الدبيبة لـ«الشرق الأوسط»: لا تطبيع مع إسرائيل ولا نقبل تهجير الفلسطينيين

رئيس «الوحدة» الليبية تحدث عن تمسّكه بتفكيك «الميليشيات»

الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة (حكومة الوحدة)
الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة (حكومة الوحدة)
TT

الدبيبة لـ«الشرق الأوسط»: لا تطبيع مع إسرائيل ولا نقبل تهجير الفلسطينيين

الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة (حكومة الوحدة)
الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة (حكومة الوحدة)

نفى عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، اتهامات طالت حكومته بالسعي إلى «التطبيع مع إسرائيل»، وقال إن رفض التطبيع «مسألة محسومة لدى الليبيين»، كما أشار إلى أن ما يتردد عن قبوله استضافة مهجرين فلسطينيين من غزة عبارة عن «مغالطات وتسريبات صحافية كاذبة».

وتحدث الدبيبة في حوار لـ«الشرق الأوسط» عن موقف حكومته من تطورات الأزمة السياسية قبل أيام من الإعلان عن «خريطة طريق» لحل الأزمة الليبية من المقرر أن تطرحها المبعوثة الأممية، الخميس المقبل، أمام مجلس الأمن الدولي.

وهذا نص الحوار:

 

من المنتظر أن تطرح المبعوثة الأممية على «مجلس الأمن» قريباً خريطة طريق للحل السياسي في ليبيا.. ما موقف حكومتك من هذا المسار؟

- أجرينا نقاشات عديدة مع المبعوثة الأممية على مستويات مختلفة، وهي تبذل جهوداً واسعة نقدّرها، في محاولة للوصول إلى خريطة طريق تقود إلى الانتخابات.

نؤمن بأن إجراء الانتخابات الوطنية سيجدد شرعية الأجسام السياسية الرئيسية مثل البرلمان، الذي يجب أن يكون العمود الفقري للمرحلة السياسية المقبلة. ونتلقى إشارات إيجابية من الأمم المتحدة عن كيفية التفكير والعمل لتجاوز العقبات، والاستفادة من أخطاء التجارب السابقة.

الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا هانا تيتيه (غيتي)

التصريحات الأخيرة للمبعوثة الأممية تحدثت عن ضرورة تشكيل «حكومة موحدة» تقود البلاد لانتخابات.. ما مدى استعدادك للتعامل مع هذا الطرح؟

- أوضحنا للمبعوثة الأممية أن أي ارتباك مؤسسي قائم سببه أداء البرلمان وقرارته الأحادية التي انعكست حتى على المؤسسات الرقابية والخدمية، لذلك فإن إنهاء هذا الارتباك يتطلب جسماً تشريعياً منتخباً، وهذه حقائق يتفهمها شركاؤنا والمجتمع الدولي جيداً.

 

هل حظيت حكومتكم بدعم أميركي مباشر خلال المباحثات الأخيرة مع مسعد بولس مستشار دونالد ترمب خلال زيارته طرابلس؟

- هناك التزام واضح من شركائنا في الولايات المتحدة، ونية صريحة لدعم مسار الانتخابات، ومساندة الحكومة في هذا الاتجاه. وقد ناقشنا مع الجانب الأميركي تعزيز الشراكة بين البلدين، وفتح فرص اقتصادية تخدم المصالح الليبية والأميركية، إلى جانب دعم مسار الديمقراطية في ليبيا. المستشار بولس أكد دعمه الكامل لهذه الرؤية، وناقشنا أيضاً السبل الكفيلة للوصول إلى انتخابات بأكثر الطرق سلاسة.

الدبيبة ومستشار الرئيس الأميركي مسعد بولس خلال لقاء في العاصمة طرابلس (مكتب الدبيبة)

لكن هناك من رأى أن عروض الاستثمارات التي طرحتها حكومتك بقيمة 60 مليار دولار هي محاولة لاستقطاب الدعم الأميركي لبقاء الحكومة.

