ليبيا: اتفاق بين «النواب» و«الدولة» على تسمية 4 مناصب سيادية

تكالة وخوري بحثا «خريطة الطريق» الأممية

تكالة خلال لقاء مع خوري في طرابلس الخميس (الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للدولة الليبي)
تكالة خلال لقاء مع خوري في طرابلس الخميس (الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للدولة الليبي)
TT

ليبيا: اتفاق بين «النواب» و«الدولة» على تسمية 4 مناصب سيادية

تكالة خلال لقاء مع خوري في طرابلس الخميس (الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للدولة الليبي)
تكالة خلال لقاء مع خوري في طرابلس الخميس (الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للدولة الليبي)

سجل ملف المناصب السيادية في ليبيا ما عد «انفراجة جديدة»، الخميس، بعد الإعلان عن اتفاق بين ممثلين عن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على تسمية أربعة مناصب سيادية رئيسية.

من اجتماع سابق لأعضاء المجلس الأعلى للدولة (المجلس)

وأفاد المهدي الأعور، أحد أعضاء اللجنتين وعضو مجلس النواب، بأن الاتفاق، الذي تداولته وسائل الإعلام الليبية والممهور بتوقيع رئيسي المجلسين عقيلة صالح ومحمد تكالة، ينص على أن «يتولى كل مجلس اختيار الأسماء وفق الجهات المسند إليها، على أن تُحال القائمة النهائية إلى مجلس النواب لاعتمادها رسمياً».

وبحسب وثائق رسمية اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، فإن الاتفاق يعطي الأولوية لتشكيل مجلس إدارة «المفوضية الوطنية العليا للانتخابات» من بين سبعة مرشحين، تماشياً مع متطلبات «خريطة الطريق» للحل السياسي المقترحة من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، مع البدء في اختيار شاغلي بقية المناصب السيادية، بما يشمل هيئة الرقابة الإدارية، وديوان المحاسبة، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.

وكانت أجواء من القلق قد هيمنت على المشهد الليبي بشأن حلحلة ملف المناصب السيادية، بعد إعلان المجلس الأعلى للدولة منتصف هذا الأسبوع قلقه إزاء حكم المحكمة الدستورية العليا، الذي يحصن قرارات مجلس النواب المتعلقة بتعيينات المشير خليفة حفتر، وترقيات ضباط «الجيش الوطني»، وعدها أعمالاً تشريعية لا تخضع للرقابة الإدارية.

في غضون ذلك، استعرض رئيس «الأعلى للدولة»، محمد تكالة، مع نائبة المبعوثة الأممية، ستيفاني خوري، الملاحظات الواردة في تقرير اللجنة التابعة للمجلس الخاصة بدراسة خريطة الطريق الأممية، التي أُقرت يوم الاثنين الماضي.

ستيفاني خوري (أ.ف.ب)

وسبق أن أطلقت المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، في أغسطس (آب) الماضي «خريطة طريق»، تقوم على ثلاث ركائز رئيسية: إعداد إطار انتخابي متماسك تقنياً وقابل للتنفيذ، وتشكيل حكومة تنفيذية موحدة تدمج مؤسسات الشرق والغرب، وإطلاق حوار مهيكل لمعالجة القضايا الخلافية الأمنية والاقتصادية والانتخابية.

ووفق الجدول الزمني المقترح، تتضمن المرحلة الأولى إعادة تشكيل مجلس المفوضية العليا للانتخابات، وإقرار التعديلات الدستورية والتشريعية خلال شهرين، تليها المرحلة الثانية، التي تشمل تشكيل حكومة موحدة جديدة لضمان انتقال سياسي سلس، واستقرار مؤسسات الدولة ومواصلة المسار الديمقراطي.

في سياق متصل، تمضي المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا قدماً لتجاوز العثرات، التي أعاقت استكمال الاستحقاق البلدي في شرق وجنوب ووسط البلاد نتيجة الانقسام السياسي.

وبحث عضو مجلس المفوضية، أبو بكر مردة، الخميس، استعدادات مكتب بنغازي لعقد الانتخابات في المنطقة الشرقية، مع التركيز على التوعية وبرامج تدريب اللجان، مؤكداً «أهمية تنسيق الجهود لضمان شفافية وانضباط العملية الانتخابية»، بحسب بيان المفوضية.

