات الفرنسية... ماذا تقول عنه؟
- شخصية استثنائية. ولد في تونس، كما كان يحكي لي وكما قرأت بعد ذلك. هو من أصحاب الأقدام السوداء (المستوطنون الفرنسيون في شمال أفريقيا)، وكان يأتينا أحياناً في رمضان ويصوم رمضان كله ولا يأكل إلا بعد الإفطار مثل المسلمين تماماً. وحدثني أنه قضى 30 عاماً يقوم بمهام خاصة، وتولى منصب مدير العمليات في السنوات الثلاث الأخيرة من العام الذي جاء فيه إلينا، ووجدته في افتتاح مسجد ليون في فرنسا.
ضابط الاستخبارات الفرنسي فيليب روندو تولى ملف كارلوس وتسلمه من السودان (أ.ف.ب)
هو عنده دكتوراه في علم الاجتماع، وكذلك والده عالم اجتماع كبير وذو صلة وثيقة جداً بالعالم الإسلامي والعالم العربي على وجه الخصوص. وعنده علاقات خاصة بالمخابرات العربية كلها ويصفها وصفاً دقيقاً.
يصف المخابرات العراقية ويقول إنها تنطلق من أفكار، ويصف المخابرات الجزائرية بأنها لا تستطيع أن ترى إلا ما تريد أن تراه، ويصف المخابرات المصرية وله معرفة عميقة جداً.
* ماذا قال عن المخابرات العراقية تحديداً؟
- قال إنهم ينطلقون من آيديولوجيا ويشبهونكم.
* والسورية؟
- السورية لا أذكر أنه قال عنها شيئاً.
* والجزائرية؟
- قال إن مشكلتها أنها لا تحب أن ترى إلا ما تراه، أي لا ترى الواقع بالعين الموضوعية. تراه بعين ذاتية.
* أمضى فيلب روندو، كما قرأت في مذكراته، 20 عاماً يطارد كارلوس، وتيسر له أن يراه في أماكن أعتقد بينها الجزائر ومالطا. لكن تعذر عليه لأسباب قانونية أن يقترب منه أو أن يحاول اعتقاله، متى بدأت عملية تسليم كارلوس للفرنسيين؟
- بدأت بعد نحو 4 أشهر من وجوده في السودان. هو جاء في 12 أغسطس (آب) 1993 وربما في أكتوبر (تشرين الأول)، جاءنا فيليب روندو إلى الخرطوم بعد زيارة قام بها الدكتور نافع علي نافع، مدير جهاز المخابرات السوداني إلى فرنسا. منذ الشهر الرابع بدأت المفاوضات لتسليمه، لكن استمرت طويلاً.
* منذ اللحظة الأولى استفادوا من خبراتك بالفرنسية وكنت المترجم؟
- طبعاً لأن الموضوع حساس جداً. هناك مترجمون يعرفون الفرنسية في جهاز الأمن، وفي رئاسة الجمهورية لكنهم اختاروني لإبقاء الامر في حلقة ضيقة.
* تحتاج العملية إلى شخص موثوق يؤتمن على السر؟
- طبعاً.
* كان الترابي يرافق هذه العملية؟
- كان الملف كما ذكرت لك ملفاً أمنياً، ربما أنه استشير في لحظة التسليم، وأفتى فتوى قانونية وقال ما دمتم موقعين على اتفاق «الإنتربول»، فيبنغي أن تلتزموا بعهودكم ومواثيقكم وتقوموا بتسليمه.
* هناك لقاء عقد مع شارل باسكوا الذي كان وزيراً للداخلية الفرنسية؟
- اللقاء كان الهدف منه أن يُعاد كارلوس إلى الأردن.
* نريد تفاصيل هذه المسألة؟
- عندما استعصى علينا إيجاد طريقة يخرج بها كارلوس من السودان، والسودان كان محاصراً ومستهدفاً دولياً، فكان أنسب شيء أن يعود إلى المكان الذي جاء منه. عندئذ تدخل شارل باسكوا، وزير الداخلية الفرنسي، وتحدث إلى قمة هرم السلطة في الأردن، ولكنهم اعتذروا عن عدم قبوله.
* طلب باسكوا من الأردن استعادة كارلوس؟
- نعم، لأن السودان كان في خناق، ويريد أن يفك الخناق.
* رفضوا؟
- نعم.
