مصر تُحفز السودانيين على العودة إلى بلادهم

أعفت الراغبين في المغادرة من «غرامة الإقامة»

السفارة السودانية شكرت السلطات المصرية لاستضافة السودانيين والتيسير عليهم (مجلس الوزراء المصري)
السفارة السودانية شكرت السلطات المصرية لاستضافة السودانيين والتيسير عليهم (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تُحفز السودانيين على العودة إلى بلادهم

السفارة السودانية شكرت السلطات المصرية لاستضافة السودانيين والتيسير عليهم (مجلس الوزراء المصري)
السفارة السودانية شكرت السلطات المصرية لاستضافة السودانيين والتيسير عليهم (مجلس الوزراء المصري)

قرّرت الحكومة المصرية إعفاء السودانيين الراغبين في مغادرة البلاد من أي «غرامات مالية بشأن إقامتهم»، وذلك حتى 10 مارس (آذار) المقبل، ما عدّه خبراء «تحفيزاً إضافياً» للسودانيين للعودة.

ولا يسري القرار الحكومي الذي أعلنته السفارة السودانية في القاهرة، الثلاثاء، على راغبي البقاء في مصر، إذ ذكرت السفارة، في بيان لها، أن «يقوم بقية المواطنين السودانيين الراغبين في تجديد إقامتهم في مصر، ولم يلتزموا بتجديد الإقامات في مواعيدها المحددة، بدفع الغرامات والرسوم المفروضة».

وتعدّ رسوم الإقامات المفروضة على السودانيين في مصر هي الأقل بين مختلف الجنسيات الأخرى، إذ أعفتهم الحكومة من قرار سابق في سبتمبر (أيلول) عام 2024 من زيادة في الرسوم، قفزت من 50 إلى 150 دولاراً (الدولار 48 جنيهاً) للشخص، بينما تبلغ رسوم إقامة السوداني 25 دولاراً فقط، حسب تصريح أمين الجالية السودانية في مدينة العاشر من رمضان، إبراهيم عزّ الدين لـ«الشرق الأوسط».

وتتنوع أوضاع السودانيين المقيمين في مصر، بين من كانوا موجودين قبل اندلاع المواجهات المسلحة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023، وهؤلاء لديهم إقامات في الأغلب، سواء سياحية أو للدراسة، ثم من جاءوا عقب ذلك التاريخ، وكثير منهم بـ«طرق غير مشروعة» ولا يملكون أوراق إقامة رسمية، وجزء ثالث لديه «الكارت الأصفر» (لاجئ أو طالب لجوء) من «مفوضية شؤون اللاجئين»، وفق عز الدين.

وتسببت الحرب الداخلية بالسودان في فرار الملايين داخل البلاد وخارجها، بينهم نحو مليون ونصف مليون دخلوا مصر، حسب إحصاءات رسمية. وتقدر الحكومة مجمل أعداد السودانيين في مصر بنحو 4 ملايين سوداني.

لاجئات سودانيات في أسوان (مفوضية اللاجئين)

وثمّن أمين الجالية السودانية في مدينة العاشر من رمضان القرار الأخير باعتباره «ضوءاً أخضر من الحكومة المصرية للسودانيين لتحفيز عودتهم».

الأمر نفسه أكّده مؤسس مبادرة «راجعين لي بلد الطيبين»، محمد سليمان، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن القرار بمثابة «دعم من الحكومة والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للسودانيين، يضاف إلى احتضان مصر لنا على مدار السنوات الماضية»، متوقعاً أن يزيد القرار من أعداد العائدين.

وأوضح سليمان أن «تدفق حركة العودة كان يتركز في الشهور الأخيرة على المنافذ البرية من أسوان للسودان، عبر مبادرات (العودة الطوعية)؛ لكن القرار الأخير سوف يشجع السودانيين ميسوري الحال على السفر عبر المنافذ البحرية أو الجوية، خصوصاً مع استقرار الأوضاع في مطار بورتسودان، وهي المدينة التي يحتاج السودانيون إلى المضي طيلة 3 أو 4 أيام للوصول إليها براً».

