وصف رئيس الحكومة التونسية الأسبق، هشام المشيشي الموجود خارج تونس، خطوة الرئيس قيس سعيّد بإعلان التدابير الاستثنائية يوم 25 يوليو (تموز) عام 2021، بأنها «انقلاب قانوني وسياسي»، وذلك في أول تصريح له بعد سنوات من مغادرته البلاد.
وبالعودة إلى الاحتجاجات التي اندلعت يوم 25 يوليو، لفت المشيشي، حسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الألمانية»، إلى أن الرئيس «سعيّد وجماعته كانوا يسعون إلى خلق مناخات للوصول إلى ما يسميه باللحظة».
تولى هشام المشيشي منصب وزير الداخلية في فبراير (شباط) عام 2021، ثم كلفه الرئيس سعيّد تكوين حكومة تكنوقراط جديدة، بعد استقالة إلياس الفخفاخ. لكن سرعان ما تصاعد التوتر بين مؤسستي الحكم، قبل أن يعلن سعيّد تجميد البرلمان في 25 من يوليو في العام نفسه، وإعفاء المشيشي من منصبه، ثم السيطرة بشكل كامل على الحكم.
وقال المشيشي: «أخطأنا في التعامل عن حسن نية مع قيس سعيّد». مضيفاً: «لم أتخيل بعد عشر سنوات من الانتقال الديمقراطي، وإن كان متعثراً، أن نرتد إلى هذا الوضع».
وبخصوص الملابسات التي رافقت إعلان التدابير الاستثنائية في القصر الرئاسي، أوضح المشيشي بأنه وقع «احتجازه عنوة» لساعات في القصر، بعد اجتماع طارئ حضره قيادات من الأمن والجيش، ولم يطلق سراحه إلا بعد وصول القرارات الرئاسية إلى الشارع التونسي والاحتفال بها. وقال بهذا الخصوص: «لم أتعرض إلى عنف مادي، ولكن لعنف مؤسساتي، عنف دولة، وهو الأخطر».
كان المشيشي قد خضع إلى الإقامة الجبرية لنحو أربعة أشهر بمقر سكنه بعد إقالته، قبل أن يُسمح له بالسفر إلى خارج البلاد. واتهم المشيشي الرئيس سعيّد بممارسة ضغوط مباشرة على الجهاز القضائي في محاكمة العشرات من خصومه السياسيين المعارضين المعتقلين في السجون.
لكن الرئيس سعيّد، الذي فاز بولاية رئاسية ثانية في 2024، نفى أي تدخل له في عمل القضاء، وكرر في خطاباته أن الدولة تواجه محاولات تفكيك وتآمر من الداخل.

من جهة ثانية، نفى المشيشي تعرّض الرئيس سعيّد إلى أي محاولة اغتيال، أثناء توليه منصب وزير الداخلية ثم رئاسة الحكومة.
ويعد تصريح المشيشي الأول لوسيلة إعلام منذ مغادرته منصبه إبان إعلان الرئيس سعيّد التدابير الاستثنائية، وسيطرته على الحكم بشكل كامل.
وقال المشيشي، الذي غادر تونس بعد استقالته من منصبه: «قيس سعيّد ادعى هذا الأمر (محاولة الاغتيال) وراء السعي إلى هذه المشروعية، التي تضعه في موضع الإنسان المهدّد الذي يحارب الوحوش». مضيفاً أن رؤساء دول تواصلوا مع الرئيس سعيّد بعد الإعلان عن محاولة الاغتيال «لشعورهم بالخطر، لكن مع توالي الإعلانات لم تعد هناك اتصالات».
وتتعلق محاولة الاغتيال «الكاذبة»، كما سماها رئيس الحكومة الأسبق، بحادثة «الظرف المشبوه»، الذي تلقته رئاسة الجمهورية في يناير (كانون الثاني) 2021، وأعلنت حينها عن إصابة رئيسة الديوان الرئاسي المستقيلة والفارة خارج تونس، نادية عكاشة، بالإغماء وفقدان (مؤقت) لحاسة البصر. وقالت الرئاسة حينها إن الظرف كان موجهاً لرئيس الجمهورية.
في هذا السياق، أوضح المشيشي أن جميع التحاليل الممكنة أجريت على بقايا الظرف في تونس، وفي مختبرات دولة أوروبية صديقة، فتبين بشكل قاطع أنه لم يكن يحمل أي مادة سامة.