* ماذا حدث بعد ذلك؟ صار اللقاء بين الترابي وباسكوا؟
- لا، الوساطة كان يقوم بها فيليب روندو الذي كان ينقل ما حدث إلى السودان الذي طلب أن يعود إلى حيث أتى. لا نحتمل هذه الهدية المسمومة أكثر من ذلك.
* كارلوس صندوق أسود مشارك في عمليات كثيرة ويعرف أشياء كثيرة. هل قامت المخابرات السودانية باستجوابه؟ هل أخذت منه المعلومات؟ هل حصلت على أشياء؟
- أظن أنه كان على وعي تام بأن الموضة التي كانت في السبعينات والعمليات التي كان يقوم بها والمحيط الذي يتحرك فيه والمعلومات التي يمتلكها قد تجاوزها الزمان. كان الهم كله متجهاً إلى أن يخرج من السودان.
كارلوس بهيئتين كما بدا في نشرات الإنتربول (أ.ف.ب)
* هل كان الضيف الأصعب؟
- إلى حد كبير. كان هناك ضيوف مسألتهم صعبة لكن لم يكن العالم مهتماً بهم كما هو مهتم بكارلوس، أو تطلبه دولة عظمى كبرى مثل فرنسا.
* متى ظهر أن عملية التسليم ممكنة؟
- عندما استعصى تماماً خروجه. قُدمت له عروض عدة، أن يذهب إلى أوغندا أو كينيا أو أوروبا الشرقية. كان يقول إن هناك خطراً إذا ذهب بالسفينة أو بالطائرة لأنه لا يمكن أن يصل، مثلاً، إلى إيران أو الاتحاد السوفياتي، روسيا أو إحدى دول أوروبا الشرقية، من دون أن يمر بمكان فيه خطر شديد عليه.
* هو كان يقترح؟
- كان هذا عملاً مشتركاً بينه وبين الأمن السوداني. ينظرون في خطوط الطيران والخطوط البحرية، وكان دائماً يثير الإشكال ما الذي سيقع إذا اتخذ هذا الخط أو ذاك.
* كان يؤجل ويناور؟
- كان يخاف.
* هل تزوج في السودان؟
- نعم ربما. هناك سيدة سودانية، ربما تزوجها.
* هل وصل إليه الأمن السوداني عبر وسيلة ما؟
- لا، لا أعتقد أنه كانت هناك خطة للوصول إليه. هو قدم نفسه مباشرة وبسرعة، بأنه فلان ويريد أن يتعاون. وعن طريق السيدة نفسها.
* بدأت مفاوضات لعملية نقل كارلوس من السودان إلى فرنسا. ماذا قال فيليب روندو؟ من أعد الخطة، ما مساهمة الأمن السوداني في ذلك؟
- بمجرد أن أبدى السودان استعداده لتسليم كارلوس إلى فرنسا، وفق الفتوى القانونية التي ذكرتها لك، بدأت عملية الإعداد من قبل المخابرات الفرنسية أنهم سيصلون إلى الخرطوم في الواحدة صباحاً، وسيقوم جهاز «الإنتربول» الفرنسي بمقابلة جهاز «الإنتربول» السوداني وسيتم التوقيع على التسلم من قبل الأمن الفرنسي وسيصعد إلى طائرة خاصة، وطلبوا من السودان ألا يعلن الخبر إلا بعد 6 ساعات تكون الطائرة خلالها دخلت الأجواء الفرنسية.
* حسبما أعرف، نُقل إلى مستشفى؟ كان يعالج في مستشفى؟
- هي قصة طريفة. هو كان يعاني من مرض الدوالي، فأجريت له عملية. وكما وصفها مدير المستشفى، بأنها عملية ثانوية لكنها تحتاج إلى إشراف. لم يكن يعلم من هو المريض.
كان في مستشفى ابن خلدون في منطقة العمارات في السودان، ولحسن الحظ كان مدير العمليات في الجهاز السوداني هو الدكتور مطرف صدّيق، وكان طبيباً وكان يعمل في سنة الامتياز الأولى مع الطبيب نفسه، مدير المستشفى. هناك معرفة (بينهما)، فأخبره أنهم يريدون أن ينقلوه إلى مكان، لأن هذا شخص خطر على المستشفى، وإسرائيلي، ومصاب بالايدز.