عماد السايح رئيس مفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

وكان رئيس المفوضية، عماد السايح، قد أعلن انطلاق الاقتراع يوم 18 أكتوبر (تشرين الأول) في 16 بلدية تأجلت بها الجولة الثانية، منها ثماني بلديات في المنطقة الشرقية، كما حُدد 20 أكتوبر موعداً لبدء انتخابات المجموعة الثالثة، مع السماح للمرشحين بالدعاية من 6 إلى 16 أكتوبر.

على صعيد آخر، سجل ملف الأرصدة الليبية المجمدة في الخارج تحركات جديدة، حيث أكدت لجنة برلمانية ليبية «ضرورة بقاء هذه الأصول وعوائدها محمية بالكامل، حتى قيام مؤسسات الدولة الدائمة وفق الدستور»، ضمن اجتماع في مقر البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة في نيويورك، مع المندوب الروسي ديميتري بوليانيسكي.

وأكد السفير الروسي، حسبما نقل عنه بيان مجلس النواب، «دعم بلاده للمقترحات الرامية لحماية الأموال الليبية، مع الالتزام بالتعاون الإيجابي مع المؤسسات الليبية».

كما عقدت اللجنة البرلمانية اجتماعاً أيضاً مع فريق خبراء مجلس الأمن الدولي المعني بليبيا، استعرضت فيه منظومة الأمم المتحدة الخاصة بالأرصدة الليبية المجمدة، وقدمت مقترحات عملية لمعالجة الإشكاليات ضمن منظومة العقوبات، بهدف تحقيق توازن بين الالتزامات الدولية وحقوق الدولة الليبية في حماية مواردها وأصولها، بحسب بيان مجلس النواب، الخميس.

أعضاء بلجنة برلمانية مختصة بمتابعة الأموال الليبية المجمدة خلال لقاء في نيويورك (الصفحة الرسمية للناطق باسم مجلس النواب)

وتُقدّر الأموال الليبية في الخارج بنحو 200 مليار دولار، تشمل استثمارات وأرصدة وودائع وأسهماً وسندات، تم تجميدها بقرار من مجلس الأمن عام 2011، لكنها تناقصت على مدار السنوات إلى نحو 67 مليار دولار، وفق ما ذكر رئيس حكومة الوفاق الوطني السابقة، فائز السراج.


مقالات ذات صلة

شمال افريقيا هنيبال القذافي (وسط) برفقة إيناس حراق منسقة فريق الدفاع والمحامي الفرنسي لوران بايون في مقر قوى الأمن الداخلي اللبنانية ببيروت (أ.ف.ب)

ليبيا: الإفراج عن هنيبال القذافي... مصالحة أم «تلميع سياسي»؟

تصاعد الجدل مجدداً في ليبيا حول قرار الإفراج عن هنيبال القذافي، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، بعد عشر سنوات قضاها في السجون اللبنانية.

علاء حموده (القاهرة)
تحليل إخباري  ليبي ينهي معاملة في أحد المصارف الليبية (أرشيفية - رويترز)

تحليل إخباري «العمولة على الراتب»... استنزاف جديد يرهق الليبيين

بحسب تعليمات رسمية صادرة عن مصرف ليبيا المركزي، تحددت العمولة على السحب النقدي عبر أجهزة الصراف الآلي في المصارف بـ0.5 دينار عن كل 100 دينار مسحوب.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا لقاء المبعوثة الأممية هانا تيتيه ونائبتها مع قيادات النظام الليبي السابق (البعثة الأممية)

تصاعد الجدل في ليبيا بشأن قصف «الوحدة» ميناء زوارة

جددت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، هانا تيتيه، التزامها بالتواصل مع جميع الليبيين في مختلف أنحاء البلاد ضمن عملية تنفيذ «خريطة الطريق» السياسية.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جلسة سابقة لاجتماع مجلس النواب الليبي برئاسة النويري ودومة في غياب صالح (مجلس النواب)

خلاف علني عنيف بين رئيس «مجلس النواب» الليبي ونائبيه

يعزز التلاسن العلني بين صالح ونائبيه الذي تحول بحسب مراقبين إلى «حرب بيانات» المخاوف من تفاقم الشقاق داخل مجلس النواب الليبي.