وسبق أن نظّمت الحكومة المصرية، بالتنسيق مع «منظومة الصناعات الدفاعية السودانية»، مبادرة لتيسير العودة الطوعية للسودانيين، عملت على توفير قطار أسبوعياً لنقل 1000 سوداني من القاهرة لأسوان منذ 21 يوليو (تموز) الماضي. ثم في منتصف أغسطس (آب) الماضي، قررت زيادتها لقطارين، ثم 3 قطارات أسبوعياً «لاستيعاب الأعداد الكبيرة المقبلة على العودة»، حسب سليمان، الذي أشار إلى «زيادة عربات القطارات من 10 إلى 12 لاستيعاب مزيد من العائدين كل مرة».

محطة رمسيس بالقاهرة تكتظ بالسودانيين الراغبين في العودة الطوعية لبلادهم (مجلس الوزراء المصري)

ويسّرت «مبادرة القطارات» رحلة العودة إلى السودان، إذ تستغرق الرحلة بالحافلات ضعف الوقت الذي تستهلكه القطارات، فضلاً عن كثرة عدد العائدين فيها «أكثر من 3 آلاف سوداني في الأسبوع الواحد» مقارنة بالحافلات، وفق مؤسس مبادرة «راجعين لي بلد الطيبين»، مشيراً إلى أن «حملات العودة بالحافلات لا تزال تعمل جنباً إلى جنب مع القطارات»، وتُسير مبادرته وحدها نحو 12 حافلة شهرياً، سعة الواحدة منها 50 شخصاً.

ووفق بيانات رسمية، عاد إلى السودان براً منذ مطلع عام 2024 حتى 13 أغسطس الماضي نحو 323 ألفاً و386 سودانياً، بحسب تصريح سابق للقنصل السوداني في أسوان، عبد القادر عبد الله.

خبير دراسات السكان والهجرة، عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» في مصر، أيمن زهري، يرى أن القرار المصري الأخير «ليس تشجيعاً للسودانيين على العودة بقدر ما هو تيسير للعودة للراغبين في ذلك»، مشيراً إلى أن «علاقة مصر بالسودان علاقة تاريخية خاصة جداً، وهم ضيوف أعزاء، وكل هذه الإجراءات تصبّ في أننا لا نريد للأشقاء أن يتعرضوا لمشكلات بسبب إقامتهم غير النظامية».

قطار العودة الطوعية قبل توجهه من القاهرة إلى أسوان وعلى متنه مئات السودانيين الشهر الماضي (مجلس الوزراء المصري)

وتشكو الحكومة المصرية من «ثقل حمل الوافدين عليها» الذين تطلق عليهم وصف «الضيوف». وقدّرت تكلفة استضافة نحو 10 ملايين وافد أجنبي بنحو 10 مليارات دولار سنوياً. وشهدت مصر موجات من ارتفاع أسعار الإيجارات في مناطق عدة، خصوصاً التي تمركزت بها الجالية السودانية.

ولفت زهري إلى «وجود تيار عودة قوي من السودانيين في مصر حالياً»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الموجة الجديدة من السودانيين الذين قدموا بعد 15 أبريل الماضي، أقل رغبة في الإقامة الدائمة أو الإقامة الطويلة في مصر، هم يتمنون استقرار الظروف في بلادهم من أجل العودة، وهو ما بدأ بالفعل». وأضاف: «هذا بخلاف السودانيين الذين حضروا إلى مصر قبل 15 أبريل، ممن كانوا يقيمون إقامة شبه دائمة في مصر تحت مظلة اتفاقية (الحريات الأربع)، التي تم وقف تنفيذ بعض بنودها بعد التدفقات الكثيفة للإخوة السودانيين بعد الأحداث الأخيرة».