- هذه استثمارات استراتيجية في قطاعات كبرى، مثل: البنية التحتية، وقطاع النفط والطاقة، وتهدف إلى تنشيط الاقتصاد الوطني، وتنويع مصادر الدخل، لذلك فهي ليست عملاً سياسياً، بل مشروع استراتيجي يعزز قدرات الدولة.

 

نظرة إلى الملف العسكري... هل هناك أمل لتوحيد الجيش في ليبيا أم أن هذا الملف يبقى مؤجلاً؟

- الأمل قائم بلا شك، وقد يكون من الحكمة أن يتحقق إنجاز استراتيجي في توحيد الجيش بعد إجراء انتخابات وطنية شاملة، مما يتيح إنهاء العقبات أمام توحيد المؤسسة العسكرية تحت قيادة مدنية قوية.

 

ماذا عن الخطة التي أطلقتها منذ مايو (أيار) الماضي لتفكيك الميليشيات؟

- تفكيك الميليشيات مشروع وطني لإعادة بناء الدولة، وترسيخ مؤسساتها وتوحيدها، وليس مشروعاً شخصياً أو انتقامياً. هذه الميليشيات تركة خلَّفتها السنوات الماضية، وقد أدت عوامل شتى إلى تقويتها على حساب مؤسسات الدولة النظامية الأمنية والعسكرية؛ حتى ظنت هذه المجموعات أنها أقوى من سلطات الدولة.

ورغم أننا لم نكن جزءاً من تشكيل هذا الواقع، الذي وجدناه أمامنا، وكان بإمكاننا أن نمرره كما هو للحكومات التي تأتي من بعدنا، فإننا ماضون في هذه الخطة، بعد عمل شاق لسنوات من أجل رفع قدرات وزارتَي الدفاع والداخلية، وإعادة هيكلتهما وتأهيلهما.

عناصر مسلحة في العاصمة طرابلس (رويترز)

وهل لمستم دعماً دولياً لهذه الخطة؟

- هناك دعم واضح من شركائنا الإقليميين والدوليين المهتمين بتعزيز الأمن ومواجهة مشروعات الفوضى، التي تمثلها الميليشيات. المجتمع الدولي يدرك خطر تمدد هذه المجموعات، وآثارها على الأمن الإقليمي وملفات مثل الهجرة غير النظامية، والشبكات الإجرامية العابرة للحدود.

 

هناك من يرى تناقضاً في أن كثيراً من قادة قوات حكومتكم ينتمون لتشكيلات مسلحة.

- لقد طرحنا على المجموعات المسلحة ثلاثة مسارات من بينها ضم من لا يزال مهتماً منهم بالعمل الأمني والعسكري في وزارتي الدفاع والداخلية، وتلقي التدريبات والتأهيلات اللازمة، فهناك قيادات انتمت سابقاً لتشكيلات مسلحة لكنها اليوم أصبحت قيادات للدولة ومؤسساتها. وهذا بحد ذاته نموذج نقدمه لبقية التشكيلات. الباب مفتوح أمام الجميع للانضمام للعمل المنظم والقيادة تحت راية الدولة وسيادتها.

 

البعض يتحدث عن أن معركتكم ضد الميليشيات تأتي ضمن محاولة لفرض نفوذ مصراتة في طرابلس.. ما تعليقكم؟

- هناك دعاية مضللة تحاول تشويه هذه الحملة الوطنية، وإخراجها من مسارها الوطني وإثارة الانقسام. ونحن نحاول التعامل معها بحكمة وبسياسات إعلامية واضحة لرفع وعي الشارع. الحكومة تضم قيادات ومؤسسات من مختلف المدن والمناطق الليبية، ومشروعنا وطني، ولم يكن يوماً مناطقياً.

قوات تابعة لـ«اللواء 444 قتال» بطرابلس تُنهي تدريبات على الإنزال المظلي (رئاسة الأركان بغرب ليبيا)

هل ما زلتم متحمسين لطرح «مسودة دستور 2017» للاستفتاء؟

- نعم، المسودة المتفق عليها تمتلك شرعية عالية، لأن أعضاء الهيئة التأسيسية لمشروع كتابة الدستور انتُخبوا مباشرةً من الشعب. الاستفتاء على هذه المسودة أقرب الطرق لإنهاء الفراغ الدستوري، وإشراك الليبيين في تحديد مستقبلهم.