خالد محمود (القاهرة)

بعثة أممية للتحقيق في انتهاكات الفاشر

المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك يتحدث عن الفاشر في جنيف (إ.ب.أ)
المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك يتحدث عن الفاشر في جنيف (إ.ب.أ)
TT

بعثة أممية للتحقيق في انتهاكات الفاشر

المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك يتحدث عن الفاشر في جنيف (إ.ب.أ)
المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك يتحدث عن الفاشر في جنيف (إ.ب.أ)

كلّف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الجمعة، بعثة لتقصي الحقائق وتحديد هوية جميع المسؤولين عن الانتهاكات التي يُشتبه في ارتكابها بمدينة الفاشر السودانية، تمهيداً لتقديمهم إلى العدالة.

وفي ختام جلسة طارئة، عقدها المجلس لبحث وضع حقوق الإنسان في الفاشر، اعتمد قراراً يأمر بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق في السودان بإجراء تحقيق. وكُلِّفت البعثة توثيق جميع انتهاكات القانون الدولي المرتكبة من جانب جميع الأطراف.

وفي افتتاح الجلسة الطارئة التي عقدت بطلب من المملكة المتحدة وألمانيا وآيرلندا وهولندا والنرويج، ندّد مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بتقاعس المجتمع الدولي، متوعداً بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات. وقال فولكر تورك إن مدينة الفاشر مغلقة، ولا يمكن لعمال المساعدات الإنسانية دخولها. ودعا إلى اتخاذ إجراءات ضد الأفراد والجهات التي «تُؤجج وتستفيد» من الحرب بالسودان.


«الأمم المتحدة» لإرسال لجنة تحقيق في انتهاكات الفاشر

TT

«الأمم المتحدة» لإرسال لجنة تحقيق في انتهاكات الفاشر

المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك يتحدث عن الفاشر في جنيف (إ.ب.أ)
المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك يتحدث عن الفاشر في جنيف (إ.ب.أ)

كلّف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الجمعة، بعثة لتقصي الحقائق وتحديد هوية جميع المسؤولين عن الانتهاكات التي يُشتبه في ارتكابها في مدينة الفاشر السودانية، تمهيداً لتقديمهم إلى العدالة.

وفي ختام جلسة طارئة، عقدها المجلس لبحث وضع حقوق الإنسان في الفاشر، اعتمد قراراً يأمر بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق في السودان بإجراء تحقيق. وكُلِّفت البعثة توثيق جميع انتهاكات القانون الدولي المرتكبة من جانب جميع الأطراف. وفي افتتاح الجلسة الطارئة التي عقدت بطلب من المملكة المتحدة وألمانيا وآيرلندا وهولندا والنرويج، ندّد مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بتقاعس المجتمع الدولي، متوعداً بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات.

المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك يتحدث عن الفاشر في جنيف (إ.ب.أ)

وقال فولكر تورك إنه «تم تصوير بقع الدم التي تلطّخ الأرض في الفاشر من الفضاء»، وإن «وصمة العار في سجل المجتمع الدولي أقل وضوحاً للعيان، لكن تداعياتها ليست أقل». وأشار المفوض إلى أن الفظائع في الفاشر بالسودان هي «أخطر الجرائم» التي كانت متوقَّعة وكان يمكن منعها. وحثَّ المجتمع الدولي على التحرك، وقال «هناك كثير من التصنع والتظاهر، وقليل من العمل». وطالب، في كلمة افتتاحية أمام المندوبين، بـ«الوقوف في وجه هذه الفظائع التي تمثل استعراضاً لاستخدام القسوة السافرة لإخضاع شعب بأكمله والسيطرة عليه». وأصدر فولكر تورك تحذيراً شديداً إزاء تصاعد العنف في كردفان المجاورة لدارفور، بالسودان، حيث القصف والحصار وإجبار الناس على ترك منازلهم.

محاسبة مؤججي الحرب

ودعا تورك إلى اتخاذ إجراءات ضد الأفراد والشركات التي «تُؤجج وتستفيد» من الحرب بالسودان. وقال إن مدينة الفاشر مغلقة، ولا يمكن لعمال المساعدات الإنسانية دخولها. وتابع: «يجب ألا يفاجأ أي منا» بالتقارير منذ سيطرت قوات «الدعم السريع» على المدينة التي تحدثت عن «عمليات قتل واسعة بحق المدنيين وإعدامات مستهدَفة ضد العِرقيات، والعنف الجنسي؛ بما في ذلك الاغتصاب الجماعي، والاختطاف بهدف طلب فدية، والاحتجازات التعسفية الواسعة والهجمات على المنشآت الصحية والأطقم الطبية وعمال الإغاثة وغيرها من الأعمال الوحشية المروّعة».