وكانت السفارة السودانية في القاهرة وجّهت «الشكر للرئيس المصري لرعايته المتواصلة للوجود السوداني، والسلطات المصرية، على تفهمها للأوضاع الاستثنائية التي يمر بها المواطنون السودانيون، وجهودها في معالجة التحديات التي تواجههم».

ووافقت الحكومة المصرية، الأربعاء، على مدّ فترة توفيق أوضاع وتقنين إقامة الأجانب المقيمين في البلاد بصورة غير شرعية «بنظام المستضيف» لمدة عام إضافي، وذلك في ضوء قرب انتهاء المهلة الحالية لتقنين وتوفيق الأوضاع في 18 سبتمبر الحالي.


مقالات ذات صلة

أشكال جديدة في دعاية انتخابات «النواب» المصري تُثير الاهتمام

شمال افريقيا مرشح آخر بالدقهلية بالزي الفرعوني (لقطة من تسجيل مصور)

أشكال جديدة في دعاية انتخابات «النواب» المصري تُثير الاهتمام

قبل أيام قليلة من انطلاق المرحلة الثانية من الانتخابات، خطفت هذه الأشكال غير التقليدية أنظار متابعين في مصر.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري ونظيره الإيراني ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال التوقيع على «اتفاق القاهرة» في سبتمبر الماضي (الخارجية المصرية)

اتصالات مصرية تدعم استئناف الحوار في الملف النووي الإيراني

تواصل مصر اتصالاتها لخفض التصعيد وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ودعم استئناف الحوار في الملف النووي الإيراني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا مدير وكالة الاستخبارات الأميركية الأسبق «CIA» جون بيرنان (أرشيفية - أسوشييتد برس)

اعتراف مدير «CIA» الأسبق بتدخين «الحشيش» في القاهرة يُثير تندّر مصريين

تفاعل رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر مع اعتراف جون بيرنان، مدير وكالة الاستخبارات الأميركية الأسبق (CIA)، بتدخين مخدر الحشيش في القاهرة.

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الدفاع المصري يشيد «بالأداء المتميز والاستعداد القتالي العالي للمشاركين بالمشروع» (المتحدث العسكري المصري)

تدريبات عسكرية للجيش المصري بالذخيرة الحية على الحدود الغربية

أكد القائد العام للقوات المسلحة المصرية الفريق أول عبد المجيد صقر أن «القوات المسلحة بما تمتلكه من نظم قتالية وأسلحة ومعدات، قادرة على حماية الوطن».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (إ.ب.أ)

وزيرا خارجية مصر وروسيا يبحثان الوضع في غزة والسودان ونووي إيران

قالت وزارة الخارجية المصرية، الأحد، إن وزير الخارجية بدر عبد العاطي ونظيره الروسي سيرغي لافروف بحثا هاتفياً الوضع في غزة والسودان والملف النووي الإيراني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة - موسكو)

السودان: احتدام المعارك حول مدينة بابنوسة الاستراتيجية

جانب من الدمار الذي ألحقته في وقت سابق مسيَّرات «الدعم السريع» بمدينة الأُبيّض في إقليم كردفان (متداولة على وسائط التواصل الاجتماعي)
جانب من الدمار الذي ألحقته في وقت سابق مسيَّرات «الدعم السريع» بمدينة الأُبيّض في إقليم كردفان (متداولة على وسائط التواصل الاجتماعي)
TT

السودان: احتدام المعارك حول مدينة بابنوسة الاستراتيجية

جانب من الدمار الذي ألحقته في وقت سابق مسيَّرات «الدعم السريع» بمدينة الأُبيّض في إقليم كردفان (متداولة على وسائط التواصل الاجتماعي)
جانب من الدمار الذي ألحقته في وقت سابق مسيَّرات «الدعم السريع» بمدينة الأُبيّض في إقليم كردفان (متداولة على وسائط التواصل الاجتماعي)

دارت معارك عنيفة، الأحد، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان (جنوب غربي البلاد)، وسط أنباء عن توغل كبير لـ«قوات الدعم السريع» وتطويق مقر «اللواء 89» أكبر فرق الحامية العسكرية للجيش في المدينة.