 

وما رأيك في الطرح المتعلق بالفيدرالية بوصفها خياراً للحل في ليبيا؟

- ليبيا بحكم اتساعها الجغرافي وحدودها، تحتاج إلى تعزيز اللامركزية للحفاظ على وحدة الدولة وتنوعها الثقافي والاجتماعي. الفيدرالية أو غيرها من الأنظمة التي تطرح على أنها حلول لشكل الحكم في ليبيا، هي خيارات يحددها الشعب مستقبلاً عبر الدستور، ونحن ملتزمون بما يقرره الليبيون.

 

كيف تقيمون التضارب الأخير في القرارات مع «المجلس الرئاسي»؟

-في المراحل الانتقالية المعقدة قد تظهر خلافات طبيعية، لكننا ملتزمون بالتنسيق مع «المجلس الرئاسي»، من أجل مصلحة الدولة العامة، وبما يعزز سيادتها.

 

ما ردكم على انتقادات بعض النواب لعروض الاستكشافات النفطية؟

-الحكومة تعمل وفق القانون والاختصاصات المخولة بها، وما يثار من اعتراضات هي في الأساس اعتراضات سياسية لا قانونية. هذه المشروعات ليست سياسية؛ بل اقتصادية استراتيجية تعزز قدرة ليبيا على الإنتاج، وتسهم في تطوير الاقتصاد الوطني، وبناء شراكات في قطاع الهيدروكربونات. هذه مشروعات تخدم كل الليبيين وليس طرفاً محدداً.

 

ما آخر خطواتكم لفك تجميد الأرصدة الليبية في الخارج؟

- نواصل مناقشة هذا الملف وفق القوانين والمعايير الدولية، وبشكل مؤسسي وليس سياسياً مع الجهات المختصة، بهدف تحسين قدرتنا على إدارة هذه الأرصدة بشفافية ووفق معايير واضحة بعيداً عن الصفقات السياسية.

 

لكن هناك مخاوف من أن يؤدي رفع التجميد إلى إهدار المال العام.

-هذه نقطة مهمة، وتؤكد أهمية إجراء الانتخابات سريعاً لإنهاء المراحل الانتقالية، وتمكين الشعب الليبي من الانتفاع انتفاعاً مطلقاً بهذه الأصول، التي تعرضت لتآكل وخسائر كبيرة تحت التجميد.

نحن نسعى لوقف هذا النزيف، وملتزمون بأعلى معايير الشفافية والرقابة الصارمة وفق القوانين المحلية والدولية، حتى تُدار هذه الأرصدة بما يضمن استدامتها، وتخدم الشعب الليبي.

حقل بترول في مدينة رأس لانوف شمال ليبيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

خارجياً، ما تعليقك على الجدل المستمر بشأن التطبيع مع إسرائيل؟

- لا يوجد أي مسعى أو رغبة في التطبيع مع دولة الاحتلال. هذه المسألة محسومة لدى الليبيين الذين تمثل القضية الفلسطينية جزءاً رئيسياً من وجدانهم.

 

وماذا عن التسريبات بشأن نقل مهجرين من غزة إلى ليبيا؟

- مزاعم قبولنا بجريمة تهجير الفلسطينيين هي من المغالطات والتسريبات الصحافية الكاذبة للأسف، وقد نفت وزارة الخارجية الأميركية عبر سفارتها لدى ليبيا هذه الأخبار من أساسها.

ما يحدث في غزة من قتل وتجويع للأطفال وحرمان الناس من حقوقهم الأساسية، مأساة إنسانية كبرى يجب أن تتصدى لها القوى الدولية كي يتمكن هذا الشعب من العيش بسلام فوق أرضه لا أن يهجّر منها.

إن هذه المغالطات والتسريبات غير الموثوقة سببها تراجع معايير العمل الصحافي، مما يجعل بعض الأطراف تستخدم هذه التسريبات لتضليل الرأي العام.

