تحدث رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، عن موقف أميركي مختلف بشأن خطط «تهجير الفلسطينيين»، بعد مشاركته بالاجتماع الذي دعا إليه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في نيويورك؛ ما يعزز فرص التهدئة، في ظل إصرار القاهرة على رفض «التهجير».
ولم تتضمن التسريبات التي خرجت من وسائل إعلام أميركية بشأن «الخطة الأميركية» لوقف حرب غزة تأكيداً على تراجع ترمب عن «خطة التهجير»، لكنها تطرقت إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة، وانسحاب تدريجي لإسرائيل من كامل القطاع، وإنشاء آلية حكم جديدة في غزة بعيداً عن «حماس».
وعقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس، اجتماعاً مع مدبولي بمشاركة عدد من الوزراء، اطلع فيه على نتائج الاجتماع الذي دعا إليه الرئيس الأميركي في نيويورك، وشارك فيه عدد من القادة العرب والمسلمين.
وقال مدبولي إن «الرئيس الأميركي أكد رفضه لاستمرار الحرب، وإن الولايات المتحدة عازمة على إنهائها، ووضعت (خريطة طريق) واضحة لوقفها الفوري، كما أن الرئيس ترمب أكد كذلك على إمكانية تنفيذ خطة لإعادة إعمار القطاع دون تهجير أهله»، وفقاً لبيان صادر عن الرئاسة المصرية.
ورحب السيسي بمبادرة ترمب لوقف الحرب في قطاع غزة، وأعرب عن تطلعه إلى تنفيذها في أقرب وقت ممكن، مؤكداً «حرص مصر على معاهدة كامب ديفيد باعتبارها خياراً استراتيجياً ونموذجاً يُحتذى به إذا توفرت الإرادة السياسية».
واعتبر خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن «حديث رئيس الوزراء المصري، يعبر عن توجه مختلف لما جاء في سياق المواقف الأميركية الأخيرة بشأن رؤية واشنطن لوقف الحرب في غزة، لكن الشكوك تبقى قائمة بشأن دعم الولايات المتحدة لخطط التهجير».
ونقل موقع «أكسيوس» الأميركي عن مصادر قولها إن «المبادئ الأميركية التي عُرضت خلال الاجتماع في نيويورك، شملت إطلاق سراح جميع المحتجزين، ووقفاً دائماً لإطلاق النار، وانسحاباً إسرائيلياً تدريجياً من قطاع غزة بالكامل. كما تتضمن الخطة، آلية لحكم غزة من دون (حماس)، ونشر قوة أمنية تضم فلسطينيين وقوات من دول عربية وإسلامية». أما موقع «بوليتيكو»، فذكر أن ترمب تعهد بألا تضم إسرائيل الضفة الغربية.

وأصدرت الدول العربية والإسلامية الـ8 التي شاركت في «القمة المتعددة الأطراف» مع ترمب، بياناً، أكدت فيه ضرورة إنهاء الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وأشار المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، إلى أن «الإدارة الأميركية واثقة من إمكانية الإعلان عن انفراجة في الأيام المقبلة فيما يتعلق بحرب غزة».
عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير علي الحفني، قال إن «ما أكده رئيس الوزراء المصري يعبر عن إعادة لضبط توجهات الإدارة الأميركية من الحرب في غزة، وسعيها الحالي لوقف النزيف الفلسطيني، وقناعة الرئيس ترمب بأن الوضع القائم لا يمكن أن يستمر، للتخفيف من حدة التوتر في المنطقة».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الأحاديث الأميركية خلال الأيام الماضية تستهدف توجيه رسائل طمأنة للأطراف العربية والإسلامية المعنية بوقف حرب غزة، وهو ما سيترتب عليه مزيداً من إدخال المساعدات إلى الفلسطينيين، وصولاً لإنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية».
لكنه لفت إلى أن «ما جرى الإفصاح عنه من تسريبات لا يتضمن الخطة الأميركية كاملة وستتبلور بشكل أكبر عقب لقاء ترمب برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والترحيب المصري بالموقف الأميركي يهدف لتشجيع الخطوات الأميركية الداعمة لخفض التوتر».

وأكد السيسي «أهمية تكثيف التنسيق مع المجتمع الدولي لزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة»، وجدد موقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين أو ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية.
وحملت لقاءات عقدها وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الأربعاء، مع عدد من المسؤولين الأميركيين تأكيداً على «ضرورة تكثيف الجهود المشتركة من أجل وقف نزيف الدماء ومنع محاولات تهجير الفلسطينيين».
وأكد عبد العاطي خلال لقائه ويتكوف أن «بلاده تعوّل على الرئيس ترمب وجهوده في إنهاء الحرب في قطاع غزة، وضمان إدخال المساعدات بالكميات التي تلبي احتياجات الشعب الفلسطيني، والبدء في إعمار القطاع مع بقاء الفلسطينيين على أرضهم»، وفق بيان صادر عن «الخارجية المصرية»، الخميس.
وقال أستاذ العلاقات الدولية في «جامعة جورج تاون» بواشنطن، إدموند غريب، لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف الرئيس ترمب من رفض ضم الضفة الغربية والتوجه نحو وقف الحرب بمثابة تغير مهم، لكن تبقى الشكوك مستمرة بشأن موقفه من تهجير الفلسطينيين». وأكد أن ما حدث خلال الأيام الماضية هو «بدايات تغير في الموقف الأميركي، في ظل ضغوط يمارسها الديمقراطيون، وكذلك بعض أصوات الجمهوريين، مع الاتفاق على أن مصلحة الولايات المتحدة يجب أن تبقى أولاً وليس إسرائيل»، وهو موقف يرتبط بضغوط الشباب وبعض الكنائس المسيحية الإنجيلية.