وأفادت مصادر بأن «الدعم السريع» تضيق الخناق أيضاً على قيادة «الفرقة 22 مشاة»، وسط اشتباكات عنيفة بين الطرفين استُخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والخفيفة.

وتداولت حسابات وصفحات على شبكات التواصل الاجتماعي موالية لــ«قوات الدعم السريع» مقاطع فيديو تُظهر جنوداً يزعمون أنهم توغلوا إلى داخل أسوار القاعدة العسكرية للجيش في المدينة.

وتُعد بابنوسة، التي تبعد نحو 697 كيلومتراً عن العاصمة الخرطوم، من المدن المهمة في إقليم كردفان، وهي ملتقى محطات التقاطع الرئيسية لخطوط السكك الحديدية في السودان؛ إذ تربط غرب البلاد بشرقه وشماله.

تصدي الجيش

أفراد من الجيش السوداني يسيرون بجوار مركبات عسكرية مدمرة في العاصمة السودانية الخرطوم (رويترز - أرشيفية)

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الدعم السريع» شنت، صباح الأحد، هجوماً هو الأعنف على المنطقة العسكرية، وسط تحليق مكثف لمسيَّرات تابعة للجيش للتصدي للهجوم الواسع من عدة جهات. وذكرت مصادر إعلامية محسوبة على الجيش أن قواته في الفرقة «22 مشاة» صدت هجوماً كبيراً لـ«قوات الدعم السريع» على المدينة.

ودار قتال عنيف بين الطرفين في محيط معسكر الجيش، حيث سُمعت أصوات الأسلحة الثقيلة من مناطق بعيدة. ونقلت المصادر نفسها أن الجيش قصف بالمسيَّرات تجمعات «قوات الدعم السريع» التي تحيط بمدينة بابنوسة.

وكانت حامية الجيش في المدينة قد صمدت، على مدار الأشهر الماضية، أمام العشرات من الهجمات التي شنتها «قوات الدعم السريع» بالقصف المدفعي ومحاولات التسلل المستمرة.

ومن جهة ثانية، أفادت مصادر بأن الجيش سحب قواته من منطقتي «كازقيل» و«أم دم حاج حمد» في كردفان، بعد ساعات من السيطرة عليهما، يوم السبت.

وتصاعدت وتيرة المواجهات في إقليم كردفان لليوم الثاني على التوالي، بينما أكدت مصادر محلية أن الطرفين حشدا قوات كبيرة من المقاتلين والعتاد من أجل تحقيق نصر ميداني في هذا الإقليم المهم.

بدورها، قالت «قوات درع السودان» التي تقاتل بجانب الجيش، إنها تتقدم في جميع محاور العمليات العسكرية. وأضافت في بيان على منصة «فيسبوك» أنها تعمل وفق خطط محكمة وبتنسيق كامل مع وحدات الجيش، وتفرض واقعاً جديداً في الميدان يؤكد قدرتها على الحسم واستعادة السيطرة.

منظمة إرهابية

قوات تابعة لـ«الدعم السريع» في مدينة الفاشر بإقليم دارفور (أ.ف.ب)

ومن جهة ثانية، أدان البيان الختامي المشترك لقمة رؤساء دول «البحيرات العظمى»، يوم الأحد، الفظائع المروعة التي ارتكبتها «قوات الدعم السريع» بحق المدنيين في مدينة الفاشر، أكبر مدن إقليم دارفور، وفق بيان مجلس السيادة.

وشهدت القّمة، التي عُقدت في العاصمة الكونغولية كينشاسا على مدار يومين، نقاشات حول قضايا الأمن والدفاع ووضع ضوابط لحماية المعادن النفيسة داخل منظومة دول البحيرات.