كانت حيلة فقط لإقناعه فوافق على الفور أن ينقل، وذكر أنها عملية ثانوية لكن تعلم أنها تحتاج إلى طبيب يشرف عليها حتى تسليمه، فنقل. في اليوم الذي دخل فيه المستشفى لم يكن مدير الجهاز يعلم ولا مدير العمليات الذي يتابع الحالة، يعلم على وجه الدقة أين هو كارلوس. فللمرة الأولى لم يكن موجوداً في بيته لأنه لا يخرج بعد الساعة 11.
* ليلاً؟
- لا صباحاً. ولكن في ذلك اليوم خرج الثامنة. غير موجود فحدث قلق. لكن في الساعة الثانية اكتشفوا أنه موجود في مستشفى ابن خلدون وأجريت له هذه العملية.
* هل تم تخديره؟
- يقال إنه تم تخديره حتى يتم تسليمه، ولكن تعلم أن هذه مسألة حساسة في القانون الفرنسي تبطل الإجراءات كلها.
* أين كنت في هذا النهار؟
- أنا كنت ذلك اليوم في مكتب الدكتور نافع علي نافع، مدير جهاز الأمن وساد جو من التوتر. (كنا نتساءل) أين اختفى.
* لاحقاً عُثر عليه؟
- نعم. فحصل ارتياح.
كارلوس أمام محكمة فرنسية في 2009 (أ.ف.ب)
* لكن قمت بالترجمة قبل عملية نقله؟
- بين الشرطتين، شرطة «الإنتربول» السودانية، وشرطة «الإنتربول» الفرنسية.
* هل شاهدت كارلوس؟
- وهو ينقل إلى الطائرة.
* شاهدته وهو ينقل؟
- نعم.
* وانتهت بذلك قصة كارلوس. هل تقاضى السودان شيئاً في مقابل موافقته على تسليم كارلوس؟ هل ساعدته فرنسا؟
- أظن ساعدته في بعض التدريب على بعض الأجهزة الحديثة، أجهزة التصوير الليلي، ربما التسجيل والتصوير. في هذا المجال ربما ساعدت فرنسا أجهزة الأمن السوداني عبر تدريب بعض ضباطه.
* في مذكرات روندو ذكر أن كارلوس استيقظ في الطائرة؟
- قال إنه عندما استيقظ سمع أصواتاً تتحدث الفرنسية.
* هناك زائر آخر اسمه أسامة بن لادن. هل شكل وجوده إحراجاً كبيراً للسودان؟
- في السنوات الأولى من وجوده كان يظهر بصفته مستثمراً في بعض الطرق، في المطار بشرق السودان، ولكن بعد فشل محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك في 1995، أصبحت السياسة مختلفة، أنه ينبغي الإذعان التام لمتطلبات المجتمع الدولي والإقليمي. ففي هذا الإطار كان واحداً من الهموم التي ينبغي التخلص منها.
* من كان مع الإذعان التام من القيادة: البشير أو مساعدوه؟
- كان الإذعان من الشيخ علي عثمان محمد طه، لأنه هو المتورط الأكبر في مسألة مبارك، فكان يرى أن تنتقل السياسة هذه المرة من أي تحديات ومواجهات إلى إذعان تام.
* فكان لا بد من إخراج أسامة بن لادن؟
- لتمر العاصفة.
- هل اشتكى بن لادن من أسلوب التعامل معه بعد خروجه من السودان؟
- نعم، بعث بوسيط وتحدث إلى الشيخ الترابي، وكنت شاهداً على ذلك الحديث، أنه ترك أموالاً لم ترد إليه وأنه خرج وعندما خرج أخبر السلطات السودانية أنه سيخرج، «ولكن خروجي لن يحميكم من الغرب ولا من الإمبريالية وستظلون مستهدفين». فكان يحمل في نفسه شيئاً.
* هل شهدت لقاءات بين الترابي وأسامة بن لادن، فقد قال لي الترابي «كنت أحاوره في قضايا فقهية»؟
- أظن شهدت لقاءات، وهناك لقاء فقط كان مختصاً بالإغاثة. وهذا أول لقاء، قبل حرب الخليج. كان السودان تعرض لنكبة كبيرة عام 1988، أمطار وسيول. ثم فعلاً الترابي كان يعتقد أن هذا المنهج يكفر ويقسّم العالم إلى فسطاطين ويتخذ من العنف وسيلة وليس الحوار وليس تحديث الإسلام وتجديده، وكان يريد أن يدفعه في هذا الاتجاه (التجديدي) وهذا المعنى الفقهي الذي قصده.