 

ما حقيقة حدوث فتور في علاقة حكومتكم مع تركيا مؤخراً؟

- علاقتنا مع تركيا استراتيجية وقائمة على المصالح المشتركة والتعاون في مختلف المجالات، ولا يخفى عنكم ما تمثله القمة الأخيرة في إسطنبول من تعاون رفيع، وقد شهدت اجتماعاتها قدراً عالياً من الود والاحترام المتبادل. العلاقة ممتازة على جميع المستويات؛ السياسية والاقتصادية والأمنية وحتى الشخصية.

إردوغان مستقبلاً عبد الحميد الدبيبة في إسطنبول (أرشيفية - أ.ف.ب)

في المقابل، هل طرأ تحسن على علاقتكم مع روسيا؟

- العلاقة مع روسيا تسير تدريجياً نحو التحسن. منذ وصولنا إلى طرابلس تبنينا سياسة الانفتاح على جميع الشركاء، وبناء علاقات إيجابية قائمة على الاستثمار في المصالح المشتركة لا الخلافات. وقد نجحنا حتى الآن في ذلك، ونأمل أن تتطور العلاقة مع روسيا لتصل إلى مستوى علاقاتنا مع باقي شركائنا.

 

كيف تصف تجربة الحكم في ليبيا في ظل هذه الظروف الاستثنائية؟

- التجربة مليئة بالتعقيدات، لكنها جزء من رحلة بناء ليبيا ووضعها على الطريق الصحيح. وتركيزنا ينصبّ على قطاع الخدمات، ومبادرات الشراكة الإقليمية والدولية، وإنهاء حالة الفوضى، وترسيخ سيادة الدولة والقانون.

وحملتنا الخدمية الكبرى التي أطلقناها في ربوع ليبيا «عودة الحياة»، غيَّرت رؤية جموع من الأطراف السياسية والعسكرية المسؤولة وغير المسؤولة، وأجبرتها على ترك البندقية والحروب، والاتجاه إلى البناء والإعمار.

الدبيبة خلال متابعته خطة وزارة الداخلية (حكومة الوحدة)

أخيراً... هل لا تزال تفكر في الترشح للرئاسة إذا فُتح الباب لذلك؟

- تركيزي الآن منصبٌّ على تعزيز سيادة القانون، وتمهيد الطريق لانتخابات نزيهة. قرار الترشح سيُتخذ وفق الظروف حينها.

 

وهل ترحّب بالمنافسة مع سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر؟

- القوانين الانتخابية العادلة القابلة للتطبيق وغير المفصَّلة على شخص بعينه سواء بالفوز أو الإبعاد، هي الكفيلة بتحديد معيار المنافسة بين جميع المترشحين أياً كانت أسماؤهم. يجب على الجهات التي تعطل إنجاز هذه القوانين إتمامها فوراً لتمكين الشعب من اختيار قياداته.


مقالات ذات صلة

تركيا تعِد ليبيا بتقرير كامل حول لغز سقوط «طائرة الحداد»

شمال افريقيا المنفي مستقبلاً سفير تركيا لدى ليبيا غوفين بيجيتش والوفد المرافق له الخميس (المجلس الرئاسي الليبي)

تركيا تعِد ليبيا بتقرير كامل حول لغز سقوط «طائرة الحداد»

نقل مكتب المنفي أن السفير التركي أعرب عن «بالغ الأسى والتأثر لهذا الحدث المؤلم»، مؤكداً «مواصلة السلطات التركية التحقيقات في ملف الحادثة وتقديم تقرير كامل حولها

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصرع الفريق محمد الحداد أثار الكثير من التساؤلات داخل الشارع الليبي (أ.ف.ب)

سقوط طائرة الحداد يعمّق «نظرية المؤامرة» في الشارع الليبي

نكأ حادث سقوط «طائرة الحداد» في تركيا جراحاً ظن البعض أنها قد اندملت، تتعلق بعمليات «الاغتيالات الغامضة» التي تشهدها ليبيا منذ إسقاط نظام القذافي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا قائد «أفريكوم» مع حفتر في بنغازي (القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الليبي)