وترأس وفد السودان عضو مجلس السيادة، مساعد القائد العام للجيش، إبراهيم جابر، ورافقه عدد من المسؤولين الحكوميين وقادة الأجهزة الأمنية. ورحب جابر بالخطوات الإيجابية التي اتخذتها القمة لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار في السودان.

بدوره، قال وكيل وزارة الخارجية، معاوية عثمان خالد، في بيان صحافي، إن القمة التاسعة لرؤساء دول البحيرات، أجازت التوصيات المقدمة من المجلس الوزاري ووزراء الدفاع والأجهزة الأمنية بتصنيف «قوات الدعم السريع» منظمة إرهابية.

وأضاف أن القمة شددت على ضمان عدم استغلال تعدين الذهب لصالح «قوات الدعم السريع» في الصراع الدائر بالبلاد.

وتضم منطقة البحيرات العظمى، دول (كينيا، أوغندا، بوروندي، الكونغو، مالاوي، موزمبيق، رواندا، تنزانيا، جنوب السودان، والسودان).

المساعدات الإنسانية

سودانيات يصطففن لتلقي المساعدات في مخيم العفاد للنازحين في بلدة الدبة شمال السودان (أ.ف.ب)

ومن جهة ثانية، وصل وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، إلى «مخيم سلك» في منطقة كورما بولاية شمال دارفور، للوقوف على الوضع الإنساني على الأرض.

ومن المقرر أن تشمل جولته في الإقليم زيارة إلى مدينة الفاشر، وهو أول مسؤول أممي رفيع المستوى، يزور المنطقة عقب سقوطها في يد «قوات الدعم السريع» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقال وزير الهيئة الوطنية للوصول الإنساني في «حكومة تأسيس»، عز الدين الصافي، في تصريحات صحافية، إن المسؤول الأممي تعهد بوصول المساعدات الإنسانية في أسرع وقت. وأضاف: «آن الأوان أن يلتفت العالم وأن يتذكر معاناة الشعب السوداني جراء الحرب الدائرة في دارفور».

وكانت وكالات تابعة للأمم المتحدة قد أجرت مسوحات ميدانية في المناطق المتأثرة بدارفور لتقييم حجم الاحتياجات الإنسانية للنازحين من مناطق القتال في الفاشر وما حولها.

وفي قت سابق، أعلنت «الحكومة الموازية» في السودان، الموالية لـ«قوات الدعم السريع» التزامها بالعمل مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لتلبية الاحتياجات العاجلة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق المتضررة من الصراع.


أشكال جديدة في دعاية انتخابات «النواب» المصري تُثير الاهتمام

مرشح آخر بالدقهلية بالزي الفرعوني (لقطة من تسجيل مصور)
مرشح آخر بالدقهلية بالزي الفرعوني (لقطة من تسجيل مصور)
TT

أشكال جديدة في دعاية انتخابات «النواب» المصري تُثير الاهتمام

مرشح آخر بالدقهلية بالزي الفرعوني (لقطة من تسجيل مصور)
مرشح آخر بالدقهلية بالزي الفرعوني (لقطة من تسجيل مصور)

في أحد شوارع حي شبرا الشعبي شمال القاهرة، تتنقل مونيكا مجدي، المرشحة الشابة في انتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، بدرّاجتها الهوائية بين الأرصفة المزدحمة، حاملةً منشورات صغيرة، ومرسلة تحياتها بابتسامة دافئة للسكان، في حين دخل مرشح آخر إلى قريته على حصان شاهراً سيفه، وثالث ارتدى زياً فرعونياً.

وقبل أيام قليلة من انطلاق المرحلة الثانية من الانتخابات، خطفت هذه الأشكال غير التقليدية أنظار متابعين في مصر.

وقالت المرشحة مونيكا لـ«الشرق الأوسط»: «أرجو أن يفهم الناس مقصدي، رسالتي أن الشباب قادرون على التحدي رغم زخم المال السياسي وقلة الفرص المتاحة». وأكدت: «رحلتي مستمرة، وسأواصل التحدي لإظهار قدرة الشباب».

