قتل مسلحون مجهولون الشيخ محمد الطاهر، أحد وجهاء مدينة مزدة ووكيل ديوان مجلسها البلدي، بغرب ليبيا، مساء الأحد، وسط حالة من الغموض، وتصاعد الغضب بين أبناء المدينة.
ومزدة الواقعة جنوب غربي العاصمة طرابلس تعيش دائماً في فوضى أمنية، وتغوّل الميليشيات المسلحة وعصابات تعمل بالاتجار في البشر.

ولم تصدر أي جهة أمنية تعليقاً رسمياً حتى ظهر الاثنين بشأن استهداف الشيخ الطاهر. وفيما قالت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» في ليبيا إنها رصدت مقتله برصاص مسلحين في المدينة مساء الأحد، نقلت وسائل إعلام محلية أنه قُتل إثر إطلاق النار عليه في محطة وقود في مزدة، وأصيب اثنان من مرافقيه هما: عامر المهدي القنطراي ومحمد عبد العزيز.
ونعت «وزارة الحكم المحلي» في حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة الطاهر، من دون توضيح بشأن مقتله. كما نعى «المجلس البلدي» في مزدة الشيخ الطاهر، أحد أعيان المدينة، وقال في بيان الاثنين إنه «فقد شخصية استثنائية جمعت بين التواضع والوقار»، مشيراً إلى أنه «تقلّد العديد من المناصب، كان آخرها وكيل ديوان بلدية مزدة، وكانت أبواب مكتبه مفتوحة دائماً للجميع يستقبلهم بابتسامة تعكس أصالته وحكمته».
ووصف «المجلس البلدي» الفقيد بأنه كان «صوت الحكمة وبأن كلمته ميزان، وسعيه دائماً نحو الخير والإصلاح، وبرحيله فقدنا رجلاً من رجالات الخير وعلماً من أعلام مزدة». كما نعت مجالس بلدية أخرى من بينها «غريان» الشيخ الطاهر، وقالت: «وداعاً يا وافر الحضور وقت المصالحة الوطنية، وصاحب الحكمة».

وتسبّب الانفلات الأمني الذي تعانيه ليبيا، بالإضافة إلى تنامي التشكيلات المسلحة على هامش السلطات الحاكمة، واختلاف الولاءات السياسية، في ارتكاب جرائم كثيرة تتنوع ما بين الإخفاء والتعذيب والتصفية، كـ«أساليب انتقامية» من الخصوم، أو لـ«ترهيب الموالين».
ونقل مواطنون في مزدة، أن محال المدينة أقفلت أبوابها غضباً وحزناً على الشيخ الطاهر، وسط مطالب إلى النيابة العامة والسلطات الأمنية بسرعة القبض على الجناة وتقديمهم للعدالة.
وتعاني ليبيا من ظاهرة انتشار «السلاح السائب». وخلال السنوات الماضية دخلت البلاد حقبة فوضى أمنية عارمة، انتشرت خلالها نحو 29 مليون قطعة سلاح بين خفيفة ومتوسطة وثقيلة، وفق تقارير دولية.

وسبق أن أخضعت «النيابة العامة الليبية»، متهمين في «مجزرة مزدة» التي وقعت بحق 30 شخصاً من المهاجرين البنغاليين عام 2020، وقضت بحبسهم.
وتلعب مجالس المصالحة في ليبيا دوراً كبيراً في الفصل بين المتخاصمين والتقريب بينهم، منذ «ثورة 17 فبراير» 2011، لا سيما بعد غياب دور الدولة، وتفشي الفوضى الأمنية في البلاد.