السياسة الأميركية في ليبيا… حراك كثير وحسم قليل

ينظر مراقبون إلى أداء إدارة ترمب في الملف الليبي خلال العام الماضي على أنه انتهج مقاربة تقوم على «تسويات على نار هادئة»، تعتمد تفاهمات سياسية وعسكرية محدودة.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا من حفل استقبال الحداد في أنقرة قبل ساعات من مقتله (وزارة الدفاع التركية)

مشاورات بين الدبيبة والمنفي لتعيين رئيس أركان جديد لجيش غرب ليبيا

بدأ رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية» في غرب ليبيا عبد الحميد الدبيبة مشاورات مكثفة لتعيين رئيس جديد لهيئة أركان الجيش

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا محمد الحداد في مكتبه برئاسة أركان قوات الوحدة (أرشيفية - رئاسة الأركان)

مصرع الحداد... نهاية مفجعة لقائد عسكري تبنى «وحدة الجيش» الليبي

طوى تحطم طائرة في تركيا الثلاثاء الفصل الأخير من مسيرة رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية غرب ليبيا، منهياً على نحو صادم حياة قائد تبنى وحدة الجيش

خالد محمود (القاهرة )

رئيس وزراء السودان: مبادرتنا للسلام تستند إلى مرجعيات منها إعلان جدة

رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)
TT

رئيس وزراء السودان: مبادرتنا للسلام تستند إلى مرجعيات منها إعلان جدة

رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)

قال رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، اليوم الجمعة، إن الحكومة عرضت رؤيتها للسلام خلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي، حيث تستند إلى مرجعيات من بينها إعلان منبر جدة، مشدداً على أن بلاده لن تقبل بوجود أي قوات أممية أو أي رقابة مفروضة عليها.

وأوضح إدريس، خلال مؤتمر صحافي في بورتسودان بعد عودته من الولايات المتحدة، أن معظم التفاعلات في جلسة مجلس الأمن تجاه مبادرة الحكومة للسلام كانت «إيجابية»، وأكد أن هذه المبادرة من شأنها أن توقف الحرب وتحقق السلام العادل والشامل للشعب السوداني.

وأضاف رئيس الوزراء: «نحن دعاة سلام ولسنا دعاة حرب، بل الحرب قد فُرضت علينا»، محذراً من أن أي هدنة لا يصاحبها نزع سلاح مَن سماهم «الميليشيات» ستؤدي إلى تعقيد الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.

رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (صور الأمم المتحدة)

وأوضح أن مبادرة الحكومة للسلام تستند إلى مرجعيات عدة، منها قرارات مجلس الأمن وإعلان منبر جدة الموقع في مايو (أيار) 2023، إلى جانب الزيارات التي أجراها رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان لا سيما لمصر وقطر.

كان رئيس الوزراء السوداني قد توجه إلى الولايات المتحدة يوم السبت الماضي ليبحث مع مسؤولين بالأمم المتحدة تعزيز التعاون بين الجانبين ويجري مشاورات بشأن تداعيات الحرب وآفاق السلام.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023 بعد صراع على السلطة خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تفضي إلى إجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني.

وتسيطر «قوات الدعم السريع» الآن على إقليم دارفور بالكامل في غرب السودان، بعدما أعلنت سيطرتها مؤخراً على مدينة الفاشر عقب حصارها لمدة 18 شهراً، فيما يسيطر الجيش على النصف الشرقي من البلاد.


مشاركة لافتة في أول انتخابات مباشرة بالصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

مشاركة لافتة في أول انتخابات مباشرة بالصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)

أفادت السلطات الصومالية، أمس (الخميس)، بأن انتخابات المجالس المحلية شهدت «إقبالاً واسعاً» في أول انتخابات مباشرة تجري بالبلاد منذ 57 عاماً.

ذلك الإقبال الذي تحدثت عنه مقديشو، تؤكده الصور التي تخرج من مراكز الاقتراع الـ523، ويراه خبير في الشؤون الأفريقية «يعكس رغبة شعبية خالفت رهانات المعارضة بعدم المشاركة، وتشكل فرصة لمسار ديمقراطي قد يتشكل عبر الانتخابات المباشرة، مما يدفع الرافضين لهذا المسار لبدء حوار بشأن المستقبل، لا سيما قبل رئاسيات 2026».