وفي دلتا مصر، لم تكن الحملات الانتخابية أقل إثارة للانتباه، ففي إحدى قرى محافظة الشرقية ظهر المرشح أحمد منصور ممتطياً حصاناً ويشقّ الطريق بسيف تقليدي، في جولة تحوّلت إلى احتفال شعبي في الشوارع، وقد تداول مستخدمو منصات التواصل مقاطع الفيديو على نطاق واسع.

وفي محافظة الدقهلية، لم يفوت مرشح آخر فرصة الاستفادة من الزخم الجماهيري المصاحب لافتتاح «المتحف المصري الكبير» في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي؛ حيث تصدّر أشرف علي عبد الهادي مواقع التواصل الاجتماعي بعد ظهوره مرتدياً زياً فرعونياً خلال مؤتمر انتخابي، وزيّن المنصة بمجسمات تحاكي الحضارة المصرية القديمة.

مرشح بالدقهلية يشهر سيفاً (الصفحة الرسمية لمؤيدي المرشح)

هذه اللقطات المثيرة وإن بدت امتداداً لـ«موجة التقليعات»، تُثير نقاشاً حول حدود الدعاية الانتخابية في مصر. وتُصنف أستاذة الرأي العام بجامعة القاهرة الدكتورة هناء فاروق هذه الأشكال والأساليب ضمن ما يُعرف بـ«الدعاية الترفيهية السياسية».

وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الأساليب لا تُمثل دعاية كاملة، فالدعاية الحقيقية قائمة على برنامج واضح، وسيرة مهنية، وقدرة على تقديم حلول، وليس مجرد استجابة لمنطق (التريند)».

وأشارت إلى أن الاعتماد على الرمزية أو الاستعراض «يعكس رغبة بعض المرشحين الجُدد في لفت الانتباه أكثر مما يعكس توجهاً سياسياً جاداً».

ومن المرجح -حسب متابعين- أن يظل هذا الجدل حول الحملات الدعائية مستمرّاً حتى 20 نوفمبر الحالي، قبل توجه الناخبين في الخارج إلى صناديق الاقتراع يومي 21 و22، وفي الداخل يومي 24 و25، ضمن 13 محافظة تُستكمل بها خريطة البرلمان الجديد قبل نهاية العام.

وبموجب القانون، يصل سقف الإنفاق الدعائي في انتخابات مجلس النواب إلى 500 ألف جنيه للمرشح على المقاعد الفردية، وإلى 2.5 مليون جنيه لـ«القائمة الواحدة»، مع حظر تلقي المرشحين تبرعات من جهات أجنبية.

أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، يرى أن «اللجوء إلى أساليب غريبة» يعكس محاولة لتقديم المرشح بصفته «يعتمد على جهده الشخصي» في مواجهة ما يسميه «النفوذ التقليدي للمال السياسي».

وأضاف أن «هذه الظواهر قد تلفت الانتباه، لكنها لا تُغيّر نتائج صناديق الاقتراع على نحو ملموس»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض الأحزاب تمتلك أدوات تنظيمية وإعلامية واسعة تجعل كثيراً من الدوائر محسومة بشكل شبه مبكر».

المرشحة مونيكا مجدي (صفحتها الرسمية)

وأشار صادق إلى أن «تجارب الدورات السابقة تُظهر أن العوامل البنيوية، مثل النفوذ الحزبي، والآلة الإعلامية، وقدرات الحشد تبقى الأكثر تأثيراً على اتجاهات التصويت، مقارنة بالتحركات الفردية اللافتة»، ملخصاً رؤيته، بأن «الدعاية الترفيهية، مهما كانت لافتة، غالباً ما تظل محدودة التأثير في المشهد الانتخابي الحقيقي».