* لكنه لم يوفق في دفعه في ذلك الاتجاه؟
- ربما الظروف التي حدثت فيما بعد زادت من تطرفه.
* تعرض لضغوط للمغادرة، هل كان يدرب أناساً من «القاعدة»؟
- كان عنده مزارع ومعسكرات وكان فيها عدد من أفراد «القاعدة» وكانوا أحياناً يخرجون، يركضون، لزوم التدريبات العسكرية، في الأحياء من حولهم. لكن كان نشاطاً محدوداً جداً.
* ذات يوم أوفد صدام حسين مسؤولاً في جهاز المخابرات لديه اسمه فاروق حجازي، وقال لي مسؤول في مخابرات صدام إن الترابي كان الوسيط من أجل ترتيب لقاء بين فاروق حجازي وأسامة بن لادن، وإن هذا اللقاء استخدم لاحقاً لتبرير الغزو الأميركي للعراق؟
- أظن هذا كان في فترة مبكرة جداً. مع أول وصول بن لادن بعد حرب الخليج مباشرة، عندما جاء إلى السودان في أول وصوله، وجاء هذا المبعوث العراقي ولم يكن حتى الأمن السوداني يعرف جيداً من هو، وأنا سمعت هذه القصة.
* أعدم لاحقاً لكن في قضية ثانية...
- هو جاء فعلاً إلى السودان، واستقبلته المخابرات السودانية وكان هذا فاتحة لعلاقات كبيرة بينها وبين الأمن العراقي، والتقى نائب الترابي الشيخ علي عثمان والتقى الترابي طبعاً بعد ذلك.
* هل التقى الرئيس البشير؟
- لا أدري، ولا أعتقد، لأن الرئيس البشير، في تلك السنوات، لم يكن آنذاك ضالعاً في هذه الملفات والعلاقات الإسلامية.
* فشل اللقاء أو نجح؟
- لا أعلم.
* لكن اللقاء عقد بوساطة من الترابي؟
- هذا شيء طبيعي طبعاً، إذا بعث صدام بشخص والتقى قيادة الدولة والتقى الترابي فأقرب شخص لبن لادن في ذلك الوقت هو الشيخ الترابي.
* وزار مسؤولو الأجهزة السودانية بغداد لاحقاً؟
- كما ذكرت لك فتحت العلاقات مع بغداد بعد ذلك.
* هل هذا كل شيء حول هذه المهمة؟
- في معرفتي. أنا لست رجلاً أمنياً، أنا كادر فكري وثقافي ولست رجلاً أمنياً.
* بماذا تشعر، نظام «الإنقاذ» سار في اتجاهات متعاكسة في مراحل، وتلاعب بالأخطار حين استقبل ضيوفاً من قماشة كارلوس وأسامة بن لادن ومصطفى حمزة وغيرهم. هل تعتقد أن السودان حالياً يدفع ثمن ما ارتكب في مراحل سابقة؟
- بالتأكيد، بالتأكيد. ليس فقط في العلاقات الخارجية حتى في العلاقات الداخلية. إنشاء الميليشيات التي أدت إلى هذه الحرب، هذا بعض من سياسات «الإنقاذ».
* أنت تعتقد أن «الإنقاذ» استوردت إلى السودان فكرة الميليشيات التي لم تكن موجودة بهذا الشكل المنظم؟
- كانت موجودة لكن ليس بهذا المعنى المنظم. الاستخبارات العسكرية دائماً لها «قوات صديقة»، من حربها في الجنوب، من القبائل الجنوبية، ولكن أن تكون هناك قوة موازية. الفكرة كانت أشبه بفكرة «الحرس الثوري الإيراني» في حالة «الدعم السريع». أنشئ له قانون خاص في مرحلة البشير، كان يجعله تحت إشراف القائد العام والقوات المسلحة ولكن بعد ذلك، بعدما أصبح قوة ضاربة تستطيع أن تواجه الجيش في مرحلة من المراحل سُن له قانون يحرره حتى من القائد العام وهذا كان سبباً مباشراً للحرب.
حقائق
رواية كارلوس عن «فخ» الترابي والبشير: وزير رافقني في رحلتي من عمّان
قبل سنوات سألت كارلوس المقيم في سجنه الفرنسي إن كان أخطأ في التوجه إلى السودان فأجاب: «من الواضح بحكم النتيجة التي أدى إليها أن هذا القرار كان خطأ... كانت هناك جهات متعددة يمكن اللجوء إليها من دون أي مخاطر لكنها جميعها كانت تشترط أن أبقى ساكناً».
