تتواصل الاتصالات المصرية الداعمة لتثبيت التهدئة بين إيران وإسرائيل، وكذلك استئناف مفاوضات البرنامج النووي الإيراني مع الولايات المتحدة، بعد مواجهات يونيو (حزيران) الماضي.
تلك الاتصالات المتواصلة لتعزيز التهدئة والحوار منذ نحو شهر، تأتي حسب خبير في الشؤون الإيرانية تحدث لـ«الشرق الأوسط»، في إطار المصالح المصرية الهادفة للدفع نحو استئناف مفاوضات «النووي الإيراني»، بهدف استقرار المنطقة وعدم الإضرار بمصالحها الاقتصادية، خصوصاً المرتبطة بقناة السويس في ظل تراجع إيراداتها العام الماضي تزامناً مع حرب غزة.
وجرى اتصالان هاتفيان بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره الإيراني، عباس عراقجي، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي.
هذان الاتصالان وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية»، الأربعاء، يأتيان في «إطار التحركات المصرية الرامية لتثبيت التهدئة وخفض التصعيد ومظاهر التوتر، والدفع بالحلول السلمية واستئناف المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني».
وخلال الاتصال الأول مع وزير الخارجية الإيراني، أكد عبد العاطي «أهمية الالتزام بالمسارات الدبلوماسية والتمهيد لاستئناف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما يسهم في استعادة الثقة وتوفير المناخ الداعم لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة».
ووقت التصعيد بين إسرائيل وإيران، في يونيو الماضي، أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان، أعرب خلاله عن «رفض مصر الكامل للتصعيد الإسرائيلي الجاري ضد إيران، لما يُمثله من تهديد لأمن واستقرار الشرق الأوسط في وقتٍ بالغ الدقة، تشهد فيه المنطقة أزمات مُتعددة ومُتفاقمة»، مؤكداً «الأهمية التي توليها مصر لوقف إطلاق النار بشكل فوري، وبما يسمح باستئناف المفاوضات بهدف التوصل إلى حل سلمي مُستدام لهذه الأزمة».
ويرى رئيس «المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية»، الدكتور محمد محسن أبو النور، أن الاتصالات المصرية «متواصلة منذ ما قبل اندلاع حرب إيران وإسرائيل، وتستهدف الاستقرار الإقليمي، وألا تتدحرج الأمور إلى حرب إقليمية، والدفع نحو استئناف مفاوضات البرنامج النووي».
ويعتقد أبو النور أن المصالح المصرية بالمنطقة تتواءم مع تثبيت التهدئة والتحرك بوساطة غير مباشرة لإنهاء التوتر الذي يسبب خسائر اقتصادية لها.
وعلى مدار نحو شهر، تكررت الاتصالات المصرية مع عراقجي وغروسي والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف وتيكوف، وركزت على التهدئة واستئناف المفاوضات النووية، وفق بيانات صحافية منفصلة لـ«الخارجية المصرية»، رصدتها «الشرق الأوسط».
وبحث عبد العاطي هاتفياً في 30 يوليو (تموز) الماضي، مع ويتكوف، «الجهود التي تبذلها مصر للعمل على سرعة استئناف المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني بين الولايات المتحدة وإيران، وبين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وكرر الوزير عبد العاطي اتصالاته الهاتفية في 18 يوليو الماضي مع عراقجي وغروسي لبحث «التهدئة وخفض التصعيد بالمنطقة وتثبيت وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل بشكل مستدام، وضمان عدم تجدد الأعمال العدائية والدفع بالمسار السياسي والسلمي، وتبادل وجهات النظر بشأن سبل إعادة إحياء المفاوضات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية».
وقبل يومين من تلك الاتصالات، أجرى عبد العاطي بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، مكالمات هاتفية مع عراقجي وويتكوف وغروسي، مؤكداً أهمية العمل على الدفع بالحلول السلمية واستئناف المفاوضات حول البرنامج النووي، وتبادل الأفكار والرؤى حول سبل خفض التصعيد وتثبيت وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل بشكل كامل.
وتكررت القضايا ذاتها في أيام 3 و5 يوليو و30 يونيو الماضيين، خلال اتصالات مماثلة بين عبد العاطي وكل من عراقجي وغروسي وويتكوف.
وتأتي هذه الاتصالات وسط زخم ملحوظ في علاقات البلدين، التي شهدت انفراجة ملحوظة مع زيارة عراقجي إلى القاهرة، في يونيو الماضي، حيث التقى السيسي وكبار المسؤولين المصريين، وتضمنت الزيارة جولة رمزية في منطقة خان الخليلي التاريخية، حيث أدى صلاة المغرب في «منطقة سيدنا الحسين»، وتناول العشاء في مطعم نجيب محفوظ، والتقى ثلاثة من وزراء الخارجية السابقين: عمرو موسى، ونبيل فهمي، ومحمد العرابي.
وشهد العام الماضي، لقاءات بين وزراء مصريين وإيرانيين في مناسبات عدة، لبحث إمكانية تطوير العلاقات بين البلدين، وتطوّر ذلك في مايو (أيار) من العام نفسه بتوجيه رئاسي إيراني لوزارة الخارجية في طهران، باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز العلاقات مع مصر التي قطعت دبلوماسياً عام 1979، واستؤنفت بعد 11 عاماً، لكن على مستوى القائم بالأعمال.
وفي ضوء ذلك الزخم المصري تجاه ملف إيران، يتوقع أبو النور أن تستمر الاتصالات المصرية لإنهاء التوترات بالمنطقة والنزاعات الإسرائيلية أو الخلافات الأميركية الدولية مع إيران.