فيما يذهب أمين شباب حزب «التجمع»، علاء عصام، إلى منح هذه الأشكال تفسيراً آخر. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التقاليع الجديدة» مثل درّاجة مرشحة شبرا أو المواكب الاستعراضية، تُعبّر عن محاولة لكسر هيمنة المال السياسي، لكنها «لن تؤدي إلى اختراق حقيقي».

https://www.facebook.com/AlmasryAlyoum/videos/في المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةB1في المائةD8في المائةB4في المائةD8في المائةAD-في المائةD8في المائةA8في المائةD8في المائةB1في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة8A-في المائةD8في المائةA8في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةAFفي المائةD9في المائة82في المائةD9في المائة87في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA9-في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةB4في المائةD8في المائةA7في المائةD8في المائةB1في المائةD9في المائة83-في المائةD9في المائة81في المائةD9في المائة8A-في المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةA4في المائةD8في المائةAAفي المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةB1-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة86في المائةD8في المائةAAفي المائةD8في المائةAEفي المائةD8في المائةA7في المائةD8في المائةA8في المائةD9في المائة8A-في المائةD8في المائةA8في المائةD8في المائةB2في المائةD9في المائة8A-في المائةD9في المائة81في المائةD8في المائةB1في المائةD8في المائةB9في المائةD9في المائة88في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة8A-في المائةD8في المائةAAفي المائةD8في المائةB5في المائةD9في المائة88في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةB1-في المائةD9في المائة85في المائةD9في المائة8A-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة83في المائةD9في المائة86في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة8A/820175187466422/

ويعدد عصام، 4 أسباب رئيسية لذلك، في مقدمتها أن «التصويت في مصر لا يزال مرتبطاً بالعائلات والشبكات الاجتماعية التقليدية، وليس بالأساليب البصرية»، إلى جانب أن «المال السياسي يبقى العامل الأكثر حضوراً في عمليات الحشد والتنظيم».

وأشار أيضاً إلى أن «وعي الناخب يرتبط بالخدمات المباشرة أكثر من الرمزية أو الطابع الابتكاري». وينتهي إلى القول، إن «المحاولات الشبابية واعدة، لكن تغيير المفاهيم يحتاج إلى بيئة انتخابية مختلفة، وليس مجرد أدوات دعائية مبتكرة».

ويبلغ عدد الناخبين المسجّلين في الجداول الانتخابية نحو 63 مليون مواطن، وخاض المرحلة الأولى التي جرت في 14 محافظة، 128 مرشحاً على النظام الفردي، إلى جانب قائمة واحدة هي «القائمة الوطنية من أجل مصر» التي تحتاج إلى 5 في المائة فقط من إجمالي الأصوات للفوز.


تأهب عسكري في العاصمة الليبية لـ«تعزيز الاستقرار»

صور وزعتها إدارة الشرطة العسكرية لدورياتها بطرابلس
صور وزعتها إدارة الشرطة العسكرية لدورياتها بطرابلس
TT

تأهب عسكري في العاصمة الليبية لـ«تعزيز الاستقرار»

صور وزعتها إدارة الشرطة العسكرية لدورياتها بطرابلس
صور وزعتها إدارة الشرطة العسكرية لدورياتها بطرابلس

وضعت الشرطة العسكرية في غرب ليبيا وحداتها بحالة استعداد تام لتعزيز الاستقرار بالعاصمة طرابلس، بينما بدأت النيابة العامة تحقيقاً عاجلاً في قتل مسؤول عسكري بارز ضمن قوات حكومة «الوحدة» المؤقتة وحبس المتهم.