سألته إن كان دخل السودان باسم عبد الله بركات ومن دون علم سلطاته كما سمعت من الترابي، فقال إن «السلطات السودانية كانت على علم بمجيئي. وزير الشؤون الخارجية السوداني كان معنا في الرحلة التي انطلقت من عمّان وكان على علم بالأمر».
ورداً على سؤال عما إذا كان رفض نصيحة سودانية بالمغادرة أجاب: «السلطات السودانية طلبت مني بالفعل مغادرة البلاد لأسباب أمنية وكان ذلك في ربيع 1994. أنا لم أرفض مغادرة السودان بل رفضت فقط التجاوب مع فخ أراد أن ينصبه لي الترابي والبشير وعلمت به بفضل المتعاطفين معي من داخل النظام في الخرطوم».
سألته عن ملامح ما يسميه «صفقة» أوقعته في أيدي الأمن الفرنسي، فقال إن «الولايات المتحدة الأميركية كانت بمثابة قائد الأوركسترا في الصفقة التي أشرفت على تنفيذها شخصيات خليجية. أما الفرنسيون فلم يتم إشراكهم إلا في المرحلة الأخيرة».
البشير أيّد تصفية منفذي محاولة اغتيال مبارك «لطمس الأدلة»https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5206407-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B4%D9%8A%D8%B1-%D8%A3%D9%8A%D9%91%D8%AF-%D8%AA%D8%B5%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%86%D9%81%D8%B0%D9%8A-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D8%BA%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D9%84-%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%83-%D9%84%D8%B7%D9%85%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D9%84%D8%A9
البشير أيّد تصفية منفذي محاولة اغتيال مبارك «لطمس الأدلة»
المحبوب عبد السلام خلال المقابلة (الشرق الأوسط)
يروي الدكتور المحبوب عبد السلام، أحد أبرز المقربين من منظر انقلاب 1989 الدكتور حسن الترابي، تفاصيل دقيقة عن مسار الحركة الإسلامية في السودان وتحولها من تنظيم دعوي إلى سلطة أمنية قابضة، مؤكداً أنها «لم تكن مؤهَّلة لحكم السودان».
ويكشف عبد السلام، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن العلاقة بين الترابي والرئيس عمر البشير بلغت نقطة الانفجار بعد محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995، حين تبيَّن أن العملية نُفِّذت من دون علم الرجلين، وأن نائب الترابي آنذاك علي عثمان طه، الذي أصبح نائب البشير لاحقاً، هو مَن خطط لها.
ويضيف أن اجتماعاً، عُقد عقب الحادثة في منزل طه، شهد صداماً عنيفاً حين اقترح الأخير تصفية مُنفِّذي العملية «لطمس الأدلة»، فرفض الترابي بشدة، وعدّ الأمر مخالفاً للشرع، بينما أيّده البشير في القرار، وهو ما عدّه عبد السلام بداية المفاصلة بين الشيخ والرئيس، لتلي ذلك الاجتماع تصفيات للمتورطين.
يؤكد عبد السلام أن الترابي كان صاحب الكلمة العليا في السنوات الأولى من حكم «الإنقاذ»، قبل أن ينقلب عليه البشير بعد «مذكرة العشرة» عام 1998 التي طالبت بتنحيه عن رئاسة الحركة. ويرى عبد السلام أن تجربة الإسلاميين في الحكم انتهت إلى «عداء مع المجتمع المدني»، إذ وقفت ضد الشباب والنساء والفن، معتبراً أن الثورة السودانية عام 2019 كانت تعبيراً عن رفض شامل لتلك الحقبة التي أدخلت البلاد في صراعات مزمنة.
مصر تدعو إلى هدنة إنسانية «شاملة» في السودانhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5206308-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AA%D8%AF%D8%B9%D9%88-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%87%D8%AF%D9%86%D8%A9-%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%B4%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس مجلس السيادة السوداني في القاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
القاهرة :«الشرق الأوسط»
TT
القاهرة :«الشرق الأوسط»
TT
مصر تدعو إلى هدنة إنسانية «شاملة» في السودان
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس مجلس السيادة السوداني في القاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
جددت مصر دعوتها إلى «ضرورة إقرار هدنة إنسانية شاملة في السودان، لضمان تدفق المساعدات الإنسانية». وشدد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، على «ضرورة فتح الممرات الإنسانية لتسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية»، وأدان في اتصال هاتفي مع نظيرته البريطانية، إيفيت كوبر، الجمعة، «الانتهاكات التي وقعت في مدينة الفاشر، (شمال دارفور)».