من جانبها قالت عضو فريق الخبراء المستقلّين، منى رشماوي، في الجلسة الطارئة: «أصبحت أجزاء كثيرة من الفاشر ساحة جريمة». وأكدت أنه منذ سقطت المدينة في يد قوات «الدعم السريع»، جمع فريق الخبراء بيانات أفادت بوجود «أعمال وحشية لا تُوصف، وعمليات قتل عمد وتعذيب واغتصاب واختطاف مقابل فدية واحتجاز تعسفي واختفاء قسري، وكل ذلك على نطاق واسع». وأضافت: «يجب إجراء تحقيق شامل لتوضيح الصورة كاملة، ولكن ما نعلمه بالفعل مدمِّر».

نازحون سودانيون في مدينة طويلة بعد فرارهم من الفاشر (رويترز)

من جانبها حذرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في بيان، من «انتهاكات خطيرة» و«طرق مميتة» يواجهها عشرات الآلاف من النازحين في دارفور وكردفان بالسودان، إضافة إلى «كارثة إنسانية» بسبب عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، ما يُعرّض الأرواح للخطر. وقالت المفوضية إن الأوضاع في الفاشر، التي سيطرت عليها قوات «الدعم السريع» في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، «تتجه إلى الانهيار السريع»، في ظل حصار الآلاف بالمدينة. وأشارت إلى نزوح نحو 100 ألف شخص من الفاشر والقرى المحيطة بها، خلال الأسبوعين الماضيين، مع استمرار عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في السودان، ما يُعرّض الأرواح للخطر.

ودعت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين المجتمع الدولي إلى تكثيف دعمه بتوفير التمويل العاجل وممارسة ضغط أقوى للسماح بإيصال المساعدات بالسودان، مؤكدة أنها تلقت 35 في المائة فقط من الموارد المطلوبة، هذا العام، للاستجابة للأزمة في السودان ودول اللجوء. وأضافت المفوضية أنها تسعى لجمع 84.2 مليون دولار لدعم جهودها لإنقاذ الأرواح بالسودان في العام المقبل.

«الدعم السريع» تدافع

وكانت الولايات المتحدة قد دعت، الأربعاء، إلى تحرك دولي لقطع إمدادات الأسلحة عن قوات «الدعم السريع» وحمّلتها مسؤولية التصعيد الدامي للنزاع في السودان. وقال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، لصحافيين في كندا: «يجب القيام بشيءٍ ما لقطع إمدادات الأسلحة والدعم الذي تتلقاه»، مضيفاً: «ما يحدث هناك أمر مرعب». وألقى روبيو اللوم على قوات «الدعم السريع» التي سيطرت أخيراً على مدينة الفاشر الرئيسية. وأضاف: «أعتقد أن المشكلة الأساسية التي نواجهها هي أن (قوات الدعم السريع) توافق على أشياء ثم لا تمضي فيها». وقال إن «قوات الدعم السريع» تعتمد على الأموال والدعم الخارجيين من بعض البلدان، «نحن نعرف من هي، وسنتحدث معها بشأن ذلك، ونجعلها تفهم أن ذلك سينعكس بشكل سيّئ عليها وعلى العالم إذا لم نتمكن من وقف ما يحدث».

وأبدت «قوات الدعم السريع» أسفها لتصريحات روبيو، ووصفتها بأنها «متحاملة وغير مُنصفة»، مؤكدة «أنها لا تتلقى أي دعم من أي جهة خارجية». وقالت، في بيان: «هذه المواقف المتحاملة استندت إلى معلومات مضلِّلة أو أحادية المصدر، وتُهدد جهود مبادرة المجموعة الرباعية». وذكرت، في البيان، أن التصريحات الأميركية تتناقض مع مواقف والتزامات «الدعم السريع» التي ظلت تتعاطى بشكل إيجابي مع جهود وقف الحرب في السودان، بينما رفض الجيش جميع المبادرات الدولية بوقف القتال، بما في ذلك مشروع الهدنة الإنسانية الذي طرحته دول الرباعية أخيراً.