وأعلنت إدارة الشرطة وضع وحداتها داخل العاصمة طرابلس في حالة استعداد تام لتنفيذ توجيهات المستويات العليا الهادفة إلى تعزيز الأمن والاستقرار. وأكدت إدارة الشرطة العسكرية التابعة لرئاسة أركان قوات حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، والمكلّفة رسمياً من قبل المجلس الرئاسي، المشاركة في تنفيذ الترتيبات الأمنية، وضبط المظاهر المسلحة داخل المدينة، مشيرة إلى أن هذا التحرك يأتي استجابة لما وصفته بـ«قرارات عليا هدفت إلى فرض النظام، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، ودعم الأجهزة الأمنية في بسط الاستقرار بعد فترات من التوتر الأمني المتكرر».

وأدرجت إدارة الشرطة العسكرية هذه الخطوة في إطار ما سمته «مسؤوليتها الوطنية وحرصها المستمر على حماية المواطنين وممتلكاتهم، وتأمين المواقع الحيوية، وفق الخطط الميدانية والتعليمات الصادرة عنها»، وقالت إن الأفراد والآليات «في جاهزية كاملة، مع استمرار التنسيق مع الأجهزة الأمنية ذات الصلة لضمان تنفيذ المهام بسرعة ودقة، مع الالتزام بالقانون واحترام حقوق المدنيين».

كما أعلنت الإدارة عن تعزيز وجودها الأمني عبر نشر نقاط تفتيش منتظمة وتسيير دوريات استباقية، بهدف توفير بيئة آمنة ومستقرة لجميع سكان العاصمة، لافتة إلى استمرار جهودها المشتركة مع باقي المؤسسات الأمنية لـ«حماية طرابلس وصون أمنها واستقرارها».

الدبيبة متفقداً مشروع مطار مصراتة الدولي (حكومة الوحدة الليبية)

بدوره، شدّد الدبيبة، خلال تفقده سير العمل في مشروع مطار مصراتة الدولي بغرب البلاد، مساء السبت، على ضرورة الالتزام بالجداول الزمنية، ورفع مستوى الجودة، مؤكداً في اجتماعه مع الشركات المنفذة ومكاتب الاستشارة، أهمية إنجاز المشروع وفق المعايير الدولية، وتعزيز جاهزية المطار لخدمة الحركة الجوية.

في غضون ذلك، أعلنت النيابة العامة في طرابلس، أنها باشرت تحقيقاً عاجلاً في جريمة قتل العميد محمد الصداعي آمر القوات الخاصة التابعة لحكومة «الوحدة» بالعاصمة، بعد تعرضه لإطلاق نار مباشر إثر مشادة مفاجئة أثناء عودته إلى منزله، مشيرة إلى أنها أمرت بحبس المتهم احتياطياً على ذمة التحقيقات، وذلك «بعد ثبوت تورطه في قتل المجني عليه».

ووفقاً لبيان النيابة، بدأت الواقعة حين استوقف المتهمُ المجني عليه أثناء مروره أمامه عائداً إلى منزله، حيث طلب منه الترجل من المركبة دون إبداء أي سبب، وعند رفض الصداعي الامتثال، بادر المتهم إلى إشهار سلاح ناري وأطلق عدة أعيرة أصابته وأدت إلى وفاته في الحال.

وتكشف واقعة قتل الصداعي، داخل قاعدة معيتيقة العسكرية بطرابلس، على يد (رئيس عرفة) ينتمي للقوات نفسها، عن خطورة بالغة في سياق ليبيا الممزقة، إذ وقعت داخل معقل أمني حساس شهد تصعيداً مسلحاً قبل شهرين فقط بين فصائل موالية للحكومة، مما يشير إلى انهيار الثقة والانضباط داخل الوحدات العسكرية، ويزيد من مخاوف التصعيد الأهلي أو التدخلات الخارجية، خصوصاً مع نفي جهاز الردع لمكافحة الإرهاب أي تورط، ويُبرز هشاشة الاستقرار الأمني في طرابلس رغم الجهود الرسمية لفرض النظام.

وهز الحادث المصنف رسمياً بوصفه «مشادة شخصية»، المؤسسة العسكرية، وأثار إدانات واسعة من رئاسة الأركان، التي وصفته بـ«الغدر».