وأعلنت «قوات الدعم السريع» سيطرتها على مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، (غرب السودان)، آخر مقرات الجيش في الإقليم. واتهمت الحكومة السودانية، عناصر «الدعم السريع» بارتكاب جرائم بحق المدنيين في المدينة. كما أفادت الأمم المتحدة بـ«وقوع مجازر وعمليات اغتصاب ونهب ونزوح جماعي للسكان».
ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، الجمعة، تبادل عبد العاطي وكوبر «التقديرات إزاء تطورات الأوضاع في السودان»، وجدد التأكيد على موقف بلاده الثابت «الداعم لوحدة واستقرار السودان ومؤسساته الوطنية».
وأطلع وزير الخارجية المصري نظيرته البريطانية على جهود بلاده في إطار «الآلية الرباعية الدولية» الخاصة بدعم التهدئة والتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، وأشار إلى «ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية للتوصل إلى هدنة إنسانية مع ضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء السودان للتخفيف من معاناة الشعب السوداني»، حسب بيان «الخارجية المصرية».
نازحون فارّون من الفاشر بعد سقوطها في أيدي «قوات الدعم السريع» إلى بلدة طويلة القريبة (أ.ف.ب)
وتعمل «الآلية الرباعية» التي تضم «السعودية ومصر والإمارات والولايات المتحدة»، من أجل وقف إطلاق النار في السودان، وسبق وأن عقدت اجتماعاً على المستوى الوزاري بواشنطن، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكدت «ضرورة بذل كل الجهود لتسوية النزاع المسلح في السودان»، إلى جانب «الضغط على جميع الأطراف لحماية المدنيين والبنية التحتية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين».
وتعوّل مصر على جهود «الآلية الرباعية» لإقرار الهدنة الشاملة في السودان، وفق عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، وأشار إلى أن «القاهرة تستهدف وقف الحرب السودانية، وفق مراحل، تبدأ بهدنة ثلاثة أشهر، وأخرى لمدة تسعة أشهر».
وأوضح حليمة لـ«الشرق الأوسط» أن «رؤية (الآلية الرباعية) تستهدف وضع تسوية سياسية للأزمة السودانية خلال فترة الهدنة، تنتهي بعدها الحرب الداخلية في السودان»، وقال إن «مصر تسعى لحشد الجهود الدولية، للحفاظ على وحدة السودان واستقراره، والحد من الانتهاكات بحق المدنيين، خصوصاً في مناطق المواجهات المسلحة».
نازحتان في مدينة طويلة بولاية شمال دارفور بعد فرارها من الفاشر (أ.ف.ب)
وأدت الحرب الممتدة في السودان، على مدى عامين ونصف العام، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» إلى مقتل عشرات آلاف الأشخاص، وأدت إلى نزوح نحو 12 مليون شخص، وتسببت في أكبر أزمتَي نزوح وجوع في العالم، حسب الأمم المتحدة.
ورغم اقتراح «الآلية الرباعية» لهدنة شاملة في السودان، فإن عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» يرى «صعوبة في التزام طرفَي الحرب بها»، وقال إن «الجيش السوداني و(الدعم السريع) قد يعلنان الموافقة على وقف إطلاق النار، إلا أن هذا لا يعني الالتزام بالتنفيذ، في ضوء تمسك الطرفين بخيار المواجهة العسكرية حتى الآن».
ويتفق في ذلك، مدير وحدة العلاقات الدولية بـ«المركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية»، مكي المغربي، الذي أشار إلى أن «هناك صعوبات في القبول بهدنة وقف إطلاق النار، بسبب الموقف الشعبي الغاضب من أحداث الفاشر».
وباعتقاد المغربي فإن «الضغط على الجيش السوداني للقبول بهدنة، لن يكون مُجدياً بسبب مواقف قبائل وحركات دارفور الرافضة لهذا الخيار»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مسار التفاوض ممكن، لكن على أساس إنهاء التمرد وليس شرعنة (الميليشيا)».
وفي وقت سابق، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، خلال محادثات مشتركة في القاهرة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، «أهمية (الآلية الرباعية) بعدّها مظلة للسعي لتسوية الأزمة السودانية، ووقف الحرب بالسودان».