وتوافد سكان محافظة بنادر إلى مراكز الاقتراع للمشاركة في انتخابات المجالس المحلية المباشرة، في أول عملية انتخابية من هذا النوع تشهدها العاصمة مقديشو منذ نحو 6 عقود.

وافتُتح 523 مركزاً للاقتراع في تمام الساعة السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي، وأغلقت عند السادسة مساءً، وسط إجراءات تنظيمية وأمنية مشددة شملت 16 مديرية من مديريات المحافظة التي تضم العاصمة مقديشو، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الصومالية»، الخميس، مشيرة إلى وجود «إقبال واسع على مراكز الاقتراع في بنادر».

وبحسب الجهات المختصة، تسلّم 503 آلاف و916 ناخباً بطاقات الاقتراع من بين المسجلين، تمهيداً للإدلاء بأصواتهم لاختيار ممثليهم في المجالس المحلية. وكان نظام التصويت المباشر قد أُلغي في الصومال بعد تولي الرئيس محمد سياد بري، السلطة عام 1969. ومنذ سقوط حكومته في 1991 يقوم النظام السياسي في البلاد على هيكل قبلي، فيما أعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود عن تسجيل 20 من التنظيمات السياسية، لافتة إلى أن 1604 مرشحين يتنافسون في انتخابات المجالس المحلية.

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور علي محمود كلني، أن «تسجيل الانتخابات إقبالاً شعبياً لافتاً تجاوز التوقعات، عكس رغبة واضحة لدى سكان مقديشو في الانخراط بالعملية السياسية، وطيّ صفحة طويلة من العزوف القسري عن المشاركة الديمقراطية»، مشيراً إلى أنه «يُنظر إلى هذا الحراك الشعبي بوصفه مؤشراً على تعافٍ تدريجي تشهده العاصمة، سياسياً وأمنياً واجتماعياً، بعد سنوات من الهشاشة والصراع».

وأكد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود عقب الإدلاء بصوته، وذلك في مركز مسرح الدولة الوطنية، أن انتخابات المجالس المحلية في محافظة بنادر، تمثل «محطة تاريخية مفصلية وحلماً طال انتظاره»، مشيراً إلى أنها تشكل خطوة أساسية تقود البلاد نحو الانتخابات الدستورية الشاملة.

طوابير من الناخبين خلال الإدلاء بأصواتهم في محافظة بنادر (وكالة الأنباء الصومالية)

وعقب الإدلاء بصوته في ذلك الاقتراع، أكد رئيس الوزراء الصومالي، حمزة عبدي بري، أن الانتخابات المباشرة لمجالس الإدارة المحلية في إقليم بنادر تمثل خطوة مهمة لتعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد في البلاد.

وتقدمت سفارة الصومال بمصر في بيان، بالتهنئة لشعب وحكومة الصومال على بدء الانتخابات المحلية، مؤكدة أنها لحظة تاريخية وتحويلية، حيث يشارك المواطنون في هذه العمليات الديمقراطية لأول مرة منذ نحو 6 عقود.

ويعتقد كلني أن طريقة إدارة الحكومة للعملية الانتخابية، إلى جانب المشهد العام الذي ساد المدينة خلال يوم الاقتراع، حملا رسائل سياسية متعددة؛ من أبرزها قدرة الدولة على تنظيم استحقاقات انتخابية في بيئة أمنية معقّدة، والحدّ من المخاوف التي روّجت لها أطراف معارضة بشأن استحالة تطبيق مبدأ «صوت واحد لكل مواطن» في مقديشو.

وكان «مجلس مستقبل الصومال»، الذي يضم قوى سياسية معارضة، أعلن في ختام اجتماع عقده المجلس بمدينة كيسمايو، الأسبوع الماضي، رفضه الانتخابات المحلية، قائلاً إنها عملية «أحادية الاتجاه» تفتقر إلى التوافق الوطني. ومنح المجلس، الرئيس حسن شيخ محمود، مهلة لمدة شهر واحد لعقد حوار شامل لتجنب «فراغ دستوري محتمل وصراعات سياسية قد تهدد الاستقرار».