وكشفت «الدعم السريع» عن «أنها سلّمت ردّها على مقترح الهدنة منذ 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ولم تتلق، حتى الآن، رداً من الجانب الأميركي»، موضحة أنها لن تقبل أي محاولات لجعلها «كبش فداء» للتغطية على رفض الجيش الهدنة. ونفت «الدعم السريع» الاتهامات لقواتها بالتورط في ارتكاب فظائع بحق المدنيين، وقالت: «إن مزاعم الانتهاكات في الفاشر ليست مُمنهجة، وأنها شكلت لجان تحقيق شفافة، وجرى القبض على عدد من الأفراد الذين يُشتبه في ارتكابهم جرائم بحق المدنيين هناك».


سجناء ليبيا بالخارج... ملف يعود إلى الواجهة بعد «تجاهل»

هانيبال القذافي (الثاني من اليمين) مع فريقه القانوني بعد الإفراج عنه (الشرق الأوسط)
هانيبال القذافي (الثاني من اليمين) مع فريقه القانوني بعد الإفراج عنه (الشرق الأوسط)
TT

سجناء ليبيا بالخارج... ملف يعود إلى الواجهة بعد «تجاهل»

هانيبال القذافي (الثاني من اليمين) مع فريقه القانوني بعد الإفراج عنه (الشرق الأوسط)
هانيبال القذافي (الثاني من اليمين) مع فريقه القانوني بعد الإفراج عنه (الشرق الأوسط)

سلطت عملية الإفراج عن هانيبال، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، من سجنه في لبنان، الضوء على السجناء الليبيين بالخارج، وسط اتهامات تطال الحكومتين المتنازعتين على السلطة بـ«إهمال وتجاهل» هذا الملف، ثم إعادته لواجهة الأحداث وفق ما يوصف بأنه بمثابة «ورقة سياسية» يستخدمها هذا الطرف أو ذاك.

وعقب الاحتفاء الرسمي بعملية إطلاق هانيبال، الذي عدّته حكومة «الوحدة الوطنية» إنجازاً سياسياً ودبلوماسياً، سارع حقوقيون وقانونيون إلى اتهامها بأنها «تجاهلت أوضاع باقي السجناء الليبيين في الخارج».

ويرى الناشط الحقوقي الليبي طارق لملوم أن «ملف السجناء بالخارج تحوّل إلى ساحة تنافس بين الحكومتين المتنازعتين على السلطة». وقال: «هذا الملف أهمل لسنوات بسبب الصراع المسلح، في مقابل تركيز كل طرف منهما على الملفات ذات العائد السياسي والمالي، مثل ملف إعادة الإعمار».

وأضاف لملوم لـ«الشرق الأوسط»: «أخيراً جاء الدور على قضية السجناء بالخارج لتصبح الورقة الجديدة للمزايدة السياسية في ليبيا».

وذكر أن الحكومتين وحلفاءهما «سعوا سابقاً إلى التنافس حول الإفراج عن خمسة لاعبين ليبيين أُدينوا في إيطاليا عام 2015 بتُهم الاتجار بالبشر والهجرة غير المشروعة».

وكانت الحكومة الإيطالية قد وافقت أواخر عام 2024 على التصديق على مشروع قانون الاتفاقية الليبية - الإيطالية التي تسمح بنقل المحكومين لقضاء باقي عقوباتهم في ليبيا. إلا أن لملوم أكد أن «الاتفاقية لا تشمل إلا من قضوا نصف المدة، ما يجعلها غير قابلة للتطبيق على وضعية اللاعبين».

وأمام الاتهامات التي وجّهت لحكومة «الوحدة» بـ«تجاهل» قضية الليبيين المحتجزين بالخارج، سارعت وزارة الخارجية التابعة لها بالقول إنها «بعد الإفراج عن 35 سجيناً ليبياً من عدة دول خلال العام الحالي، تواصل جهودها لتأمين الإفراج عن مواطنين آخرين؛ بالإضافة إلى استمرار التنسيق مع عدد من الدول لتسليم سجناء ليبيين لاستكمال مدة محكوميتهم داخل البلاد، وفق الاتفاقيات المبرمة بين ليبيا مع بعض البلدان».

رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة خلال ترؤسه اجتماعاً سابقاً لمجلس الوزراء (حكومة الوحدة)

وأشارت إلى «جهود متواصلة للإفراج عن 22 ليبياً في العراق، وآخرين في مصر»، دون تحديد أعدادهم. كما لفت وليد اللافي، وزير الدولة للاتصالات والشؤون السياسية بحكومة «الوحدة»، إلى نجاح حكومته مؤخراً في إنهاء احتجاز 19 سجيناً في تونس.

وفي موازاة الإعلان عن الإفراج عن هانيبال القذافي، استُقبل المواطن الليبي حسن خليفة الزنتاتي في بنغازي شرق البلاد بعد خمس سنوات من السجن في النيجر، إثر تدخل نائب القائد العام لـ«الجيش الوطني» صدام حفتر لإطلاق سراحه.

ورغم عدد السفارات الليبية الكبير، أشار لملوم إلى «غياب إحصاءات رسمية حول عدد السجناء الليبيين بالخارج»، وقال إن «اكتشاف حالات الاحتجاز يتم غالباً عبر مناشدات أسرهم على وسائل التواصل الاجتماعي».

ورجح، في إطار الرصد لتلك المناشدات، «أن تكون النسبة الأكبر من السجناء موجودة في دول الجوار مثل مصر وتونس والجزائر والمغرب وتركيا، لإدانتهم في قضايا تتعلق بتهريب الوقود أو العملة أو المخدرات أو حتى بمشاجرات».

وانتقد لملوم ما وصفه «بإهمال الملحقين العسكريين والأمنيين في السفارات الليبية متابعة قضايا المحتجزين، وعدم تكليف محامين لتوضيح أوضاعهم القانونية أو تسهيل زيارات أسرهم».

ووفقاً للملوم، فإن إغلاق ملف السجناء بالخارج بشكل كامل «يظل أمراً صعباً في ظل تشدد بعض الدول، كإيطاليا، في تنفيذ العقوبات داخل سجونها، ورؤية دول أوروبية أخرى لليبيا كدولة غير آمنة، إضافة إلى غياب مبادرات جدية من السفارات الليبية للاهتمام بهذه الفئة».

وبشأن هانيبال القذافي، يعتقد المحلل القانوني الليبي هشام الحاراتي أن عملية الإفراج عنه محاولة من حكومة «الوحدة» لكسب ود أنصار النظام السابق في الغرب الليبي، في مواجهة خصومها في شرق البلاد.

ويرى الحاراتي «أن الإفراج عن هانيبال القذافي تحول من مكسب سياسي إلى مأزق للحكومة؛ إذ أثار تساؤلات حول مصير بقية السجناء بالخارج، ولماذا لم يتم إرسال وفود رفيعة المستوى على غرار الوفد الذي ذهب إلى بيروت للتفاوض بشأنه».

أسامة حماد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب (القيادة العامة)

وتتنازع السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة وتتخذ من العاصمة طرابلس مقراً لها، والثانية بقيادة أسامة حماد مكلفة من البرلمان وتحظى بدعم قائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مدن الجنوب.

وبمواجهة تبرير حكومة «الوحدة» اهتمامها بملف نجل القذافي بكونه مواطناً ليبياً بغض النظر عن انتمائه السياسي، ضمن جهودها لتصفير عدد من الملفات الشائكة كملف السجناء بالخارج، تصاعدت تساؤلات حول استمرار احتجاز المواطن الليبي أبو عجيلة المريمي في الولايات المتحدة على خلفية تفجير «لوكربي»، كما سبق واتهمت أسرته السلطات في ليبيا بعدم الاهتمام بقضيته.

وأبو عجيلة ضابط سابق في جهاز الأمن الخارجي (الاستخبارات)، خطفه مسلّحون من منزله منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، لكن الدبيبة أقرّ فيما بعد بتسليمه إلى الولايات المتحدة، وقال إنه «إرهابي متهم بتصنيع المتفجرات التي أودت بحياة أكثر من 200 شخص بريء».

يشار إلى أن لجنة برلمانية أوصت في سبتمبر (أيلول) الماضي بتكليف فريق قانوني لدعم الجوانب القانونية والإجراءات الرسمية إلى جانب التنسيق مع السفارات الليبية في الخارج لضمان متابعة حقوق السجناء وتقديم المساعدة اللازمة لهم.