ورغم الشكوك العميقة التي عبّرت عنها قوى المعارضة حيال إجراء انتخابات المجالس المحلية في العاصمة مقديشو، والمخاوف الواسعة من احتمالات الاضطراب الأمني والسياسي، شهدت المدينة محطة سياسية غير مسبوقة، تمثلت في إجراء انتخابات محلية بعد ما يقارب 60 عاماً من الانقطاع، وفق كلني.

نائب رئيس الوزراء الصومالي صالح أحمد جامع خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)

وقد شكّلت هذه الانتخابات حدثاً استثنائياً في الوعي الجمعي، لا سيما لدى ما يقارب 3 أجيال من سكان العاصمة الذين لم يسبق لهم أن عايشوا عملية اقتراع رسمية مباشرة، يُمنح فيها المواطن حق اختيار ممثليه السياسيين عبر صندوق الاقتراع.

ويتصاعد الجدل داخل الصومال بشأن الانتخابات المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع، والذي أُجري عام 1968، والتي تأتي بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي كانت تعتمد في الأساس على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، والتي جرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة 4 عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية بقوة، وكانت العودة لاستكمال دستور 2012 المؤقت هي الشرارة الأبرز التي فاقمت الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وجوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر. واشتدت الخلافات بين الرئيس الصومالي والمعارضة بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو (أيار) الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

رئيس الوزراء الصومالي خلال جولة تفقدية في عدد من مراكز الاقتراع بالعاصمة مقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)

وسيطوي زخم الإقبال في تلك الانتخابات مشهد الخلافات، بحسب ما يعتقد كلني، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»، أن مشهد الإقبال في الانتخابات قد يسفر عن ارتفاع مستوى الثقة الشعبية بالحكومة، لا سيما بالحزب الحاكم، بوصفه الجهة التي أشرفت على إنجاز الاستحقاق الانتخابي، وتعزيز ثقة الأحزاب والتنظيمات السياسية في المنظومة الأمنية الوطنية وقدرتها على تأمين الاستحقاقات الديمقراطية، وتحوّل تدريجي في موقف المعارضة التي كانت تشكك في إمكانية إجراء انتخابات مباشرة بالعاصمة.

ويتوقع أيضاً انجذاب شرائح من المتعاطفين مع المعارضة نحو الحكومة، مع احتمال انضمام بعضهم إلى صفوف الحزب الحاكم، فضلاً عن ازدياد ثقة المجتمع الدولي في المسار الانتخابي الصومالي، واستمرار دعمه لحكومة الرئيس حسن شيخ محمود من أجل تعميم الانتخابات المباشرة على كامل البلاد.


البرهان وإردوغان يناقشان «التعاون الدفاعي»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
TT

البرهان وإردوغان يناقشان «التعاون الدفاعي»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان، آخر التطورات في السودان، و«التعاون الدفاعي» بين الجانبين، في ظل التطورات الأخيرة في السودان، وضمنها تحقيق «قوات الدعم السريع» تقدماً في ولاية شمال دارفور قرب الحدود مع تشاد.

واستقبل إردوغان، البرهان، بمراسم رسمية في القصر الرئاسي بأنقرة، أمس (الخميس)، ثم عقدا جلسة ثنائية، أعقبتها جلسة موسعة بحضور عدد من الوزراء. وتناولت المباحثات العلاقات الثنائية والتطورات في السودان، والخطوات الكفيلة بتحقيق الاستقرار الإقليمي، والتعاون الدفاعي بين أنقرة والخرطوم، حسبما ذكرت الرئاسة التركية.

وكانت تقارير كشفت سابقاً عن تزويد تركيا للجيش السوداني بطائرات مسيَّرة، العام الماضي، استخدمها لتحقيق تقدم مهم ضد «قوات الدعم السريع» في مناطق مثل الخرطوم والأبيض.

كما أعرب مندوب تركيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أحمد يلدز، قبل أيام، عن إدانة بلاده الشديدة لـ«الظلم» الذي تمارسه «قوات الدعم السريع» ضد المدنيين في السودان.